رأي

محمد الأمين أبوزيد يكتب.. الدور التخريبى التاريخى لحركة الإخوان المسلمين فى السودان

نشأت حركة الاخوان المسلمين فى السودان فى بداية الخمسينات من القرن العشرين تاثرا بالحركة الام فى مصر التى أسسها حسن البنا 1928 على يد بعض الطلاب السودانيين الذين يدرسون فى مصر آنذاك.

كان هدف الحركة هو نشر الفكر الأسلامى وتعزيز القيم الإسلامية فى المجتمع السودانى مع التركيز على الإصلاح الاجتماعى تمثلا لشعار التربية قبل السياسة.

كانت الحركة فى بداية نشأتها تسعى لتقديم نفسها كبديل للتيارات السياسية التقليدية وتعزيز الهوية الإسلامية فى مواجهة الإتجاه الحداثوى.

اقرأ أيضا: جمال المحلاوي يكتب.. البلطجة الترامبية وقناة السويس

فى السبعينات بدأت حركة الإخوان المسلمين فى التحول إلى حركة سياسية والتخلى عن أهداف النشأة وأصبح لديها تأثير كبير فى السياسات والتحولات التى انتظمت النظام المايوى بعد تحالفها معه فى العام 1978 واندماجها فى مؤسساته السياسية والاقتصادية والعسكرية.وقد سبقها إلى ذلك حزب الامة فى مصالحة 1977 فى بورتسودان.
يحاول هذا المقال تتبع الدور التخريبى السياسى لحركة الاخوان المسلمين في السودان وتحولها من حركة دينية محدودة إلى تيار سياسي له تأثيره فى الحياة السياسية السودانية من خلال أدوار سنقف عليها إجمالا لأن تفاصيلها تحتاج لبحوث أطول.
لعب الإخوان المسلمين دورا تخريبيا فى الصراع السياسى عقب ثورة اكتوبر 1964 التى اندلعت نتيجة للاحتجاجات الشعبية ضد نظام الفريق عبود العسكرى قاد الحراك تحالف واسع من القوى السياسية والنقابية والطلابية وكان حينها الإخوان المسلمين حركة صغيرة متمثلة فى جبهة الميثاق الإسلامى بقيادة حسن الترابى الذى أزاح جيل المؤسسين.كان دورهم محدودا قياسا بالقوى التى قادت الثورة سياسية ونقابية.
تمثل دورهم التخريبى فى افشال ثورة اكتوبرمن خلال التأثير فى صياغة التحالفات السياسية فى الفترة الإنتقالية من خلال التحالف مع القوى المحافظة لعرقلة التحولات الجذرية التى كانت تطالب بها وتتبناها القوى التقدمية مثل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
لعب الإخوان دورا بارزا فى تأليب الرأى العام ضد الحزب الشيوعي وإثارة الفتنة بأساليب سياسية خادعةوبمساعدة قوى اليمين أدت إلى حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه المنتخبين من البرلمان 1965 ذلك القرار الذى ابطلته المحكمة العليا لاحقا.
.ادى هذا الدور إلى تشتيت الصف الوطنى وإجهاض مشروع التحول الديمقراطي ومهد الطريق مع أسباب اخرى للحكم العسكرى فى مايو 69 .
فى انتفاضة مارس-ابريل 1985 لم يكن للاخوان المسلمين دور فى اندلاع الثورة حيث كانوا جزءا من النظام المايوى من خلال مصالحتهم معه منذ 78 حتى قبل عشرة أيام من الانتفاضة حين اكتشف النظام حينها مؤامرتهم بالعمل داخل المؤسسة العسكرية للانقلاب عليه.
نتيجة لعدم التزام الحكومة الإنتقالية بتصفية آثار مايو عاد الإخوان المسلمين من خلال واجهة الجبهة الاسلامية ولعبوا أدوار بارزة فى افشال الانتقاضة فى أحداث تحول ديمقراطى حقيقى من خلال:
-سارع الإخوان الى التحالف مع القوى التقليدية للمشاركة فى الفترة الإنتقالية ولم يضغطوا فى اتجاه تفكيك الدولة الامنية وتصفية النظام المايوى الذى كانوا جزءا من مؤسساته كنوع من ممارسة الانتهازية السياسية.
-الاحتفاظ بمواقع نفوذهم داخل الدولة نتيجة التلكؤ فى تنفيذ شعار الانتفاضة يكنس آثار مايو السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية.هذا ساهم فى الحفاظ على نفوذهم داخل مؤسسات الدولة مما مكنهم لاحقا من تقويض التجربة الديمقراطية فى يونيو 1989 .
-خلال التجربة الديمقراطية الثالثة مارست الجبهة الاسلامية القومية سياسة اعاقت الاستقرار السياسى واستهدفت افشال التحول الديمقراطى والتغلغل داخل مفاصل الدولة ساعدهم فى ذلك ضعف القوى التقليدية صاحبة الأغلبية وقصر نظرها ومغازلتها لهم إلى أن قادت الجبهة الاسلامية عبر الجناح العسكري انقلاب البشير الذى أنهى الفترة الديمقراطية وأعاد البلاد الى الحكم الشمولي.
لم يكن الإخوان المسلمين قوة تدفع باتجاه تحول ديمقراطى بل جزءا من صفقة سياسية ضمنت بقاء نفوذهم وتحضيرهم للانقلاب على الديموقراطية.
تفجرت ثورة ديسمبر 2018 نتيجة تراكم نضالى ضد نظام الجبهة الاسلامية الذى تربع على حكم البلاد
من خلال نظام سلطوى فاشى انقلب على سلطة شرعية منتخبة.
تمثل دورهم التخريبى من موقع السلطة فيمايلى:
-هيمنة الإسلاميين على مفاصل السلطة والدولة من الأمن إلى الجيش إلى الإقتصاد إلى التعليم وجهاز الدولة مما خلق مؤسسات موالية للنظام لامؤسسات دولة.
-قمع المعارضة واحتكار السلطة بإستخدام أدوات الدولة لقمع الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ومصادرة الحريات العامة.
-الفساد وسوء الادارة الإقتصادية حيث شهدت فترة حكمهم فسادا واسعا وانهيارا اقتصاديا شاملا.
-إشعال الحروب والصراعات القبلية وتكوين الميليشيات العسكرية فى إطار لعبة التوازنات التى ساهمت فى تعزيز الانقسامات الاجتماعية والاثنية أدت إلى فصل الجنوب 2011.
-التحالفات الاقليمية المشبوهة خلال فترة حكمهم مع إيران وتيارات إسلامية متطرفة جعل من السودان بؤرة للارهاب وساهم فى عزلته الدولية.
-تبديد الموارد الإقتصادية والفساد الواسع النطاق والتمكين الاقتصادى للشركات الخاصة بالتنظيم وتدمير القطاع العام بالبيع والخصخصة.
بعد اندلاع ثورة ديسمبر 2018 وانتصارها فى أبريل 2019 وهى نتيجة تراكم نضالى ممتد منذ اضراب الأطباء فى 89 وحركة 28 رمضان-أبريل 90 العسكرية الباسلة وهبة 1995 الطلابية وانتفاضة سبتمبر 2013 وصولا لثورة ديسمبر 2018
تمثل الدور التخريبى المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهاتهم فى الاتى:
-تصوير الاحتجاجات على انها مؤامرة خارجية على الإسلام.
-الاستهانة بالمطالب الشعبية وتسفيهها وخداع الشعب باختلاق القصص الوهمية لعزلها.
-قمع الاحتجاجات الشعبية والتهديد بالكتايب المسلحة.
-العمل على تسلق الفترة الإنتقالية من خلال اللجنة الأمنية للنظام التى أصبحت جزء من مؤسسات الفترة الإنتقالية.
-العمل على اختراق الإعتصام بأساليب لا أخلاقية واختلاق قصص لتشويه صورته.
-تسميم الفترة الإنتقالية باشعال الصراعات القبلية والجهوية لتعطيل مهام الحكومة الإنتقالية.
-المشاركة والتخطيط فى فض إعتصام القيادة العامةتمهيدا لسيطرة المجلس العسكري على السلطة.
-تفكيك الحراك الشعبي عبر وسائل عبر وسائل إعلامية وخطابات تشكك فى الثوار
-التغلغل داخل مؤسسات الدولة وخاصة الأمنية والعسكرية لمنع التغيير الجذري.
-إثارة الفوضى والانفلات الأمنى بدعم اعتصامات مضادة أو تمويل تحركات مناوئة للحكومة المدنية.
-دعم محاولات انقلابية عديدة اثناء الفترة الإنتقالية.
-الحملات الاعلامية على وسائل التواصل الاجتماعى لتشويه رموز الثورةونشر الشائعات لإضعاف الثقة بالحكومة الإنتقالية.
-معادة لجنة تفكيك التمكين وعرقلة عملها بالتاثير على عناصرها فى اللجنة الامنية لتعطيل أعمالها وهذا ماتم بعد الانقلاب مباشرة.
-دفع البرهان و حميدتى لتنفيذ انقلاب 25 اكتوبر 2021 وحشد تحالف الموز لتوفير غطاء له.
-إشعال الحرب التى تدخل عامها الثالث بعد فشلهم فى استمالة الدعم السريع الذى اعلن تنصله عن الانقلاب عملوا على حشد كل قواهم لإثارة الفتنة وإشعال الحرب وتجييش الآلة الإعلامية لتزييف الحقائق وخداع الشعب كآخر فرصة للعودة للسلطة على أكتاف المؤسسة العسكرية.
الخلاصة ان الاخوان المسلمين عبر تاريخهم السياسى كانوا مخلب قط لتخريب الحياة السياسية بالانحياز للانظمة الشمولية والعمل ضد التحول المدنى الديمقراطى كهدف مركزى لكل ثورات وانتفاضات السودان.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى