هاني الجمل يكتب.. بزشيكان رئيسًا لإيران .. هل من جديد ؟
“انتهت الانتخابات وهذا بداية لرفقتنا لن يتم تمهيد الطريق الصعب أمامنا إلا برفقتكم وتعاطفكم وثقتكم وأمدّ يدي إليكم وأقسم بشرفي أني لن أترككم لوحدكم في هذه الطريق ولا تتركوني وحیدا سأمد يد الصداقة للجميع وسأشرك الجميع في تنمية البلاد المنافسون هم إخوتي”
بهذه الكلمات دون الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان
أول منشور له على منصة X بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية
ليكون بذلك الرئيس التاسع للجمهورية الإسلامية الإيرانية مطلقًا بذلك أول وعوده التي أطلقها عقب إعلان فوزه على منافسه المتشدد سعيد جليلي
قد يكون جراح القلب صادقاً في كل كلمة لكن لمن الكلمة الفصل في النطام الإيراني الأوتوقراطي؟
لن يستطيع الرئيس المنتخب إحداث فرق أو تحول في سياسات إيران الخارجية سواء كان حول البرنامج النووي أو الفصائل المسلحة المدعومة إيرانياً في أنحاء الشرق الأوسط منذ الثورة الخمينية حتى اليوم من بقي من الرؤوساء ومن نفي..
هل الرؤساء أقوى أم النظام؟ من يخدم من؟
في النظام السياسي الإيراني القوة الحقيقية تتوزع بين عدة مراكز والذي يتضمن المرشد الأعلى ومجلس صيانة الدستور والحرس الثوري وهم الأقوى بالمقارنة مع الرؤساء والسلطة النهائية والكلمة الأخيرة في القرارات المفصلية و شؤون الدولة العليا هي للمرشد الأعلى ”علي خامنئي”
فوز الإصلاحي “مسعود بزشيكان” في الانتخابات الرئاسية الإيرانية كان مفاجأة خصوصًا مع الاعتقاد بأن فترة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي الأصولي كانت جيدة ومقبولة من الشارع الإيراني حيث شهدت تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة و التي قادها مهندس الدبلوماسية الإيرانية ” عبداللهيان “وتحسين السياسة الداخلية هذا الفوز يعكس رغبة الإيرانيين في التهدئة مع الغرب والاستعداد لاحتمال عودة ترامب مما قد يؤدي إلى تغييرات كبيرة في السياسة الداخلية والخارجية لإيران في المستقبل خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع الدول المجاورة والدول الغربية.
هذه الانتخابات قد تؤدي إلى تحولات على مستوى الأولويات وتكتيكات إيران الداخلية والخارجية فمن غير المرجح حدوث تغيير جوهرية في الوضع الراهن فالمبادئ الأساسية التي تحرك القرارات الاستراتيجية لإيران بشكل خاص فيما يتعلق بواشنطن وإسرائيل متجذرة بقوة في الإطار الأوسع نطاقاً بالمرشد الأعلى والهيئات المؤثرة مثل الحرس الثوري.
وعلى الرغم من ذلك فان انتصار بزشيكان قد يفتح المجال أمام ارتباطات دبلوماسية متجددة وسياسات داخلية أكثر تقدمية ولكن حتى مع وجود رئيس إصلاحي فإن حجم التغيير سيكون محدداً بهيكل السلطة الشامل والضرورات الاستراتيجية التي تحدد المشهد السياسي في إيران.
نسبة المشاركة تعكس انفصال الشارع الإيراني عن القيادة السياسية
فاز المرشح الاصلاحي ” مسعود بزشيكان ” بالجولة الثانية للانتخابات الرئاسية الإيرانية وذلك على حساب منافسه سعيد جليلي في انتخابات شهدت نسبة إقبال ضعيفة حيث بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات حوالي 50% حصل فيها بزشيكان على 16.3 مليون صوتًا أما منافسه جليلي فقد حصل على 13.5 مليون صوتًا وتمكن بزشيكان من هزيمة العديد من المرشحين الآخرين جميعهم من المحافظين بشدة وكان قد تم وصفه من قبل العديد من المحللين على أنه مرشح من الدرجة الثانية.
وصايا خامنئي للرئيس الإيراني الإصلاحي المنتخب
أوصى المرشد الإيراني علي خامنئي الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان بالتطلع إلى المستقبل المشرق ومواصلة طريق الشهيد رئيسي وتوظيف كل إمكانات البلاد من أجل رفاه الشعب وتقدم البلاد والاستفادة من طاقات الشباب .
من يلاحظ هذه الوصايا ويرقب ما بين السطور يدرك مدى ضلوع خامنئي في رسم صورة الوضع الراهن في إيران ومدى رغبته في تقديم نموذج سياسي يستطيع من خلاله تمرير أفكاره المتشددة أو مصالحه الشخصية في تولي ابنه منصب المرشد الاعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية من بعده وكأنها انتخابات رئاسية يخرج كل تيار سياسي كاسب منها وهو ما لم نعهده في طبيعة الانتخابات
أهم التحديات التي تواجه بزشيكان
حصل بزشكيان المعروف بميله إلى التيار الإصلاحي بذلك على تفويض من الناخبين أملا في حسم ملفات البطالة والاقتصاد فضلا عن ميله إلى التهدئة بشأن الملفات الخاصة بالعلاقات الإيرانية الخارجية خاصة ان لدى الرئيس الإيراني الجديد قناعة بشأن تهدئة العلاقات مع الغرب والولايات المتحدة في ظل حالة الشد والجذب مع القوى الكبرى في مفاوضات 5+1 والتي تشهد تحولات كبيرة أثرت علي إيران داخليًا بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها وجعلتها في وضع اقتصادي دقيق
وقد وعد بزشكيان بمناقشة الاتفاق النووي مع اللجنة الأمنية التابعة للبرلمان الإيراني ومجلس الأمن (ربما كان يقصد المجلس الأعلى للأمن القومي) للتوصل إلى اتفاق مشترك
أما العقوبات الدولية فقد أكد بزشكيان عدة مرات أهمية رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران لكنه قال في المناظرة الانتخابية الثانية من جولة الإعادة: “ليس من المقرر أن نلغي جميع العقوبات لكن علينا أن نرى ما نعطيه وما نأخذه”
بيد أن العقدة الرئيسة في العلاقة المالية الطبيعية لإيران مع العالم هي إدراج اسمها على القائمة السوداء للمجموعة الخاصة بالإجراءات المالية لمكافحة غسيل الأموال المعروفة باسم مجموعة العمل المالي (FATF).
وكان أحد الوعود الرئيسة لبزشكيان محاولة الخروج من هذه القائمة ولكنه لم يقدم حلًا محددًا للخروج من هذا الوضع لكنه قال: “مجموعة العمل المالي مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم الدولي (الفيفا) إذا لم نقبل به فلن نتمكن من دخول المباريات الدولية. والبنوك لا تتعامل معنا بسبب ذلك”
في حين اشار أن النمو الاقتصادي بنسبة 8 بالمائة وفق خطة التنمية يعتمد على جذب 200 مليار دولار سنويًا من رؤوس الأموال الأجنبية وبحسب قوله فإن هذه القيمة سيتم تحقيقها سنويًا من خلال فتح الحدود وإقامة العلاقات مع حكومات المنطقة.
بالرغم من ولاء الرئيس الإيراني الجديد للمؤسسة الدينية إلا أنه طالب بالعدالة بشأن قضية الشابة مهسا أميني التي قضت أثناء احتجازها لعدم التزامها بقواعد الزى ويؤمن الرئيس الإيراني بالتعددية والتحرر الاجتماعي – الحجاب الإجباري – لم يقدم بزشكيان وعودًا صريحة بشأن دوريات شرطة الأخلاق بل أطلق تلميحات وانتقادات غير مباشرة لمواجهة “دورية شرطة الأخلاق” فقد كتب بزشكيان على منصة (X) “أضمن أن الحكومة بأكملها ستقف ضد الدوريات الإجبارية” ووصف خطة نور (خطة الشرطة لتكثيف دوريات شرطة الأخلاق) بالخطة السوداء وقال في برنامج دعاية له: “كل عائلتي ترتدي الحجاب زوجات أبنائي وأخواتي يرتدين الحجاب” لكنه أضاف: “لا يمكن إجبار النساء على ارتداء الحجاب” فهل ستكون هذه القضية المجتمعية بداية صراع مع المرشد الأعلى أم أنها ستكون عربون محبة لتغير السياسية الإيرانية القادمة ؟
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب