الدكتور سيد عيسى يكتب.. بين الليالي العشر ويوم عرفة وعيد الأضحى.. تتجلى النفحات
الكاتب يشغل منصب نائب رئيس "حزب مصر الحديثة"

يوم عرفة
نعيش في أيام مباركة وهي أيام شهر ذي الحجة (العشر الأُوَل) التي تختتم تلك الأيام بيوم عرفة، أفضل وأجلّ أيام الله عز وجل، حيث يقف الناس على صعيد جبل عرفات، يؤدون الركن الأعظم وهو الوقوف بعرفات الله، تاركين خلف ظهورهم الدنيا بكل ما فيها من متاع (الأهل والزوجة والولد والوطن)، يرتدون ثيابًا واحدًا، ويتضرعون إلى الله بنداء واحد؛ وهو “لبيك اللهم لبيك”، في هذا المشهد المهيب العظيم تتجلى فيه الرحمات على الأرض، وتسود روح الوحدة بين الناس، كل الناس، لا فرق بين فقير أو غني، الكل سواسية أمام خالقهم، يدعون ويتضرعون إليه لمغفرة ذنوبهم.
إن هذا المشهد يجعلنا ندرك قيمة الوحدة والتكاتف ونكران الذات والخوف من الله عز وجل, والتذلل إليه والخضوع له، ثم نعود إلى ديارنا بعد تلك الجرعة الإيمانية العظيمة، متخلصين من ذنوبنا عائدين إلى حياتنا تائبين، ولكن عندما ندخل دائرة الحياة ننسى ما كنا عليه، ولذلك يجب علينا أن نستثمر تلك الأيام ونجعلها بداية حقيقية، لحياة تتجلى فيها النفحات المباركة وتستمر معنا، فهل نستطيع فعل ذلك؟
اقرأ أيضا: سيد عيسى المستشار الرياضي لوزير النقل في زيارة إنسانية لمستشفى الناس
تجديد الإيمان في القلوب
بعد تلك الشعيرة المباركة الطيبة، نحتفل جميعًا بأداء الركن الأعظم وحج البيت، ويأتي عيد الأضحى المبارك ليجدد في قلوبنا معاني الإيمان والطاعة والتضحية، مستلهمًا روحه من قصة عظيمة في تاريخ الإنسانية، وهي قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام، حين أمره الله بذبح ابنه إسماعيل، فاستجاب لأمر ربه بكل طاعة وتسليم، وتقبّل ابنه الأمر بكل رضا وإيمان، فجاء الفداء من الله بذبح عظيم، وجعل الله هذه القصة شعيرة خالدة يحتفل بها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، ففي قصة إبراهيم عليه السلام، تعلمنا التسليم المطلق لأوامر الله، مهما عظمت التضحيات، كما تدلنا على الإيثار والتجرد، فالتضحية تعني استعداد المسلم للتخلي عن محبوباته من أجل ما هو أعظم، قال تعالى: “لن ينالَ اللهَ لُحُومُها ولا دماؤها ولكن ينالُه التقوى منكم”، سورة “الحج” الآية (37).
التسليم والطاعة لله
وفي الختام، أقول إن التضحية ليست مجرد الذبح فقط، بل هي مظهر من مظاهر الإخلاص والطاعة لله عز وجل، وتجسيد لمعنى العبودية الصادقة، والمسلم يضحي استجابة لأمر ربه، وتأكيدًا لانتمائه لمنهج التوحيد، وتعبيرًا عن محبته لله، واستعداده لتقديم ما يحبّ في سبيل نيل رضاه، ثم يأتي عيد الأضحى وهو مناسبة عظيمة لتجديد الإيمان، وتربية النفس على معاني البذل والعطاء، وتحقيق التكافل والتراحم بين الناس. قال تعالى: “ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”، سورة “الحج” (32).
عيد سعيد على الأمة العربية والإسلامية – تقبل الله منا ومنكم صالح
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب