رأي

محمد جبريل العرفي يكتب.. عروش صناعة بريطانية استيراد الإسباني عودة للاحتلال البريطاني

بفعل العجز واليأس، أو بحكم الجهل وقصر النظر، أو بدافع الاسترزاق والطمع، أو تنفيذاً لإرادة المحتل الأجنبي، تعقد لقاءات لاستيراد إسباني لحكم ليبيا.

مجرد التفكير في هذا يعد شعورا بالدونية، وتحقيرا من شأن الليبيين ومعاملتهم كأنهم قصر، لا يقوون على اختيار من يحكمهم، وهو حضيض الضحالة وانتكاس عن تقدم البشرية.. فمن مظاهر الانحطاط السياسي أن يتم استنساخ التجارب الفاشلة.
الأنظمة الملكية مكانها متاحف التاريخ فقد تجاوزتها الشعوب بمراحل بحكم التطور، فقد انتهت عصور ظل الله الذي يملك الأرض وما عليها، وتم استبدالها بانتخاب ملك في شكل رئيس، ثم تمت مقاسمة الرئيس سلطاته بمجلس نواب منتخب، والآن هذا النظام أيضا بدأ يتآكل، فقد انتهت مرحلة الأحزاب والديموقراطية النيابية ليبزغ فجر الديمقراطية التشاركية، بظهور حركات وتعبيرات اجتماعية عرفت اتساعا متزايدا في المجتمعات كالحركات النسائية والبيئية والحقوقية والاجتماعية والتنموية، كل هذه التكتلات لم تجد في الديمقراطية التمثيلية قنوات للتعبير عن حاجاتها ومطالبها وإيجاد حلول لها، وبدأ مصطلح الحوار المجتمعي، هذا التطور في أدوات الحكم إرث للحضارة البشرية، سيفرض نفسه مع الزمن لأن نضال الجماهير في سبيل سلطتها لن يتوقف.

الدعوة إلى استيراد الإسباني تفرض أسئلة وإجابات.

1 – هل نظام إدريس (الله يرحمه) كان عصر استقرار وازدهار؟
الإجابة: (لا)، لأنه كان نظاما تحكمه مراكز قوى قبلية وجهوية وتتقاذفه أمواج الصراعات وينخره الفساد، وتكبله القواعد وينهشه المستوطنون، لدرجة تشكيل 11 حكومة في 18 سنة وبعضها سقط لأنها لم تنمح عطاء لقريب سيدة نافذة في القصر، وبعضها لم يدم لأكثر من ثلاثة أشهر.

2 – هل مشكلة ليبيا في نظام الحكم؟
الإجابة أيضا (لا)، ليبيا لها 12 سنة في صراع مستمر بين القوى الوطنية من جهة والتنظيمات الإسلاموية والعملاء واللصوص من جهة أخرى، على من يحكم وليس على شكل نظام الحكم.

3 – هل يملك الإسباني رؤية للحل وأداة لتنفيذها؟
الإجابة (لا)، فهو مجرد بيدق يسعى الإنجليز لتنصيبه ليحكموا ليبيا من وراء ظهره، مثلما نصبوا إدريس في أربعينيات القرن الماضي. أي أنه مجرد غطاء لاحتلال حقيقي لليبيا وشرعنة لنهب ثرواتها وجعلها شوكة في جسد الأمة العربية.

4 – لماذا فضل الإنجليز هذا دون غيره؟
الإجابة: لأنه عميل مدرب، ولزرع بذرة صراع على السلطة داخل العائلةـ فالشقيق الأكبر سيعترض لعملية استبعاده.

5 – ما علاقة هذا المشروع بتمكين المقاتلة؟
الإجابة: لنكتشف العلاقة فعلينا العودة بالذاكرة إلى تعويض الإنجليز للزنديق، وتزويقه بالاعتذار له وتبرئته من تهمة الإرهاب وتقديمة من قبلهم ومن والاهم على أنه سياسي مدني ورجل أعمال، وتمكينه من تجميع العناصر الإرهابية أولهم كان تنتوش من جنوب أفريقيا وآخرهم أنس الرقيعي والبكوش اللذان تم إحضارهما إلى طرابلس على ظهر البارجة البريطانية. هذا يعني أن للمشروع البريطاني شقين هو تمكين التنظيمات الإسلاموية، مثلما صنعوا جماعة الإخوان في القرن الماضي وعودة نظام من صنعهم على رأسه ملك عميل لهم. المحزن أن هناك بسطاء يجارون ذلك ولا يعارضونه، نتيجة لعدم إدراكهم للأهداف المخفية خلفه. إن الدعوة للملكية في لييبا علاوة على أن العصر قد تجاوزها فهي تنسجم مع نظرية التمكين لجماعة الإخوان، فالملكية هي السنوسية، ولا فرق كبير بين إخوان السنوسية وإخوان المسلمين.

6 – هل استيراد الإسباني خبث إنجليزي لإذكاء حرب طائفية في ليبيا؟
الإجابة (نعم) وستدخل البلاد في صراع بين الصوفية والسلفية، لأن الإسباني سيستعين برموز السنوسية الذين يعتنقون المذهب الصوفي، مما سينشر السلوك الصوفي المتطرف باعتباره مذهب السلطة الحاكمة، وبدلاً من أن تعيش المذاهب في وئام مجتمعي سينتشر العنف الطائفي الذي يمزق المجتمع.

7 – ما علاقة الفيدرالية بالملكية؟
الإجابة: كثير من الفيدراليين لا يعارضون عودة الملكية، بل بعضهم يدعو لها، إما لأسباب حقدية لأنهم يرون عودتها نكاية بالنظام الذي أسقطه الغرب، أو لاعتقادهم بأنها ستنهي المركزية والتهميش، وهنا يجب أن نفرق بين التوزيع العادل للثروة، والتنمية المكانية، والمساواة في فرص التوظيف والإيفاد والعطاءات وأفقية الخدمات، وبين مفهوم الفيدرالية. التي عادة ما تقوم بين دول خليط من الأعراق والديانات وبينها حروب وثارات. كما أن الفيدرالية لن تحل المشكلة، بل ستنقلها إلى داخل الفيدراليات، الحل هو دسترة صلاحيات وحدود المحافظات، بحيث تختص السلطة المركزية بالشؤون الخارجية والدفاع والمناهج التعليمية والمشاريع الاستراتيجية والتجارة الخارجية، أما ما عدا ذلك فيختص به الحكم المحلي من محافظات (شعبيات) أو بلديات أو فروعا.

أخيراً: قد يقول قائل إن العود إلى الخلف طرح بعيد عن الواقع، فعلاً هو عبث ومضيعة للوقت وزيادة في المعاناة، لكن نحن في بلد مسلوبة الإرادة ويسيرها المجانين.

فإما أن نختصر الزمن ونتبنى الحلول الجذرية أو نترك الأمر للمافيات والعملاء للعبث بمصير أجيالنا. اللهم فاشهد.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى