رأي

عماد اليماني يكتب.. مصر وحماية الأمن القومي العربي

مرت المنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة بتقلبات خطيرة تهدد المجتمعات العربية ودولها، وعصفت ببعضها فعلًا، من بينها سوريا وليبيا واليمن، وحاليًا السودان على شفا الانهيار بسبب الصراع الدائر هناك، وعلى الرغم من كل هذه الأحداث فإن الملاحظ أن القيادة المصرية أظهرت فهمًا عميقًا لقضايا الأمن القومي العربي، وقدمت مفهومًا شاملًا لمفاهيم الأمن لا يقتصر فقط على تصور ضيق للأمن الداخلي، بل يمتد إلى كل ما يحدث في الإقليم.

على الرغم من تعدد الأزمات الإقليمية خصوصًا في البلدان العربية المجاورة فإن الأجهزة المصرية بشقيها الدبلوماسي والاستخباراتي نفذت عشرات الجولات والزيارات ما بين ليبيا ولبنان والسودان في محاولة لحل كل هذه الأزمات التي تؤثر على الأمن القومي وتؤثر على حياة شعوب المنطقة.

كما تخوض مصر غمار مفاوضات صعبة ومعقدة بين العدو الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية بالتعاون مع قطر من جهة والولايات المتحدة الأمريكية، ورغم التعنت الإسرائيلي الواضح والمراوغة الدولية والمواقف الهشة فإن تقارير إخبارية تحدثت عن قرب فرض وقف دائم لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين.

تضع مصر خريطة واضحة في تحركاتها، وترى من الضروري دعم مؤسسات الدولة في البلدان الهشة في الإقليم، وترفض النهج القائم على دعم أفراد من جماعات التمرد أو الميليشيا، ولذا جاءت تحركاتها الأخيرة بتوقيع اتفاق للتعاون العسكري مع الصومال.

هذا الاتفاق يأتي في ظل نجاح حقيقي حققته الحكومة الصومالية في مواجهة الجماعات المتطرفة والحركات الإرهابية، لذا رأت مصر ضرورة دعم هذه السلطة لأن قوة حكومة مقديشو يعني تأمين جانب مهم من جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، الذي يمثل موقعًا استراتيجيًّا عامًّا في ميزان الأمن القومي العربي والمصري.

ومن هذا المنطلق يجب الوقوف اليوم خلف القيادة السياسية في تحركاتها في هذا الملف الهام والاستراتيجي الذي يمثل نقطة انطلاق حقيقية لتحقيق مفهوم الأمن القومي العربي الشامل.

ليس هذا فحسب، بل أثبتت الدبلوماسية المصرية مرونة واسعة ووضعت مصر كإحدى أهم الدول في الإقليم، فمهما تغيرت الأوضاع لا تزال القاهرة تملك كثيرًا من أوراق الاعتماد في المنطقة، ودورها الريادي لا يمكن أن يلعبه أحد غيرها، وذلك لما تمتلكه من تاريخ وحضارة، ولما تمثله مؤسساتها من قوة وحضور في المشهد الجيوسياسي الإقليمي والدولي، وفي مقدمة هذه المؤسسات قواتها المسلحة التي تصنف ضمن أقوى عشرة جيوش في العالم.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى