رأي

د. عمر حسين بوشعالة يكتب.. ليبيا بعد مظاهرات طرابلس: شرخ الثقة وتحديات الإصلاح

شهدت العاصمة الليبية طرابلس مؤخرًا، موجة من المظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي أطلقت رسائل سياسية واجتماعية صادمة للنخبة الحاكمة، وكشفت عن عمق التململ الشعبي تجاه الأوضاع الراهنة، حيث خرج آلاف الليبيين إلى الشوارع، مطالبين بتحسين الأوضاع المعيشية، ومنددين بالفساد السياسي، ورافعين شعارات تطالب بتغيير جذري في بنية السلطة.
هذه المظاهرات لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، لكنها تعكس هذه المرة حالة تراكم الإحباط وغياب الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
فالوضع الليبي اليوم يتأرجح بين:
1- سلطة سياسية منقسمة بين حكومتين متنازعتين.
2- غياب الخدمات الأساسية (الكهرباء، والمياه، والرواتب).
3- استمرار تهديد المجموعات المسلحة التي تُعيق أي مسار إصلاحي حقيقي.
السؤال الأبرز الآن: إلى أين تتجه ليبيا؟
ما بعد المظاهرات ليس كما قبلها، هناك ثلاث إشارات أساسية يجب التوقف عندها:
أولًا، الشارع الليبي أعلن بوضوح أن صبره ينفد، وأن لغة المماطلة والتسويف لم تعُد مقبولة من قبل الحكومة.
ثانيًا، الأطراف السياسية وجدت نفسها مضطرة لفتح ملفات ظلت مغلقة: مكافحة الفساد، وإعادة النظر في توزيع الثروة، والاستجابة لمطالب الشارع.
ثالثًا، المجتمع الدولي بدأ يراقب بقلق، خشية من تحول الاحتجاجات إلى موجة عنف واسعة، أو انهيار أمني جديد.
لكن الحقيقة الأعمق أن الأزمة في ليبيا لا تتعلق فقط بحكومة أو سلطة معينة، بل ببنية سياسية هشة منذ 2011م، وانقسام عميق بين مكونات المشهد الوطني، أي إصلاح حقيقي يتطلب:
– إعادة بناء الثقة مع المواطنين.
– تعزيز الشفافية والمساءلة.
– إعادة ضبط العلاقة بين السلطة المركزية والمحليات.
-البدء فورًا في عملية مصالحة وطنية شاملة.
المظاهرات كانت بمثابة جرس إنذار، لكن الخطر الأكبر ليس في الاحتجاجات بحد ذاتها، بل في تجاهلها أو قمعها، ما قد يقود إلى انفجار أكبر في المستقبل.
ليبيا بحاجة إلى خريطة طريق واضحة، تنطلق من الداخل وليس من الخارج، وتضع مصلحة المواطن فوق الحسابات السياسية الضيقة.
فهل هناك من يسمع؟ وهل هناك من يستجيب؟
اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى