تصدر مشهد حضن اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس الوزراء الفلسطيني الاسبق للرئيس الايراني يوم تنصيبه رئيسا لإيران وكالات الأنباء الدولية لما له من دلالات سياسية كبيرة في المنطقة العربية خاصة في ظل الحرب.
الدائرة بين حماس وإسرائيل والتي قاربت على عام ولكن اغتيال هنية في مقر إقامته في إيران أثبت أن إسرائيل تؤكد نجاحها في الاختراق الأمني والاستخباراتي لمحور المقاومة سواء في طهران أو بيروت أو غزة أو دمشق بغداد وما حدث لطائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية عبداللهيان و إغتيال فؤاد شكر يؤلم الإيرانيين لأنه قائد كبير وإغتيال هنية مؤلم بسبب موقع الحدث وتوقيته وهو رقم قياسي عالمي إسرائيلى في مواجهة المحور الإيراني فإغتيال هنية في طهران هذا إنجاز يعيد بالتأكيد قوة الردع الإسرائيلية ويبعث برسالة واضحة للغاية إلى طهران وعشية تنصيب الرئيس الجديد لم يكن من الممكن أن يكون هناك توقيت أفضل من احراج إيران يوم عرسها الديمقراطي بتولي الاصلاحي بزشيكان مقاليد الحكم بعد انتخابات نزيهة وهو ما جعل المسؤولين الإيرانيين في صدمة مطلقة بعد اغتيال هنية لأنّ الاغتيال ضربة قوية لسمعة إيران الأمنية في الوقت الذي تريد فيه بثّ القوة في المنطقة هذا الاغتيال وضع إيران في مأزق كبير وقدرتها على حماية ضيفها الكبير الذي زين العرس الديمقراطي ولكن هناك توجس غريب من تصريحات “توكل كريمان” والتي قالت أن إيران قدمت دم هنية عربون محبة لأمريكا وإسرائيل
الحرس الثورى الايراني برفع راية الثأر الحمراء
بعد أن أظلمت إسرائيل مباهج الفرحة في العرس الديمقراطي الايراني “بكرسي في الكلوب ” قال المرشد الأعلى الإيراني خامنئي في تهديد مباشر لإسرائيل “إسرائيل مهدت الطريق لعقاب شديد “
كما قال إن عملية اغتيال إسماعيل هنية تمت على أراضينا وواجبنا “أخذ الثأر” وهو ما تم ترجمته سريعا من قبل الحرس الثورى الايراني برفع راية الثأر الحمراء فوق قبة مسجد “جمكران” الشهير بمدينة “قم” فضلا عما جاء علي لسان مستشار خامنئي بشن هجوم قاسي ومؤلم في الداخل الاسرائيلي وأنها ستدفع الثمن باهظا حيال هذا الاغتيال ولكن ظهر صراع جديد بين إيران وإسرائيل عندما أعلنت إيران أن عملية اغتيال هنية كانت من خارج الحدود الايرانية فيما أكدت إسرائيل أن عملية الاغتيال كانت من الداخل الايراني.. فمًا دلالة هذا ؟
ولكن هذا الاغتيال وضع إيران في موقف لا تحسد عليه ليس فقط بالرد علي انتهاكات إسرائيل لأمنها القومي ولكن أيضًا قطع أزرع المقاومة واجبار حماس علي شروط إسرائيل في إحداث تغيير جيوسياسي وديمغرافي في غزة ومنطقة الشرق الأوسط فهل إيران سوف تنسق مع أمريكا في توجيه ضربة عسكرية لإسرائيل خاصة في ظل وحدة الساحات أم أن إيران سوف تغرد خارج السرب وتقوم بضربة واحدة من قبل المربعات الأمنية لمحور المقاومة عبر العواصم العربية التي سيطرت عليها.
أمريكا الكاسب الاكبر من عملية الاغتيال
ولكن تأتي الإشكالية الكبرى هو موقف أمريكا في هذه العمليات النوعية من الاغتيالات السياسية التي قام بها نتنياهو منذ عودته من الولايات المتحدة الاميركية بعد إلقاء خطابه أمام الكونجرس الامريكي
فهل عاد نتنياهو من أمريكا بضوء أخضر لإشعال المنطقة؟ و قد أدرك نتنياهو أن ترامب سيفوز بشكل قاطع وتحركاته أصبحت لها ظهير كبير من الادارة الاميركية القادمة حتي في حالة فوز كمالا هاريس لان نتنياهو استطاع كسب أرضية كبيرة من الجمهوريين فضلا عن اللوبي الصهيوني الذي يدعم إحداث فوضي خلاقة في المنطقة من أجل حماية يهودية إسرائيل حتي وان كان تصريح بلينكن بأن أمريكا لم تشارك في القضاء على هنية ولم تعلم بذلك و الأولوية الآن هي للوصول إلى وقف إطلاق النار في غزة الذي يصب في مصلحة الرهائن هذا ضروري ونعمل على ذلك يوميا وهو ما أكدت عليه القيادة الاسرائيلية في قولها بالعادة لا تبلغ إسرائيل أي جهة بمثل هذه الاغتيالات مسبقا والمكسب الامريكي حاضر بشكل كبير سواء في دعم إسرائيل أو انهاك قدرة إيران أو من خلال الضغط علي القوى الدولية التي تدعم محور المقاومة أو الدول العربية إما باجبارهم علي معادة أمريكا بشن حرب شاملة تحرق المنطقة وتعوض خسائرها في الحرب الروسية الاوكرانية
هل نجت قطر من الإحراج السياسي ؟
من قام باغتيال هنية كان ينتظر فرصة عملية لا تكون على أرض قطر حتى لا يتم احراج الانظمة السياسية العربية وافشال المفاوضات حالة الرصد الدقيق لهنية لم تكن وليدة الصدفة ولكنها نتيجة رصد دقيق نفذته إسرائيل ومن يعاونها بدقة و لكن مع مراعاة العلاقات مع الانظمة السياسية العربية وخاصة التي تقوم بجهود الوساطة بين حماس وإسرائيل أو التي ترغب إسرائيل في التطبيع معها
إن اغتيال هنية سيؤثر بشكل مباشر على مفاوضات وقف إطلاق النار فهو أحد المُشاركين الرئيسيين فيها وحماس بحاجة إلى شخص آخر ليُديرها مكان هنية – عملية الاغتيال تمت بينما تنتظر إسرائيل ردّ حماس على تعديلاتها على المقترح-
وفي اعتقادى أن اغتيال هنية لن يقرب صفقة تبادل ولن يؤدي إلى مرونة في موقف السنوار حماس غيرت عقيدتها القتالية فعليا وتحولت من الهياكل العسكرية شبه النظامية إلى خلايا حرب العصابات الكلاسيكية التي تتبنى تكتيك “اضرب واهرب” وهو ما ستستمر به خلال المرحلة المقبلة حتي يتم ترتيب البيت الحمساوي ومحور المقاومة من جديد
مكاسب نتنياهو
استطاع نتنياهو أن يحقق العديد من المكاسب من هذه الاغتيالات السياسية الواسعة فقد ضرب العمق الايراني واغتال أكبر رمز للمقاومة الفلسطينية ورأسها المدبر فضلا عن ادخال المنطقة في أتون حرب شاملة في المنطقة من أجل تمديد عمره السياسي في مواجهة الانتقادات الداخلية من المعارضة أو ذوى الرهائن لدى حماس كما ظهر بطلا قوميًا أمام شعبه الذى وزع الحلوى في الشوارع بعد نجاح عملية اغتيال هنية وهو ما سوف يجمد عملية مفاوضات الهدنة الإنسانية ويصدر أزمة سياسية جديدة للوسطاء بفرض سياسة الأمر الواقع.. ومازال الخطر مستمر !