ليبيا في أسبوع.. ضريبة الدولار تفجر خلافات جديدة ومنفذ رأس اجدير مغلق لحين سيطرة الدولة عليه
أزمات بعضها فوق بعضها يعيشها الليبيون بسبب الاضطرابات السياسية التي تعاني منها البلاد منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في عام 2011، ليأتي قرار رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الخاص بفرض ضريبة على سعر الصرف الأجنبي، بمثابة زلزلة اقتصادية جديدة في الداخل لما سيحدثه القرار من تغيرات في أسعار السلع والخدمات.
اقرأ أيضا: ليبيا في أسبوع.. القائد العام يؤكد أن الجيش رهن إشارة الشعب وضريبة جديدة على العملة الأجنبية
رسوم على العملات الأجنبية بقيمة 27٪
وأصدر رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، قراراً بفرض رسم على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بقيمة 27% لكل الأغراض، حتى نهاية العام الجاري 2024.
ونص قرار رئيس مجلس النواب على إمكانية تخفيضه سعر الصرف حسب ظروف الإيرادات للدولة الليبية وذلك خلال مدة سريان هذا القرار.
وكلف عقيلة صالح، محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير بوضع القرار موضع التنفيذ، وذلك بتعديل سعر بيع العملات الأجنبية بما يتوافق مع الضريبة المفروضة، وتحديد القيمة المضافة على بيع تلك العملات مقابل العملة الليبية، على أن تتوفر العملة الأجنبية بكل المصارف العاملة بليبيا.
كما نص القرار على أن يستخدم الإيراد المتحقق من الرسم الضريبي في تغطية نفقات مشروعات تنموية إذا دعت الحاجة لذلك، أو يضاف إلى الموارد المخصصة لدى مصرف ليبيا المركزي لسداد الدين العام بموجب قانون مجلس النواب رقم (30) لسنة 2023.
وكان محافظ مصرف ليبيا المركزي وجه خطاباً لرئيس مجلس النواب في أواخر فبراير الماضي اقترح فيه تعديل سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، وفرض ضريبة بـ27% على النقد الأجنبي.
وصرح رئيس مجلس النواب عقيلة خلال لقاء تليفزيوني، بأن لجنة المالية بالمجلس وافقت على مقترح محافظ المصرف المركزي بفرض ضريبة على النقد الأجنبي بشكل مؤقت لضمان استقرار سعر الصرف.
حكومة الوحدة ترفض القرار
وفي سياق متصل رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، في تصريحات له، القرارات الاستثنائية التي اتخذها المصرف المركزي بناء على قرار رئيس مجلس النواب، مؤكدا أن الاقتصاد الوطني للبلاد يمر بحالة جيدة، ولا يحتاج لإي قرارات استثنائية.
المركزي يرد
وفي المقابل أصدر المصرف المركزي بيانا فند فيه التصريحات التي أدلى بها رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة والتي زعم فيها أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد مستقرة، ولا تحتاج إلى أي قرارات استثنائية.
وقال المصرف إن الزعم بأن احتياطات النقد الأجنبي في البلاد، بلغت 84 مليار دولار غير دقيق وفيه إغفال لمكونات الاحتياطي، إذ أنه يوجد ما هو قابل للاستخدام، مؤكدا أن جزء كبير من الاحتياطي يتمثل في غطاء العملة، مؤكدا أن الاحتياطي العام ”الحر السائل“ من النقد الأجنبي، الذي يمكن التصرف فيه هو 29 مليار دولار فقط.
وأوضح المركزي أن هذا الرقم من الاحتياطي القابل للاستخدام لا يصمد أمام احتياجات الاقتصاد الليبي خلال العام الجاري 2024.
وأكد المركزي أن الاقتصاد الليبي يعتمد بشكل أساسي على عائدات النفط، وفي حالات الصدمات المحتملة مثل انخفاض أسعار النفط أو توقف صادراته، فإن الأوضاع تكون سيئة للغاية.
وتابع أن الحديث عن تصفير الدين العام غير دقيق، ويتعارض مع الواقع، مؤكدا أن الحكومة توسعت في الإنفاق على بنود الدعم والمنح والإعانات، وأن الحكومة لم تعالج الإنفاق المتزايد على دعم المحروقات، وهو ما سبب تفاقم الأزمة.
وأشار إلى أن توسع الحكومة في التوظيف في القطاع العام، حيث بلغ عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة 2.2 مليون موظف، أي ما يعادل 31% من عدد السكان وهو الأعلى في العالم، وهو ما تسبب في ارتفاع حجم الإنفاق.
تعليمات للمصارف بتنفيذ قرار «ضريبة الدولار»
وجه مصرف ليبيا المركزي المصارف بتنفيذ قرار رئيس مجلس النواب رقم 15 للعام 2024 بشأن فرض رسم على سعر صرف العملات الأجنبية بصفة موقتة.
جاء ذلك في خطاب نائب مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد لشؤون الرقابة المكتبية، حمزة عاشور الجعيدي، إلى المديرين العامين للمصارف.
تسهيل التعامل بالنقد الأجنبي
وشدد الخطاب على تسهيل إجراءات التعامل بالنقد الأجنبي، بما فيها فتح الاعتمادات المستندية لكل الأغراض والسلع والخدمات والأغراض الشخصية وفقًا للضوابط والتعليمات الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي بالخصوص، مع تقديم إقرار يتعهد فيه الزبون بموافقته على قبول السعر مضافة إليه الضريبة.
وعلى صعيد الأوضاع المعيشية بعد القرار، شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعات قياسية بحسب تجار جملة. وقال تاجر الجملة بسوق الكريمية علي عريبي، في حديث إلى «بوابة الوسط»، إن أسعار السلع شهدت ارتفاعًا خلال الأيام الأخيرة، من بينها سلع ارتفعت بقيمة الضعف مثل معجون الطماطم والسكر وزيت الطعام والكسكس والدقيق، مضيفًا أن باقي السلع الأساسية زادت بنسب تراوحت بين 25 و30%.
زيادة الأسعار بـ30%
وعلق وزير الاقتصاد والتجارة الليبي، محمد الحويج، على القرار القراربقوله، إن فرض ضريبة على سعر الصرف، سيؤدي إلى تخفيض قيمة الدينار الليبي عبر فرض ضريبة على مشتريات العملات الأجنبية سيؤدي إلى زيادة الأسعار بنحو 30 في المئة.
وفي مقابلة خاصة مع «CNN الاقتصادية»، قال الحويج «هذا القرار غير مناسب وغير سليم، وقد يؤدي إلى تجويع المواطن الليبي وخلق أزمة اقتصادية داخل البلاد، وزارة الاقتصاد وحكومة الوحدة الوطنية ضد هذا القرار، لأنه لم يأتِ في الوقت المناسب ولا بالأسلوب المناسب ولا بالسعر المناسب، وخاض البنك المركزي هذه التجربة في السابق وفشلت، لم يؤخذ رأي وزارة الاقتصاد أو وزارة المالية ووزارة التخطيط في هذا الموضوع، وقد يؤدي إلى زيادة الأسعار بنسبة لا تقل عن ثلاثين في المئة وتخفيض مستوى دخل الناس ويشجع على تجارة العملة».
وتابع الحويج أن هذا القرار يؤدي إلى زيادة نسبة خط الفقر كما حصل في السابق، وفي هذا الوقت أشارت تقارير دولية وتقارير وزارة الاقتصاد إلى وضع سعر أقل من سعره الحقيقي.
ورداً على سؤال حول إن كانت ليبيا ستتمكن من التنسيق بين سياساتها المالية والنقدية لإنقاذ المواطنين من الأزمات المعيشية، أجاب الحويج بأنه «لا بد من اتباع سياسات متوازنة والدفاع عن العملة، علينا أولاً أن نبني ثقة بين البنك المركزي ورجال الأعمال والمستثمرين من خلال تثبيت سعر الصرف والدفاع عنه لكسب ثقة المستثمرين، علينا أن نبني ميزانية للإنفاق واضحة من خلال التوازن في الواردات وفي الإنتاج المحلي، وأيضاً السياسة النقدية، وعلينا أيضاً تفعيل دور البنوك سواء من ناحية التمويلات أم من ناحية الإقراض».
وبسؤاله عما إذا كان إجراء تخفيض العملة مقابل العملات الأخرى والحديث عن رفع الدعم عن المحروقات تمهيداً للمضي قدماً باتفاقية مع صندوق النقد الدولي، قال الحويج «نستعين بصندوق النقد الدولي للاستشارات والخبرة، ولكن موقعنا يشجع الاستثمار الأجنبي، ولدينا احتياطي جيد ورجال الأعمال الليبيون لديهم إمكانات جيدة، لذلك لا أعتقد أننا في هذه المرحلة سنلجأ لذلك، ولكن قد يكون البديل».
الاضطرابات الأمنية مستمرة
وتأتي هذه القرارات في ظل مرور البلاد باضطرابات أمنية متصاعدة، كان آخرها ما عايشتها المنطقة الغربية، وتحديدا منفذ رأس اجدير، الذي تثار الخلافات بشأنه بسبب رغبة وزراة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية السيطرة عليه، ومنع أعمال التهريب فيه، وهو ما ترفضه بعض المكونات الاجتماعية في المنطقة، والتي ترى أنه من حقها السيطرة على المنفذ، وإدارته، وهو ما دفع الحكومة لإغلاق المنفذ.
وبدوره قال وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المكلف عماد الطرابلسي إن معبر رأس جدير الحدودي مع تونس سيظل مغلقا حتى تسيطر عليه الأجهزة الأمنية بالبلاد.
وأضاف الطرابلسي في مؤتمر صحفي أن مجموعة بسيطة من مدينة زوارة تستغل المعبر الحدودي في التهريب وسلطة الدولة لديها القدرة على تأمين منافذ البلاد في الوقت الذي تريده.
وأكد وزير الداخلية أنه لن يجري فتح المعبر حتى تعود سيارات “إنفاذ القانون” التابعة لوزارة الداخلية إلى المعبر ومنطقة الساحل الغربي في ليبيا من أكثر المناطق فوضوية محليا.
وتابع الطرابلسي أن التقارير الأمنية منذ عام 2011 إلى عام 2023 عن منفذ رأس جدير تضمنت حالات خطف وسرقه وتهريب وإطلاق نار وسيطرة مجموعة مسلحة على تهريب الوقود إلى دولة تونس “ولن نتراجع عن الصراع مع تجار المخدرات والمهربين مهما كلفنا الأمر”.
وختم وزير الداخلية بأنهم اتفقوا مع أعيان مدينة زوارة الحدودية، في وقت سابق، على ضرور تنظيم المنفذ وإبعاد المسلحين عنه.
وكانت اشتباكات مسلحة جرت في 20 مارس الجاري بين قوات تابعه لوزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية ومجموعة مسلحة تابعة تسيطر على المنفذ منذ سنوات.
وأدت هذه الاشتباكات إلى فوضى عارمة في المعبر الحدودي مما أدى إلى إغلاقه من الجانب التونسي قبل أن يجري إغلاقه من الجانب الليبي حتى تتم عملية تسليمة إلى قوات تابعة للوزارة الداخلية بحسب تأكيد الداخلية الليبية.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب