دراساتسياسية

تداعيات الحرب الفلسطينية -الإسرائيلية على السياسة اللبنانية: التحولات الداخلية والإقليمية


إعداد الباحثة/ آلاء أحمــد أبو زيد

 

مقدمة

لعبت الحرب الفلسطينية-الإسرائيلية دورًا محوريًا على الساحة العالمية والإقليمية -خاصةً مع اندلاع موجة جديدة من الصراع العسكري بين فلسطين وإسرائيل منذ أكتوبر 2023- حيث أثرت على استقرار العديد من دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها لبنان، التي لها تاريخ طويل في التورط في الصراعات الإقليمية المرتبطة بالقضية الفلسطينية. تمثل الحرب نقطة تحول رئيسية في السياسة اللبنانية، التي تعاني من وضع سياسي معقد وأزمات داخلية متعددة، بما في ذلك اقتصاد متدهور، وتوترات طائفية. كما أثارت الحرب تداعيات كبيرة على مختلف الأصعدة.

تركز هذه الدراسة على تحليل الأبعاد السياسية لتداعيات الحرب الفلسطينية-الإسرائيلية على لبنان منذ 2023، ودراسة الآثار الناجمة لتلك الحرب على السياسة الداخلية في لبنان، بالإضافة إلى التحولات في العلاقات الإقليمية والدولية.

اقرأ أيضا: صراعات العقد الراهن : واقع الحال والجذور التاريخية

أولًا: أثر الحرب الفلسطينية على السياسة الداخلية اللبنانية:

شهدت لبنان حالة من الاستقطاب السياسي بين القوى السياسية المحلية منذ بداية الحرب 2023. حيث تبنّت القوى السياسية مواقف مختلفة في كيفية التعامل إزاء الصراع في غزة، بعضها يؤيد موقف حركة حماس، والبعض الآخر يتبنى مواقف أكثر تحفظًا، على الرغم من أن لبنان الرسمي يلتزم بسياسة عدم التدخل المباشر في النزاعات الإقليمية. ومن هذه القوى:

  • حزب الله: يعتبر حزب الله القوة المسلحة الرئيسية في لبنان والمدعومة من إيران. برز دورها في دعم القضية الفلسطينية وتعزيز موقفها ضد الكيان الصهيوني، حيث قامت هذه القوة المسلحة بالعديد من العمليات العسكرية ضد الكيان المحتل منذ بداية الحرب في غزة؛ مما جعله في مواجهة مع إسرائيل والدول الغربية، نتج عنها مقتل الآلاف من الضحايا.
  • التيار الوطني الحر وحركة أمل: على الرغم من أن موقف كلًا من التيار الوطني الحر وحركة أمل أقل حدة من موقف حزب الله، إلا أنهما يدعمان القضية الفلسطينية ويظهران تضامنهما مع حركة نضال الشعب الفلسطيني ضد الكيان المحتل، حيث دعوا إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة وتحقيق السلم والاستقرار.
  • القوى اللبنانية الموالية للغرب: تتبنى تيارات سياسية في لبنان مثل “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية”مواقف أكثر تحفظًا؛ خشية من أن يتسبب دعم القضية الفلسطينية في توتر العلاقات اللبنانية مع دول الغرب، مما ينتج عنه عواقب وخيمة على لبنان.

أدت هذه الانقسامات وتباين مواقف القوى السياسية تجاه القضية الفلسطينية إلى تعميق الانقسام الداخلي وزيادة تعقيد الوضع المحلي؛ مما نتج عنه تفتيت المشهد السياسي في لبنان؛ فأصبح من الصعب عليها اتخاذ قرار موحد وحاسم تجاه هذا الصراع.

ثانيًا: تأثير الحرب على العلاقات اللبنانية مع الدول الإقليمية:

تتجاوز تداعيات الحرب الفلسطينية-الإسرائيلية على لبنان الحدود الوطنية، حيث أنها أثرت على علاقاتها مع الدول الإقليمية والدولية، خصوصًا مع سوريا وإيران، وإسرائيل.

  • العلاقات اللبنانية الإسرائيلية: تتسم العلاقات اللبنانية-الإسرائيلية بالتعقيد. ومع تفاقم الحرب في غزة ازدادت هذه العلاقات تعقيدًا، حيث تسعى إسرائيل لتدمير مواقع حزب الله ومرافقه العسكرية. وعلى الجانب الآخر، حزب الله يشن هجمات لضرب المواقع الصهيونية؛ مما جعل الأوضاع على الحدود بين كلا الدولتين أكثر توترًا.
  • العلاقات اللبنانية السورية: يوجد علاقة وثيقة بين سوريا وحزب الله، حيث أنهما يشتركان في دعم القضية الفلسطينية. لكن في الآونة الأخيرة، واجهت العلاقات بينهما تحديات كبيرة؛ بسبب الأزمة السورية والتغيير في موازين القوى في المنطقة.
  • العلاقات اللبنانية الإيرانية:تلعب إيران دورًا محوريًا في هذه الحرب من خلال دعمها لحزب الله وتزويده بالأموال والأسلحة، حيث قُدرت المساعدات المقدمة للأخير بما يصل إلى 700 مليون دولار سنويًا عام 2022. ومع تصاعد حدة الصراع عام 2023، أصبحت لبنان نقطة جذب رئيسية للمصالح الإيرانية في المنطقة، حيث تسعى إيران لتعزيز دعمها للفصائل الفلسطينية في غزة وتوسيع نطاق نفوذها في لبنان. هذه الديناميكيات تضع لبنان في موقع حساس بين ضغوطات الغرب ودعم إيران الإقليمي.

ثالثًا: تأثير الحرب على السياسات الدولية تجاه لبنان:

على النقيض، أدى تصعيد حدة الحرب في غزة إلى تصعيد الضغوط الدولية على لبنان، خاصة من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية التي تتبنى سياسة دعم إسرائيل، حيث تسعى إلى إضعاف نفوذ حزب الله- الذي يصنف كمنظمة إرهابية في العديد من الدول الغربية- .علاوة على ذلك، اهتمام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بتحقيق الاستقرار الإنساني والأمني في لبنان، خصوصًا في المخيمات الفلسطينية. ومع تزايد دور حزب الله المدعوم من إيران- التي تعتبر من أكثر الدول عداوة مع الولايات المتحدة- واجهت بيروت ضغوطات دبلوماسية واقتصادية كبيرة، ساهمت في تعقيد العلاقات مع القوى الغربية.

&nbspختامًا ، و بناءً على ما سبق ذكره، نجد أن لبنان تواجه تحديات كبيرة على مستوى استقراره السياسي. حيث شكلت الحرب الفلسطينية-الإسرائيلية منذ عام 2023 نقطة تحول في سياسة لبنان على الصعيدين الداخلي والخارجي. حيث أثرت بشكل مباشر وكبير على السياسة الداخلية للدولة وعززت من تعميق الانقسامات بين القوى السياسية المحلية؛ مما نتج عنه تعقيد المشهد السياسي الذي يعاني بالفعل من أزمات متعددة. كما استعرضت الدراسة تأثير الصراع على علاقات لبنان بالدول الإقليمية والدولية التي جعلتها في موقف حساس بين القوى الدولية والإقليمية المتنافسة.

 

 

 

 

 

 

 

 

المـــراجع

  1. https://n9.cl/9i95l
  2. https://n9.cl/hbo0m
  3. https://short-link.me/RQlD
  4. https://short-link.me/RQlQ
  5. https://short-link.me/UtDb
  6. https://short-link.me/UtDu
  7. https://short-link.me/UtDP
  8. https://short-link.me/UtEb
  9. https://short-link.me/RQnn
  10. https://www.bbc.com/arabic/articles/c5y970y0p8vo
  11. https://short-link.me/UtEK
  12. https://short-link.me/UtFY

 

 

Bottom of Form

 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى