د. دينا محسن تكتب.. الحوار السياسى حوار من أجل الحوار أم حوار من أجل الحراك؟!
دعا رئيس الجمهورية “عبد الفتاح السيسى” خلال البيان الذى ألقاه الشهر الماضى، فى إفطار الأسرة المصرية، بأن يكون هناك حوار سياسى بين مختلف أطياف المجتمع المصرى.
ويرى العديد من السياسيين والمحللين للمشهد السياسى المحلى والدولى والعالمى، أنها بادرة طيبة ومبادرة جريئة فى توقيت مهم وخطير وحرج، وأن نجاح تلك المبادرة تتوقف على نجاح الحوار، كما أن نجاح هذا الحوار يتوقف على بعد المحددات الرئيسية، التى ينتج عنها نتاج إيجابى ملموس فى الشارع المصرى وبين أوساط النخب المصرية سياسية وغير سياسية.
ولعل أبرز تلك المحددات ترتكز على وضوح الهدف الرئيسى من إجراء هذا الحوار، بالإضافة إلى الإجابة على التساؤلات الآتية:
١- هل هدف الحوار السياسى هو الحوار من أجل الحوار أم الحوار من أجل الحراك؟!
وبهذا التساؤل وجب الإجابة على التساؤل التالى أيضاً.
٢- من المشاركون فى الحوار؟!
٣- ما آليات تتفيذ مخرجات هذا الحوار وما شكلها؟!
٤- من القائمون على تتفيذ تلك المخرجات؟!
٥- آلية مراقبة وتقييم عملية سير الحوار وتنفيذ مخرجاته؟!
٦- المساحة الزمنية لكل ما سبق ذكره من مراحل، وتوقيت البداية والنهاية، أم أنه حوار مفتوح مستمر متجدد؟!
بمعنى أنه إذا كان الحوار يحتوى على أفكار تقليدية أو شخوص جامدة غير جماهيرية، أو شخصيات حزبية أو سياسية بالفعل موجودة على قوائم أحزابها، وبالفعل منتشرة عبر الفضائيات، وبالفعل متواجدة خلف الرئيس فى كل المؤتمرات، وبالفعل لم تحقق تأثير مجتمعى أو شعبوى، إذن حُكِم على هذا الحوار بالفشل قبل أن يبدأ..
كما أن الاعتماد على الصفوف الأولى فقط، هو إتكاء ضعيف كهدف لحظى أوخطأ تكتيكى، لكن عملية البحث عن الصفوف الثانية والثالثة حتى الخامسة منها هدف استراتيجى وطنى يمكن البناء عليه.
أضف إلى ذلك أنه سيدفع الأحزاب السياسية للتنقيب عن وجوه شبابية قوية ومؤثرة وسيسعون إلى ضمها لصفوفها لكسب الحشد، دون أن يكون التوقيت توقيت استحقاق انتخابى، أضف أيضاً أنه سيكون هناك حراك تصفية ومقارنة ومقاربة بين الكوادر السياسية الموجودة بالفعل ولا تقدم أى شئ لا لأحزابها ولا لمجتمعها ولا لوطنها، وتواجدها حزبياً هدفه الحماية السياسية ومآرب أخرى.
يُذكر فى نفس السياق، أنه من الضرورى معرفة هل سيتوقف الحوار عند حد مشاركة السياسيين الحزبيين فقط، أم أن ذاك الحوار السياسى سيشترك فيه مكونات أخرى كالمؤسسات والجمعيات والمنظمات والاتحادات والمجالس القومية والمراكز البحثية والجامعات، وهذا أيضاً سينتج عنه حراك قوى داخل كل تلك المكونات السابق ذكرها، مما ينتج عنه أفكار جديدة ووجوه أيضاً جديدة شبابية أو غير شبابية.
الشئ بالشئ يُذكر، أن من أبرز الانتقادات التى ووجهت إلى الحكومة كانت من نصيب القائمين على الإعلام المصرى فى الداخل والخارج، لذا لابد من التركيز على حلقات حوار ونقاش متعمقة حول رؤية النخب الإعلامية (المقبولة شعبوياً ومجتمعياً)، وشباب الإعلاميين وشباب الأكاديميين، من أجل فرز حقيقى فى بيئة حقيقية، دون تنظير، لخلق مساحة مستقبلية لتدافع إعلامى مصرى قوى فى الداخل والخارج، وإتاحة مساحة حوار إعلامى فعال وحقيقى ووطنى، ينتج عنه مصداقية تصل للجمهور المصرى أينما كان.
وأخيراً وليس آخراً.. من الضرورى أن يكون هدف تلك المبادرة الوطنية وشعار هذا الحوار، الحوار من أجل الحراك وليس الحوار من أجل الحوار، وإنّى اعتقد وربما أصل لليقين، أن هذا الحوار السياسى الاستراتيجى المهم فى التوقيت والدلالة، وتلك المبادرة التى أطلقها سيادة الرئيس تحمل فى طياتها خيراً للوطن ولأبناء الوطن، وبعيداً عن المزايدات وعن الانقسامات والاستقطابات التى لا تفيد الوطن، بل تُفسده، علينا أن نخطو خطوة للأمام لا الخلف، وأن هذا الحوار ربما هو مبادرة طيبة وإيجابية إن حَسُن استغلالها والاستفادة منها، وليس هروب للأمام كما يدّعى المشككّون دوماً، ولننتظر إنّا معكم لمنتظرون، ولعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب