محمود علي هندي يكتب.. من ميادين القتال إلى فرص السلام: دور الشباب في الحروب الحالية والمستقبلية

تُعد الحروب من أكبر التحديات التي تواجه البشرية على مر العصور، ورغم التغيرات التكنولوجية والتطورات في أساليب القتال، يظل الشباب في قلب هذه الصراعات، سواء كانوا ضحايا أو مشاركين. في الحروب العالمية المعاصرة مثل النزاعات في أوكرانيا، والحروب الأهلية في العديد من الدول العربية، مثل سوريا واليمن وليبيا، نجد أن الشباب يمثلون الفئة الأكثر تأثرًا، حيث يعانون من التدمير النفسي والاجتماعي. وغالبًا ما يجد هؤلاء الشباب أنفسهم عالقين بين الظروف الاقتصادية الصعبة والفرص المحدودة في الحياة، مما يجعلهم عرضة للانخراط في بيئة العنف والنزاع. التحديات التي يواجهها الشباب في مناطق الحروب تتفاقم نتيجة لعوامل مثل فقدان فرص التعليم، وتدمير الاقتصاد المحلي، وضياع الأمل في مستقبل أفضل.
تعد الحروب في الدول العربية من أبرز الأمثلة على تأثير الصراعات على الشباب. على سبيل المثال، الحرب في سوريا التي بدأت عام 2011، أدت إلى نزوح ملايين الشباب داخل سوريا وخارجها، كما دمرت فرص التعليم والعمل، مما خلق جيلًا من الشباب يواجه تحديات كبيرة في إعادة بناء حياتهم. وفي اليمن، كان الشباب من أبرز المتأثرين بالصراع المستمر، حيث لا يزال الملايين من الأطفال والشباب يواجهون صعوبات في الوصول إلى التعليم والخدمات الصحية الأساسية. وفي ليبيا، أدى النزاع المستمر إلى شلل في المؤسسات الحكومية، مما جعل الشباب في مواجهة فرص معدومة للعيش بكرامة أو تحقيق طموحاتهم.
اقرأ أيضا: وسن الوائلي تكتب.. كشكولية الشباب في الضحك على الشياب !
ومع تقدم التكنولوجيا، أصبحت ملامح الحروب المستقبلية أكثر تعقيدًا. الحروب الإلكترونية والهجمات السيبرانية والذكاء الاصطناعي ستكون من أبرز ملامح الصراعات المقبلة. في هذا السياق، سيكون للشباب دور حاسم في الحروب المستقبلية، سواء من خلال تطوير تقنيات جديدة أو من خلال التصدي للهجمات الرقمية التي قد تهدد استقرار الدول والمجتمعات. مع ذلك، لن تقتصر الحروب المستقبلية على المعارك التقليدية، بل ستشمل تحديات جديدة تتطلب من الشباب اكتساب مهارات متطورة للتعامل مع هذه التغيرات، مثل استخدام التكنولوجيا في الدفاع الإلكتروني وحماية المعلومات. في الوقت نفسه، يجب أن يكون هناك استثمار في تدريب الشباب وتطوير مهاراتهم لتجنب تحولهم إلى أدوات للصراع بدلاً من أن يكونوا عناصر بناء في المستقبل.
وتترك الحروب آثارًا نفسية عميقة على الشباب، إذ يتعرضون للصدمات من فقدان الأهل والأصدقاء والنزوح عن أوطانهم، ما يصعب عليهم بناء حياة مستقرة. كما أن الحروب تدمر البنية التعليمية والتحتية، مما يحرم الشباب من الفرص التي يحتاجونها لتحقيق إمكاناتهم. وتتسبب هذه الظروف في شعور مزداد باليأس والإحباط بين الشباب، وقد يؤدي هذا إلى زيادة معدلات البطالة والتطرف في بعض الأحيان. الحروب تسهم أيضًا في تفشي العنف والتمييز، وتدفع الشباب إلى الهروب من أوطانهم بحثًا عن حياة أكثر أمانًا في أماكن أخرى، وهو ما يزيد من حجم معاناة هذه الفئة.
لكن رغم هذه التحديات، يملك الشباب القدرة على أن يكونوا جزءًا من الحل. في كثير من البلدان، بدأ الشباب في لعب دور مهم في صنع السلام وحل النزاعات. أصبحت لديهم القدرة على استخدام التكنولوجيا أداة للسلام من خلال تفعيل الحركات الشبابية التي تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وحماية البيئة. كما أن هناك العديد من المبادرات التي يقودها الشباب للتصدي للانقسامات السياسية ودعوات السلام بين الشعوب. ويمكن أن يسهم الشباب في خلق حلول مبتكرة للتصدي للأزمات الإنسانية والبيئية، ويجب أن تتاح لهم الفرص لتطوير مهاراتهم القيادية من خلال التعليم والتدريب. هذه الحركات الشبابية التي تدعو للسلام، والعدالة البيئية، والمساواة الاجتماعية، تعطي الأمل في أن المستقبل يمكن أن يكون أكثر استقرارًا، مع دور محوري للشباب في قيادة التغيير.
إن التحديات التي يواجهها الشباب اليوم ليست صغيرة، ولكنهم يمتلكون القدرة على المساهمة الفعالة في بناء مستقبل خالٍ من الحروب والصراعات، من خلال تمكينهم وتوفير الفرص اللازمة لهم، يمكن أن يصبحوا قوة فاعلة في تعزيز السلام والتنمية المستدامة في العالم. يجب على الحكومات والمنظمات الدولية أن تعترف بدور الشباب وتعمل على تمكينهم من خلال برامج تعليمية وريادية توفر لهم أدوات تساعدهم في أن يكونوا جزءًا من الحلول المستقبلية. في النهاية، يبقى الشباب هم أمل البشرية في بناء عالم أكثر سلامًا وازدهارًا.
الرسالة النهائية:
الشباب هم المستقبل، ولا يمكن أن نسمح لهم بأن يصبحوا ضحايا للحروب أو صناعًا للصراعات. تمكينهم وتوفير الفرص لهم هما السبيلان لضمان تحقيق السلام والتنمية المستدامة في المستقبل.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب