يمر اليوم الثلاثاء الثالث من سبتمبر عام (2024) (507) أيام على الحرب في السودان، التي اندلعت يوم 15 من شهر أبريل من عام (2023) بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
أسباب واهية وخسائر كارثية
عند البحث عن الأسباب الحقيقية لتلك الحرب الضروس التي خلفت كوارث حقيقية، نجد أنها أسباب واهية، ليس فيها من الحقيقة شيء سوى الصراع على المنصب فقط، وهو أحد أهم الأسباب التي يتدخل من خلالها المجتمع الدولي في شؤون بلادنا، فمشهد السودان وإن كان الأكثر دموية والأكثر ضبابية في حل الأزمة، إلا أنه يأتي ضمن سلسلة أحداث مكررة في وطننا العربي، في ليبيا واليمن وسوريا والعراق ودول أخرى انهارت مؤسساتها بسبب الانقسام والفرقة، وعلى الرغم من ثروات تلك الدول وقدراتها المالية نجد (جل) شعوبها يعيش تحت خط الفقر، ناهيك عن القضية الأم فلسطين وما يحدث فيها من دمار وإبادة فاقت كل الحدود وسط تخاذل المجتمع الأمريكي وغض الطرف عن المساندة الأمريكية، وهنا لا بد أن نفرق بين القضية الفلسطينية مع العدو الصهيوني الظاهر الواضح وبين ما يحدث في السودان أو ليبيا أو سوريا بين الأشقاء.
نزوح الملايين وقتل الآلاف
السودان الدولة الغنية بالثروات والسكان أصبحت الآن فقيرة معدمة تشم رائحة الموت في مكان فيها، وأفواه البنادق لا تصمت ليل نهار، لقد توقفت الحياة في السودان بشكل كامل، وغابت التنمية، وهدمت بنيتها التحتية المتهالكة، وفي العام الماضي فقط قتل وجرح ما بين 22 إلى 25 ألف شخص، وفق الإحصائيات الرسمية، وإن كانت تفتقر إلى الدقة، لأن الواقع والحقيقة يفوق ذلك بكثير، كما نزح إلى الداخل نحو 6 ملايين شخص، وإلى الخارج ما يقرب من 2 مليون لاجئ.
تراجع غير مسبوق
السودان قبل أبريل 2023 لم تكن مستقرة اقتصاديًّا أو سياسيًّا، فالبنية التحتية بها متهالكة والظروف المعيشية قاسية، والتنمية متوقفة، فيما عدا القطاع الزراعي الذي فقد أكثر من 30% من نواتجه جراء الحرب، ومتوقع التراجع أكثر، إنها خسائر بالمليارات، حتى أن بعض الخبراء في الاقتصاد الدولي قالوا إن السودان تحتاج إلى 30 عامًا حتى تعود إلى التعافي في حال توقف الحرب الآن، وهو أمر صعب المنال، في ظل تعثر المفاوضات الجارية.
وضع إنساني كارثي
لا يزال الشعب السوداني يتألم من واقع مرير وضعته فيه الحرب، والمجتمع الدولي اكتفى بالمشاهدة، كما هو الحال في كل القضايا والصراعات العربية، لقد أصبح الوضع الآن في السودان كارثيًّا ومخيفًا، إذ ارتفعت وتيرة قتل الأبرياء العزَّل والاغتصاب والخطف والنهب والسرقة وتدمير المرافق وانتشار الأوبئة والأمراض فضلًا عن السيول التي شردت ودمرت عشرات الآلاف.
كارثة صحية جديدة
لقد أعلنت وزارة الصحة السودانية تسجيل زيادة ملحوظة في الإصابات بمرض الكوليرا، حيث بلغ العدد الإجمالي للمصابين 2.583 شخصًا، وارتفعت حصيلة الوفيات إلى (120)، وقال بيان الوزارة إنه تم تسجيل 234 إصابة جديدة في ولايتي القضارف وكسلا، مما ساهم في ارتفاع العدد الإجمالي للحالات. وأكد البيان أن عدد الوفيات بسبب المرض قد وصل إلى 98 حالة، مما يثير القلق بشأن الوضع الصحي في البلاد، مشيرا إلى أن 176.502 شخص يمثلون نحو 40 ألف أسرة تأثروا بالأمطار والسيول في 11 ولاية، كما تم تسجيل 513 إصابة جديدة، بما في ذلك 177 حالة وفاة.
انهيار المنازل
كما أوضح البيان “انهيار 18.838 منزلًا بالكامل و15.074 منزلًا جزئيًّا، مما يزيد من التحديات التي تواجهها السلطات في التعامل مع هذه الأزمات”.
الكوليرا تحصد الأرواح
وفي وقت سابق أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه تم تسجيل 90 حالة وفاة جراء الإصابة بالكوليرا هذا العام في السودان حتى 28 أغسطس. وأضافت المنظمة أن المرض أصاب أكثر من 2400 شخص خلال الفترة بين 1 و28 يوليو، وذكرت المنظمة أن الكوليرا “مرض سريع التطور وشديد العدوى، يسبب الإسهال، الأمر الذي يؤدي إلى جفاف حاد والوفاة المحتملة خلال ساعات إذا لم يعالج”.
إن ما يحدث في السودان بسبب الحرب أمر كارثي، فكل شيء في ذلك البلد الجميل أصبح يؤدي إلى الوفاة، فمن ينجو من فوهات البنادق لن ينجو من الأوبئة والأمراض.. كل هذا والمجتمع الدولي والجامعة العربية يشاهدون ويلتزمون الصمت. ويبقى السؤال.. متى تستيقظ الضمائر وترق القلوب لإغاثة السودان؟!
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب