العيد في العالم العربي.. فرحة تتجدد وعادات تتوارث

القاهرة: علي فوزي
يُعد العيد مناسبة دينية واجتماعية بارزة في العالم العربي، تتجلى فيها مشاعر الفرح والتآلف الأسري وسط أجواء مفعمة بالبهجة والتقارب، ورغم تشابه مظاهر الاحتفال في معظم الدول، فإن لكل بلد طابعه الخاص الذي يميزه، ما يعكس تنوع الثقافات والتقاليد عبر الأجيال.
تبدأ الاستعدادات للعيد قبل حلوله بأيام، حيث تنشط الأسواق وتزدان الشوارع، وتحرص العائلات على شراء الملابس الجديدة، وإعداد أشهى الأطباق والحلويات التقليدية. كما يُعد العيد فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية، من خلال الزيارات العائلية وتبادل التهاني، ما يجعل منه مناسبة تُرسّخ قيم المحبة والتسامح.
وفي هذا الإصدار، يسلط “مركز العرب” الضوء على مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك لعام 1446هـ/2025، مستعرضًا العادات والتقاليد الفريدة التي تميز كل دولة عربية، في رحلة توثق تراثًا متجذرًا واحتفالًا متجددًا بالفرح والإنسانية.
الطقوس الدينية في العيد
صلاة العي
تعد صلاة العيد من أهم مظاهر الاحتفال في جميع الدول العربية، حيث يؤديها المسلمون في المساجد، أو الساحات العامة في الصباح الباكر، وسط أجواء من الفرح والبهجة.
تكبيرات العيد
تبدأ مظاهر الاحتفال منذ الليلة السابقة للعيد، حيث تصدح المساجد بتكبيرات العيد، ويرددها المسلمون في المنازل والشوارع، مما يضفي أجواء روحانية خاصة.
صلة الرحم وزيارة المقابر
يحرص كثير من المسلمين على زيارة المقابر بعد صلاة العيد، حيث يقرأون الفاتحة لأرواح ذويهم، كما يزورون الأقارب والأصدقاء لتعزيز الروابط الاجتماعية.
المظاهر الاجتماعية للاحتفال بالعيد
التهنئة بالعيد
تبادل التهاني من العادات الراسخة في الوطن العربي، حيث يحرص الجميع على تهنئة بعضهم البعض بعبارات مثل “عيد مبارك”، و”كل عام وأنتم بخير”، سواء من خلال الزيارات، أو المكالمات الهاتفية، أو وسائل التواصل الاجتماعي.
العيدية
تعدُّ العيدية من أكثر العادات المحببة للأطفال، حيث يمنح الكبار الأموال للأطفال لإدخال البهجة إلى قلوبهم.
الملابس الجديدة
يرتدي الكبار والصغار الملابس الجديدة في العيد، حيث يحرص الجميع على الظهور بأفضل مظهر في هذه المناسبة السعيدة.
إعداد الأطعمة التقليدية
تختلف الأطعمة المقدمة في العيد من بلد لآخر، إلا أن جميعها تعكس هوية كل مجتمع. ومن أشهر المأكولات التي يتم إعدادها في العيد:
الكحك والبسكويت في مصر والسودان.
المعمول في بلاد الشام والخليج العربي.
السمبوسة والمأكولات المقلية في السعودية واليمن.
الكسكس والطاجين في المغرب العربي.
العيد في مصر حاجة تانية
تتميز مظاهر الاحتفال بالعيد في مصر بأجواء مميزة تعكس الطابع الاجتماعي والديني للمجتمع المصري، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء للاحتفال بهذه المناسبة السعيدة.
أبرز مظاهر الاحتفال بالعيد في مصر
صلاة العيد
يبدأ العيد بأداء صلاة العيد في المساجد والساحات الكبرى، حيث يتجمع المصلون في جو من البهجة والفرحة، ويرددون تكبيرات العيد قبل أداء الصلاة.
زيارة الأقارب وتبادل التهاني
يعد التواصل العائلي من أبرز سمات الاحتفال، حيث يزور المصريون أقاربهم وأصدقاءهم لتبادل التهاني والمعايدات.
العيدية للأطفال
تعد “العيدية” من التقاليد المحببة لدى الأطفال، حيث يمنح الكبار النقود للأطفال كنوع من الهدايا لإدخال البهجة إلى قلوبهم.
تناول الكحك والمخبوزات
تشتهر الأسر المصرية بصناعة أو شراء كحك العيد والبسكويت والبيتيفور، وهي حلويات تقليدية يتم تناولها خلال أيام العيد.
الخروج إلى المتنزهات والرحلات
يفضل كثير من المصريين قضاء يوم العيد في الحدائق العامة والمتنزهات، مثل حديقة الأزهر، والحدائق العامة، وشواطئ الإسكندرية، وغيرها.
الموائد العائلية
يجتمع أفراد العائلة حول موائد الطعام التي تضم أطباق العيد التقليدية مثل الفتة، واللحوم، والمحاشي، والمشويات.
العيد بالسعودية بين العادات الإسلامية الأصيلة والتراث العربي العريق
في المملكة العربية السعودية، يحمل العيد طابعًا مميزًا يجمع بين العادات الإسلامية الأصيلة والتراث العربي العريق. تبدأ الأجواء الاحتفالية قبل العيد بأيام، حيث تنشغل الأسر السعودية بالتحضيرات، من شراء الملابس الجديدة إلى تجهيز المنازل لاستقبال الضيوف. الأسواق تزدحم بالمتسوقين، والمخابز تعج بروائح المعمول والكليجا والحلويات التقليدية، في حين تتردد تكبيرات العيد في كل مكان، مما يبعث روح البهجة في النفوس.
مع بزوغ فجر العيد، يتجه الرجال والأطفال بأثوابهم البيضاء النظيفة إلى المساجد والساحات المفتوحة لأداء صلاة العيد، بينما تصدح مآذن المساجد بالتكبيرات التي تضفي أجواء روحانية مميزة. بعد الصلاة، يعانق الناس بعضهم بعضًا ويتبادلون التهاني بعبارات مثل “عيدكم مبارك” و”تقبل الله منا ومنكم”، ثم يعود الجميع إلى منازلهم لتناول وجبة الإفطار التي تختلف باختلاف المناطق، لكنها غالبًا ما تضم أطباقًا شهية مثل التمر، والقهوة العربية، والمعصوب في بعض المناطق.
لا يكتمل العيد دون العيدية، حيث يفرح الأطفال بالحصول على النقود الجديدة من الأهل والأقارب، ويخرجون إلى الشوارع والحدائق لممارسة الألعاب والاستمتاع بالأجواء الاحتفالية. العائلات السعودية تحرص أيضًا على التجمع في البيوت أو الاستراحات لقضاء وقت ممتع، حيث يتم إعداد الولائم الفاخرة التي تشمل الكبسة، والمفطح، والجريش، وغيرها من الأكلات التقليدية.
وفي المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام، تتزين الشوارع والميادين بالأضواء والزينة، وتقام الفعاليات الترفيهية والعروض النارية، حيث تخرج العائلات إلى المتنزهات والمولات الكبرى لمتابعة الاحتفالات. كما تنتشر العروض المسرحية، والحفلات الغنائية، والعروض التراثية التي تبرز الفلكلور السعودي الأصيل.
أما في القرى والمناطق الريفية، فيحتفظ العيد بروح البساطة والدفء الاجتماعي، حيث يجتمع الأهالي في المجالس لتبادل التهاني، ويتشاركون في إعداد الذبائح والمأكولات المحلية، وسط أجواء من المحبة والتآخي.
يبقى العيد في السعودية مناسبة استثنائية تجمع بين الجوانب الدينية والاحتفالية، حيث تسود المحبة والتواصل بين أفراد المجتمع، ويشعر الجميع بفرحة العيد التي تمتد لعدة أيام، تاركة ذكريات جميلة في قلوب الجميع.
العيد في الإمارات.. حكاية مبهجة
في الإمارات، يأتي العيد كحكاية مبهجة تملأ الأجواء بالفرح والدفء العائلي. تبدأ الاستعدادات قبل أيام، حيث تتزين المنازل، وتزدحم الأسواق بالعائلات التي تشتري الملابس الجديدة، والحلويات التقليدية مثل المعمول والخبيص واللقيمات. المحال التجارية تقدم عروضًا خاصة، والمولات تمتلئ بالزينة المضيئة، بينما تتردد تكبيرات العيد في المساجد، معلنة قدوم يوم مليء بالسعادة.
مع أول ضوء للفجر، يستعد الجميع لصلاة العيد، حيث يخرج الرجال والأطفال بملابسهم الجديدة، متجهين إلى المساجد والساحات المفتوحة. بعد الصلاة، تنتشر مشاعر البهجة بين الناس، فيتبادلون التهاني والدعوات، ويتوجهون لزيارة الأقارب والأصدقاء، تطبيقًا لتقاليد العيد العريقة.
العيدية تمثل فرحة خاصة للأطفال، حيث يحصلون على نقود وهدايا من الأهل والأقارب، فتعلو ضحكاتهم وهم يركضون بسعادة في الشوارع والمتنزهات. العائلات الإماراتية تحرص على إعداد موائد عامرة بأشهى الأكلات التقليدية، مثل الهريس، والثريد، والبلاليط، في تجمعات تعكس روح المحبة والتآخي.
في المدن الكبرى مثل دبي وأبوظبي، يتحول العيد إلى احتفالية ضخمة، حيث تُقام العروض النارية التي تضيء سماء المدينة، وتُنظم الفعاليات الترفيهية في المولات والحدائق العامة. بينما يفضل البعض قضاء العيد في الرحلات البحرية، أو المنتجعات الصحراوية، للاستمتاع بأجواء خاصة تجمع بين الحداثة والتقاليد.
وفي المناطق الريفية، يحتفظ العيد بروحه البسيطة والدافئة، حيث يجتمع أفراد العائلة في المجالس التقليدية، ويتبادلون الأحاديث والذكريات، وسط أجواء مفعمة بالأصالة والتراث.
يبقى العيد في الإمارات أكثر من مجرد مناسبة دينية، فهو احتفال بالحياة، ووقت للتواصل والتراحم، حيث تمتزج التقاليد القديمة مع مظاهر الحداثة، ليصنع الإماراتيون عيدًا مليئًا بالفرح والبهجة.
العيد في السودان بين التقاليد وروح الجماعة
في السودان يحمل العيد رونقًا خاصًا ينبض بعبق التقاليد وروح الجماعة؛ يبدأ اليوم بصلاة العيد في المساجد والمصليات المفتوحة، حيث يتجمع الناس في زحمة من التكبيرات والدعوات، وكل شخص يشعر بارتباطه بالمجتمع وروحانيته الخاصة. بعد الصلاة، تنطلق الزيارات بين الأقارب والجيران، إذ تعدُّ صلة الرحم من أهم معالم العيد، فكل بيت يفتح أبوابه لاستقبال الأحبة في تبادل التهاني والابتسامات.
تمتد فرحة العيد إلى الشوارع والأسواق التي تكتسي بالألوان الزاهية والأنغام التقليدية، حيث ينتشر صوت الباعة وهم ينادون على بضائعهم من الحلوى والألعاب للأطفال. وفي كل زاوية، تجد البهجة تتسلل إلى القلوب مع رائحة الفول المدمس والخبز الطازج الذي يُقدَّم مع أشهى الأطباق المحلية.
تتميز المائدة السودانية في العيد بتنوعها وكرمها؛ فالأسر تحرص على إعداد أطباق تقليدية مثل العصيدة، والفول، وأطباق اللحوم المشوية، إلى جانب الحلويات التي تُعد بمكونات محلية تُضفي على كل لقمة طعم الذكريات والحنين إلى الماضي. تجتمع العائلات حول المائدة في جو من الدفء والود، حيث تُحكى القصص، ويتبادل الصغار والكبار أطراف الحديث عن أمجاد الأيام الخوالي.
وفي المساء، يستمر الاحتفال في أحياء المدن والقرى، حيث تُضاء الشوارع بالأضواء الخافتة وتعلو الضحكات والأغاني الشعبية. العيد في السودان ليس مجرد مناسبة دينية فحسب، بل هو مناسبة اجتماعية تعكس روح الوحدة والتآلف بين أفراد المجتمع، وتُخلِّد قيم المحبة والكرم التي تميز الشعب السوداني في كل لحظة من لحظات الاحتفال.
العيد في دول المغرب العربي: فرحة تجمع بين التقاليد والروحانية
عيد الفطر في المغرب.. احتفال يجمع الروحانية وصلة الأرحام
يحرص المغاربة مع حلول عيد الفطر على إحياء تقاليدهم العريقة التي توارثوها عبر الأجيال، حيث يجمع العيد بين الأجواء الروحانية والطقوس الاجتماعية التي تعكس قيم التآخي والتلاحم الأسري.
أجواء روحانية وصلاة العيد
مع ساعات الصباح الأولى، يتوجه آلاف المغاربة إلى المصليات والمساجد لأداء صلاة العيد، وسط أجواء من الخشوع والابتهال. ويحرص الجميع، كبارًا وصغارًا، على ارتداء الأزياء التقليدية مثل الجلابيب والقفاطين، التي تعد جزءًا أساسيًا من طقوس العيد. وفي لحظات تغمرها السكينة، يتبادل المصلون التهاني بعد أداء الصلاة، في مشهد يعكس روح التضامن والتآخي التي تسود المجتمع المغربي.
صلة الرحم والتقاليد العائلية
بعد الصلاة، تبدأ زيارات الأهل والأصدقاء، حيث يجتمع أفراد العائلة حول موائد العيد المليئة بأشهى الأطباق التقليدية مثل “الغريبة”، “الفقاص”، و”كعب الغزال”. كما يحرص الآباء على منح الأطفال “العيدية”، وهي هدايا نقدية بسيطة تدخل البهجة إلى قلوبهم. وتشهد المدن الكبرى هدوءًا ملحوظًا خلال العيد، حيث يتجه كثير من السكان إلى مدنهم الأصلية لقضاء العيد مع عائلاتهم.
تقاليد أمازيغية راسخة
في المناطق الجنوبية والشرقية، تبرز طقوس فريدة احتفالًا بعيد الفطر، حيث يبدأ اليوم بتناول وجبة “بركوكس ن وودي”، المكونة من القمح والسمن البلدي. بعد ذلك، يتوجه السكان إلى المصليات، مرددين أدعية دينية، قبل أن ينطلقوا في زيارات مفتوحة بين المنازل، حيث يمكن لأي شخص الدخول، والمشاركة في جلسات الشاي وتبادل التهاني.
ويتميز بعض القرى الأمازيغية بعادات تجمع بين الاحتفال والعمل المجتمعي، إذ تُعقد لقاءات في الساحات العامة لمناقشة قضايا تهم أهل القرية، مثل مساعدة المحتاجين أو دعم مشاريع تنموية. وتختتم الاحتفالات برقصة “أحيدوس”، حيث يشارك الرجال والنساء في أداء فلكلوري يعكس عمق التراث المغربي.
عيد الفطر.. مناسبة للمصالحة والتقارب
يعد العيد فرصة لإحياء العلاقات الأسرية وتقريب المسافات بين الأهل والأصدقاء. فكثيرون يعدونه مناسبة لتجاوز الخلافات وتقديم الاعتذارات، حيث تعزز هذه الأجواء الدافئة قيم التسامح والمحبة.
بهذا المزيج الفريد من الروحانية والاحتفاء الاجتماعي، يظل عيد الفطر في المغرب مناسبة خاصة تجمع بين الماضي والحاضر، وتحافظ على إرث ثقافي متجذر يعكس تنوع المجتمع المغربي وغناه بالتقاليد.
الحلوى والحناء.. تقاليد راسخة في احتفالات الجزائريين بعيد الفطر
تحافظ العائلات الجزائرية على عاداتها المتوارثة في الاحتفال بعيد الفطر، حيث تتزين أيدي الأطفال بالحناء، وتُعد أصناف الحلوى التقليدية، وتُشترى الملابس والهدايا، في مشهد يعكس أجواء الفرح والدفء الأسري.
ليلة العيد.. الحناء تزين أيدي الصغار
مع الإعلان عن حلول عيد الفطر، تبدأ الأمهات في مختلف أنحاء الجزائر بتخضيب أيادي أطفالهن بالحناء، إذ تُعد هذه العادة من الطقوس الراسخة التي ترمز إلى الفرح والبهجة. وتختلف الطريقة المتبعة، حيث تُوضع الحناء على أكفّ الصغار أو على إصبع السبابة اليمنى، بينما يتم تزيين أيدي الفتيات بنقوش دقيقة تزيد من رونق الاحتفال.
صلاة العيد وزيارة الأقارب
في صباح العيد، يتوافد الجزائريون إلى الساحات والمساجد لأداء صلاة العيد، في أجواء روحانية تجمع الأهل والجيران. وعقب الصلاة، تبدأ الزيارات العائلية، حيث يتبادل الأقارب التهاني ويتناولون الحلوى التي تُعد جزءًا أساسيًا من ضيافة العيد.
حلوى العيد.. تقليد لا يغيب رغم تغيرات الزمن
تبدأ أجواء العيد في الظهور خلال الأيام الأخيرة من رمضان، حيث تنشغل العائلات بتحضير الحلويات التقليدية مثل “المقروط”، و”القريوش”، و”التشاراك”، و”الصامصة”، و”البقلاوة”، والتي تعد جزءًا لا يتجزأ من الطقوس الاحتفالية.
ومع تغير أنماط الحياة، وانتشار عمل النساء خارج المنزل، اتجهت بعض العائلات إلى شراء الحلوى الجاهزة من الأسواق، في حين حافظت أخريات على تقليد إعدادها في المنزل، مستعينات أحيانًا بمنصات التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتهن.
ارتفاع الأسعار وتأثيره على تحضيرات العيد
شهدت أسعار المواد الأساسية المستخدمة في صناعة الحلوى ارتفاعًا ملحوظًا، حيث يتراوح سعر الفول السوداني بين 500 و600 دينار للكيلوجرام، بينما وصل سعر الجوز إلى 1200 دينار، واللوز إلى 2200 دينار، والفستق إلى 4000 دينار، مما زاد من تكاليف تحضيرات العيد لدى كثير من العائلات.
زكاة الفطر.. نقاش مستمر حول آلية إخراجها
مع اقتراب العيد، يتجدد الجدل في الجزائر حول آلية إخراج زكاة الفطر، بين من يرى ضرورة تقديمها على شكل طعام وفقًا للتقاليد الإسلامية، ومن يفضل دفع قيمتها نقدًا. وقد حددت وزارة الشؤون الدينية هذا العام قيمة الزكاة بـ150 دينارًا للفرد. وفي ظل الأحداث الجارية في غزة، بادر كثير من الجمعيات الخيرية الجزائرية إلى جمع الزكاة لإرسالها إلى القطاع، استجابة لدعوات فقهية بضرورة دعم المتضررين.
العيد.. مناسبة للفرح ولمّ الشمل
رغم التحولات الاجتماعية، لا يزال الجزائريون يحافظون على موروثهم الثقافي في استقبال عيد الفطر، الذي يُمثل فرصة لتعزيز الروابط العائلية، والتقرب من الأهل والأحباب، وسط أجواء من الفرح والبهجة التي تتوارثها الأجيال.
عيد الفطر في تونس.. فرحة تعم الأسواق وتجسد روح التكافل الاجتماعي
يتميز عيد الفطر في تونس بأجواء احتفالية تنبض بالحيوية والتآزر، حيث تبدأ الاستعدادات مبكرًا، تحديدًا منذ ليلة السابع والعشرين من رمضان، إذ تشهد الأسواق والمحال التجارية حركة نشطة تمتد حتى ساعات متأخرة من الليل، استعدادًا لاستقبال العيد.
وتكتظ المخابز بالزبائن الراغبين في شراء الحلويات التقليدية، فيما تزدهر تجارة الملابس والأحذية وألعاب الأطفال، في مشهد يعكس أهمية المناسبة في المجتمع التونسي.
ومع انبلاج فجر يوم العيد، يتوجه المسلمون إلى المساجد والجوامع لأداء صلاة العيد، وسط أجواء إيمانية تكرّس قيم التكافل والتراحم. كما يتميز العيد في تونس بأطباقه التقليدية، أبرزها “البرزقان”، وهو طبق يجمع بين لحم الضأن والفواكه الجافة والحليب، و”الشرمولة”، التي تتكون من السمك المملح مع الزبيب والبصل. كما يعد تبادل الأطباق بين الجيران والأقارب من العادات الراسخة التي تعكس روح المودة.
وتحضر الحلويات بقوة في المائدة التونسية خلال أيام العيد، وأشهرها “المشكّلة”، وهي من الحلويات التقليدية الفاخرة.
ويظل العيد في تونس أكثر من مجرد مناسبة دينية؛ بل هو انعكاس للحالة النفسية والعاطفية للمجتمع، حيث يسود الفرح والمرح، وتتعزز قيم التسامح والتقارب بين الأفراد، في تجسيد واضح لمعاني التكافل الاجتماعي.
عيد الفطر في ليبيا.. احتفالات شعبية وعادات متوارثة تعكس روح التكافل
تتميز أجواء عيد الفطر في ليبيا بمظاهر احتفالية تتجذر في التقاليد الاجتماعية، حيث تبدأ الاستعدادات لاستقبال العيد منذ الأيام الأخيرة من شهر رمضان، وسط حركة نشطة في الأسواق لشراء الملابس الجديدة والحلويات التقليدية.
وفي الساعات الأولى من صباح العيد، يتوجه الليبيون إلى المساجد والساحات الكبرى لأداء صلاة العيد، حيث تعمّ التكبيرات والأجواء الروحانية، يليها تبادل التهاني بين الأهل والجيران.
ومن أبرز العادات الليبية في العيد تحضير الأطباق التقليدية مثل “البازين” المصنوع من دقيق الشعير ويقدم مع اللحم والمرق، و”العصبان”، وهو نوع من المحاشي يُحشى بالأرز واللحم والتوابل. كما تحضر الحلويات الشعبية بقوة، ومنها “المقروض”، الذي يُصنع من السميد والتمر ويُقلى في الزيت، إضافة إلى “الغريبة” و”الكعك الحلو”.
وتُعدّ زيارة الأهل والأقارب من العادات الراسخة خلال أيام العيد، حيث يجتمع أفراد العائلة حول مائدة الإفطار التي تضم أطباقًا تقليدية، بينما يتلقى الأطفال “العيدية”، وهي مبالغ نقدية تُوزع عليهم كجزء من فرحة العيد.
ويعكس العيد في ليبيا قيم التضامن والتكافل الاجتماعي، إذ يحرص الكثيرون على تقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين، إيمانًا بأهمية التراحم والتعاون بين أفراد المجتمع.
عيد الفطر في موريتانيا.. احتفالات تمتزج بين التقاليد والروحانية
يمثل عيد الفطر في موريتانيا مناسبة دينية واجتماعية بارزة، حيث تتجلى مظاهر الاحتفال في عادات متوارثة تجمع بين الطابع الروحاني والأجواء العائلية الدافئة.
وتبدأ الاستعدادات لاستقبال العيد منذ الأيام الأخيرة من رمضان، حيث تكتظ الأسواق بالمتسوقين لشراء الملابس الجديدة، خصوصًا “الدراعة” التقليدية للرجال و”الملحفة” النسائية، بالإضافة إلى تحضير الحلويات والمأكولات الخاصة بالمناسبة.
وفي صباح العيد، يتوجه الموريتانيون إلى المصليات والساحات المفتوحة لأداء صلاة العيد، حيث تردد التكبيرات في أجواء إيمانية مميزة. وبعد الصلاة، يتبادل الأهالي التهاني والتبريكات، فيما يتجمع أفراد العائلات حول موائد الإفطار العامرة بالأطباق التقليدية.
وتشمل المأكولات الموريتانية في العيد أطباقًا شهيرة مثل “الكسكس” الذي يُحضر باللحم والخضروات، و”المريقة”، وهو طبق مرق غني بالتوابل، إلى جانب المشروبات التقليدية كـ”أتاي” (الشاي الأخضر)، الذي يحتل مكانة خاصة في التجمعات العائلية.
ويحرص الأطفال على ارتداء ملابسهم الجديدة، والتنقل بين المنازل للحصول على “العيدية”، وهي مبالغ نقدية صغيرة تقدم لهم كجزء من فرحة العيد. كما تعد زيارة الأهل والأقارب من العادات الراسخة، حيث يجتمع أفراد العائلة لقضاء أوقات ممتعة وتعزيز روابط المحبة والتراحم.
ويتميز العيد في موريتانيا أيضًا بروح التكافل الاجتماعي، حيث يقدم الأهالي المساعدات للمحتاجين، سواء من خلال الزكاة أو توزيع الأضاحي على الأسر الفقيرة، في تجسيد واضح لقيم التراحم والتضامن التي تميز المجتمع الموريتاني.
التقاليد الشعبية والاحتفالات
بعد الوجبات العائلية، تخرج العائلات إلى الحدائق والمتنزهات، حيث تقام العروض الفلكلورية والمهرجانات الشعبية، خصوصًا في المدن الكبرى مثل مراكش والجزائر العاصمة وتونس وطرابلس ونواكشوط. في بعض المناطق الريفية، يستمر الاحتفال لعدة أيام، حيث تُنظم سباقات الخيل، وتُقام حلقات الذكر والمدائح النبوية.
في المغرب والجزائر، تحظى “الفانتازيا” بشعبية كبيرة، حيث يتجمع الفرسان في عروض استعراضية على صهوة الخيل، مطلقين الأعيرة النارية التقليدية في الهواء، احتفاءً بالمناسبة.
مظاهر العيد في الشام
مظاهر عيد الفطر في سوريا.. تقاليد راسخة واحتفالات مبهجة
يحتفظ عيد الفطر في سوريا بمكانة خاصة، حيث يجمع بين الطقوس الدينية والعادات الاجتماعية التي تعكس التراث السوري الأصيل. يبدأ التحضير للعيد قبل حلوله بأيام، فتزدحم الأسواق بالعائلات التي تشتري الملابس الجديدة والحلويات التقليدية مثل المعمول المحشو بالتمر أو الجوز أو الفستق الحلبي.
صلاة العيد والتكافل الاجتماعي
مع بزوغ فجر أول أيام العيد، يتوجه السوريون إلى المساجد والساحات الكبرى لأداء صلاة العيد، حيث تعمّ الأجواء مشاعر الفرح والتسامح. وبعد الصلاة، يتبادل الناس التهاني ويتوجهون لزيارة المقابر لقراءة الفاتحة على أرواح الأموات.
زيارات العيد ولمة العائلة
تحظى الزيارات العائلية بأهمية كبيرة، حيث يحرص السوريون على صلة الرحم وتهنئة الأهل والجيران. تقدم القهوة المرة والضيافات التقليدية، وأبرزها المعمول والكعك والبرازق، فيما يجتمع الأطفال حول الأهل للحصول على “العيدية”، وهي مبلغ مالي يُمنح لهم كهدية.
الأجواء الاحتفالية في الشوارع والحدائق
تمتلئ الشوارع والحدائق بالزوار، حيث تكثر الفعاليات الترفيهية والألعاب المخصصة للأطفال، خصوصًا في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص. كما تشهد بعض المناطق تنظيم حفلات فنية ومسرحيات للأطفال، مما يضيف طابعًا احتفاليًا مميزًا.
الموائد السورية في العيد
يحرص السوريون على تحضير وجبات تقليدية خاصة بالعيد، مثل الكبّة والمحاشي والفروج المشوي، حيث تجتمع العائلات حول موائد عامرة بالأطباق الشهية، في تعبير عن الفرح بالمناسبة.
رغم التحديات التي مرت بها سوريا في السنوات الأخيرة، فإن السوريين لا يزالون يحافظون على روح العيد، حيث يجسد احتفالهم به قيم المحبة والتضامن التي تميز المجتمع السوري.
مظاهر عيد الفطر في فلسطين.. فرحة تتحدى الظروف
يحل عيد الفطر على الفلسطينيين حاملًا معه أجواء الفرح والبهجة، رغم التحديات والظروف الصعبة التي يواجهونها. يجمع العيد بين الطقوس الدينية والعادات الاجتماعية التي تعكس التراث الفلسطيني العريق، حيث تبقى قيم التآخي والتضامن حاضرة في قلوب الجميع.
التحضيرات والاستعدادات
قبل العيد بأيام، تشهد الأسواق الفلسطينية حركة نشطة، حيث يقبل الناس على شراء الملابس الجديدة والحلويات التقليدية مثل المعمول المحشو بالتمر أو الجوز، بالإضافة إلى تجهيز أصناف الضيافة مثل الكعك والغريبة والبرازق. كما يتم تجهيز المنازل لاستقبال الضيوف، وسط أجواء يملؤها الفرح.
صلاة العيد وزيارة المقابر
في صباح يوم العيد، يتوافد الفلسطينيون إلى المساجد والساحات الكبرى لأداء صلاة العيد، وأبرزها في المسجد الأقصى في القدس، حيث تمتلئ باحاته بالمصلين في مشهد روحاني مميز. بعد الصلاة، يحرص كثيرون على زيارة المقابر، وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، في تقليد يعكس الوفاء والتقدير لمن ضحوا في سبيل الوطن.
التزاور والعيدية.. فرحة الأطفال
تحظى صلة الرحم بمكانة كبيرة في المجتمع الفلسطيني، حيث تتبادل العائلات الزيارات، وتقدم الضيافة التي تشمل القهوة العربية والحلويات. أما الأطفال، فيكون العيد بالنسبة لهم مناسبة خاصة، حيث يرتدون الملابس الجديدة ويتلقون “العيدية”، وهي نقود يمنحها الكبار لهم، ما يضفي على العيد أجواء من البهجة والسعادة.
كما تشهد الحدائق والمتنزهات والملاهي ازدحامًا بالعائلات التي تستمتع بأجواء العيد. رغم الحصار والقيود المفروضة على بعض المناطق، يحاول الفلسطينيون خلق أجواء احتفالية تعبر عن صمودهم وتمسكهم بالحياة.
الموائد الفلسطينية في العيد
يشتهر العيد في فلسطين بأطباقه الشهية، حيث تجتمع العائلات حول موائد عامرة بالأطعمة التقليدية مثل المقلوبة، والمسخن، والكباب، والقدرة الخليلية. كما تحرص بعض العائلات على إعداد الحلويات التراثية مثل حلاوة الجبن والنمورة.
العيد.. فرحة رغم المعاناة
رغم الاحتلال والتحديات التي تواجه الفلسطينيين، يبقى عيد الفطر مناسبة للتعبير عن الفرح والأمل. يعكس العيد في فلسطين روح الصمود والتكاتف الاجتماعي، حيث يحرص الجميع على الاحتفال به بطرقهم الخاصة، ليبقى رمزًا للحياة والإصرار على الفرح.
مظاهر عيد الفطر في لبنان.. بهجة العيد وعراقة التقاليد
يستقبل اللبنانيون عيد الفطر بأجواء مميزة تجمع بين الطقوس الدينية والعادات الاجتماعية المتوارثة، حيث تمثل المناسبة فرصة لتعزيز الروابط العائلية وإحياء العادات التراثية. ورغم التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه البلاد، يبقى العيد مناسبة مليئة بالفرح والبهجة.
التحضيرات والاستعدادات
تبدأ مظاهر العيد قبل حلوله بأيام، حيث تشهد الأسواق حركة نشطة، وتُزيَّن الشوارع والمحال التجارية لاستقبال الزوار. وتحرص العائلات على شراء الملابس الجديدة للأطفال وإعداد الحلويات التقليدية مثل المعمول، والغريبة، وكعك العيد، التي تُعد جزءًا أساسيًا من ضيافة العيد في لبنان.
صلاة العيد والتكافل الاجتماعي
مع بزوغ فجر أول أيام العيد، يتوجه اللبنانيون إلى المساجد والساحات العامة لأداء صلاة العيد، حيث تعمّ أجواء الفرح والتسامح. وبعد الصلاة، يُوزَّع الفقراء والمحتاجون زكاة الفطر، تعبيرًا عن قيم التضامن والتكافل الاجتماعي التي تميز المجتمع اللبناني.
الزيارات والعيدية.. فرحة الأطفال
تُعدُّ الزيارات العائلية من أهم طقوس العيد في لبنان، حيث تتبادل الأسر التهاني، وتُقدَّم الضيافة التي تشمل القهوة العربية والحلويات. كما يحظى الأطفال بفرحة خاصة من خلال “العيدية”، وهي نقود تُقدَّم لهم كهدايا، مما يضفي على العيد أجواء من البهجة والسعادة.
الاحتفالات في الشوارع والمتنزهات
تمتلئ الساحات والشوارع بالحياة، وتزدحم الحدائق والمتنزهات والمطاعم بالعائلات التي تحتفل بهذه المناسبة. وفي المدن الكبرى مثل بيروت، طرابلس، وصيدا، تُنظَّم فعاليات ترفيهية وعروض فنية للأطفال، كما يُقام العديد من الحفلات والمهرجانات التي يحييها فنانون لبنانيون.
الموائد اللبنانية في العيد
يتميز العيد في لبنان بتنوع موائده، حيث تحضر الأطباق الشهيرة مثل الكبّة، والفتوش، والمشاوي، والرقاقات المحشوة بالجبن أو اللحم. كما تحرص بعض العائلات على إعداد الحلويات التراثية مثل المعمول، وحلاوة الجبن، وصفوف العيد.
العيد بين الفرح والتحديات
رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، يظل عيد الفطر مناسبة تعكس روح الأمل والتكاتف بين اللبنانيين. يستقبل الناس العيد بابتسامة وتفاؤل، متشبثين بعاداتهم وتقاليدهم التي تُضفي على المناسبة طابعًا مميزًا، ليبقى العيد رمزًا للفرح والتلاحم الاجتماعي.
في النهاية يظل العيد مناسبة استثنائية تحمل في طياتها معاني الفرح، والتآخي، والتواصل الإنساني. فهو ليس مجرد يوم للاحتفال، بل هو فرصة لإعادة إحياء القيم النبيلة مثل صلة الرحم، والتراحم بين الناس، وتعزيز روح العطاء والمودة.
ورغم اختلاف العادات والتقاليد بين الدول، فإن جوهر العيد يبقى واحدًا في كل مكان، حيث تتلاقى القلوب بالحب، وتتعالى ضحكات الأطفال، وتمتلئ البيوت بعبق الحلويات وأصوات التهاني. ومع مرور الزمن، قد تتغير بعض المظاهر الاحتفالية، لكن العيد سيظل رمزًا للفرح والتجديد، وجسرًا يربط بين الماضي والحاضر، ليبقى في الذاكرة كأجمل أيام السنة.