رأي

أ.د. هاني جرجس عياد يكتب.. إدارة التكنولوجيا والابتكار في المؤسسات

الكاتب أستاذ ورئيس قسم الاجتماع والأنثروبولوجيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – الجامعة الأفروآسيوية

بالنظر إلى التغيرات والتطورات العلمية والتكنولوجية وخاصة ما تعلق منها بتكنولوجيا المعلومات والاتصال، والاتجاهات الاقتصادية المبنية على المعرفة، أصبح يعرف الفكر الإداري اتجاهات وتطورات جديدة مواكبة ومسايرة لتلك التغيرات والتطورات العلمية والتكنولوجية، والتي ظهرت في شكل أفكار ونماذج فكرية تعبر عن تطور الفكر الإداري.

فعلى خلاف العصور السابقة بدأت أهمية المعرفة ودورها في إتمام الأنشطة، وزادت معها أهمية الإبداع والابتكار كضرورة للبقاء سواء بالنسبة للأفراد أو المنظمات أو المجتمعات فكل شخص يريد إثبات وجوده ويحافظ عن كينونته عليه أن يبدع ويبتكر، ونتيجة لذلك أصبح الإبداع والابتكار والمنتجات الفكرية بصفة عامة لها أهمية وضرورية، إلى الحد الذي أظهر نمط حياة جديد يرتكز بالأساس على المعلومات والمعارف، فأصبحت بذلك المجتمعات بفضل تكنولوجيا المعلومات والاتصال ذات صبغة جديدة من حيث العلاقات التي تربط بين أفرادها وكياناتها الاجتماعية، ومن حيث نمط التصرف والتأقلم لتلك الوحدات ومن حيث الاتصال والتواصل فيما بينها.

اقرأ أيضا: د. محمد جبريل العرفي يكتب.. مواجهة مخاطر الأجهزة الذكية بين الغشم والإجرام وادعاء المعرفة

الأمر الذي قاد الفكر الإداري المعاصر إلى استعمال مصطلح مجتمع المعلومات كإشارة على الاستخدام الكثيف للمعلومات والمعارف وانتشارها الواسع بفضل تطور تقنياتها ووسائل نقلها المتمثلة في تكنولوجيا المعلومات والاتصال، هذه التطورات والتغيرات عززت من تطور الفكر الإداري من خلال بروز نماذج وتصورات فكرية وعملية حول النشاط الإداري، وبشكل سريع ومكثف، الأمر الذي جعل الفكر الإداري حاليا سريع التجدد والتطور.

ويأتي مجتمع المعلومات بعد مراحل متعددة مر بها التاريخ الإنساني، وتميزت كل مرحلة بخصائص ومميزات، حيث شهدت الإنسانية من قبل، تكنولوجيا الصيد ثم تكنولوجيا الزراعة، وبعدها تكنولوجيا المعلومات، التي رسمت الملامح الأولى لمجتمع المعلومات هذا الأخير تميز بالتركيز على العمليات التي تعالج فيها المعلومات، والمادة الخام الأساسية به هي المعلومة، التي يتم استثمارها بحيث تولد المعرفة، معرفة جديدة. وهذا عكس المواد الأساسية في المجتمعات الأخرى، حيث تنضب بسبب الاستهلاك، أما في مجتمع المعلومات فالمعلومات تولد معلومات، مما يجعل مصادر المجتمع المعلوماتي متجددة ولا تنضب الأمر الذي يفسر أهمية المعلومات، ومكانتها كأهم مادة أولية على الإطلاق وهوما يجعل المجتمع الجديد يعتمد في تطوره بصورة أساسية على هذا المورد، وشبكات الاتصال والحواسيب، ويتميز بوجود سلع وخدمات معلوماتية لم تكن موجودة من قبل، إلى جانب اعتماده بصفة أساسية على التكنولوجيا الفكرية أي تعظيم شأن الفكر والعقل الإنساني بالحواسيب، والاتصال والذكاء الاصطناعي ونظم الخبرة.

إدارة التكنولوجيا والابتكار

ففي مجتمع المعلومات يشكل قطاع المعلومات المصدر الأساسي للدخل القومي والعمل والتحول البنائي ففي الولايات المتحدة مثلا فإن قطاع المعلومات ينتج حوالي نصف الدخل القومي وفرص العمل، وتظهر اقتصاديات الدول المتقدمة في أوروبا أن حوالي 40 بالمائة من دخلها القومي قد انبثق من أنشطة المعلومات في منتصف السبعينات. ورغم تعدد المفاهيم حول مجتمع المعلومات إلا أنه يمكن استشفاف، إن مجتمع المعلومات يتركز أساسا على إنتاج المعلومة والحصول عليها واستغلالها في خدمة أهداف التنمية والتطوير، من خلال وضع آليات وإدارة انسيابها بواسطة بنية تحتية للمعلومات وشبكات الاتصال. ويمكن القول إن أهم عناصر قيام مجتمع معلومات مبني على قيمة المعرفة وإتاحة عادلة للوصول إلى المعلومات هي تنمية الإدراك البشري ومهارة استخدام تكنولوجيا المعلومات.

ومما لا شك فيه أن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات أثرت بشكل كبير على الإدارة العامة وتطور الخدمات الإلكترونية حول العالم. وبالرغم من إطلاق العديد من البلدان العربية لمبادرات وطنية في الحكومة الإلكترونية، لا يزال هذا المجال الحيوي بحاجة إلى التعاون على المستوى الإقليمي. وتولي الإسكوا الأولوية لتشجيع البلدان على وضع استراتيجيات وخطط عمل وطنية في مجال الحكومة الإلكترونية. وقد أصدرت في هذا الإطار دراسة بعنوان استراتيجيات الحكومة الإلكترونية في الدول العربية: الواقع الراهن وآفاق التطور، بحثت فيها في إنجازات المنطقة على صعيد الحكومة الإلكترونية، وهي تعد لإطلاق مجلس عربي للحكومة الإلكترونية، سيكون منتدى لتبادل التجارب.

 

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى