محمد فتحي الشريف يكتب.. بيوتٌ عربية واهية
الكاتب رئيس مركز العرب للدراسات والأبحاث
بيوتٌ عربية واهية
يعيش الوطن العربي تفككا أسريا غير مسبوق حتى أصبحت البيوت العربية أوهن من (بيوت العنكبوت)، وتفشت ظاهرة الطلاق، وعندما نطالع الإحصائيات الخاصة بالطلاق يصيبنا الرعب من الأرقام، على الرغم من عدم دقة تلك الإحصائيات، ولكنها تعد مؤشرا مهما لقياس تلك الظاهرة.
الطلاق يحتاج إلى حوار عربي مجتمعي يشارك فيه الجميع بعد أن وصل إلى أرقام مخيفة، فالأمم المتحدة أصدرت في العام 2017 إحصائية عن الطلاق في العالم احتلت فيها مصر المرتبة الأولى عربيا، إذ ارتفعت نسب الطلاق من 7 % إلى 40 % خلال نصف القرن الماضي، ليصل إجمالي المطلقات في مصر إلى 4 ملايين مطلقة، في مقابل (9) ملايين طفل من أبناء المطلقات، والرقم مرشح للزيادة.
وحتى نعالج تلك الظاهرة المخيفة التي تدل على تفكك أسري وصل إلى ذروته في ظل عجز مراكز الدراسات والبحوث الاجتماعية إلى وضع تصور للعلاج، فالأرقام تشير إلى واقع مؤلم لابد أن نبحث عن الأسباب الجوهرية التي تؤدي إلى الطلاق، التي أجدها محصورة في أسباب معينة لا تتعداها من وجهة نظري الشخصية أوجزها في التالي:
أولا: عدم تحمل المسؤولية
أول تلك الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق هي افتقاد الرجل تحمل المسؤولية، وهذا يأتي من خلال غياب التربية في مراحل النشء والصبا والشباب وهي مراحل تكوين شخصية الرجل على تحمل المسؤولية وإدارة شؤون الحياة بشكل منفرد بعيدا عن الأب والأم، وهذا الأمر هو السب الأول الحقيقي لفشل تكوين الأسرة، فتكوين الأسرة يبدأ من مرحلة اختيار الزوجة، وكما يلعب الكذب وإخفاء الحقائق دورا كبيرا في حدوث الطلاق فهناك إحصائية تؤكد لجوء (8500) زوجة من المتزوجين حديثاً إلى الطلاق وكان أهم أسبابها إخفاء بعض الأزواج أمراضا مزمنة عن زوجاتهم، وآخرون يكذبون ويحتالون فيما يتعلق بعملهم وأهلهم، والبعض يهرب من تحمل المسئولية الأسرية.
ثانيا: التكنولوجيا
لعل غول التكنولوجيا كان سببا مباشرا أو غير مباشر في حالات الطلاق والخلع، فالتطور التكنولوجي هدم الكثير من البيوت وكان لوسائل التواصل (الفيسبوك الواتس) وغيرهما دور سلبي للغاية في الطلاق والخلع، وهناك الملايين من الحالات التي تنظرها محاكم الأسرة كانت التكنولوجيا فيها أحد أهم الأسباب.
ثالثا: الأهل
تدخل الأهل من الطرفين في صلب الحياة بين الزوجين يعد سبباً مهما وجوهريا، والقصص والحكايات تؤكد ذلك بنسبة تتجاوز 70% من الإجمالي حالات الطلاق.
رابعا: غياب القبول
أغلب الأزواج يفكرون في الارتباط دون أن يكون هناك قبول بين الطرفين وهو أدنى مراتب الحب والذي قد يولد الحب في مرحلة لاحقة، ولذلك، كان القبول شرطا لإتمام الزواج في الإسلام.
خامسا: القوامة
الحالة الاقتصادية هي صاحبة النصيب الأكبر في حدوث حالات الطلاق، فعندما يعجز الزوج عن تلبية متطلبات الحياة من مأكل ومشرب وملبس وحياة كريمة تهرب الزوجة إلى الطلاق وخصوصا عندما يكون الزوج غير مدرك للمسؤولية.
وفي النهاية أقول إن البيوت العربية أصابها والوهن حتى صارت أوهن من بيوت العنكبوت، وهذا الأمر يتطلب حوارا مجتمعيا للمتخصصين من رجال دين وعلماء نفس واجتماع لوضع توصيات يتم الأخذ بها قبل الارتباط، لأن بناء الأسرة هو أول لبنات بناء المجتمع القوي القادر على مواجهة التحديدات، فمن الأسرة تبدأ التنمية والبناء، ومن الأسرة يبدأ الاستقرار، ومن الأسرة يبدأ الأمن، فالأسرة هي كل المجتمع.
بعد ان تناولنا موضوع بيوتٌ عربية واهية يمكنك قراءة ايضا
ليلى موسى تكتب.. تركيا ومغزى التواقيت
ليبيا في أسبوع.. المصرف المركزي يلتئم.. وقضاء تونس يبدأ التحقيق في تسليم البغدادي المحمودي
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك