قال محمد فتحي الشريف، رئيس مركز العرب إن حل المشكلات العربية الكبرى يكمن في تشكيل قوة عربية مشتركة، مؤكدا في مقال له نشرته صحيفة الأنباء الليبية في عددها الأخير أن هذه القوة تستطيع أن تفرض حقوق أهالى قطاع غزة على الأمريكان والصهاينة.
اقرأ أيضا: د. أحمد الشريف يكتب.. من أجل مصر العظمى مكانك حيث أقمت
وإلى نص المقال:
حرب الإبادة التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد أهالينا في فلسطين بشكل عام، وقطاع غزة بشكل خاص أظهرت الوجه الحقيقي للأمريكان والغرب، فهم لا يعرفون الحرية ولا يؤمن بالديمقراطية، وهذا هو الوجه القبيح الذي يجب أن لا يغيب عنا، فمجلس الأمن هو مجلس أمن أمريكا والدول الخمس الكبرى، والأمم المتحدة هي الأمم المتحدة الأمريكية، والمنظمات الدولية والإقليمية تدور في هذا الفلك، تكونت من أجل فرض الباطل والعبث بالدول الصغيرة وتمرير الوحشية والاعتداء، كما حدث في العراق وليبيا وأقطار عربية أخرى.
فما نراه في غزة حتى اليوم جرائم حرب مكتملة الأركان، ففي غزة استُخدمت الأسلحة المحرمة دوليًّا، واستُهدفت كل المؤسسات، حتى أن ما حدث داخل مستشفى الشفاء في غزة على مدار الأيام الماضية هو جرائم حرب غير مسبوقة، جرائم تعجز عن وصفها الأقلام وتتوقف العبارات مكبلة أمام بشاعتها، وتقشعر منها الأبدان وتنفر من فظاعتها القلوب.
والأرقام حتى اللحظة تشير إلى استشهاد ما يقرب من 35 ألفًا منهم 14 ألف طفل وإصابة ما يقرب من 80 ألفًا جلهم أصيبوا بعاهات مستديمة، وبعضهم حالاتهم خطرة، بالإضافة إلى 80 ألف مفقود، كم تم تدمير نحو 75% من البنية التحتية للقطاع شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، ففي فلسطين قتل الأطباء والصحفيون والمسعفون والشيوخ والعجائز ومنتسبو وكالات الإغاثة، كما تم تهجير ما يقرب من 2 مليون إلى منطقة رفح الفلسطينية التي يصرون على استكمال جرائمهم واستهدافها.
في ظل هذا المشهد المأساوي غير المسبوق هناك تحركات مستمرة من بعض الدول العربية منها مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات وليبيا وتركيا نحو إقرار هدنة وإدخال مساعدات، وكانت آخرها المفاوضات بين الكيان المحتل وحركة حماس بالقاهرة، والكيان المحتل وحماس أيضًا في قطر بشكل متزامن، كل هذا ولا يزال القرار في يد الولايات المتحدة الأمريكية التي تضلل الرأي العام العالمي وتستمر في هذا التضليل من خلال تصريحات دبلوماسية منمقة وأفعال إجرامية وحشية على الأرض تشارك بها مجرمي الكيان الصهيوني في حرب الإبادة الحالية، فعندما يزور وزير الخارجية الأمريكي منطقة الشرق الأوسط خمس مرات ويتحدث مع كافة الأطراف وفي النهاية يقول إن هناك فجوات في التواصل لحلول جذرية فهذا يؤكد أن المخطط الأمريكي لاستمرار الحرب ومساندة الكيان المحتل مستمر.
نعم أمريكا تريد استمرار جرائم الكيان المحتل لتحقق المزيد من الضغط على بعض الدول العربية، وتحاول أن تعيد فزاعة الصهاينة إلى المنطقة من جديد بعد أن أظهر يوم 7 أكتوبر 2023 أن ميليشيات الصهاينة ضعيفة وأن قواتهم هشة سهلة الكسر، وهو ما دفع جو بايدن والكونغرس الأمريكي إلى أن يدعم الصهاينة بكل الأسلحة، ولا يزال الدعم مستمرًا حتى قبل يومين أثناء زيارة وزير دفاع الصهاينة إلى أمريكا.
بعيدًا عن سرد الأحداث الدامية التي مرت على أشقائنا في غزة من يوم 8 أكتوبر وحتى اليوم لا بد أن تكون هناك رؤية عربية وإسلامية موحدة للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الملف بشكل جدي من خلال التلويح بمقاطعة دبلوماسية واقتصادية لأمريكا وبريطانيا وفرنسا وكل داعمي الاحتلال، مجرد التلويح الجدي والتنفيذ في المرحلة التالية يجعل الولايات المتحدة تعيد حساباتها بشكل كبير، خاصة أن هناك قوى دولية أخرى، ترغب في إضعاف أمريكا مثل روسيا والصين، وأعتقد أن وحدة القرار العربي والإسلامي حول القضية الفلسطينية هو الحل الوحيد والفعال، بعيدًا عن هذا فسوف تستمر أمريكا في دعمها المعلن للكيان المحتل وتصريحاتها الوردية حول السلام والحرية والديمقراطية التي لا تعرف عنها شيئًا، فالوحدة العربية والإسلامية هي من تحقق الهدف لأن القوة تفرض الحق كما قال المفكر العربي الكبير الأستاذ علي الشرفاء الحمادي في كتابه نحو استراتيجية لإعادة بناء النظام العربي.
وأختم حديثي بقول الله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الآية 103 سورة آل عمران).
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب