يسرا محمد مسعود تكتب.. ملامح العلاقات المصرية السودانية
ترتبط مصر والسودان، منذ قديم الأزل ،حيث كانتا دولة واحدة حتى استقلال السودان عن مصر عام 1956 ،كما كانت تربطهما علاقات تاريخية منذ العصر الفرعونى والحكم اليونانى ثم البطلمى ثم الرومانى ،وكما يقول الرحالة بران روليه :”إن التاريخ يعلمنا أنه طالما كانت هاتان الدولتان ،مصر والسودان ،متحدتان من خلال المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة وعن طريق الدين والأخلاق والعادات والتقاليد ،استطاعت مصر أن تحتل مكان الصدارة بين الأمم وأصبح من العسير على أعدائها أن تحتلها ،ولم يُقدر لمصر أن تقع فى أيدى أعدائها إلا فى الأزمة التى قطعت فيها علاقتها مع السودان .”
ولكن ماهى ملامح العلاقات المصرية السودانية فى مختلف النواحى السياسية والاقتصادية والثقافية والاعلامية فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى وعلى مر العصور:
فالعلاقات المصرية السودانية ليسوا مخيرين لإقامتها وإنما هى ضرورة ملحة فى هذا الزمان ،فى وقت يشهد العديد من الأزمات ،والتقارب والتعاون بين الدولتين ضرورة وحاجة ملحة بين الشعبين .وقد أكدت مصر مراراً على استقرار السودان وأن أمن السودان جزء لا ينفصم ولا يتجزأ من أمن مصر القومى .
والسمات الأخرى التى تميز العلاقات بين مصر والسودان فى الشأن السياسى ،هى تعدد الملفات المشتركة بين البلدين الشقيقين ويأتى ملف مياه النيل وملف الاستقرار والأمن فى حوض البحر الأحمر والقرن الأفريقى والتنسيق بشأن القضايا الأفريقية المختلفة من أبرز القضايا التى تحظى بالإهتمام المشترك .
وفيما يتعلق بالشأن الاقتصادى ،فمصر والسودان ،تمتلكان العديد من المقومات الاقتصادية التى تسمح للبلدان بتحقيق العلاقات التجارية بين البلدين ،حيث تستورد مصر من السودان لحوم حية ،سمسم ،دقيق القمح ومواد خام ،بينما يستورد السودان من مصر الصناعات الغذائية ،مواد البناء المنسوجات والأدوية .
وفيما يتعلق بالعلاقات الثقافية والاعلامية ،فتعود إلى حكم محمد على ،حيث أرسل محمد على نخبة من علماء الدين للسودان وهم القاضى محمد الأسيوطى الحنفى والسيد أحمد البقلى الشافعى والشيخ أحمد السلاوى المالكى ،وقد شارك أبناء السودان فى عهد محمد على المصريين فى بعثاتهم العلمية إلى أوروبا ،وكانت نتيجة ذلك زيادة إقبال السودانيين على التعلم فى الأزهر ،كنتيجة لزيادة الروابط المصرية السودانية.
كما يتم تبادل الزيارات بين أساتذة الجامعات المصرية والسودانية فى الجامعات من أجل تبادل الخبرات وتبادل المؤلفات والبحوث بين جامعات الدولتين وتعد وحدة اللغة وتماثل العادات والتقاليد بشكل كبير بين الدولتين سبباً فى التقارب الثقافى بينهما ،ويتضح التقارب الثقافى والفنى بين البلدين أيضاً من خلال احتضان مصر للفنانين والمثقفين السودانيين ومنهم الفنان إبراهيم خان وقد قدم أدواراً هامة فى السينما المصرية مع سعاد حسنى وعبد الحليم حافظ وعلى الجانب المصرى شارك الفنانان الشهيران محمود المليجى وسمية الألفى فى أفلام سودانية وكذلك شارك المخرج سعيد حامد والذى ولد بالخرطوم فى تقديم عدد من الأفلام الناجحة مع الفنان محمد هنيدى وأحمد السقا.
وتغنت أم كلثوم بعد تنسيق بينها وبين الموسيقار محمد عبد الوهاب بقصيدة الشاعر السودانى الكبير الهادى آدم “أغداً ألقاك”،وبشىء من التفصيل فيما يتعلق بالعلاقات الإعلامية بين البلدين الشقيقتين ،فقد شهدت تطورات عديدة ،حيث كانت اذاعة “ركن السودان” من القاهرة متناولة لكل المواضيع السودانية وقد لعبت دوراً بارزاً فى التقارب الاعلامى بين البلدين ،ثم حل محلها “إذاعة وادى النيل” ولا يمكن نسيان إنه من خلال “ركن السودان” تذوق المصريون مفردات اللكنة السودانية ومفرداتها ،فانتشرت تعليقات “حبابكم عشرة” ،”يا زول”،وهذا بالإضافة للأغانى الأكثر انتشاراً للراحل سيد خليفة “ازيكم كيفنكم”، “والمامبو السودانى”.
وفى الختام ،لا يمكن إهمال أو نسيان أهمية العلاقات السودانية المصرية على كافة الأصعدة وفى كافة المجالات سياسية كانت أو تجارية واقتصادية وأخيراً إعلامية وثقافية مما يشير ويؤكد على متانة العلاقات بين البلدين الشقيقين .
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب