رامي زُهدي يكتب.. «رسالة وطنية في زمن التحولات الكبرى: “الوعي أولًا”»
الكاتب سياسي مصري وخبير في الشؤون الإفريقية

أيها المصريون في كل ربوع الوطن… أخاطبكم اليوم، لا بصفتي فاعلًا سياسيًا أو خبيرًا في شؤون قارتنا الإفريقية فحسب، بل بصفتي ابنًا لهذا الوطن، يحيا فيه ويحمل همومه، ويؤمن بأن مصر كانت ولا تزال هي قلب الإقليم، وعقله، وسوره المنيع في وجه الأعاصير القادمة من كل حدب وصوب.
نمرّ بلحظة دقيقة، لا يُمكن وصفها إلا بأنها من اللحظات الفارقة في تاريخ منطقتنا، حيث تتداخل خطوط النار في خرائط السياسة، وتختلط فيها الشعارات بالحقائق، وتضيع عند كثيرين البوصلة… لكن مصر، بتاريخها وموقعها ووعي شعبها، لا يمكن أن تكون تائهة.
اقرأ أيضا: رامي زُهدي يكتب.. «أجهزة الإستخبارات الإفريقية في معركة مواجهة الإرهاب العابر للحدود»
“بين الضجيج والتاريخ… تبقى مصر هي الثابت”
في عالم يموج بالتغيرات، من الخليج إلى الساحل الإفريقي، ومن المتوسط إلى قلب آسيا، تتساقط الدول التي غاب عنها وعي اللحظة، وتنهار الأنظمة التي تنازلت عن مبدأ السيادة لحساب الولاء للخارج. وبينما تنجرف عواصم وشعوب خلف شعارات برّاقة سرعان ما تتبخر أمام أول اختبار، تُثبت مصر رغم كل التحديات، لأنها تملك روح الدولة العميقة، وعقل الدولة التاريخية، وإرادة الصمود العابر للأزمات.
“الاصطفاف خلف الدولة… فرض وطني وليس خيارًا”
إن دعم الدولة في هذه المرحلة التاريخية ليس ترفًا سياسيًا، ولا اصطفافًا أيديولوجيًا، بل هو ضرورة وجودية. الدولة كما نعرفها هي الكيان الجامع الذي يحمي، وينظم، ويبني، ويصمد. والدولة المصرية، بجيشها ومؤسساتها وقيادتها، أثبتت خلال السنوات الماضية أنها قادرة على التصدي لمحاولات التقويض والتفكيك، وعلى انتزاع مساحات التأثير والاحترام في محيط إقليمي مضطرب.
ولا أجد حرجًا بل أرى واجبًا أن أُسجّل تقديري للقيادة السياسية المصرية، وعلى رأسها “الرئيس عبد الفتاح السيسي”، على ما أظهرته من ثبات في المواقف، ووعي بالمخاطر، وتوازن في القرارات، في وقتٍ تزدحم فيه الساحة الدولية بالتناقضات الحادة، والاستقطابات المدمّرة.
“نظرتنا للقضايا الإقليمية… عقل الدولة لا انفعال الجمهور”
ليس كل ما يُقال يُصدَّق، ولا كل ما يُعرض على الشاشات يُمثّل حقيقة الأمور. في مشهد سياسي عالمي تتحكم فيه أدوات الخداع الإعلامي، وتختلط فيه الحقيقة بالتحريض، يجب أن نحتكم إلى ميزان الوعي لا عاطفة اللحظة.
نحن لا نرى الصراعات في المنطقة من منظور طائفي أو مذهبي أو انفعالي، بل نقرأها من زاوية الأمن القومي المصري، والمصلحة الاستراتيجية لشعبنا، وارتباط ذلك بمصير الإقليم والقارة. ومن هذا المنطلق، فإن المواقف المبدئية تجاه قضايا مثل فلسطين، أو أمن الخليج، أو وحدة السودان، أو استقرار ليبيا، يجب أن تُبنى على قاعدة واحدة: ما يحمي مصر… ويحفظ المنطقة… ويُضعف مشاريع التقسيم والهيمنة.
“الوعي… هو المعركة الكبرى”
أقولها بوضوح: المعركة اليوم ليست فقط عسكرية، ولا اقتصادية فحسب، بل معركة وعي. وأخطر ما نواجهه هو محاولات التشويش على الحقائق، وتزييف الرؤية الوطنية، وإغراق المصريين في تفاصيل جانبية تصرفهم عن المشهد الأوسع. إنها حرب “تدوير الوعي”، حيث يُعاد إنتاج الجماعات الفاشلة، والتيارات العبثية، والمعارضات الممولة، في ثوب جديد أكثر نعومة… لكن بنفس الغايات القديمة: وهي غاية كل اهل الشر وهي إضعاف مصر من الداخل.
علينا جميعًا أن نكون درعًا منيعًا في وجه هذه الحملات، وأن نكون صوت العقل والحق، لا صدى للفوضى.
“بين الشعب والدولة… لا وسيط ولا فجوة”
شعب مصر بكل تنوعه وامتداد جذوره هو الحامي الحقيقي للدولة. من العريش إلى السلوم، من أسوان إلى مطروح، من حلايب إلى الوادي الجديد، هناك ضمير وطني جمعي يحمي مصر أكثر مما تحميها أي منظومة.
وهذا الشعب يعرف أن هناك من يتربص به، ومن يراهن على تعبه، ومن يهوى كسر عزيمته… لكنه دائمًا ما يُفاجئ الجميع بصموده، وفطنته، وقدرته على التمييز بين العدو والصديق، بين النصيحة والمزايدة، بين الشرفاء والمتاجرين.
“رسالتي إليكم… أبناء هذا الوطن”
نحن لا نعيش في زمن مثالي، بل في زمن تتساقط فيه الأقنعة، وتُكشَف فيه النوايا، وتُعاد فيه صياغة التاريخ. ولهذا، فإن الدور الأكبر ليس على الدولة وحدها، بل على كل مواطن ومواطنة، على كل مثقف، وكل شاب، وكل امرأة، وكل عامل، أن يكون جزءًا من مشروع الوعي الوطني لا من مشروع الضجيج والفتن.
هذا الوطن أمانة…
والتاريخ لا يُكتب بالحياد…
ولا مكان في هذه اللحظة للمترددين…
عاشت مصر آمنة مستقرة شامخة،
وعاش شعبها عظيمًا… صابرًا… واعيًا،
وعاش الوعي… درعًا في وجه الكذب، وجسرًا نحو المستقبل.
تحيا مصر دائما وأبداََ
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب