قال الله تعالى “ظهر الْفسادُ في الْبر والْبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعْض الذي عملُوا لعلهم يرجعُون”، منذ بدء الخليقة ونزول آدم من الجنة وقتل قابيل لأخيه هابيل ونزعة الشر لدى الإنسان متأصلة في جيناته، لذلك ترك لنا المولى الاختيار بين الخير والشر، وبسبب هذه النزعة حدثت الحروب والاقتتال والمجاعات والتدمير، وما زال الإنسان على مراحل التاريخ يسعى للسيطرة والهيمنة على الموارد الاقتصادية لغيره من بني البشر بسبب الندرة أحياناً والرفاهية أحياناً وامتلاك سبل القوة أحياناً أخرى، لذلك حدثت الحروب الإقليمية والعالمية، ومع استمرار التقدم التكنولوجي والتقني وتطور التجارب المعملية والمخبرية أدى ذلك لطفرة هائلة في مساعدة البشر، ولكن على النقيض تم تصنيع الأسلحة الذرية والبيولوجية والهيدروجينية، وتطورت الحروب من الجيل الأول التقليدية وصولا إلى حروب الجيل الخامس، حيث كانت الفكرة السائدة لدى الدول وخاصة الكبرى في الحروب التدمير والقتل، ولكن كان يقابله خسائر في الإنسان على الجانب الآخر، ومع تعقد النظم السياسية والديمقراطية والمحاسبة، وأيضا الندرة وامتلاك القوة والسيطرة، أصبح المفهوم السائد إنهاك وإفشال الدول للسيطرة على مقدراتها، لذلك ظهرت ما يسمى حروب الطقس الكميتريل، وسنتعرف عليها عن قرب.
اقرأ أيضا: بعد موجة الطقس السيء.. حماة الوطن يسيير قافلة لدعم أهالي أسوان المتضررين من السيول والعقارب
تعريف حروب الطقس:
استخدام كافة الطرق والوسائل التقنية والكيميائية الحديثة التي تقضى إلى الخروج بسلاح بيولوجي حديث يمكن دولة ما من التأثير على مسار الطقس في دولة أخرى، كحقن الغيوم أو إثارة الأعاصير والزلازل وهطول الأمطار والجفاف باستخدام غاز الكميتريل بما ينهك الدولة الأخرى ويسهل إنهاكها عسكرياً واقتصادياً واجتماعياً ويسهل على الدولة المستخدمة لتلك التقنيات الانتصار عليها بسهولة.
تعريف غاز الكميتريل:
أحدث أسلحة الدمار الشامل، وهو من أسلحة الجيل الرابع، تلك الأسلحة الفتاكة، ويتميز بعدم تركه لأي دليل مادي على استخدامه، ويستخدم هذا السلاح في طبقات الآنيو سفير كوسيط لنقل موجات قادرة على تحريك الألواح التكتونية وتكوين السونامي، وهذا ما يسمى بالانفجار البارد، وهو مركبات كيميائية سرية على شكل سحاب أبيض ينشر في السماء على ارتفاعات جوية للعمل على استحداث ظواهر جوية مستهدفة.
نشأة غاز الكميتريل:
سعى البشر منذ القدم إلى الاستفادة من الطقس وإمكانية التحكم به، لذا نجد القدماء المصريين كانوا يقدمون القرابين لإله الريح حسب معتقداتهم لكي يقوم بإرسال الريح الجالبة للسحب والأمطار على أراضيهم ومساندتهم في حروبهم مع أعدائهم، وفي أسكتلندا وتحديدا في نورث بيرويك في عام 1590م تمت محاكمة سبعين شخصا بتهمة استدعاء شيطان الطقس بواسطة السحر لتدمير البلاد، كما كانت آخر تلك الأفكار عندما تحدث العالم الأمريكي فنسيت شيفر الذي تحدث عن إمكانية تلقيح الغيوم واستخدامها في تحقيق منافع الدولة وتدمير أعدائها عام 1946م، وهو ما قوبل بالسخرية من أوساط المجتمع الأوروبي، واستمرت التجارب حتى عام 1947 عندما نجحت القوات الأمريكية في تغير مسار أحد الأعاصير المدمرة وإضعافه من خلال إلقاء كميات من الثلج الجاف فوق ذلك الإعصار ونقله من البحر إلى اليابسة في ولاية جورجياً، أيضا عندما استعان الجيش الأمريكي في حربه مع فيتنام في ستينيات القرن الماضي بالعمل على تلقيح الغيوم بمادة يوديد الفضة ويوديد الرصاص ومد موسم الأمطار في جنوب شرق آسيا، الأمر الذي أدى إلى إغراق المواقع الفيتنامية أمام القوات الأمريكية وإنهاك قوى الفيتناميين.
تقنيات غاز الكميتريل:
بعد نجاح الدول في الاستمطار الصناعي باستخدام التقنيات الرادارية ومواد كيميائية باردة مثل إيوديد الفضة وذرات الفحم تقذف إلى الغيوم لتشكل نوى تكاثف لسقوط المطر تطور الأمر تقنياً برش الغيوم بإيوديد الفضة وبيركلورات البوتاسيوم وأملاح الباريوم وجزيئات هيدروكسيد الألمونيوم والفضة مما يشكل نوى تكاثف ثقيلة تسقط أمطارا غزيرة وغيرها من الظواهر المستهدفة.
الاستخدامات الإيجابية:
* وسيلة لخلق درع من شأنه أن يقوم بتصفية ضوء الشمس وتقليل الأشعة فوق البنفسجية.
* يفيد في ظاهرة الاستمطار في المناطق القاحلة.
* يمكن تفادي خسائر في المحاصيل الزراعية بسبب ظواهر المناخ، واستفادت الصين من هذه التقنية خلال الفترة 1995 – 2003م حين استمطرت مساحة ثلاثة ملايين كم مربع حوالي ثلث مساحة الصين.
الاستخدامات السلبية:
* يستخدم في استحداث الظواهر الطبيعية المدمرة كالأعاصير والجفاف والأمطار وغيرها.
* إحداث الزلازل الاصطناعية في مناطق حزام الزلازل.
* إحداث الثلوج لأن التبريد الشديد يؤدي إلى تجمد بخار الماء في السحب فتصدم الجزيئات مع بعضها فتكون كتلا من الثلوج تسقط على الأرض وتدمر المحاصيل والإنسان والحيوان والمنشآت.
* يسبب مشاكل في التنفس والزهايمر بسبب احتوائه على الألمنيوم والتهابات حادة في الحلق والجيوب الأنفية وتورم الغدد اللمفاوية ونوبات السعال وضرراً في الكبد والقلب.
* يساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري لحجب الغيوم الاصطناعية أشعة الشمس.
المصادر:
- إيناس جاسم، ورود علي، غاز الكميتريل والقدرة على التحكم بالطقس، علوم الكيمياء، كلية التربية للعلوم الصرفة (ابن الهيثم)، جامعة بغداد، العراق، 2019م.
- محمد سلمان إبراهيم، غاز الكميتريل، مجلة الأدب العلمي، العدد السابع عشر، كانون الثاني، 2015م.
- جار الله علي القحطاني، حروب الطقس ودورها في العلاقات الدولية، المجلة العربية للنشر العلمي AJSP، العدد الثلاثون، 2 نيسان، 2021م.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب