تقدير موقف

هانى الجمل يكتب.. اتفاق استراتيجى  بين روسيا – إيران.. هل هو غطاء لصانعى السجاد؟

الكاتب رئيس وحدة الدراسات الدولية والاسترايتيجة بمركز العرب

بعد مفاوضات ماراثونية لامست الثلاثة أعوام وقعت روسيا وإيران اتفاق شراكة استراتيجية بين الجانبين والذى يشير إلى  تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية التى تهدف إلى أن يحل هذا الاتفاق محل الاتفاق الحالي المبني على أسس العلاقات ومبادئ التعاون والموقع عام 2001 ومدتها 20 عاماً وتم تمديدها تلقائياً في عام 2020 لمدة 5 سنوات هذا الاتفاق سوف ينظم العلاقة بين البلدين لمدة عشرين عاماً ولكنه لم يحدد هل هو قابل للتمديد أم لا؟ وتغطي الاتفاقية الراهنة جميع مجالات التعاون الثنائي بين البلدين وتفتح “آفاقاً جديدة” في مجالات مثل “الدفاع ومكافحة الإرهاب والطاقة والمالية والنقل والصناعة والزراعة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا” وهى الاتفاقية الثانية التى توقعها روسيا فى هذا الإطار بعد توقيع مثيلتها مع ” كوريا الشمالية”.

اقرأ أيضا: أميره ابراهيم تكتب.. دور الصحافة الثقافية في الترويج للدراما الإعلامية الرمضانية وصناعة الرأي العام المجتمعي

هل عدم الثقة بين الطرفين هى ما تسببت فى تأخير توقيع هذا الاتفاق  الاستراتيجى؟

على الرغم من التقارب بين الدولتين منذ مجيئ الرئيس بوتين إلى سدة الحكم وتنامى العلاقات بينهما إلا أن تعثر هذا الاتفاق كانه له عدة قرأت من أهما استشعار روسيا أن إيران تستخدم هذه الورقة من أجل تحقيق مكاسب فى تدعيم علاقاتها مع دول حلف الناتو خاصة بعد مفاوضات ” 5+ 1″ وتقديم إيران نفسها بشكل مغاير للدولة الردكالية كما أن روسيا

كما أن مقتل الرئيس الإيراني” إبراهيم رئيسي” في مايو الماضي أدى إلى إدخال تعديلات على الأجندة الإيرانية لا سيما بعد تغير الفريق الإيراني المعني بتوقيع هكذا اتفاق إثر انتخاب الإصلاحي” مسعود بزشكيان” رئيسا في إيران  وهو ما أحدث تغييرات جوهرية فى الاتفاق وما شهدت الأيام القليلة الماضية من رحلات مكوكية سرية قام بها ” على لاريجانى” أحد كبار مستشارى المرشد الإيرانى ” خامنئ” إلى موسكو لضمان دعم إيران فى برنامجها النووى وتوسيع التعاون العسكرى ،فضلا عن تباين أجندات الدولتين لا سيما ميل إيران الجديد خصوصا من خلال هندسة عملية انتخاب بزشكيان للدفع باتجاه الانفتاح على الغرب بقيادة الولايات المتحدة على الرغم من  تطور علاقات البلدين وشراكتهما في الصراع في سوريا وصراع أوكرانيا لاحقا وتخندقهما ضد الولايات المتحدة والغرب

من وجهة نظرى أن  روسيا وإيران هما شريكان لكن ليسا حليفين كما هو الحال مثلا بين روسيا وبيلاروسيا وقد عرف البلدان خلافات مثل التزام روسيا ما قبل الاتفاق النووي لعام 2015 بعدم توريد منظومة صواريخ S-300 حين فُرضت عقوبات على إيران ما دفع طهران لرفع دعوى ضد موسكو أو مثل سماح إيران لروسيا باستخدام قاعدة همدان العسكرية عام 2016 ثم تراجع طهران عن ذلك، أضف إلى ذلك الأصوات البرلمانية الإيرانية قد جاهرت في اتهام روسيا بغض الطرف عن الهجمات الإسرائيلية التي طالت مصالح لإيران بما في ذلك اغتيال ضباط للحرس الثوري في سوريا في الأشهر والسنوات الأخيرة. وتمّ تداول أنباء مؤخراً عن كشف المخابرات الإيرانية الجهات في سوريا التي سربت معلومات أدت إلى قصف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق وتبيّن أن هذه الجهات على علاقة وطيدة مع موسكو.بيد أن آفاق الانفتاح الذي تعد به واشنطن خلال ولاية الرئيس ” بايدن” هي من الحوافز لإقناع طهران تحت رئاسة “بزشكيان” لعدم الإطاحة بهذه الفرصة من خلال ذهاب إيران بعيدا باتجاه روسيا.

تشكيل شرق أوسط جديد سباباً للمضى قدما فى توقيقع الاتفاق الاستراتيجى

من الملاحظ  أن التطورات الإقليمية والدولية الراهنة قد دفعت روسيا وإيران إلى التعجيل بتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية وخاصة مع اقتراب تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة لولاية ثانية والذي شهدت فترة رئاسته الأولى صداماً واسعاً مع إيران  خلف العديد من العقوبات الاقتصادية التى أثرت بشكل سلبى على الأوضاع الداخلية الإيرانية يُضاف إلى ذلك ما تواجهه طهران إقليمياً من إخفاقات لأذرعها في المنطقة وخسارتها نفوذها في سوريا بسقوط نظام بشار الأسد فضلا عن الخسائر الفادحة التى ألمت بحزب الله فى لبنان هذا بجانب تراجع شعبي حركة حماس فى فلسطين بعد الحرب مع إسرائيل وهو ما ينسحب على الوضع مع موسكو بعد الإطاحة بنظام الأسد.

وعلى جانب أخر هناك ثمة دلالة مهمة تتعلق بتوقيت توقيع الاتفاقية بين روسيا وإيران قبل أيام من تنصيب ترامب؛ بسبب توجهات الأخير المتشددة تجاه طهران وسعيه للحد من النفوذ الروسي؛ إذ يُعد توقيع هذه الاتفاقية تحدياً للغرب والولايات المتحدة في ظل سعيهما لعرقلة التحالف بين روسيا وإيران بتغليظ العقوبات الاقتصادية على كليهما وذلك على خلفية التهم الموجهة لطهران بمساعدة موسكو في حربها على أوكرانيا من خلال إرسال طائرات مُسيرة مقاتلة استخدمتها روسيا في استهداف منشآت حيوية داخل أوكرانيا.

هل يختبئ صانعى السجاد خلف الدب الروسى؟

فى ظل تسارع وتيرة الأحداث فى منطقة الشرق الأوسط واتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل فضلا عن عودة الرئيس” ترامب” مرة أخرى للمكتب البيضاوى فى أمريكا تجد إيران فى روسيا ملازا أمنا لها خاصة بعد تصريحات ترامب السلبية خلال برنامجه الانتخابي ضد من الصين وإيران ورغبته فى عودة العقوبات الاقتصادية مرة أخرى علي إيران لكسب ود دول الخليج من أجل تنفيذ ” اتفاق إبراهام” بينها وبين إسرائيل يجاور هذا الأمر دعم أمريكا لإسرائيل من خلال ” العيون الخمسة” فى الكشف عن القواعد الاستراتيجية للمفاعل النووى الإيرانى وأماكن الوقود من أجل توجيه ضربة قاسمة لها ومن هنا فإن هذا الاتفاق التاريخى قد يجنب إيران ولايات هذه الشرور الأمريكية فى ظل الرهان على الدور الذى قد يلعبه الرئيس ” بوتين” من خلال  علاقاته المميزة مع الرئيس ” ترامب” فى صياغة شكل جديد من العلاقات قد يساهم فى إعادة الحد من الإنتشار الإيرانى فى الشرق الأوسط مقابل الاحتفاظ ببرنامجه النووى.. كل هذه الأمور قد تتغير وفقاً لحالة المزاج العالمى فى أن يكون عام 2025 عاماً يشهد حراكاً اقتصاديا عالمياً بعد حالة الانكماش التى عانى منها خلال الفترة الماضية وطبقاً لرؤية اليمين المتطرف فى إدراة ترامب والعديد من الحكومات الأوروبية .

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى