رأي

أكرم بركات يكتب.. من يُهدد أمن من؟

الكاتب صحفي سوري.. خاص منصة العرب

منذ 23 أيلول، أي بعد تصريح رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بشن عدوان جديد ضد سوريا، تصدر موضوع العدوان قائمة المواضيع الرئيسية في شمال وشرق سوريا وسوريا والشرق الأوسط والعالم، وبات موضوعاً دسماً للوسائل الإعلامية المحلية والإقليمية ايضاً.

هذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها أردوغان تهديدات بشن عدوان ضد سوريا، بحجة حماية أمنها القومي، وكأن شعب المنطقة ليس لهم أمن قومي. لأكثر من عامين كان داعش في خاصر دولة الاحتلال التركي ولم يتحدث أردوغان عن أمنه القومي؛ داعش التي كانت تهدد وما تزال تهدد الأمن الإقليمي والعالمي، بل على العكس دعمت تركيا مرتزقة داعش بكافة السبل والإمكانات المادية والمعنوية واللوجستية والاستخباراتية، وفتحت الحدود على مصرعيها أما توافد المرتزقة للانضمام إلى صفوف داعش.

تركيا استخدمت داعش لضربة الإدارة الذاتية التي وضعت لبنتها الأولى في 21 كانون الثاني 2014، فعقب تشكيل الإدارة الذاتية وجهت مرتزقة داعش صوب مدينة كوباني، واستخدم المرتزقة كافة العتاد والمعدات التي استولوا عليها أثناء احتلال مدينة موصل العراقية. وبالنظر إلى تصريحات الرئيس التركي أردوغان في تلك الفترة سنلاحظ جلياً من كان يدير الهجمات، حيث قال أردوغان: “كوباني ستسقط اليوم أو غداً”.

المقاومة التي أبدتها مكونات المنطقة من الكرد والعرب والسريان افشلت هجمات مرتزقة داعش، ومقاومة كوباني التي وصلت صدى لكافة اصقاع الأرض كانت بداية لنهاية مرتزقة داعش، وانطلاقة لتحرير باقي المناطق التي كان تحتلها داعش في سوريا. حيث توجهت القوات الثورية صوب منبج التي كانت عاصمة لمرتزقة داعش الأجانب وبوابة دخول المرتزقة إلى سوريا، وبعد انهيار داعش في منبج تدخلت دولة الاحتلال التركي بشكل مباشر وعسكرياً في الأراضي سوريا، في 26 تموز 2016، عبر مسرحية هزلية كان مخرجها أردوغان والكومبارس مرتزقة داعش والجيش التركي.

بتحرير مدينة كوباني من مرتزقة داعش، ظهر مصطلح الأمن القومي التركي للسطح، ومنذ تلك الفترة وحتى اللحظة يردد مسؤولو النظام التركي هذا المصطلح، علماً أن القوى العسكرية في شمال وشرق سوريا لم تطلق طلقة واحدة صوب الحدود التركية، على العكس تركيا قتلت العشرات من السوريين على الحدود معظمهم فلاحون كانوا يحرثون أراضيهم.

تركيا وحتى حكومة دمشق لم ترى داعش خطراً على أمنهما القومي، إلا أنهما تريان مقاومة وصمود شعب مناطق شمال وشرق سوريا خطراً على أمنهما القومي. تركيا شنت عدواناً على مقاطعة عفرين ذات الغالبية الكردية، بداية عام 2018، بتواطؤ مباشر مع روسيا عبر اتفاقية مقايضة، روسيا فتحت الأجواء امام تركيا وتركيا سحبت المرتزقة التابعين لها في الغوطة، وعبر اتفاقية مماثلة مع أمريكا شن أردوغان هجوماً ضد منطقتي سري كانيه/ راس العين وكري سبي/ تل ابيض. وتم احتلال هذه المناطق وتهجير سكانها وتوطين أسر المرتزقة ضمنها، وباتت تلك المناطق بؤرة لبقايا مرتزقة داعش وجبهة النصرة والمجموعات الجهادية المتطرفة التي تنفذ تطلعات واجندات دولة الاحتلال التركي في سوريا وخارجها كليبيا وأذربيجان وجنوب كردستان.

كل الخلايا النائمة التابعة لمرتزقة داعش والتي تنفذ هجمات ضد مناطق شمال وشرق سوريا تدار من المناطق التي تحتلها تركيا، هناك عشرات الوثائق والمعلومات التي نشرتها الجهات المعنية.

تهديدات الرئيس التركي الأخيرة بشن عدوان جديد ضد المناطق السورية لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بأمنها القومي، بل الهدف الرئيس تدمير الإدارة الذاتية التي يتبناها مكونات شمال وشرق سوريا، والذي يعد المشروع الديمقراطي الأول والفريد من نوعها في الشرق الأوسط، وثانياً تحويل الشريط الحدود الفاصل بين سوريا وتركيا إلى منطقة أمنة للمرتزقة والمجموعات الإرهابية وعلى راسهم داعش وجبهة النصرة وحراس الدين والقاعدة.

بالنظر إلى المناطق التي احتلتها تركيا سنلاحظ من يُهدد أمن من. تركيا هجرت قرابة مليون ونصف المليون من السكان الأصليين من المناطق التي احتلتها في سوريا، وغيرت من معالمها، فرضت اللغة والعملة التركية، دمرت دور العبادة للأقليات والاثنيات، وحولت تلك المناطق إلى مناطق منفلت أمنياً وعسكرياً وتشهد بشكلٍ يومي اشتباكات وعمليات سلب ونهب واغتصاب، حولت تلك المناطق لمركزاً لتجميع المرتزقة الأخطر في العالم، ومقتل كل متزعمي داعش أبو بكر البغدادي وأبو إبراهيم الهاشمي دليل دامغ على ذلك، في حال استمرت تركيا بسياساتها والتزم المجتمع الدولي بالصمت وواصلت القوى الدولي التواطؤ مع تركيا فأن المناطق المحتلة من قبل تركيا ستكون بؤرة تهدد أمن والسلم الدوليين.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب 

 

#أكرم بركات.. من يهدد

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى