الحلقة الخامسة من كتاب «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي» للكاتب العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
الكاتب مفكر عربي إماراتي.. خاص منصة العرب الرقمية
في هذه الحلقة سننشر الجزء الأول من موضوع “التكليف الإلهي” من كتاب “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي الذي يطالب فيه المسلمين بالرجوع إلي التكليفات الإلهية الواردة من قبل رب العالمين ودعوتهم للخيروالرحمة والعدل والسلام بعيدا عما استحدثه الرواة والفقهاء من روايات دست علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ويطالب المسلمين بالرجوع إلى التكليف الإلهي (القرآن الكريم) في شئون حياتهم طاعة والتزاما بأوامر الله تعالى .
وإليكم الحلقة الخامسة من كتاب “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي” .
التكليفُ الإلهي
قال تعالى في كتابه المبين: (المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف: 1-3).
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة: 67)
وقال تعالى: (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) ( ق:45).
وقوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل 44).
إنهُ أمرٌ من اللهِ- جلَّ وعلا- لرسولهِ، بأن يُبلّغَ الناسَ جميعًا أن يَتدبّروا وينظروا فى آياتِ اللهِ وما فيها من عِبرٍ وتعاليمَ وقيمٍ وتشريعاتٍ تُنظّم العلاقاتِ الاجتماعيةَ بينَ الناسِ على أساسِ التعاونِ والمحبةِ والعدلِ لبناء مجتمعاتِ الأمنِ والسَلامِ. تعيشُ في وئامٍ وتسعى للخيرِ، تتحدُ لدفع الضّرر، وتتبعُ الله فيَما أمر، تنفيذًا لأمرهِ تَعَالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة:2).
إنَّ رسالةَ الإسلام، التي بعثَ بها اللهُ- سُبحانَهُ وتَعَالى- رسولهَ محمدًا- صلّى اللهُ عليه وسلم- يحمِلُها في كتابٍ كريمٍ، لِيَهْدِيَ الناسَ كافةً، سَبيلَ الخيرِ والصَلاحِ، ليُخرجَهم من الظُلماتِ إلى النورِ، فيُحرِرَهُم من استعبادِ البشرِ للبشرِ، واستعْبادِ الأصُنامِ لعقولِ الناسِ، وتحرير عقولهم من الارتهان للروايات والإسرائيليات.
هكَذا جَاءَ الخِطابُ الإلهي ليُحرِرَ الفِكرَ من الاستِسلامِ للأمَمِ السابِقةِ، بإطلاقِ حُريةِ العَقيدةِ وحريةِ التفكيرِ لتَوظيفهِ في البَحثِ والاستنتاجِ والإبداعِ واستنباطِ العلومِ في شتى مناحي الحياة من خلال التوجيهات الربانية في كتابه الكريم، حينما ذكر الله في كتابه الذين اتخذوا مَن سبقهم حجةً لكي يبرروا اتباعهم إلى الأمم السابقة في عقائدهم ودياناتهم وشعائر العبادات عندهم بقوله تعالى: (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) (الزخرف: 22).
وبهذه الآية يوجه الله المسلمين بأن لا يكونوا أسرى لأفكار الأقدمين وتفسيراتهم ومفاهيمهم، فلهم زمانهم وظروفه وعصرهم ومتطلباته.
ومن أجل ذلك ينبغي على الناس أن يستنبطوا من القرآن الكريم ما يمكنهم من تحقيق متطلبات حاضرهم من تشريعات وقيم وفضيلة تؤكد أن كتاب الله صالح لكل زمان ومكان بما يدعو إليه من الرحمة والعدل والتعاون الذي يتكيف مع الفطرة في كل العصور ولكل المجتمعات الإنسانية.
ولتحقيق تلك الغاية النبيلة وَضَعَ اللهُ سبحانه في خطابه الإلهي “القرآن الكريم”، القواعد التي تُحدِّد خارطة الطريق للإنسان في حياته الدنيا، وتعينه على أداء واجبات العبادة دون تناقض بين متطلبات الحياة الدنيا والتكليف الإلهيّ، بعبادة الواحد الأحد وأداء التكاليف الدينية من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍ.
إنَّ المولى عزَّ وجلَّ جَعلَ الناسَ شعوبًا مختلفةً وقبائلَ مَتعددةً، لا ميزةَ لإحداها على الأخرى، حيث يتطلب هذا التعدّدُ والاختلاف في الأعرافِ والثقافات البشريةِ والتقاليد المختلفة التعارفَ بينهم وتعلّمَ لغةِ كلٍّ منهم، ليتعاونوا فيما يُحقّق لهم الخيرَ والمنفعة للناس والأمانَ والتقاربَ من خلالِ التبادلِ التجاري والتعاونِ الاقتصادي والصناعي والزياراتِ السِياحِية والاستطلاعِية، للتعرُّف على ثقافاتِ الشعوبِ وتبادلِ العلومِ والمعرفةِ الإنسانيةِ لجميع خلقهِ، وهو وحدَه سُبحانَهُ مَـن يحكمُ على أعمَالِهم ويعلم مَـن يعملُ صالحًا أو طالحًا.
فلا ميزةَ لأي إنسان على آخرَ، إلا بما يقدّمهُ من عملٍ صالحٍ لنفسهِ ولمجتمعهِ فلا حَصانةَ لإحدٍ عند اللهِ، إلا مَـن آمنَ باللهِ والّتزمَ بتكاليفِ العباداتِ والمعاملاتِ، والعملِ الصالحِ.
وما كانت رسالات السماء على طول الزمان إلا نداءً لبني البشر من أجل تزكية النفوس والارتقاء بأخلاقيات الإنسان واتباع قيَّم الفضيلة في القرآن، التي يتحقق بها صياغة شخصية الإنسان لتكون ذات نفس وادعة عادلة محبة للخير والسلام، تتعاملبالرحمة وتنشر المودة بين الناس، محبة للحياة، كارهة للظلم والشر، مقبلة على العمل الصالح، تلبي طلب السائلين وتُعِين الفُقراء والمساكين وتمسح دموع الأيتام، وتساعد ابن السبيل، وتدعو لتوظيف العقل في استكشاف المعارف والعلوم والأسرار الكامنة في جوف الطبيعة واستغلال النِّعم التي أودعها الله لعباده في الأرض ليتسنى للبشر استنباط قوانين الحياة التي أودعها الله في كتابه الكريم للإنسان حيثما كان؛ ليقوم الناسُ على عمارة الأرض واستغلال ثرواتها لما ينفع الإنسان.
هذه الدراسة هي دعوة لمُثقفي وعلماء الأمة المنوط بهم الآن إخراج الأمة من مأزقها في تصحيح المفاهيهم المغلوطة والتوقف عن تقديس تراث الأولين واجتهادات الأمم السابقة التي لا تُلزم المسلمين اتّباعها، ولا نص قرآني يدعمها
إنَّ هذه الدراسة هي دعوة لمُثقفي وعلماء الأمة المنوط بهم الآن إخراج الأمة من مأزقها في تصحيح المفاهيهم المغلوطة والتوقف عن تقديس تراث الأولين واجتهادات الأمم السابقة التي لا تُلزم المسلمين اتّباعها، ولا نص قرآني يدعمها، ولا تتفق مع ما أنزله الله على رسوله الأمين، حين تمكنّت تلك المفاهيم القديمة والمصطلحات الشاذة من أن تصرف الناس عن القرآن الكريم وتخلق حالة من التناقض بين قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذي أنزله الله تعالى عليه فى كتابه الكريم، والذى تَضَمّن الخطاب الإلهي للناس كافة ليُبَلِغَهم به ويُعَلِمَهم الحِكمة وشعائر العبادات، ويقتدون به فى سلوكه الأخلاقي والقيّم النبيلة الراقية التييتعامل بها مع الناس جميعًا بِغَض النظر عن جِنسهم ودياناتهم بالحرص عليهم والرحمة،يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة يَعرض عليهم رسالة الإسلام ويُبَين لهم طريق الخير والصلاح والعدل والحرية والسلام.
وروايات اختلقها مجهولون بعد وفاة الرسول- عليه الصلاة والسلام- تَنْفُث بالسموم من إشاعات تُسِيء إلى رسالة الإسلام ومبادئه الراقية والإساءة إلى الرسول الكريم بأقوال منسوبة إلى الصحابة دفعت بها قُوى الشر وأعداء الإسلام لتزاحم قول الرسول الكريم، ناقلًا آيات الله إلى الناس ليهديهم سُبل السلام ويشرح للناس قوله تعالى: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) (الإسراء: 9).
فالمطلوب اليوم من كل المفكرين والباحثين والعلماء في شتى التخصصات المدنية والدينية والعلمية وقفة مسؤولة أمام الله بكل تَجَرُد وإخلاص في سبيل تصويب المفاهيم الدينية من دون تمييزٍ لطائفةٍ أو مذهبٍ أو فرقة أوحزب، واستبعاد جميع الروايات ومصادرها من كل الأطراف، والاقتصار على القرآن كمرجع وحيد يَتطلب منهم التعاون والبحث الجاد المتجرد وصولًا لمفهومٍ واحد يلتئم عليه شمل الأمة لكي تعتصم بحبل الله. والتعرّف على ما عنتْه وقصدتْه وبيّنَتهُ آياتُ القرآن الصريحة فيما هو خيرٌ للإنسانية.
ينبغي أن ننطلق وفي قناعتنا وعيٌ تامٌ ويقينٌ ثابتٌ، بأن لا مرجعية للدين الإسلامي سوى مرجعية واحدة، ألا وهي كتاب الله الذي أنزله على رسوله محمد- صلى الله عليه وسلم- الَّذِي أمرهُ سبحانه بإبلاغه للناس كافة. تأكيدًا لقوله سبحانه: (وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) ( الرعد:40).
وقد امتثل نبينا- عليه الصلاة والسلام- للتكليف الإلهي وبلَّغَ الرسالة وأدّى الأمانة. فلتتضافر جهودُنا جميعًا، لْيَعْلو صوت القرآن جليًّا ويَسطع نوره على البشرية جمعاء عدلًا ورحمةً وحريةً وسلامًا، وأن نعاهد الله سبحانه- كما أمرنا باتباعه- بألا نتخذ من دون القرآن مرجعية، أو أن تزاحمه رواياتُ أو اجتهادات بشرية أو أساطير إسرائيلية فتنتقص من عليائه الذي علا كلَّ الأشياء حكمةً وبيانًا ونورًا، لنسترد ما فقدناه باتباعنا روايات الشياطين وأتباعهم من الناس، حتى نُعيدَ للإسلام عزَّته ومكانته فيما يدعو إليه من خير وصلاح للبشرية جمعاء، لتَتَنزّل من الله على الناس رحمته وبركاته، ليعيشوا في أمن وسلام ويقود البشرية إلى بَر التعمير والأمان وعيش الرخاء، والتعاون على البِر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان.
انت قوى الشرِّ متربصةً ومستنفرةً للهجومِ على دينِ الإسلام، وحاوَلت بشتى الوسائلِ اغتيالَ رِسالَتهِ، رسالة الحريةِ والعدلِ والمحبةِ والسلام مستهدفة عزل القرآن عن اتباع التشريع الالهي وابعاد الناس عن التحلي بما يدعوا اليه من الفضيلة والاخلاق الكريمة التى تؤسس لانطلاق التقدم الحضارى
لقد كانت قوى الشرِّ متربصةً ومستنفرةً للهجومِ على دينِ الإسلام، وحاوَلت بشتى الوسائلِ اغتيالَ رِسالَتهِ، رسالة الحريةِ والعدلِ والمحبةِ والسلام مستهدفة عزل القرآن عن اتباع التشريع الالهي وابعاد الناس عن التحلي بما يدعوا اليه من الفضيلة والاخلاق الكريمة التى تؤسس لانطلاق التقدم الحضارى للاممم من أجل أن يبقى العرب متخلفين عن ركب الحضارة الانسانية ويشغلونهم فى صراع وحروب دائمة بدأت منذ اربعة عشر قرنا ولازالت حتى الان .
وهكذا استدعتْ تلكَ القوى شَياطينَها ومُفكّريها، ليبتَدعوا أخبارًا مُلفَقةً وإشاعاتٍ مُزيفةً وأحداثًا مزورةً، واختلقوا الدّعايات المضلّلةَ، ونَسبوا الكثيرَ من ذلك إلى رواياتٍ عن الصحابةِ واجتهادِ العُلماءِ وتفسيراتهم، الَّذِين اعتمدَ كلٌّ منهم على مَصادرهِ الخاصة ومرجعيات مختلفة انها حرب نفسية شنها اعداء الرسالة الاسلامية لابعاد الناس عن الدخول فى دين الله واتباع المنهج الالهي الذى يدعو كل الناس لما ينفعهم ويصلح حالهم, فتكوّنت زعاماتٌ دينيةٌ متعددةٌ اتخذتْ من الروايات مصادر لمساعدةِ الخلفاءِ في تمكينِ سلطتهم وحمايةِ مُلكهم والتقرب منهم لتحقيق مصالح مادية ويقنعوا الناس أن اتباع السلطان ينال الانسان رضى الله إضافة على ما منحتهم تلك الروايات من مكانة اجتماعية وسياسية ترضي غرور النفس البشرية، وما توفره لهم من ميزة اجتماعية تجمع لهم المريدين والأتباع ليكونوا طوع أمرهم ليوظفوهم في خدمة مصالحهم الدنيوية التي تنضح بالأنانية والاستعلاء على الناس ويقودوا أتباعهم ومريد يهم كالقطيع يسيرونهم كيف مايريدون ويوجهونهم الى حيث لايعلمون بعد ما اختطفوا عقولهم وسيطروا على أفكارهم .
فليصُوِّب المسلمون مسارهم اليوم، وفق قواعد المنهج الإلهي في الكتاب المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لنكون، وبحق، الأمة الوسط التي تحمل الشعلة السماوية لتضيء للإنسانية طريق النور والصلاح وليتخذ القيادات الفكريه الاسلامية والدينية موقفًا شجاعًا يرجون فيه قربى إلى الله وتقوى تلبية لأمره باتباع المنهج الإلهي الذي فيه الخلاص والنجاة من غضب الله يوم الحساب، وفيه منفعة الناس وصلاحهم في الحياة الدنيا، فكما أمر الله المسلمين بالتّدبر في كتابه الكريم فإنَّ المسلمين اليوم مدعوّون لدراسة الأسباب التي أدت للخلاف والاختلاف والفرقة بين المسلمين وخلقت حالة من العداء والصراع فيما بينهم منذ وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وحتى يومنا هذا.. ولنسأل أنفسنا هذا السؤال الملح الذي انتظر الإجابة قرونًا طويلة.
أولاً: لماذا ابتعد المسلمون قرونًا طويلة عن تطبيق واتباع التشريعات الإلهية التي تستند لما أمرالله به وما فيها من القيم والأخلاق الرفيعة الداعية للخير والمحبة والعدل والسلام والرحمة؟
ولن يتسنى لنا الإجابة إلا بدراسة الأسباب الأساسية وأدوار المغرضين أعداء رسالة الإسلام وما استحدثوه من روايات وإشاعات كاذبة مستهدِفة صرف المسلمين عن المنهج الإلهي ليبعدوهم عن التعرُّف على دلالات آيات القرآن ومراميها العليا لما يحقق للناس من خير وصلاح للناس ولما ينفعهم بالاعتصام بحبل الله، محذرًا من تفرقهم وتنازعهم، فلا مناص إلا بالعودة إلى المرجعيّة الإلهية، مرجعية القرآن الكريم، كي لا تأخذنا مرجعيات دينية من بني البشر عندما أضفوا عليها من حُلل القداسة ما صرف الناس عن الأصل، القرآن الكريم، وقد أراد الله لنا أن نعتصم بكتابه العزيز خلف الرسول الخاتم الذي بلَّغ آيات ربه كما أمره، منهج واحد أراد الله لنا التوحّد خلفه، كى لا تحدث الفرقة والتشرذم، لكنه حَدَثَ وقد ضربت الفرقة صفوفنا، فإذا ما اتحدنا خلف المرجعية الأصل، القرآن الكريم، أمكننا بذلك إزالة الفرقة ووقف التدهور والتناحر جراء التشرذم والتنازع بين المسلمين، ولأمكننا تفويت الفرصة على المتربصين بنا من الأعداء، أولئك الذين يتمنون بقاء الفرقة لتستمر وتدوم حتى اليوم الذي نعيشه في هيئته المزرية من مذاهب شتى وفرق متعددة بأعلامها السوداء وسيوفها الحمراء التي امتزجت بدماء الأبرياء جهادًا في سبيل الله كما يدعون وعقابًا للكفرة ،كما يدعي أولئك المفسدون في الأرض، الأمر الذي يصبُّ في صالح العدو لتحقيق أهدافه وتمكينه من أطماعه في الثروات العربية يعبث بأمننا، ويستبيح أوطاننا لما شَهِد في أهلها انشغالًا عنه وهم في اقتتال دائم فيما بينهم، وقد أنهكهم الصراع ومزقهم النزاع، فلم تعد ترى القيادات العربية مخرجايحقق لهم الوصول الى بر السلام ولا تستطيع التنبؤ بما هو قادم فى المستقبل من الطامعين فى اوطانهم وثرواتهم.|
وماذا يحمل في طياته من تخطيط جهنمي ليستمرَّ اشتعال النار والفتنة بين العرب لتمكين بني إسرائيل من تحقيق أحلامهم وامتداد دولتهم من النيل إلى الفرات ليسقطَ مئات الألوف من الضحايا وتسيلَ الدماء تروي الصحارى العربية وتنهار القرى والمدن على ساكنيها ويتشردَ الملايين ويغرقَ الأطفال في البحار وتترملَ النساء وتَسْوَدَ الحياة في وجوههم، فلا ضمير يهب لمساعدتهم، ولا أخوة يعينونهم على مشقتهم، ولا صديق يرأف بحالهم وماحدث فى العراق ويحدث فى سوريا واليمن وليبياشاهد على مايخطط له الغرب وامريكا واسرائيل من استئصال قدرات العرب واستعادة استعمارهم ونهب مقدراتهم واستباحت أوطانهم فالعين تبصر والقلب يدمي والقلاع تهوي والقوم سكارى وعويل الثكالى يتردد صداه بين الارض والسماء فيعود الصدى ليسأل أليس فيكم رجل رشيد فجاء الرد الالهي محذرا وهو يقول (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ)(الاعراف :5).
نعم لن يكون لنا مَخرجٌ إلا بالعودة والتوحّد خلف مرجعية القرآن الكريم لأن فيه أمر الهي بالاعتصام بحبل الله وعدم التفرق حيث يقول سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) وهذه الاية تضع العرب المسلمين على المحك والاختبار فاما ان يتجه الجميع نحو مصالحة تاريخية ويوحدوا صفوفهم ويعدون قوتهم ويتعاونون فيما بينهم فى السراء والضراء لاستعادة ماسلبمنهم من حقوق وإما أن يعصون امر الله متحدين عقابه يوم الحساب وحينها علينا أن يتحمل الجميع تبعات ذلك التحدى والعصيان لامر الله وما سينتج عنه فى الدنيامن غضب الله وفى الاخرة عذاب عظيم فعلى القيادات العربية مسؤلية دينية وأخلاقية لاعادة الصفاء الاخوي بين الاشقاء ووقف نزيف الدم والمال والاستعانة بالمنهج الالهي فى القران الكريم فى وضع تشريع نابع من آياته فى اعادت بناء العلاقات العربية على المعايير القرانية التى تأمر بالوحدة والحكم بالعدل والتعاون تحت مضلة الرحمة والاخاء وترك كل ما سوى القران من مرجعيات أسلمتنا بارادتنا للفرقة والضياع، فكان ما كان من الحروب والقتل والتدمير والفتن المتلاحقة.. لا خلاص سوى بالرجوع لكتاب الله تعالى وقرآنه الكريم، الذي يضيء لنا الطريق ليخرجنا من الظلمات إلى النور.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب