السودان في أسبوع.. جريمة مروعة في الفاشر.. والجيش يطرد مرتزقة “الدعم السريع” من معسكر زمزم

الخرطوم – مركز العرب
على الرغم من مرور عامين كاملين على الحرب المدمرة بين الجيش السوداني وميليشيا “الدعم السريع”، لا تزال الأوضاع في غاية الصعوبة بالنسبة للمواطنين في مناطق غرب البلاد، حيث قُتل أكثر من 30 شخصًا جراء قصف مدفعي شنته قوات “الدعم السريع” على مدينة الفاشر السودانية المحاصرة في إقليم شمال دارفور، وقالت “لجان المقاومة في الفاشر” إن المدنيين قُتلوا، في “قصف مدفعي مكثف” نفّذته قوات “الدعم السريع” التي تخوض حربًا ضد الجيش منذ أبريل 2023، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
الجيش يطهر معسكر زمزم ويحقق نجاحات ميدانية
وفي المقابل، نفذت القوات المسلحة السودانية قصفًا مركزًا استهدف مواقع الميليشيا داخل معسكر زمزم، ما أدى إلى انسحاب عناصرها من المعسكر، وسحب عدد من ارتكازاتها المنتشرة في محيط مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.
وأكدت مصادر ميدانية أن قوات “الدعم السريع” تكبدت خسائر خلال القصف، مما دفعها إلى إعادة تموضعها خارج المناطق التي كانت تسيطر عليها جزئيًا قرب الفاشر. ويأتي هذا التطور في إطار العمليات العسكرية المستمرة التي تنفذها القوات المسلحة لاستعادة السيطرة على المواقع الحيوية وتطهير المنطقة من عناصر الميليشيا.
ويُعد معسكر زمزم إحدى النقاط الاستراتيجية جنوب غرب الفاشر، وكانت الميليشيا قد استغلته خلال الأسابيع الماضية نقطة انطلاق لعملياتها العسكرية ضد المدينة.
وتحاصر “الدعم السريع” الفاشر منذ أشهر في محاولة للسيطرة عليها، حيث تظل آخر مدينة رئيسية في دارفور تحت سيطرة الجيش.
وتعد المدينة هدفًا استراتيجيًا للدعم السريع، التي تسعى إلى تعزيز قبضتها على دارفور بعد استعادة الجيش العاصمة الخرطوم الشهر الماضي.
وخلال الأيام الماضية، شنت قوات “الدعم السريع” هجومًا متجددًا على المدينة ومخيمين للنازحين بالقرب منها، هما زمزم وأبو شوك، مما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص ونزوح نحو 400 ألف، حسب الأمم المتحدة.
وفرّ نحو 400 ألف شخص من مخيم زمزم الذي يعاني المجاعة بإقليم دارفور غرب السودان، حسبما أفادت المنظمة الدولية للهجرة.
وتقدر مصادر الإغاثة أن ما يصل إلى مليون شخص كانوا يحتمون في هذا المخيم.
وقالت الأمم المتحدة إن معظم النازحين فروا شمالًا إلى الفاشر، أو إلى بلدة طويلة الصغيرة على بُعد 60 كيلومترًا إلى الغرب.
الحكومة تشجع النازحين على العودة
وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة السودانية عن تسهيلات جديدة لتشجيع راغبي العودة إلى البلاد من السودانيين الموجودين بمصر.
وبحسب موقع «المشهد السوداني»، تشمل التسهيلات توفير رحلات نقل نهرية من أسوان (جنوب مصر) إلى وادي حلفا (شمال السودان)، لتعمل بالتوازي مع رحلات النقل البرية والجوية.
وقال مسؤولون عن مبادرات «العودة الطوعية» التابعة للسفارة السودانية بالقاهرة، إن «توفير مسار للنقل النهري للعائدين سيسهم في تخفيف تكدس أعداد راغبي العودة، وتسهيل عودتهم للبلاد».
وأكد وزير النقل السوداني أبو بكر أبو القاسم، توفير رحلات نقل نهرية عبر الباخرة «سيناء» من أسوان إلى وادي حلفا.
وقال في تصريحات نقلتها «وكالة الأنباء السودانية»، إن «مسار النقل النهري سيعمل بالتوازي مع رحلات النقل البري».
وتعهد أبو القاسم بـ«توفير باخرة إضافية لضمان انتظام النقل النهري، ذهابًا وإيابًا»، مشيرًا إلى أن «مسار النقل النهري يوفر سعة كبيرة تمكن كل العائدين إلى ديارهم من حمل جميع أمتعتهم»، ودعا راغبي «العودة الطوعية» إلى تحديد زمن عودتهم لدى السفارة السودانية بالقاهرة.
ووفق مؤسس مبادرة «راجعين لبلد الطيبين»، محمد سليمان (مبادرة للعودة الطوعية تدعمها السفارة السودانية بالقاهرة)، فإن الهدف من إضافة رحلات النقل النهري هو «تخفيف التكدس على رحلات العودة البرية، وتوفير مسارات مختلفة لنقل العائدين، بعد تزايد طلبات الراغبين في الرجوع للبلاد».
وأوضح أن «هناك أسرًا تجد صعوبة في توفير طريق للعودة، بسبب كثرة الإقبال على الرحلات البرية».
وأشار سليمان إلى إجراءات اتخذتها السلطات المصرية والسودانية، لتسهيل رحلات العودة أخيرًا، منها «السماح بمرور الرحلات البرية عبر معبري (أرقين وأشكيت)، لتخفيف زحام حافلات نقل العائدين»، منوهًا بأن «من أولويات مبادرة عودة السودانيين: نقل كبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى».
ويربط مصر والسودان منفذان بريان، هما «أرقين» و«أشكيت»، ويعتمد البلدان عليهما في التبادل التجاري ونقل الأفراد.
وقال سليمان إن «هناك تزايدًا ملحوظًا في أعداد راغبي العودة إلى السودان»، مضيفًا أن «متوسط حافلات النقل اليومية يزيد على 100 حافلة، تقل نحو 5 آلاف شخص يوميًا».
انتصارات الجيش تشجع على العودة
ولفت إلى أن «انتصارات الجيش السوداني الأخيرة، وعودة بعض الخدمات في المناطق المحررة، تشجعان الكثيرين على العودة للبلاد».
وإلى جانب التسهيلات المقدمة من السلطات المصرية والسودانية للعائدين، هناك مبادرات طوعية، يبادر بها رجال أعمال سودانيون ونشطاء، بحسب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، الذي قال إن هناك «عددًا من (المبادرات الطوعية) التي تستهدف نقل غير القادرين مجانًا إلى ديارهم مرة أخرى».
وتحدث جبارة عن تعدد وسائل نقل العائدين، ما بين رحلات برية وجوية وبحرية، مضيفًا لـ«الشرق الأوسط» أن من بين التسهيلات المقدمة للعائدين «تخفيضات على رحلات الطيران بالخطوط الوطنية السودانية».
وأعلنت الخطوط الجوية الوطنية السودانية (سودانير) مطلع أبريل 2025 عن مبادرة للعودة، تشمل تخفيضات 50 في المائة لعدد 50 مقعدًا في كل رحلة للعائدين، إلى جانب تذاكر مجانية لأبناء شهداء الحرب السودانية العائدين من القاهرة.
ويعتقد جبارة أن تزايد الإقبال على رحلات العودة «رسالة مهمة تعكس عودة الاستقرار في المناطق المحررة من قبل الجيش السوداني، وتمهد لعودة الحياة لطبيعتها مرة أخرى»، منوهًا بأن «غالبية العائدين يحرصون على الرجوع إلى منازلهم مرة أخرى، خصوصًا مع بدء عودة بعض الخدمات والمرافق».
ووفقًا لتقارير إعلامية، فإن العمليات العسكرية في السودان تقتصر حاليًا على ثلاث ولايات فقط؛ العاصمة الخرطوم، وشمال كردفان، وشمال دارفور، مشيرًا إلى أن هذه المناطق أصبحت النقطة الساخنة الرئيسية في البلاد، وأضاف أن دارفور شهدت معارك عنيفة، خاصة حول معسكري زمزم وأبو شوك للنازحين، حيث أعلن الجيش السوداني عن تدمير مركبات قتالية ومواصلة تمشيط المناطق المحيطة بمدينة الفاشر.
قصف مدفعي مستمر من قوات “الدعم السريع“
وتسبب القصف المدفعي المستمر من قوات “الدعم السريع” في مقتل 7 مدنيين وإصابة آخرين، مع تسجيل نقص حاد في المياه والغذاء والخدمات الطبية، وانقطاع شبه تام للكهرباء والإنترنت والوقود، ما أدى لتحول المدينة إلى مدينة أشباح وسط موجات نزوح متكررة.
وفي شمال كردفان، هاجمت ميليشيا “الدعم السريع” قرية كلدا جنوب مدينة الأبيض، ما أسفر عن مقتل 6 مدنيين وإصابة قرابة 10 آخرين، بينما لا تزال المعارك متقطعة في محيط المنطقة، كذلك، تسببت ضربات بطائرات مسيّرة على سد مروي في انقطاع الكهرباء عن العاصمة وأجزاء واسعة من البحر الأحمر، نهر النيل، والولاية الشمالية.
حركة نزوح واسعة بسبب المعارك
قالت المفوضية الأممية للاجئين في السودان إن ما بين 400 و450 ألف شخص نزحوا من مخيمي زمزم وأبو شوك إلى غرب ولاية شمال دارفور.
وجددت المفوضية الأممية للاجئين بالسودان، التأكيد على ضرورة ألا يكون المدنيون هدفًا للصراع، ويجب عدم ربط المساعدات بشروط مسبقة، محذرة من خطر انعدام الأمن الغذائي وتفشي الأوبئة وسوء التغذية والمجاعة.
وأعربت ستيفاني تريمبليه من مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة في بيان، الخميس الماضي، عن قلقها من تصاعد العنف وتدهور الوضع الإنساني في مدينة الفاشر شمال دارفور السودانية ومحيطها.
وقالت تريمبليه إن تقارير من شركائها على الأرض تفيد بوقوع فظائع بعد استيلاء جماعات مسلحة على مخيم زمزم للنازحين.
وأكدت تريمبليه أن عقبات كثيرة تواجه العمليات الإنسانية بالفاشر، بسبب تقييد وصول المساعدات وشح الوقود والوضع الأمني، موضحة أن خدمات المياه والخدمات الصحية بشكل خاص تعطلت.
وورد في التقرير الأممي، أن المدنيين، بما في ذلك عمال الإغاثة يُمنعون من المغادرة، كما أن الناجين أشاروا إلى وقوع عمليات قتل وأعمال عنف جنسي وحرق للمنازل.
كذلك، أشار التقرير الأممي إلى أن البنية التحتية للطاقة في الخرطوم تعرضت لأضرار بعد هجمات بطائرات مسيرة، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء والمياه، عن مناطق أم بدة وكرري وأم درمان، يوم 14 أبريل.
وجددت الأمم المتحدة دعوتها لطرفي الصراع في السودان إلى حماية المدنيين وتيسير الوصول الإنساني، مطالبة بزيادة الدعم الدولي من أجل ضمان استمرار تدفق المساعدات الأساسية للأكثر احتياجًا في السودان.