بالفيديو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان: الاتحاد ضرورة قومية وسِرَّ نجاح التجربة في الامارات هو رغبة الشعب
الحلقة الاولي من كتاب (الاتحاد والوحدة في الإمارات) ضمن سلسلة (القيادة التاريخية) التي أعدها الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي
النص
“طبعًا أنا وحدوي، لكني لا أفرض هذه الوحدة على أحد إن طريق المصلحة المشتركة قادنا في النهاية إلى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة”
زايد بن سلطان آل نهيان
أهلًا بكم في أولى حلقات كتاب (الاتحاد والوحدة في الإمارات) ضمن سلسلة (القيادة التاريخية) التي أعدها الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، مدير ديوان الشيخ زايد سابقًا.
الاتحاد ضرورة قومية
في حلقة اليوم يقول الشيخ زايد: “إن قيام الاتحاد ضرورة قومية، فهو يؤمِّن الاستقرار والأمن، ثم إنه سيكون عونًا وسندًا لأشقائنا العرب، وأصدقائنا من الدول الصديقة في العالم”.
الانطلاق من الإيمان بالأمة والوحدة
ويواصل الشيخ زايد حديثه قائلًا: “لقد قلت من قبل إننا نخوض تجربة الاتحاد، ولم يسبق لنا أن مارسنا هذه التجربة.. ونحن بأنفسنا الذين رسمنا خطة الاتحاد، لا عن خبرة، بل عن إيمان بأُمَّتنا، إيمانٍ بالوطن وإيمانٍ بضرورة الوحدة، ورغبةٍ في تحقيق المصلحة التي لا تدرك إلا بالاتحاد”.
وحدوية زايد المصلحة تقود إلى الاتحاد
ويكمل الشيخ زايد ويقول: “يتَّهمني الناس بأنني وحدوي، طبعًا أنا وحدوي، لكني لا أفرض هذه الوحدة على أحد قط، إنني أرغب بالوحدة.. عندما تجتمع حفنة من الرجال يتبادلون الرأي ويتوصلون بقناعة تامة إلى أن الوحدة هي أمر في صالحهم، أنا لا أفرض الوحدة على أحد. هذا استبداد. كلٌّ منَّا له رأي مختلف ومغاير لرأي الآخر، نتبادل هذه الآراء ونصهرها في بوتقة واحدة نستخلص منها الجوهر، هذه هي ديمقراطيتنا وديمقراطية الوحدة. في بداية الاتحاد، وقبل قيام دولة الاتحاد واجهتنا متاعب ومشكلات كثيرة، لأن كثيرًا من الإخوان كانوا يرون الأشياء على غير ما كنت أراها، لكننا كنَّا نتبع مصلحة واحدة، وإن اختلفت نظراتنا وأفكارنا نحو هذه المصلحة، انتظرنا طويلًا حتى جرب كل منا طريقه، وقادنا طريق المصلحة المشتركة في النهاية إلى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة”.
الوحدة هي الأصل
ويتابع الشيخ زايد قائلًا: “إن التجزئة ليست من طبيعة شعبنا، ونحن لا نفعل ذلك عن عواطف وإنما عن نظرة موضوعية للأمور، فالحدود لم تكن تمثل شيئًا أمام شعبنا الذي كان يتنقل في أربعة أركان من وطننا دون أن يسأل هذه الأرض لمن تنتمي؟ فقد كانت الأرض أرضه، وقد عزَّز ذلك انتماء شعب هذه الأرض لأصل واحد، مما يجعلنا أسرة واحدة.. إن هذا التداخل ترتبت عليه حقيقة مهمة جدًّا هي أننا كنَّا موحدين فتفرقنا، والآن من الطبيعي أن نعود إلى ما كنَّا عليه، خصوصًا وأننا الآن نملك الوعي والإدراك”.
الوحدة هي الأصل والتجزئة استثناء
ويستكمل الشيخ زايد ويقول: “النظر من جهة أخرى إلى العادات والتقاليد واللهجة تجدها واحدة مهما أوغلت في الصحراء أو اتجهت إلى السواحل.
وبجانب هذه الخصوصية التي تميز بها شعب دولة الإمارات فهناك الإطار العام للوحدة الذي يشمل الدين والعروبة والتاريخ المشترك، وكلها عوامل وأسباب تصب في بوتقة الوحدة. لقد التقت رغبة إخواني حكام الإمارات مع رغبة أبناء الإمارات الذين يكوِّنون شعبًا واحدًا ويملكون أرضًا واحدة وتاريخًا واحدًا، وآمالًا واحدة.. التقت هذه الرغبة على قيام اتحاد بين الإمارات يكون قادرًا على الحفاظ على كيانها، متعاونًا مع الدول العربية الشقيقة ومع الدول الأخرى الصديقة الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة وفي الأسرة الدولية عمومًا على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المصالح والمنافع. إن الوحدة هي المقصودة في البداية، وعلى الإنسان أن يخطو خطوة خطوة، والكل يعلم أننا تجاوزنا هذا كله”.
الوعي الوحدوي لشعب الإمارات
ويواصل الشيخ زايد حديثه قائلًا: “إن الإجراءات التوحيدية التي يطالب بها الشعب دليل وعيه بمصلحته ومؤشر هام إلى إدراكه للمكاسب العظيمة التي تحققها له الوحدة. فقد جرب الشعب شكلاً من أشكالها وهو الشكل الاتحادي، وأدرك بالملموس والواقع المردودات الإيجابية التي انعكست عليه من قيام هذا الاتحاد، ونتيجة لإدراك شعبنا لكل هذه فهو يدرك فوق ذلك أن مزيدًا من الخطوات الوحدوية ستجلب له مزيدًا من الخير، وتوفر له مزيدًا من الفخر والإحساس بالانتماء إلى دولة متماسكة.. فهل يمكن أن نَصِفَ كل ذلك بالعواطف؟ وافرض أنها عواطف.. فما أنبلها وهي المتجهة نحو خير هذا الشعب”.
تضافر الجهود يحقق النجاح
ويضيف الشيخ زايد قائلًا: “إن كل الجهود تضافرت لإبراز كيان الاتحاد، وآمن الجميع منذ اللحظة الأولى بضرورة قيامه لتحقيق رفاهية وسعادة المواطنين وسلامة الوطن، كان الاتحاد حلمًا يراود مخيلة كل فرد من أبناء منطقة الخليج العربي. وبسبب تضافر جهود إخواني حكام الإمارات المخلصين، وأبناء الشعب تم التوصل إلى إقامة دولة الإمارات العربية المتحدة التي جاءت محقِّقةً للأمل الذي كان حلمًا فأصبح بعد قيام الاتحاد حقيقة. لقد آمنا منذ اللحظة الأولى بأهمية ونجاح هذا الاتحاد، بينما كان البعض يتوقعون له الفشل، أو أن تتوقف مسيرته في الطريق، لكننا نشعر الآن بأن أملنا قد تحقق وأصبح للاتحاد كيانه وسمعته الممتازة في الداخل والخارج، والإنسان يتعلم بالتجربة.. ومع مرور الأيام والسنين تزداد التجربة ثراءً ونجاحًا”.
الاتحاد رغبة الشعب
وعن سِرِّ نجاح الاتحاد في دولة الإمارات يقول الشيخ زايد: إن سِرَّ هذا النجاح أن الاتحاد هو رغبة شعب الخليج العربي منذ القدم.. وأن الشعب هو الذي دفع التجربة إلى النجاح، وهو الذي يتخطى الصعاب ويذلل العقبات، وأن الوحدة الشاملة هي مصير الأمة العربية.. وهذا هو إيمان دولة الإمارات العربية المتحدة الذي تعمل من أجله منذ قيامها، لأنها تريد أن تحمي أمنيتها الكبرى من تيارات تعترض مسيرتها. وأعتقد –للسبب نفسه- إيمان الشعب بالاتحاد لأن هذه الدولة الاتحادية ستنمو وستتحقق أغراضها كاملة إن شاء الله”.
تجربة مفتوحة ومطروحة لكل دول الخليج
وعن تجربة دولة الإمارات يقول الشيخ زايد: إن تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة مفتوحة ومطروحة أمام كل دول الخليج، وإن نجاح هذا الاتحاد سوف يشجع –دون شك- كل الذين رفضوا الانضمام إليه من البداية على أن ينضموا إليه بعد أن يثبت أملهم نجاح الفكرة، ونحن إذا نظرنا إلى واقعنا الحالي نجد أننا انتقلنا إلى مرحلة لم نكن نصدق أننا سنصل إليها.
أما تصوري للمستقبل فلا يمكن أن أحدده تحديدًا قاطعًا، ذلك أننا في كل مرحلة نقطعها نكتشف من الأمر ما يحتاج إلى التصحيح والتعديل”.
باب الوحدة مفتوح
ويكمل الشيخ زايد حديثه عن الاتحاد قائلًا: “إن باب دولة الإمارات العربية المتحدة مفتوح لجميع إخواننا العرب، نحن معهم حتى بدون وعد وبدون قانون وبدون تعهد، فمصيرنا واحد وهمومنا واحدة، وتطلعاتنا واحدة.. إننا في طريق واحد وفي سفينة واحدة، إن كل عمل يقوم به أو يبدأ به الإنسان لا يمكن أن يبقى على حاله، فلا بد له أن يتقدم ويسير إلى الأمام، ونحن هنا في دولة الإمارات كانت بدايتنا بدايةً اتحادية، وأردنا التوسع في اتحادنا، ولكنه بقي هكذا، وهناك كثيرون يقولون لنا إن هذا الاتحاد لن يستمر، ولكننا هنا نؤمن بوحدتنا وتآزرنا، فإذا بقي الاتحاد فهذا توفيق من الله سبحانه وتعالى.. وها أنتم ترون بأنفسكم إلى أين وصلنا في اتحادنا، وكل سنة تمر نتقدم خطوة إيجابية إلى الأمام”.
جهود حكومية كبيرة
وعن أهمية الاتحاد يقول الشيخ زايد: “إن هناك الكثيرين لا يعرفون ما هو الاتحاد، وما فائدته، ولا أكون مبالغًا إذا قلت إنني أول الداعين لقيام دولة اتحادية في المنطقة، لقد بذلت حكومتنا جهودًا كبيرة في سبيل إقامة اتحاد بين إمارات الخليج العربية (التسع)، وذلك إيمانًا منها بأن الاتحاد سيكْفُل لهذه المنطقة أمنها واستقرارها، ويؤمِّن لشعبها التقدم والعزة والرفاه.
إن سعينا المتواصل إلى بلوغ هذا الهدف كان استجابة لرغبات شعبنا العربي في الخليج الذي اعتبر إقامة اتحاد الإمارات (التسع) مطلبًا قوميًّا أساسيًّا لا يجوز التنازل عنه أو التفريط فيه”.
الاتحاد والوحدة طريق السعادة
وحول الاتحاد والوحدة يواصل الشيخ زايد حديثه قائلًا: “إن الاتحاد والوحدة هما طريق السعادة، إن وحدتَنا قوةٌ لنا، وإن سياستَنا تقوم على تدعيم ركائز هذه الوحدة مهما تكن التضحيات، وإن حكام الإمارات ناصروا منذ البداية قيام هذه الدولة –دولة الإمارات العربية المتحدة– وما زالوا يناصرون تدعيم كيانها لتكون نقطة انطلاق لوحدة أكبر، ولا أظن أن هناك مواطنًا عاقلًا يرفض السعادة والرخاء والقوة. إن الوحدة العربية هدفٌ قوميٌّ تسعى أمتنا كلها إلى تحقيقه، وإن إنجازات القومية العربية دعمٌ لجميع القوميات. لقد تجاوزت دولة الإمارات العربي المتحدة بموقفها العظيم من قضايا العروبة حدود الاتحاد، ونحن نتطلع إلى الوحدة الشاملة، الوحدة المنتظرة، وهي وحدة الأمة العربية كلها. إن ذلك هو ما يتطلع إليه كل مواطن في الإمارات العربية المتحدة، لقد تحقق الكثير في الماضي ومنذ أن قام الاتحاد”.
مواصلة العمل وأداء الأمانة
واختتم الشيخ زايد حديثه قائلًا: سنواصل العمل جميعًا لأداء الأمانة، وهي ليست أمانة أشخاص أو أفراد قلائل، بل هي أمانة أمة كبيرة، وعندما أقول الأمة فإنني أعني الأمة العربية كلَّها، وهذا هو منطقنا دائمًا، إننا نراجع أعمالنا دائمًا حتى يظلَّ عملنا في الطريق الصحيح، والصواب هو الذي يثري العمل الوطني ويغذيه، ومع إدراكنا لخصوصية كل تجربة من التجارب الوحدوية الأخرى في الوطن العربي، إلا أن فشلها في الماضي إنما ينمي العزيمة لتجاوز هذا الفشل لأمتنا العربية.. إن طاقاتها الوحدوية متعددة، وهي إن تعثرت في جزء من هذا الوطن العربي الكبير فعلينا نحن هنا أن نعطي المَثَل على قدرة أمتنا على صنع الوحدة”.
انتهت حلقة اليوم من كتاب (الاتحاد والوحدة في الإمارات) ضمن (سلسلة (القيادة التاريخية)..
مشروع “بالوعي تُبنى الأمم”.
فكرةٌ أعدَّها وأشرفَ على تنفيذها:
محمد فتحي الشريف
تقديم:
سامح رجب
إخراج:
محمد أمين
إنتاج:
مركز العرب للأبحاث والدراسات
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب