رأي

عبد الغني دياب يكتب.. العيون تتجه نحو القاهرة

بعد جهود مضنية على مدار أكثر من 15 شهرا بذل فيها ما بذل من جهد، تتجه الأنظار إلى العاصمة المصرية في الرابع من مارس 2025، حيث تحتضن القاهرة واحدة من أهم القمم العربية الطارئة، والتي دعت لها الخارجية المصرية لمناقشة التداعيات الخطيرة التي تواجه الأمن القومي العربي، في أعقاب الدعوة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تضمنت تصعيدا خطيرا يهدد مستقبل القضية الفلسطينية.

ترامب الذي تراجع عن تصريحاته التي تعهد فيها بأنه يسعى لأن تمتلك بلاده قطاع غزة بعد تهجير سكانه منه، ربما يعيد تكرار مطالبه مستقبلا، لذا سارعت القاهرة بالتصدى لمثل هذه الخروقات، التي تنتزع شعبا من أرضه بكل صلف، وتهدد الاستقرار الإقليمي بشكل مروع.

أهمية هذه القمة تأتي من كونها ستعقد في وقت حساس يتسم بتحديات كبيرة تواجه الدول العربية على المستويين الإقليمي والدولي، إذ أن القمة المرتقبة ستكون بمثابة منصة هامة للتباحث حول قضايا عدة تشمل الأمن الإقليمي، التحديات الاقتصادية، التعاون المشترك، بالإضافة إلى التطورات في مجالات السياسة والبيئة.

ومن أبرز الموضوعات التي يتوقع أن تشهدها القمة هي القضايا الأمنية التي تواجه العديد من الدول العربية، مثل الصراعات في سوريا وليبيا واليمن، بالإضافة إلى التوترات في مناطق أخرى مثل العراق وفلسطين. سيكون من المنتظر أن تتم مناقشة سبل تعزيز الأمن العربي المشترك، وتطوير آليات لمكافحة الإرهاب والتطرف، بالإضافة إلى دعم جهود المصالحة بين الدول المتأثرة بالصراعات.

أما على الصعيد الاقتصادي، فإن القمة ستتناول الأوضاع الاقتصادية التي تشهد تحديات كبيرة نتيجة للمتغيرات العالمية، مثل ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، والتضخم. من المحتمل أن تتم مناقشة كيفية تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، وتطوير مشروعات مشتركة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، مثل مشاريع الربط البيني في مجالات النقل والطاقة.

في المجال الاجتماعي، من المتوقع أن تركز القمة على قضايا التعليم والصحة والتوظيف، خاصة في ظل أزمة البطالة التي تواجهها بعض الدول العربية، بالإضافة إلى تعزيز حقوق المرأة والشباب.

ولعل أبرز التحديات التي تواجه هذه القمة، هو استمرار الانقسام الفلسطيني، فعلى الرغم من حجم الكارثة التي حلت بقطاع غزة، وما يخطط له العدو الاستيطاني في الضفة الغربية، لا تزال الرؤى الفلسطينية منقسمة، سواء حول اليوم التالي للحرب في غزة، أو حتى عن الأدوات التي يجب توظيفها لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تقود هي دفة النضال لانتزاع حل الدولة الفلسطينية ممن يرغبون في طمسة للأبد.

إن هذه الانقسام الكارثي والذي للأسف غزته بعض الجماعات الفلسطينية، لا يفيد إلا طرفا واحد هو حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، وهو ما ترجم في تصريحات المتهم بجرائم الحرب، بنيامين نتنياهو، والذي قال إنه لا يريد في غزة لا فتحستان، ولا حماستان، ليكشف عن نواياه بأنه لا يرغب في إقرار دولة فلسطينية، بل يطمح لانتزاع ما تبقى من الأراضي العربية الفلسطينية وضمها إلى كيانه الشيطاني، مستفيدا من الدعم اللامحدود الذي قد يوفره له ترامب.

الأمر الآخر الذي قد يعيق هذه القمة المحورية هو وحدة الموقف العربي، لكن على ما يبدوا أن هذا التحدى ربما تجاوزه صانع القرار العربي، بعد أن التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بقادة مجلس التعاون الخليجي في الرياض نهايات فبراير، إذ تشير المباحثات إلى وحدة في الموقف العربي لاسيما بعد أن قدمت القاهرة تصورا متكامل حول عملية إعادة إعمار القطاع، دون خروج أهله منه.

وتتزامن كل هذه التحديات مع تعانيه الأقطار العربية الحيوية في مقدمتها سوريا التي توغل الاحتلال في أراضيها ونصب قواعد العسكرية على بعد بضعة كيلومترات من العاصمة دمشق، يضاف للمشهد ما يواجهه السودان الذي تورط في حرب قاسية تغذيها أطرافا خارجية قدمت الدعم للميليشيات التي لها تاريخ طويل في قتل السودانيين والاستيلاء على ثرواتهم، إلا أن نجاحات الجيش الأخيرة ربما تطلق شرارة نور للحفاظ على بلد عربي حيوي تحاك له مخططات التقسيم.

يأمل المواطن العربي أن تسهم هذه القمة في إيجاد حلول عملية وفعالة للقضايا المزمنة التي تؤثر على حياة الناس في المنطقة. هناك تطلع نحو تعزيز الوحدة العربية وتقديم نموذج للتعاون الفعّال بين الدول المختلفة. كما أن التركيز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية سيكون ذا أهمية كبيرة لتحسين حياة المواطن العربي، لا سيما في ظل التحديات التنموية التي تواجه المنطقة.

في الختام، تمثل القمة العربية المرتقبة فرصة جديدة للدول العربية للتباحث بشكل مشترك حول كيفية مواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي تؤثر على المنطقة، ولتحقيق تقدم في تعزيز التعاون في كافة المجالات. وتظل الآمال معلقة على أن تكون هذه القمة نقطة تحول حقيقية نحو تعزيز الاستقرار والتنمية في العالم العربي.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى