رامي زهدي يكتب: الإيمان بالوطن فريضة الوطنية المخلصة وقَسم الأرض الصادق ومفتاح النصر المبين
في ذكرى النصر، اليوم يشبه كثيرا الأمس، ماذا يجب أن نفعل حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء؟
حقا اليوم يشبه كثيرا الأمس، المعركة المستمرة والقائمة منذ آلاف السنين ما زالت مستمرة، والشعب المصري دائما ينتصر، هكذا تعلمنا من كل عبر وخطوب التاريخ، يحدث ما يحدث وتأتي الأزمات والمصائب فرادى وجماعات وتمر الأحداث ويذهب الجميع ويبقى الوطن، هكذا مصر سبقت التاريخ والتأريخ وانتصرت دائما.
على الرغم من قيمة حدث بحجم حرب أكتوبر المجيدة وما أثرت به في عقيدة ووجدان الشخصية المصرية وإعادة صياغتها وما غيرت به من تاريخ العالم وما أضافته من مجد الأمة وعلو شأنها إلا أن حرب أكتوبر لا تعد حدثا في الماضي وانتهى وتمت آثاره وأحداثه، بل يبقى جزءا من التاريخ المصري، وليس كل التاريخ المصري، معركة وتحد من تحديات عدة واجهتها مصر وانتصرت، وأمر جلل مر بالشعب المصري الذي كثيرا ما واجه عبر تاريخه مثل هذه الأحداث ونجح في تخطي مثل هذه المحن والتحديات، ويبقى التاريخ المصري أكبر وأسبق من التأريخ ذاته، أعاظم الأمم وأقوى الجيوش وقفت عند مصر وبقيت مجرد عدة سطور صغيرة في فقرة صغيرة من فصل محدود في كتاب التاريخ المصري العملاق.
بقي لنا الروح العصرية التي يجب أن نتعلمها ونعلمها لأبنائنا، روح نصر أكتوبر، لأننا نواجه الآن تحديات اقتصادية وحرب وجود ضد قوى ظلام وإرهاب وبعض ممن لا يتمنون أبدا الخير لمصر.
علينا أن ننتصر كما تعودنا، ونحطم أنوف أعدائنا كما عودناهم وكما هو عهدهم بنا، ننتصر على الظروف والمشكلات ونمضي في طريق بناء الوطن، نؤدي جميعا دورنا في رحلة صعود الوطن.
إنه ليس الجندي المصري والعربي فقط الذي وقف في مقدمة الصفوف على خط الجبهة يدافع عن الوطن، كانت هناك صفوف أخرى خلفه لا تقل عنه شجاعة وتحديا، الأسرة والأبناء والزوجة والأخت والأم والأب وطبقات الشعب.. الصحافة والإعلام، الصناعة والزراعة، الشرطة المدنية والقيادة السياسية للدولة، كل هؤلاء كانوا صفوفا متحدة في بنيان مرصوص لتحقيق النصر.
الخلاصة أننا الآن في وضع مشابه إن لم يكن أكثر صعوبة، وعلينا أن نلتمس في تاريخنا دروسا وعبرا، من حرب أكتوبر وغيرها، ومن أزمات عديدة مرت بالوطن، وأن ندرك أن “الإيمان بالوطن.. فريضة الوطنية المخلصة وقَسم الأرض الصادق ومفتاح النصر المبين”.
الغيث قادم بعد القحط، ومهما طال، دائما حدث ذلك في الماضي، بعيده وقريبه، تاريخنا وحاضرنا، هكذا كانت مصر في انتصار أكتوبر، وهكذا سوف تمضي من نصر لنصر، في ظروف صعبة تواجه العالم، ولم تستثن أحدا، كل العالم، لكننا في مصر، نقاوم ونمتلك رئيسا يعمل دون كلل، حكومة ومؤسسات دولة يقظة، أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني تشارك، ومعظم الشعب صابر ومكافح، وموقن بالانفراجة بعد الشدة وإن الله دائما نصير للمجتهدين.
رغم الظروف الصعبة والأقل ملاءمة في أحيان كثيرة، فإن هناك من المؤشرات الإيجابية ما يدعم تحولا اقتصاديا إيجابيا، وتخطيا لتحديات صعبة.
ربما يتذكر بعضنا أو يستطيع أن يسأل الآباء والأجداد عن الفترة من يونيو 1967 إلى نهاية أكتوبر 1973 كيف أن الشعب أحبط كثيرا وشعر بالضيق والحنق خلال تلك الفترة، كيف نام الناس على أمل واستيقظوا على خيبة أمل حتى تأكدوا من الانتظار غير المسبوق بالانتصار غير المسبوق مع قرار وقف إطلاق النار في نهاية أكتوبر 1973.
كانت الناس تسأل كل يوم عن معركة التحرير وتطالبهم القيادة السياسية بالصبر، مرة شهرا ومرات شهورا ومرة تحديد عام للحسم والتراجع عنه حتى فقدت الأمة أي أمل واقتنع الناس أن هناك من يعدهم بالشيء المستحيل والذي لن يتحقق أبدا والمعركة التي أصبحت خيال الخيال ووهما بالنسبة لهم وخرجت أكوام من المعارضين غير المدركي معنى الوطنية والشامتين وأحيانا الساخرين.
كل هذا وهناك من يعمل بجد واجتهاد ولا يلتفت كثيرا ولو أنه التفت كثيرا لهم لخسر كثيرا.
أخيرا، علينا جميعا الصبر فإن وعد الله قادم للصابرين، وأن نثق في الله، وفي أنفسنا، وفي مؤسسات الدولة، وفي القيادة السياسية الوطنية، وفوق كل ذلك نثق في مصر.. تحيا مصر دائما.. فوق كل الظروف والتحديات.
“وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ”.. صدق الله العظيم.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب
رامي زهدي الإيمان بالوطن