السودان في أسبوع.. جدة تحتضن مفاوضات الفرقاء والاقتصاد ينكمش 12% بسب الحرب
تعج الساحة السودانية بالأخبار والتفاعلات السياسية، خصوصا بعد اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع وفشل الاتفاق بين المكونات السياسية والعسكرية لاستكمال المرحلة الانتقالية لم يكتمل حتى الان، في ظل تطلعات رسمية وسياسية لإنهاء المرحلة الانتقالية واختيار حكومة منتخبة للبلاد
جدة تحتضن مفاوضات فرقاء السودان
استأنف طرفا النزاع في السودان مفاوضاتهما في مدينة جدّة السعودية بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ 6 أشهر والتي أودت بحياة أكثر من 9 آلاف شخص، حسب ما أعلنت وزارة الخارجية السعودية الخميس.
وذكرت الوزارة في بيان أوردته وكالة الأنباء السعودية “واس”: “ترحب المملكة العربية السعودية باستئناف المحادثات بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وممثلي قوات الدعم السريع في مدينة جدة بتيسير من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة“.
ومنذ 15 أبريل، أدى النزاع بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو إلى سقوط أكثر من 9 آلاف قتيل، وفق حصيلة للأمم المتحدة، ونزوح أكثر من 5.6 ملايين شخص داخل البلاد أو إلى دول مجاورة.
ولم تنجح حتى الآن كل محاولات الوساطة، بما فيها الأميركية-السعودية، في إحراز أي تقدم على طريق وقف الحرب، وأقصى ما توصلت إليه هو فترات وقف إطلاق نار قصيرة.
وأكّد طرفا النزاع، الأربعاء، قبولهما دعوة لاستئناف التفاوض، لكنّ الجيش شدّد على أن “استئناف التفاوض لا يعني توقف معركة الكرامة الوطنية”.
وذكرت الوزارة في بيانها أنّ المملكة “تحث القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على استئناف ما تم الاتفاق عليه بينهما في إعلان جدة في 11 مايو. الالتزام بحماية المدنيين في السودان وعلى اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد الموقّع من الطرفين في مدينة جدة في 20 مايو 2023″.
وقال مسؤولون أميركيون معنيون بأزمة السودان إن المفاوضات، وهي الأولى منذ انهيار الجهود الدبلوماسية لإنهاء القتال في يونيو، ستستأنف الخميس بهدف التوصل إلى وقف إطلاق نار، لكن من السابق لأوانه مناقشة حل سياسي دائم.
وأشار مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية طلب عدم كشف هويته، الأربعاء، إلى أن “الجولة الجديدة ستركز على ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وتحقيق وقف لإطلاق النار وإجراءات أخرى لبناء الثقة”.
ويشارك في مفاوضات جدة أيضا ممثلون عن “إيغاد”، التكتل المعني بالتنمية في شرق إفريقيا الذي تقوده كينيا الحليفة الوثيقة للولايات المتحدة.
وقالت الخارجية السعودية إنّ المملكة “تؤكد حرصها على وحدة الصف وأهمية تغليب الحكمة ووقف الصراع لحقن الدماء ورفع المعاناة عن الشعب السوداني”.
الأمم المتحدة قلقة من استمرار الهجمات ضد البنية التحتية المدنية في السودان
أعربت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي، عن قلقها العميق إزاء التقارير المستمرة عن الهجمات ضد البنية التحتية المدنية، مشيرة إلى أنه “حتى عنابر المستشفيات المليئة بالأطفال المرضى والجرحى ليست في مأمن” من الصراع.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إنه منذ بدء الحرب بالسودان في أبريل، تحققت منظمة الصحة العالمية من 58 هجوما على الرعاية الصحية -وفق ما نشره موقع الأمم المتحدة الإلكتروني.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 70 بالمائة من المرافق الصحية في مناطق النزاع في السودان أصبحت الآن خارج الخدمة ، وخلال عطلة نهاية الأسبوع، توقفت إمدادات المياه في مدينة أم درمان بولاية الخرطوم بشكل مؤقت بعد تعرض مركز لمعالجة المياه لإطلاق نار.
وقال دوجاريك: “يقول زملاؤنا على الأرض إن هذا أمر مقلق للغاية، نظراً لاستمرار تفشي وباء الكوليرا في الخرطوم وأجزاء أخرى من البلاد”.
وأضاف أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 1600 حالة يشتبه في إصابتها بالكوليرا – بما في ذلك حوالي 67 حالة وفاة – حتى الآن.
وخلص بالقول: “نقوم نحن وشركاؤنا بتوسيع نطاق استجابتنا لتفشي المرض”.
إيجاد: مفاوضات جدة تسعى لوقف دائم للنار في السودان
أعلنت الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية في القرن الأفريقي (إيجاد)، الجمعة، أن سكرتيرها التنفيذي، ورغنه غبهيو، يشارك في مفاوضات جدة المخصصة للأزمة في السودان، إلى جانب وفدي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأفريقي، لتسهيل المفاوضات الجارية حالياً بين طرفي الصراع في السودان، الجيش وقوات «الدعم السريع». وأكدت الهيئة الأفريقية، أن المفاوضات تهدف في المقام الأول إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار لمعالجة الأوضاع الإنسانية.
واستؤنفت مفاوضات جدة، مع استمرار المعارك الحربية في العاصمة الخرطوم وجنوب دارفور، ويشارك غبهيو فيها بالنيابة عن رؤساء دول وحكومات «إيغاد». وقالت «إيغاد» في بيان: «تواصل الهيئة والاتحاد الأفريقي التشاور المستمر مع أصحاب المصلحة لعقد حوار سياسي شامل يقوده ويمتلكه السودانيون، يُعقد في وقت لاحق في مقرها في عاصمة جيبوتي». وأضاف البيان: «تظل (إيغاد) وأصدقاء السودان ملتزمين بدعم الشعب السوداني في سعيه لتحقيق سلام دائم وتسوية سياسية».
وأجرى وفد مشترك من الاتحاد الأفريقي و«إيجاد»، الأسبوع الماضي، في العاصمة المصرية القاهرة، مشاورات مع الكتل السياسية السودانية للاتفاق على تصور جديد للعملية السياسية لإنهاء الحرب في البلاد.
اقتصاد السودان ينكمش 12% بسبب تداعيات الحرب
توقع البنك الدولي ان ينكمش اقتصاد السودان 12 في المئة في العام الحالي 2023 وذلك بسبب التداعيات الكبيرة الناجمة عن الحرب المستمرة منذ نحو 6 أشهر بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وعدد من مناطق البلاد الأخرى.
ومنذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل؛ توقفت عجلة الإنتاج في العاصمة الخرطوم التي تعتبر مركز الثقل الاقتصادي في البلاد؛ إضافة إلى مناطق عديدة في إقليمي دارفور وكردفان المتأثران بالحرب أيضا.
وخرجت نحو 400 منشأة تعمل في مجال الصناعات الغذائية والدوائية ومختلف المجالات الأخرى في الخرطوم عن الخدمة تماما بعد التخريب الكبير الذي تعرضت له بسبب الفوضى المصاحبة للقتال. كما تأثرت المشروعات الإنتاجية والزراعية في كافة انحاء البلاد بسبب نقص التمويل وحالة عدم الاستقرار الإداري.
وقدر وزير المالية الأسبق إبراهيم البدوي حجم الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية للبلاد بنحو 60 مليار دولار؛ وسط توقعات بأن ترتفع لخسائر بشكل كبير في ظل استمرار الحرب. وتوقع البدوي في مقابلة مع رويترز الشهر الماضي أن يتراجع الناتج المحلي بنحو 20 في المئة إذا لم تتوقف الحرب سريعا.
وفي ظل الفوضى الواسعة التي صاحبت القتال؛ تعرض نحو 100 فرع من أفرع المصارف العاملة في البلاد للنهب والحرق والتدمير الكامل بما فيها أجزاء كبيرة من بنك السودان المركزي الذي تشير تقارير إلى أنه يعاني حاليا من شح كبير في النقد وسط أنباء عن خطط لطباعة أوراق نقدية في الخارج وهو أمر مكلف للغاية.
وتضاعفت أسعار بعض السلع الغذائية الرئيسية بأكثر من ثلاث مرات بسبب توقف سلاسل الإمداد وانخفاض قيمة الجنيه السوداني؛ حيث يجري حاليا تداول الدولار الواحد عند 840 جنيها.
مقتل ما يقرب من 4,000 شخص وتعرض منشآت للدمار في دارفور
حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن ارتفاع أعداد الوفيات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد المدنيين الأبرياء في دارفور، بما في ذلك اللاجئين والنازحين داخلياً، آخذة في التفاقم، وذلك بعد ستة أشهر من الصراع الدموي في السودان.
ووفقاً لموجز الحماية الصادر حديثاً عن المفوضية، قُتل ما يقرب من 4,000 مدني وجُرح 8,400 آخرون في دارفور، في الفترة ما بين 15 أبريل ونهاية أغسطس، ويُعتقد أنه تم استهداف غالبيتهم لأسباب تتعلق بانتمائهم العرقي بشكل رئيسي، لا سيما في غرب دارفور. ومن المحزن أن الأطفال النازحين، بما في ذلك اللاجئين، وقعوا في مرمى النيران المتبادلة، أو قتلوا أو شوهوا بسبب تأثر مدارسهم بالقصف، فيما يعاني أولئك الذين وصلوا إلى أماكن آمنة من اضطرابات نفسية حادة.
ولم تنجُ حتى المنشآت المدنية من ذلك، حيث تعرضت ما لا يقل عن 29 مدينة وبلدة وقرية في جميع أنحاء دارفور للدمار بعد عمليات نهب وحرق واسعة النطاق. كما أدى إطلاق النار العشوائي والقصف العنيف على المخيمات ومواقع التجمع التي تؤوي النازحين إلى سقوط مئات الضحايا.
وتعرض 139 مبنى مدنياً، بما في ذلك نقاط المياه المجتمعية والمدارس والأسواق والمستشفيات، للدمار أو الضرر أو النهب أو قد استولى عليها البعض. إضافة لذلك، فقد تم استهداف طاقم طبي عمداً يحاول تقديم الخدمة من خلال عيادات مؤقتة في مساكن خاصة.
وتم إغلاق المدارس في دارفور، مما أدى إلى حرمان ملايين الأطفال من التعليم والمساحات الآمنة، وإلى تعرضهم لمخاطر جسيمة كالانتهاكات الجنسية والاضطراب والصدمات النفسية والانفصال عن باقي أفراد الأسرة، في وقت يتزايد فيه عدد الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم. ونظراً لأن الصراع قد دمر سبل العيش، فإن الأطفال اللاجئين لا يزالون معرضين لمخاطر جمة تتمثل في إخضاعهم للعمل القسري، وتجنيدهم في الجماعات المسلحة، والاتجار بهم.
وبحسب تقارير، فقد مُنع المدنيون الذين يحاولون مغادرة المنطقة سعياً للأمان من الفرار أو قد واجهوا مصاعب عند نقاط التفتيش، وتم اعتقالهم واحتجازهم.
وقالت المفوضية انها تواصل وشركاؤها مراقبة الوضع، بما في ذلك من خلال شبكات حماية المجتمع في جميع ولايات دارفور، للوصول إلى أكثر من 90,000 شخص وتزويدهم بالمعلومات والخدمات حيثما أمكن ذلك. وقد زودت المفوضية الأسر النازحة في شمال وغرب دارفور بمواد الإغاثة الأساسية ووزعت أربع مولدات كهربائية على المراكز الصحية في شمال دارفور. كما تم تقديم المساعدة القانونية للاجئين، بمن فيهم المحتجزون. وبحسب ما يسمح به الوضع الأمني، تم تنظيم جلسات توعوية حول العنف بين الجنسين والأنشطة الاجتماعية لتعزيز التماسك بين المجتمعات. ومع ذلك، هناك حاجة ماسة إلى المزيد من الدعم من قبل الجهات المانحة لضمان توفير خدمات الحماية الحيوية لمن يحتاجون إليها.
تواصل المفوضية دعوة أطراف النزاع إلى ضمان حماية المدنيين، بما في ذلك اللاجئين والنازحين داخلياً، وضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية. وفي نهاية المطاف فإن الصراع في السودان، بما في ذلك إقليم دارفور، يجب أن ينتهي.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب