د. أيمن الرقب يكتب.. هزة في تل آبيب
تشهد مدن الاحتلال الإسرائيلي حراكا شعبيا عالي المستوى، رفضا لإجراءات الائتلاف الحكومي الحالي الذي ينفذ انقلابا قضائيا كما يقيسه المعارضون.
نتنياهو وائتلافه يرون أنهم يمارسون حقهم بناء على التفويض الذي فوضهم به الناخب الإسرائيلي، وأن أحداث المظاهرات في مدن الاحتلال الإسرائيلي هي نوع متقدم من ممارسة الديموقراطية، حاول الجانب الأمريكي التدخل من خلال عدة وساطات لمنع تمرير ائتلاف نتنياهو إبطال قانون المعقولية الذي صوت كل أعضاء الائتلاف الأربعة والستين عليه وامتناع المعارضة عن التصويت بشكل نهائي، هذا القرار يعني الحد بشكل كبير في صلاحيات تدخل المحكمة العليا في قرارات الكنيست وقرارات الحكومة تحت طائلة قرارات تتعارض مع القرارات المعقولة، هذا القرار خطوة من خطوات الإصلاح القضائي الذي وعد ائتلاف نتنياهو ناخبيهم بتنفيذه لوقف سطوة القضاء على السلطة التنفيذية، وتقوية السلطة التنفيذية في إدارة دولة الاحتلال، لذلك رأينا بعد تمرير هذا القرار ارتفاع قوة نتنياهو في أحدث استطلاع للرأي بعد تراجعه في الأشهر الأخيرة.
اقرأ أيضا: الرقب: إرهاب الاحتلال في جنين سيولد مزيدًا من العنف
إبطال قرار المعقولية بمثابة طوق نجاة لنتنياهو وحلفائه خاصة بعد أن حصن نتنياهو موقعه ووزراءه في قرارات سابقة ومنع المحكمة العليا من إسقاط الصفة السياسية عنهم، وهذا القرار سيؤسس لعودة اريه درعي زعيم حزب شاس ووزير الداخلية الإسرائيلي الذي أسقطت المحكمة العليا عنه موقعه السياسي لأنه اتهم سابقا بملفات فساد وقضى في السجن ثلاث سنوات.
المعارضة تخشى أن يستمر نتنياهو في خطة الانقلاب القضائي كما يطلقون عليه وبالتالي يتحول نظام الحكم لدكتاتوري، وخاصة أن دولة الاحتلال تتباهى بأنها دولة ديموقراطية ولديها استقلال وفصل بين السلطات.
صحيح أن الأشهر وبالتحديد الأيام الماضية شهدت توترا بين البيت الأبيض وحكومة نتنياهو مما دفع الكاتب السياسي الأمريكي المشهور توماس فريدمان إلى الطلب من الرئيس الأمريكي التدخل لإنقاذ دولة إسرائيل من الانهيار ووقف جموح نتنياهو والذي دفع الرئيس الأمريكي بايدن لمهاتفة نتنياهو لتأجيل التصويت ودعوته لزيارة واشنطن، ولكن دون جدوى لأن هذه القرارات بالنسبة لنتنياهو هي طوق نجاة وجداره الأخير.
ورغم هذا التوتر وتوقع البعض أن البيت الأبيض سيعيد تقييم علاقة مع دولة الاحتلال، إلا أني لا أتوقع أي تغير في العلاقة وذلك للطبيعة الوظيفة للاحتلال الإسرائيلي في المنطقة والذي يخدم الرؤية والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط خاصة والعالم بشكل عام، كما أن المخزون الاستراتيجي للأسلحة الأمريكية في المنطقة في دولة الاحتلال، إضافة لدور اللوبي الصهيوني وما له في التأثير على السياسة الأمريكية، وبتجارب سابقة الرؤساء في البيت الأبيض ليسوا أصحاب القرار، بل مؤسسات الدولة الأخرى والتي تؤيد دولة الاحتلال بشكل كامل، وهذا ما أكد عليه مستشار الأمن القومي الأمريكي وأكد أن العلاقة متينة رغم ما يحدث وهي علاقة استراتيجية.
على الصعيد الداخلي في دولة الاحتلال أستبعد ما ذهب إليه البعض بانهيار دولة الاحتلال وانهيار جيشها وأن الحرب الأهلية على الأبواب، والبعض شطح في خياله بأننا قد نرى دولتين دولة لليمين ودولة لليسار، وهذا ضرب من الخيال، فما يحدث داخل دولة الاحتلال هو أعلى درجات الديموقراطية، ونتنياهو انتخبه الشارع الإسرائيلي وهو يعرف أنه مدان بملفات فساد وينوي إحداث تغييرات في شكل الحكم داخل دولة الاحتلال، ولكن أتوقع أن تستمر المظاهرات وتتصاعد دون الوصول لحرب أهلية التي كان أقصاها ما حدث في تل آبيب عشية إبطال قرار المعقولية الذي نتج عنه عدة اعتقالات من قبل الشرطة الإسرائيلية، أستبعد أن تتطور الإضرابات والاعتصامات لمقاطعة الجيش النظامي للعمل وفقط بعد وحدات الاحتياط من الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة، وإذا شعر نتنياهو أن الأمور قد تفلت من يده فسيشن حربا على غزة أو جنوب لبنان، وبالتالي تعود الجبهة الداخلية موحدة.
أقصى سيناريو متوقع هو العصيان المدني، ولكن لن يكون بالشكل الذي يتوقعه البعض الذي سيدفع لانهيار الدولة وخاصة نظامها الاقتصادي.
علينا ألا نعول على المتغيرات داخل دولة الاحتلال فكل الأطراف يتفقون على قتلنا وعلينا أن نفكر كيف نوحد جبهتنا ونحن نستعد لعقد لقاءات في القاهرة الأيام القادمة لمواجهة كل هذه التحديات.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب