الخطاب الإعلامى الإيرانى الرسمى.. دلالات لبداية مفاوضات أم استئنافها؟!
بداية مفاوضات أم استئناف المفاوضات؟!
الخطاب الإعلامى الإيرانى أقر العديد من المراقبين والمحللين بأن عهد الضحك المتبادل بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين ولّى، كما ذكرت صحيفة “كيهان” الإيرانية نصاً هذه النتيجة الحتمية، ففي هذه الفترة من عُمر النظام الإيرانى، انتهت مرحلة تحمل الشعب والحكومة، حيث لم يعد يتحمّلا بعد الآن الإملاءات الأمريكية أو الأوروبية.
والدليل على ذلك أن كبير المفاوضين الايرانيين “علي باقري”، استخدم كلمة (بداية المفاوضات) بدلاً من (استئناف المفاوضات)، هذا يعني أن الجولات ال٦ السابقة من المفاوضات، كانت عبارة عن مسودة وليست اتفاقية حسب وجهة نظر الحكومة الإيرانية الجديدة.
فى نفس السياق صرّح نائب الرئيس الإيراني، بأن طهران ستتجه نحو تنمية التعاون الاقتصادي مع الشرق إذا فشلت محادثات فيينا، فما هو هذا الشرق الذى تعنيه إيران فى عهد الرئيس الجديد “إبراهيم رئيسى”؟!
وهل ستترك كل من روسيا وإسرائيل إيران لتنمية الشرق؟! فالتصريحات الإسرائيلية الأخيرة توضح موقف الجانب الإسرائيلي من التواجد الإيرانى فى سوريا، كما أن روسيا أيضاً تريد تراجع النفوذ الإيرانى فى سوريا، أما عن اليمن فالحرب الدائرة هناك لم تترك أى مجال أو أمل فى التعاون أو التنمية، وفيما يخص العراق المجاور لإيران الذى يحاول بناء نفسه من جديد، بدأ ينفتح على أطراف عديدة فى المنطقة بجانب الطرف الإيرانى، الذى كان مستحوذاً عليه من قبل، فما الجديد فى خريطة التعاون الاقتصادى الإيرانى الشرق أوسطى، هل المعنى هنا الصين فقط؟!
الخطاب الأمريكى الرسمى حول المفاوضات
جاءت التصريحات الأمريكية متناقضة مع دلالاتها، ومتضاربة أحياناً كثيرة، حيث يرى بعض المراقبين أنها من باب المراوغة وكسب الوقت والضغط على الجانب الإيرانى.
ففى الوقت الذى صرّح الرئيس الأمريكى “جو بايدن”، بأن هناك تقدماً تحقق في محادثات فيينا خلال الأشهر التي سبقت الانتخابات الإيرانية، وأنه متفاءل بالمحادثات مع الرئيس الإيرانى الجديد.
حينها صرّح وزير الخارجية الأميركى “أنتوني بلينكن”، بأن إيران مضت مؤخراً في زيادة تخصيب اليورانيوم بشكل خطير، ما يحد من العودة للاتفاق النووي، وأن إيران لم تبدِ جدية في الجولة الأولى من محادثات فيينا بعد انتخاباتها، لذلك اضطررنا لإنهائها، ذلك حسب قوله، من مصلحة الجميع حل الملف النووي مع إيران دبلوماسياً.
لكن التهديدات الأمريكية بالتصعيد واختيار جملة مفاداها “هناك خيارات أخرى، إذا فشل الخيار الدبلوماسى خلال المفاوضات”.
وأيضاً تصريحات بعض الدبلوماسيين والسياسيين الأمريكيين، حول أن أمريكا تنظر فى تخفيف العقوبات على إيران حال عودتها الاتفاق دون شروط مسبقة، لكن يبدو أن الجانب الإيرانى لا يستأنف مفاوضات بل يبدأها من أول وجديد.
كما صرّح أيضاً المفاوضون الغربيون وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، بأن إيران أوجدت فجوة في محادثات فيينا وأنهم لا يعرفون حتى الآن كيف سيتم معالجة تلك الفجوة، وهنا يعنوا بالفجوة (ارتفاع سقف المطالب الإيرانية ولغة الإصرار والتحدى التى اتسم بها الخطاب الرسمى الإيرانى خلال المحادثات).
وقال “ريتشارد غولدبرغ” المدير السابق لمكافحة أسلحة الدمار الشامل الإيرانية، وذلك في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض الذي كان يتبع إدارة الرئيس الأمريكى السابق “دونالد ترمب”، أن الإعفاء الأخير من العقوبات يرقى إلى مستوى الهدية لإيران، لكسب ودها من أجل الاستمرار فى التفاوض.
فشل الجولة السابعة من محادثات فيينا
بعد أن ناقشت كافة الأطراف المعنية بالملف النووى الإيرانى، خلال اجتماعها الأخير المستجدات التي حصلت في الجولة السابعة من المفاوضات والمقترحات التي قدمها الوفد الايراني، واتفقت على استئناف المفاوضات من خلال جولة ثامنة ستعقد الأسبوع المقبل.
حيث صرّح كبير المفاوضين الإيرانيين ”باقري”، أنه تم الاتفاق على إعطاء فرصة للوفود، من أجل العودة إلى عواصمها للتشاور واستئناف المحادثات، واتسم خطاب “باقرى” بالتفاؤل والقوة.
لكن بعد أن وصلت مفاوضات فيينا النووية إلى باب مطالب إيرانية الموصد، والتي وصفتها وزارة الخارجية الأميركية بـ”استفزازات إيران المقلقة”، ساد اليأس والتشاؤم من احتمال حدوث انفراج في الوضع الاقتصادي المتأزم في إيران، وأن تقوم الولايات المتحدة التى لم تُصرّح خلال خطابها السياسى الإعلامى الرسمى، بأن لديها النيّة لرفع العقوبات كاملةً عن إيران.
وتصر إيران على أن تلغي الولايات المتحدة الأمريكية جميع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق “ترامب”، وهو مطلب تقول إدارة الرئيس الحالى “بايدن”، إنها مستعدة للوفاء به، وقالت مجموعة E3 – ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا – إن مطالب إيران “ليست جادة”، ما يدل على تضارب فى التصريحات دلالته المؤكدة أن هناك تخبّط فى الرؤية الموحدة من كافة الأطراف المفاوضة تجاه ملف التفاوض.
كما أكدت وزارة الخارجية الأمريكية من قبل، أن العقوبات المرفوعة عن مبيعات الكهرباء الإيرانية إلى العراق، هى محل اهتمام لأنها في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة، كما أن فشل العراق في تقليص اعتماده على الكهرباء الإيرانية حتّم على الولايات المتحدة التنازل عن العقوبات للسماح بهذه المبيعات.
ويبقى التساؤل الأهم حول حرب التصريحات الإعلامية فى سياق التفاوض دوماً هو، هل نحن فى مرحلة استئناف التفاوض أم بدايتها، لنحسم أمر ذلك التفاوض ونعرف، هل هو عودة للاتفاق النووى لعام ٢٠١٥م، أم أننا أمام كتابة نصوص اتفاق نووى جديد لعام ٢٠٢٢م.
بعد ان تناولنا موضوع الخطاب الإعلامى الإيرانى يمكنك قراءة ايضا
د. مصطفى الزائدي يكتب.. إلى الأمام.. «في الانتخابات والاستقرار»
محمد فتحي الشريف يكتب.. «التخلص من الإخوان = حل أزمة ليبيا»
ويمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك