الدكتور مصطفى الزائدي
الدكتور مصطفى الزائدي يكتب .. في البديهيات
لا دولة بدون مؤسسات وطنية تربطها وتحميها وتحافظ عليها، وهي المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية، فهي أساس الدولة في الواقع، ولا يمكن بناء سلطات تنفيذية وتشريعية في غياب هذه المؤسسات، فعندئذ ستكون سلطات وهمية معلقة في الهواء.
الدكتور مصطفى الزائدي يكتب .. في البديهيات
الأمثلة عديدة وبعضها ماثل للعيان، فعندما رفع شعار إسقاط النظام وتدخلت الدول الغربية عسكريا لفعل ذلك استهدف الجيش والأمن، في أفرادهما ومقارهما ومعداتهما، وعندما أنجزت المهمة تحطمت الدولة وتشكلت دويلات داخلها تحكمها مجموعات مسلحة أقامت أنظمة تشبه الحكم الذاتي، ورغم المحاولات لبناء سلطة موحدة حظيت بدعم قوي من مجلس الأمن والدول النافذة فيه، إلا أن السلطات التي تشكلت كانت مضطرة للارتماء في أحضان تلك المجموعات المسلحة التي فرضت هيمنتها عليها وسيرتها لتثبيت نفسها ونفوذها، فالعيب لم يكن كله في طبيعة الشخصيات التي تولت تلك السلطات ولا حتى في أهدافها، بل كان نتيجة عدم وجود تلك المؤسسات.
في الجانب الآخر نجحت المؤسسة العسكرية والأمنية المصرية في إعادة توازن الدولة المصرية التي اجتاحتها أيضا فوضى الربيع العربي، وتمكنت مصر من التقاط أنفاسها وأعادت بناء سلطة وطنية انطلقت مباشرة إلى التنمية، فشهدت خلال سنوات الركود الاقتصادي العالمي نهضة في البناء والإعمار قطعت خلالها أشواطا نحو التقدم.
وفي تونس تمكن الرئيس الضعيف نسبيا لعدم وجود ظهير سياسي قوي داعم له، تمكن من قلب الطاولة على الجماعات المؤدلجة المهيمنة، نتيجة بقاء وتماسك المؤسسات في تونس ونجاحها في حماية نفسها من خطر الأدلجة.
الانتباه والاهتمام بهذه البديهيات شرط أساسي لنجاح أي عملية سياسية تسعى لتجاوز الوضع الراهن وللولوج إلى دولة جديدة ثابتة ومستقرة، فهناك شك في إجراء انتخابات نزيهة في ظل فوضى السلاح ووجود مجموعات تحمل السلاح علنا خارج الضوابط المنظمة لمؤسسات الدولة، من جانب آخر أي سلطة تنتخب تحتاج إلى قاعدة تنطلق منها لتتمكن من تنفيذ مشروعها الذي تقدمه للشعب.
فإذا كان يراد للانتخابات أن تكون نهاية لمرحلة عبثية والدخول في مرحلة انتقالية جدية تتمتع السلطة فيها بشرعية شعبية وطنية، فلا بد أن تستند إلى مؤسسة عسكرية قوية، ومن هنا لابد من تمتين نتائج لجنة خمسة زائد خمسة وتقويتها، واختيار قيادة الدولة من شخصيات لها القدرة ولديها الدربة المناسبة للمضي قدما في بناء الجيش الواحد والأمن الموحد بعيدا عن الفكر الميليشياوي التدميري، وفي نفس الوقت تأسيس حاضنة من الجيش والأمن والقضاء، لتمكين السلطة الجديدة من العمل بحيادية وفاعلية.
اقرأ أيضا:
في ذكرى إعلان الاستقلال.. البوصلة فلسطين والعنوان ياسر عرفات
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك
