الرئيسيةنشرة الأخبار

المغرب العربي في أسبوع.. تحولات تنموية وتحالفات إقليمية تعيد رسم المشهد وتونس تنضم لمجموعة G3

القاهرة: علي فوزي

في النصف الأول من عام 2025، بدأت دول المغرب العربي تبعث إشارات حيوية تعكس تحولات في نهجها السياسي والاقتصادي، بعد عقود من الجمود والتفكك الإقليمي. بين التحركات التنموية الكبرى، والمبادرات الدبلوماسية الجريئة، يبدو أن المنطقة تسعى لإعادة رسم دورها الجماعي في مواجهة التحديات المشتركة، لا سيما في مجالات المناخ والطاقة والأمن.

في المغرب، تصاعدت وتيرة الجهود لمواجهة أزمة الجفاف التي أصبحت سمة بارزة للسنوات الأخيرة. مشاريع ضخمة لتحلية مياه البحر، وسدود جديدة قيد الإنشاء، كلها تعكس إدراكًا عميقًا بضرورة التحرك العاجل. وفي موازاة هذه المشاريع، نال المغرب دعمًا دوليًا بارزًا، حيث وافق البنك الدولي على قرض بقيمة 350 مليون دولار لتطوير شبكة السكك الحديدية بمنطقة الدار البيضاء الكبرى.

اقرأ أيضا: الخريطة الإعلامية فى المغرب التحديات والفرص 

أما الملف السياسي الأشد حساسية، أي قضية الصحراء الغربية، فقد شهد تطورًا لافتًا. بريطانيا، التي ظلت لسنوات على الحياد، قررت مناقشة ملف الاعتراف بسيادة المغرب على الإقليم داخل برلمانها في 18 يونيو الجاري. وفي خطوة غير مسبوقة، وصفت وزارة الخارجية البريطانية خطة الحكم الذاتي المغربية بأنها “الأكثر قابلية للتطبيق”، ما يعكس تحولًا في الخطاب الغربي تجاه الملف.

في الجهة المقابلة، واصلت الجزائر تحركاتها على أكثر من صعيد. فمن جهة، تستثمر بشكل واسع في مشروع “السد الأخضر”، عبر إعادة تشجير أكثر من مليون هكتار لمكافحة التصحر، باستثمارات تناهز 128 مليون دولار. ومن جهة أخرى، وسّعت الجزائر شراكتها مع تونس وليبيا من خلال اتفاق لربط شبكات الكهرباء بين الدول الثلاث، في خطوة قد تُمهّد لتكامل طاقي جديد.

ومع ذلك، لم تخلُ الساحة من التوتر. ففي أبريل، تصاعد التوتر بين الجزائر ومالي، بعد أن أعلنت الجزائر عن إسقاط طائرة مسيّرة مالية وعلّقت الرحلات الجوية مع باماكو، ما أعاد إلى الواجهة حساسية الحدود الجنوبية. ورغم هذه الأزمات، حصد الاقتصاد الجزائري دفعة إيجابية مع تصنيفه من قبل البنك الدولي كدولة ذات دخل متوسط مرتفع، وهو ما يعكس بعض التحسن النسبي رغم تعثّر التنويع الاقتصادي.

تحالفات إقليمية

تونس، من جهتها، بدت أكثر انفتاحًا على التعاون المغاربي، من خلال انضمامها إلى “مجموعة G3” إلى جانب الجزائر وليبيا خلال قمة قرطاج في أبريل 2024. وعلى الرغم من تباين الأنظمة السياسية، فإن العلاقات بين تونس والجزائر ظلت مستقرة ودافئة منذ بداية العام.

أما ليبيا، التي تعيش في ظل وضع سياسي معقّد، فقد أعلنت تشكيل جهاز أمني جديد في طرابلس ضمن مساعٍ لتعزيز الاستقرار، مع ترقّب زيارة دبلوماسية أميركية مرتقبة، تعكس اهتمامًا دوليًا متجددًا بالوضع الليبي.

تحالفات إقليمية

في موريتانيا، برزت أصوات تدعو إلى إعادة بعث الروح في الاتحاد المغاربي، مع عرض نواكشوط دعمها الكامل لإعادة فتح الحدود المغلقة وتعزيز التكامل الإقليمي. زيارة الرئيس الموريتاني إلى الدار البيضاء جاءت في هذا الإطار، كإشارة على رغبة بلاده في لعب دور جسر بين أطراف المنطقة.

وفي ظل هذه المشاهد المتفرقة، بدأت تتشكل ملامح تعاون مغاربي فعلي، ولو ببطء. مشاريع تحلية المياه في المغرب، وربط الكهرباء بين ثلاث دول، وحملات التشجير في الجزائر، كلها تؤسس لنموذج جديد من التعاون الإقليمي، بعيدًا عن الشعارات التقليدية التي سادت لعقود.

الخلاصة أن المغرب العربي، بعد سنوات من التراخي، يتحرك أخيرًا نحو واقع أكثر اندماجًا وفعالية. الحاجات البيئية، الضغوط الاقتصادية، والتغيرات الجيوسياسية تفرض منطقًا جديدًا: إما التكاتف العملي أو الانكفاء في عزلة مكلفة.

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى