رأي

د. محمد جبريل العرفي يكتب.. الضعفاء خامة العملاء

حركة التاريخ يسيرها ويؤثر فيها أفراد قليلون – بناء أو هدماً -. أي أن النهوض والتغيير الإيجابي ينسب في النهاية إلى فرد يوصف بأنه من أبطال التاريخ. يحمل رؤية، ويضحي من أجل مواطنيه، ومن يقود الهدم والتغيير السلبي أيضا فرد، عادة لا يحمل رؤية، بل هو إما خانع أو عميل أو طامع أو جاهل، أو مستبد..
عبر التاريخ تم زرع عملاء وصلوا إلى أعلى مواقع في الدول، وإن عدوا خونة في عيون البعض، يعتبرهم مشغلوهم أبطالا، من أمثلتهم (إيلي كوهين).

اقرأ أيضا: د. محمد جبريل العرفي يكتب.. التحالفات والتحييد بين وحدة الهدف ووحدة الصف

في تاريخ المقاومة الليبية ضد الاحتلال التركي والغزو الإيطالي أمثلة كثيرة للمتعثمنين والمطلينين من أفراد وزعماء ورجال دين.
منذ اتضاح هوية الثورة ودورها التحرري، بحث الأعداء عن عملاء لتنفيذ أجنداتهم، فمنذ أواخر السبعينيات تم تشكيل ودعم تنظيمات إرهابية تدعي التدين، وبداية الثمانينيات ظهرت معارضات تدعي الوطنية والدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان، لكن بمجرد تمكينهم من مقاليد الأمور بعد 2011 نهبوا ما استطاعوا الوصول إليه، وهربوا تاركين الليبيين لمعاناتهم التي ورطوهم فيها، فأين المقرف وجبهته؟ لم يتبق منهم إلا ابنه طارق ليساهم مع عصابة نهب المصرف المركزي. وأين الذين صدعوا رؤوسنا بحقوق الإنسان وحرية التعبير والديموقراطية والشفافية والتداول السلمي على السلطة؟ لقد تبكشت ألسنتهم وجفت أقلامهم عن الحديث عن الانتهاكات الصارخة الجارية الآن، وعن جرائم النهب الممنهج، والقمع والقتل والخطف والابتزاز الذي تمارسه الميليشيات.
بعد التغلب على النظام واغتيال الرجل القوي، تعمد الغرب الدفع بعناصر ضعيفة، ابتداء من رئيس المجلس، الذي جسد رؤيته أثناء خطابه الشهير في مجرد الزواج من أربع، والا تسلموا عل بعضكم بالخد بل تصافحوا بالأيدي، هذا هي رؤية (الثورة) التي تكبدنا من أجلها الثمن الباهظ في الأرواح والممتلكات.
وفي الصخيرات دفع الغرب بشخص مجهول، لا يعرفه حتى رئيسه في مجلس النواب، ولكنه يتصف بالصفة التي يبحث عنها الغرب فكان شعاره «السلطة العليا هي صاحبة القرار»
خلال مرحلة حكمه تمكن الغرب من الاستمرار في نهب مقدرات ليبيا وانتهاك سيادتها وتحويلها إلى دولة فاشلة، تعشش فيها المنظمات الإرهابية ومنظمات مافيا الجريمة المنظمة.
تكرر نفس الحال في مخرجات جنيف، فتم تمكين شخصية مغمورة وغير مجربة، اتضح فيما بعد أنه كارثة وطنية، وأنه غير سوي نفسيا ويعاني من متلازمات نفسية تحكم سلوكياته وأحاديثه، بالنسبة للغرب هذا المعتوه تتوفر فيه الصفة المطلوبة وهي الضعف والخنوع لإرادة القوى الغربية والميليشياوية.
كما تم الدفع بعضو مقاتلة منتمٍ إليها مصلحيا وليس عقائديا ليمثل دور رئيس مجلس، اهتم فقط برحلاته إلى أوروبا في طائرة خاصة نهاية كل أسبوع، منفقا قرابة مليار خلال النصف الأول من هذا العام، تاركا الميليشيات والمافيات والدول الأجنبية تعبث في البلاد.
هذه حوصلة للصفة المشتركة لمن تم الدفع بهم إلى المشهد بعد 2011 وهي ضعف الشخصية التي تعني عدم وجود رؤية، وعدم القدرة على الدفاع عن الموقف الوطني، وبالتالي ممارسة العمالة.
ولهذا إن لم تتحرر الإرادة الليبية من هيمنة التدخل الخارجي، فسيتم الدفع بعناصر جديدة تحمل هذه الصفة المشتركة، أي ليس من المتوقع موافقة الغرب، أو حتى الدول الإقليمية، على تمكين شخصية قوية لديها رؤية وطنية.
وحتى الانتخابات سيتم تزويرها أو الانقلاب على نتائجها إن شعر الأجانب أنها ستأتي بشخصيات وطنية قوية غير تابعة وغير عميلة.
يتبقى السبيل الوحيد للدفع بشخصيات وطنية تحمل رؤية وطنية هي طريق الثورة الشعبية، فلا مناص عن ثورة شعبية تحميها القوات المسلحة والأجهزة. أي التحرر من إرادة الأجنبي بالقوة الشعبية المدعومة من جيشها وأجهزتها الأمنية. ولنا في الشقيقة مصر خير مثال، حيث أدت ثورة 30 يونيو الفريدة إلى الدفع بشخصية وطنية قوية، وفي تونس أفرزت الانتخابات شخصية تحمل رؤية.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى