عبدالرحمان الأشعاري يكتب.. معاني ودلالات اليوم الوطني الإماراتي
من المعاني والدلالات العميقة لليوم الوطني الإماراتي، أنه يوم يجسد روح العزيمة والإرادة والطموح، ويذكي في النفوس الرغبة في الخلق والابتكار والتطلع إلى بناء مستقبل زاهر لهذا الجيل وللأجيال القادمة.
من معاني ودلالات هذا اليوم أيضًا التمعن في الجهود التي قادها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث لعب دورًا أساسيًا في جمع حكام الإمارات الأخرى حول فكرة الاتحاد، مما أدى إلى توقيع هذه الاتفاقية التاريخية خلال عام 1971، وهو العام الذي شكل بداية جديدة لدولة حديثة في منطقة الخليج العربي.
من المعاني والدلالات أيضًا تفعيل روح الوحدة والأخوة والتضامن بين أبناء الشعب الإماراتي، وباقي أبناء الشعوب العربية الأخرى من خلال نصرة القضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تشهد في هذه الفترة، فصلًا جديدًا من فصولها الدموية، لم يسبق أن شهدت مثله من قبل على الإطلاق، سواء من حيث عدد الشهداء وأغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، أو من حيث شكل الخراب والدمار الهائل الذي ضرب قطاع غزة، وسط حصار شديد وتجويع رهيب لم يسبق له مثيل في التاريخ.
اليوم الوطني الإماراتي هو أيضًا لحظة تتيح لكل الإماراتيين والمقيمين معهم فرصة للتأمل في إمارات الأمس وإمارات اليوم، حيث تحقيق إنجازات مهمة وغير مسبوقة ليس فقط على مستوى العالم العربي، ولكن كذلك على مستوى كل العالم، حتى قيل عن بلاد الشيخ زايد إنها بلد أوروبي يتربع في وسط الخليج، ذلك لأنها تحتضن بنايات ضخمة كناطحات السحاب، ونذكر في هذا الصدد برج خليفة، الذي يعدّ الأعلى في العالم ويتكون من 163 طابقًا، كما تحتضن الإمارات المشاريع العمرانية الكبيرة، التي تجذب السياح والمستثمرين من جميع أنحاء العالم.
ومن هذه الإنجازات سعي دولة الإمارات إلى تحقيق مئوية الإمارات 2071، التي تهدف إلى جعل الإمارات العربية المتحدة واحدة من أفضل الدول في العالم من حيث التنمية المستدامة والابتكار وجودة الحياة، ولذلك فمنذ تأسيسها، ركزت الإمارات كل جهودها على بناء بنية تحتية قوية ومتطورة، فعملت على شق الطرق وبناء الجسور والممرات والمطارات ومحطات المواصلات وأخرى للسكك الحديدية، وإنشاء المساحات الخضراء من حدائق ومتنزهات، وتشييد المستشفيات والفنادق المصنفة والمطاعم الفخمة والملاعب الرياضية، و أيضًا إنشاء مراكز اقتصادية وتجارية كبرى، مما أسهم في تعزيز مكانة الدولة مركزًا اقتصاديًا وتجاريًا عالميًا يقارع وينافس أكبر الاقتصادات الدولية، مثل فرنسا وإسبانيا وبريطانيا وإيطاليا وتركيا وكوريا الجنوبية واليابان.
وعلى مستوى التحصيل والبحث العلمي، شيدت الإمارات مؤسسات جامعية مرموقة تعدّ الأرقى في العالم من حيث جودة الخدمات التعلمية وجودة المعلومات، مما أتاح للطلاب الحصول على تعليم عالي الجودة، حتى أصبح الطالب الجامعي الإماراتي مطلوبًا في سوق الشغل الدولية بجميع المجالات، ولتعزيز هذه المكانة العلمية، أنشأت الإمارات كذلك كثيرًا من المراكز البحثية التي تسهم في تفعيل روح البحث والخلق والابتكار والإبداع وتنمية ملكتي المبادرة والتطوع، ومن أكبر وأهم هذه المراكز البحثية نذكر مركز “الإمارات للدراسات والأبحاث الاستراتيجية”، الذي يوجد مقره الرئيسي في إمارة أبوظبي.
والإمارات إلى جانب كل ذلك دولة رائدة في مجال الطاقة الصديقة للبيئة، بحيث أطلقت مجموعة من المشاريع الطموح في هذا المجال، مثل مشروع “مدينة مصدر” الذي يهدف إلى تطوير مدينة تعتمد بالكامل على هذه الطاقة.
ولتأكيد قيمة هذه المشاريع إقليميًا ودوليًا، يكفي الاطلاع على التقارير الدولية خصوصًا منها الاقتصادية التي ترصد أشغال وحركية الدول وتتبع خطواتها، ومنها التقرير الصادر عن شركة “بوز أند كومباني”، ونشره عدد من وسائل الإعلام الخليجية ومنها قناة “العربية”، والذي أشار إلى امتلاك دولة الإمارات 6 مزايا تنافسية في مجال آخر غير مجال الغاز والصناعة البيتروكيماوية، الأمر يتعلق بمجال السياحة، حيث يمكن لهذه المزايا أن تجعل هذه الدولة من أهم مناطق السياحة؛ ليس فقط على المستوى القاري ولكن أيضًا على المستوى العالمي.
وتحدث التقرير أثناء سرده لهذه المزايا، عن تمتع دولة الإمارات بنعمة السلامة والأمن والاستقرار السياسي وباقتصاد قوي بشكل عام، مما يسمح لها بالاستثمار في المنتجات السياحية القادرة على استقطاب السياح، إضافة إلى امتلاكها مطارات ضخمة قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من الزوار، وتتصل بمسارات جوية بالبلدان التي يفد منها أكبر عدد من السياح، وتوفرها كذلك على بنيات تحتية متقدمة ومتطورة شيدت بمعايير دولية.
تقرير دولي آخر صادر هذه المرة عن مجموعة “بوسطن كونسلتينج جروب”، وضع دولة الإمارات في مراتب متقدمة فيما يخص مقياس مؤشر مستوى الرفاهية العالمي، معتمدًا في إصداره لهذا الحكم على نسبة دخل الفرد، وتوفير فرص الشغل، والاستثمارات، كما يقيس مجال الخدمات الصحية، والتربية والتعليم والبنية التحتية، والاستدامة والخدمات والمجتمع المدني والحكامة والبيئة.
معاني ودلالات اليوم الوطني الإماراتي لا يمكن حصرها فيما جاء بهذه السطور، فهي كثيرة ومتعددة ومتنوعة ومتجددة أيضًا، ففي كل عام تحضر دلالات ومعانٍ أخرى، مما يعني أن حركية النمو والتطور والابتكار تتفاعل في كل مرة، وتتفاعل معها كل مكونات دولة الإمارات العربية المتحدة.