محمد فتحي الشريف يكتب.. زوايا بحثية من كتاب (الطلاق) للشرفاء الحمادي.. المساواة قاعدة الاستقرار الأسري (1-2)
الكاتب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات
ملخص الحلقة الثانية
الخير كل الخير في العودة إلى (القرآن الكريم) وترك كل ما يخالفه، وأن يكون التقديس فقط لهذا النص الذي أحصى كل شيء، ووضع معالجات لكافة القضايا من خلال الله عز وجل، وهو الخبير بعباده، العليم بما في قلوبهم، لذلك عندما شرع الأستاذ علي الشرفاء الحمادي في تدوين كتاب (الطلاق يهدد أمن المجتمع) كانت الأطروحة والمعالجة من خلال المنهج الصحيح وهو القرآن، فوصلت الأطروحة إلى العقول ولامست المعالجة القلوب.
- اقرأ ايضا:المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب.. كيف أسس الشيخ زايد الإمارات وساند القضايا العربية؟
التفاصيل
تحدثت في الحلقة الأولى من حلقات القراءة البحثية في كتاب (الطلاق يهدد أمن المجتمع) للمفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، حول أهم المرتكزات التي قام عليها الكتاب، إذ طرح الكاتب قضية الطلاق بمنظور مختلف ووضع لها معالجات تتوافق فقط مع الخطاب الإسلامي الصحيح وهو القرآن الكريم.
القضية والمعالجة
ولذلك كانت القواعد الأساسية لطرح القضية ووضع المعالجات تسند إلى تعريفات أساسية لبعض الأمور التي يتناولها الكتاب في الطرح، إذ لابد أن تكون التعريفات واضحة لا لبس فيها تتوافق مع الواقع، لذلك كانت مقدمة كتاب الطلاق يهدد أمن المجتمع شاملة جامعة مختصرة لكل الرؤى الأساسية.
قراءة موضوعية
وفيها القراءة الموضوعية وعدم الانسياق وراء خطاب متطرف يعقد المعالجات ويحفي الطرح الحقيقي، ولذلك كان الاستناد إلى الخطاب الإلهي الذي جاء في القرآن الكريم، وكان الاهتمام بقضية الطلاق من منظور الشرفاء الحمادي غير مسبوق واهتم به الجميع.
تفشي ظاهرة الطلاق
ثم استطاع الكاتب أن يضع تعريفات لعدد من الركائز المهمة والتي بدأها بموضوع (الخروج من العصمة) بين الزوجين، والأسباب التي تجعل الطلاق أحد معاول هدم المجتمع، حتى أن الكاتب اختار عبارة الطلاق يهدد أمن المجتمع، وهي عبارة بليغة توضح خطورة تفشي ظاهرة الطلاق على الأسرة والمجتمع، ثم عرج على توضيح الأساس السليم لبناء الأسرة، مؤكدا أن الطلاق إحدى الوضعيات غير السوية التي تعيشها الأسرة.
مواطن الخلل
إلى ذلك انتهى الكاتب إلى عرض مواطن الخلل التي تؤدي إلى حدوث الطلاق، من خلال إطلاق صرخة قوية لكل علماء الاجتماع والدين حتى يستطيعوا أن يعالجوا الخلل الظاهر والذي تسبب في هدم الأسرة ونتيجة ذلك يكون المجتمع مشوها غير مستقر، تقل فيه التنمية والتقدم والاستقرار، ويظهر فيه الضعف والتخلف.
أهمية بناء الأسرة
لقد ركز الكاتب في مطلع كتابه إلى أهمية بناء الأسرة لأنها النواة الأولى للمجتمع ومن ثم تكون قوة الدولة والأمة من قوة أفرادها، ولذلك كانت المعالجات التي جاءت في كتاب الله عز وجل هي الأصلح التي منها يصلح بها المجتمع وتكون كل القضايا محل الطرح والمعالجة في نصابها الصحيح، ولكن دخول الأهواء والآراء الشخصية في الطرح والمعالجات التي هي مسميات فقه رجال الدين كانت السبب في ما وصلت إليه أوضاع الأسرة المسلمة.
المساواة
إن الكاتب استطاع أن يوصف الداء بشكل غير مسبوق، فحلل الأسباب الجوهرية للطلاق، ثم تحدث عن المساواة أولى قواعد المعالجة، فإذا كان منظور المساواة بين الرجل والمرأة خارج النطاق فكل المعالجات ستكون خاطئة، لأن ما بني على باطل فهو باطل، لأن المتاهات التي يعيشها المسلمون بين قوامة الرجل والتي لا تعني أبدا التمييز، بل هي تكليف من الله للرجل، لأن طبيعته تقتضي ذلك في حين أن الكاتب وضح أيضا أن مهام المرأة الموكلة إليها تفوق مهام الرجل، وفي النهاية يبقى الإطار البارز المراد هو المساواة بينهما لأن الله جعل الرجل والمرأة نفسا واحدة، والدليل في ذلك الآية القرآنية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].
وقوله الله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَجًا لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
قاعدة أزلية
إنها كما قال الكاتب قاعدة أزلية في التشريع الإلهي تؤكد المساواة في خلق الله بين الذكر والأنثى، وهو الأمر الذي تم تجاهله من خلال بعض رجال الدين الذين ارتموا في أحضان الروايات الباطلة التي حرفت كل شيء حتى مفهوم المساواة.
أسس استقرار الأسرة
إن الدين الإسلامي وضع أول أسس استقرار الأسرة كما قال الكاتب في المساواة، فالإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات قال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) سورة آل عمران: الآية (195).
تحقيق المساواة قاعدة للاستقرار
وفي النهاية أقول إن أول المرتكزات التي تجعل الترابط الأسري والمجتمعي قائما هي المساواة وعدم التفرقة بين الرجل والمرأة، وهذا الأمر دلل عليه القرآن الكريم في مواضع عديدة، وهنا يرى الكاتب أن المساواة إذا تحققت بمفهومها الشامل الذي جاء في كتاب الله سيكون لها أثر إيجابي في استقرار الأسرة وحتى معالجة المشاكل حال قبل حدوثها، وسوف نكمل في الحلقة القادم الحديث عن المساواة بشكل مفصل من خلال منظور المؤلف وكذلك سيتم طرح عدد من النماذج والدلالات التي تؤكد طرح المفكر العربي الأستاذ علي الشرفاء الحمادي.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب