تقوى مجدى تكتب.. الاحتلال ومحكمة العدل
يجب أن نعتبر القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية الذي يأمر إسرائيل فوراً بوقف الهجوم العسكري أو أي أعمالٍ أخرى في رفح، وذلك نظرًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ذلك التغيير الذي ظهر خلال التعامل مع دولة الكيان الصهيوني التي تمتعت بالحماية والحصانة منذ ترعرُعِها، وجعلها ذلك تمارس أسوأ أشكال الغطرسة والتمادي في ممارساتها البشعة والشنيعة بحق الشعب الفلسطيني، مستهترةً بكل القوانين الدولية، وجاءت حرب غزة وتهجير سكانها، وبدءت عمليات جديدة في رفح، لتؤكد أن هذا الكيان المتمرد لم يعد يعبأ بالعالم ولا يخشى من حساب أو عقاب أو ردع.
لقد اقرت الدول الغربية وأمريكا في مقدمتها أسطورة الشعب المضطهد الذي تجتاز بحمايته حتى لو كانت دولته عنصرية متطرفة تحتل أرضاً يملكها شعب آخر، وتمارس بحقه التمثيل الممنهج، هذه الذريعة المتهافتة، لم تعد قادرة على التمويه بأن الغرب يحمي كياناً سياسياً صهيونياً تسبب في كل المشكلات التي تشهدها المنطقة العربية، والأزمات الإقليمية المتتالية، كيان يضع أقنعة المظلومية وهو الظالم الحقيقي الأكبر، ويتجمل بمساحيق الدولة الديموقراطية المتحضرة وهو يتبنى أشد الممارسات البدائية بحق الإنسانية.
إن محكمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، وقد وضح أمينها العام، بحسب المنشور في الموقع الرسمي للمنظمة، أنه بموجب ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، فإن قراراتها ملزمة، كما أنه على ثقة من أن الأطراف سوف تتمثل على النحو الواجب لأمر المحكمة، وأوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة، أنه وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة، سيحيل الأمين العام الإخطار بالتدابير المؤقتة التي أمرت بها المحكمة إلى مجلس الأمن، ومن هنا نكون أمام لحظة اختبار في غاية الأهمية لبعض الدول التي تلهج بضرورة حماية أمن وسلام الشعوب وحقوقها، وحمايتها من الاستبداد والإبادة، لأنها ستكون أمام مفترق مفصلي، إما أن تنحاز للعدالة في قضية عادلة للشعب الفلسطيني بإرغام إسرائيل على الامتثال لقرار المحكمة، وإما أن تسقط وتفقد ما تبقى لها من مصداقية، وهي قليلة على أي حال.
لقد أدركت شعوب العالم حقيقة إسرائيل، وذلك من خلال ما نراه من دعم وتحالف أمريكي واضح، إذ أن الدول بدأت تعي حق الشعب الفلسطيني في الاعتراف بدولته المستقلة، وذلك ما فعلته مؤخراً النرويج وإسبانيا وإيرلندا، وسوف تتبعها دول أخرى نتيجة الجهود الدبلوماسية الكثيفة التي انبثقت عن القمة العربية والإسلامية، لقد تغيرت النظرة العالمية بحق إسرائيل، ولن تستطيع الدول الحامية لها الدفاع عنها إلى أمدٍ طويل.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب