أحمد الجويلي يكتب.. جسور دولة العالم الحر الثورة على النموذج!
الكاتب باحث مشارك بمركز العرب.. خاص منصة العرب الرقمية
إذا كان المخطط هو الوصول إلى الفوضى الشاملة، في كافة أرجاء المعمورة، قد يكون أمر صعب ولكنه ليس مستحيل إذا تم بمعدلات قياسية ثابتة بمدخلات عالية الدقة.
ومثلما هو الحال في أي معادلة علمية في الكون، مهما بلغ حجم تعقيدها في النهاية هي تخضع للقياس،
ولابد لها من معطيات حتى تنتهي بمخرجات، سلبية أو إيجابية، صحيحة أو خاطئة، نافعة أو ضارة، وبالرغم من أنها كلمات تمثل الفعل وعكسه لكنها في المخرجات العلمية البحتة على حد سواء.
ما أريد أن أوضحه أن كل النتائج ممكنة في ظل الضغط الذي يتعرض له الجميع في كل مكان، الناتج عن الإتجاه الواحد والرأي الواحد والصوت الواحد وهو الذي يُنذر بكوارث وخيمة بمجرد حدوثه فما بالنا وهو يتزايد بشكل زاحف يومياً بشكل علني !
وبالرغم من وجود المعرفة الكاملة لدينا بالغاية والهدف وهو الإفشال والاضعاف وقلب واختلال الموازين رأساً على عقب، اجد اننا نسير إليها كمن يسير نياما في وضح النهار وبدلا من العمل على إفاقته نقوم بتهيئة الظروف الميسرة لاستكمال الغفوة التي ليس لها صحوة إلا بعد أن يتبدل كل شئ حوله وتكون البيئة قاسية بشكل اقوى من ذي سبق !
ولذلك علينا إتاحة متنفس بل وتغيير الاستراتيجيات العامة المؤثرة بقوة في الواقع العام، وإلا فنحن نسير في مخطط الإغراق دون أدنى شك والتي لا يصلح معها أي نوع من انواع التعويم..
بشكل جلي هناك إعلان مدوي بأن هناك نموذج قوي تتهاوى أركانه وآخر أمامه يصعد بقوة، فقد سئم من يدير مقاليد القوة في العالم من وجود شركاء في الأرباح حتى وان كانوا يشتركون في أرباح على المدى القريب فقط، فقرر أن يدخلنا في خضم العصور الجديدة للصدام.
ومن يتصور أن روسيا قد تدخلت عسكريا في أوكرانيا بمحض الصدفة أو نتيجة تصرف فردي قام به الرئيس الأوكراني زيلنسكي بالاتفاق مع “حلف شمال الأطلسي ناتو” وهو في تعريفاته الرئيسية أنه هجومي عسكري فهو مخطئ تماما خاصة وان أوكرانيا ليست ليست عضواً في ذلك الحلف حتى الآن!
وبالرغم من كل المحاولات التي تقوم بها أوكرانيا للانضمام إلا أن العمق الأوروبي لا يستجيب قد يكون ذلك لزيادة بارود الحرب لزيادة المكاسب وتجارة المعونات أو لإضعاف الجانب الروسي على حد سواء!
ومن يتصور أن صعود المعسكر الشرقي على حساب الولايات المتحدة الأمريكية هو نتيجة لضعف جو بايدن أو أنها لم تحدث سابقاً لقوة دونالد ترامب وإن شئنا نقول تهوره، فهو واهم ويحتاج لإعادة مراجعة.
إن العالم له دوران في دورة منتظمة مثل دورة الأرض حول محورها وحول الشمس، دورة يُعاد فيها تنظيم الأمور بدقة لخدمة التاجر الأكبر “حسب اعتقاده”
ويتم غرس البذور وإدخال المدخلات الاجتماعية والثقافية بالتدريج مع التطور التكنولوجي والوهم بنظرية ربط الحداثة حسب ما تقرره الثقافة الخارجية من مفاهيم ودونها لا تصبح المجتمعات مصنفة من ذوي الحداثة والتطور، ومع دمج كل تلك المعطيات والمدخلات نخرج بما نراه حاليا من تضارب عسكري وهزات قوية للاقتصاد العالمي، لصالح تاجر كبير مستفيد في سلم وحرب.
الحرب .. ماهي إلا توجيه جديد لدفة موازين القوى في العالم بشكل مختلف عن ذي قبل، وترسم ملامح واضحة المعالم للنظام العالمي الجديد، وتنبئ عن سيد جديد للعالم بهيمنة مختلفة والقتل ما هو إلا قربان لتهيئة الأرض لما تستعد له من تحولات جسيمة بعيدة المدى!
وإني لأنظر إلى صعود المعسكر الشرقي أنه لن يقف على حد آخر مدى من تأثير النفوذ الروسي الصيني ولكن هناك صعود إسرائيلي واضح في الارجاء،
على عكس ما انتشر في الآونة الأخيرة حول زوال إسرائيل في العقد الحالي، وما اسندوه لنبوءات بابلية والذي دأبت الصحافة الإسرائيلية الناطقة بالعربية والتي ترتبط بعلاقات وثيقة وقوية مع جهاز الاستخبارات الاسرائيلي “موساد”، في الفترة الاخيرة على الاهتمام باستضافة الحاخامات، والتحدث باللغة العربية وتفنيد تلك النبوءات و نفيها بشكل قاطع، لأنه بكل تأكيد سيؤثر بشكل قوي على الصعود المؤثر القادم المرتقب حتى وان تطلب تغيير بعض الوجوه لتثبيت صورة جديدة عن المجتمع اليهودي في حد تصورهم،
حتى إشكاليات اليهود الأكثر تعقيداً لم تعد مطروحة الآن على الساحة القائمة على العرق حول إنهم هل جميعهم ينتمون إلى البشرية بشكل طبيعي أم أنهم ينتمون إلى شعب الله المختار فقط؟ بنفس قدر التساؤل عن انتمائهم جميعا إلى شعب الله المختار .. الآن هو وقت القتال من أجل استمرار البقاء وليس التحقيق والنقد أو التحقق،
فإن الغاية والهدف قد تم تحقيقه منذ أربعينيات القرن الماضي بشكل واضح في مخطط واضح ومعلن وصريح لا يقبل مجالا قابل للشك، ولم يتركوا لنا فيه مقالا.
هو الأمر بذاته توزيع المهام واختيار الوكلاء الجدد بعد فشل الوكلاء القدامى من أداء المهمات ذات الطرز الجديد حتى وان كانت تربطهم روابط تاريخية مع من تتوارث لديه مقاليد التحكم في القوى والسياسات العالمية،
كلها معطيات ومدخلات قابلة للقياس لتخرج لنا مشاهد تكررت كثيراً عبر العصور ناهيك عن الاعتماد الثقافي على المدخلات التي تؤيد المادية والعدمية والفساد والإلحاد،
الآتية من الحضارة الغربية المتطورة المتحضرة التي تضرب حاليا بعضها البعض لذلك كان يقول زيلنسكي في مجلس الأمن في خطابه الأول أن ما فعلته هو خرق واضح للقيم الأوروبية..
مثلما برر بوتن تدخله انه رداً وايقاف للنفوذ الغربي للناتو، وتأثير زحف القيم الواردة من الغرب نحو روسيا وهو أمر لن نسمح به!
بالاضافة لمنع المواطنين الأوكرانيين التحدث بالروسية وهذا ما يثبت بشكل لا يدع مجالا للشك أنه مثلما الحرب تشير والسلاح يؤدي للدماء؛ والقتل يدل ويهيئ؛ والانهيار الاقتصادي يؤثر؛ هناك نوع آخر من الحروب وهو توجيه القيم لان التعريف الأساسي والأول للأمن القومي للدول هو: “قدرة الدولة على حماية قيمها الداخلية” من أي تدخل سواء كان داخلي أو خارجي،
والتعريف الآخر هو: “الوصول للحد الذي يتيح للدولة تغيير سلوكيات الدول الآخر لضمان توجيه واحتواء أي سلوك معادي قد يصدر منها في أي وقت كان”
بإختصار ما نعيشه حاليا هو ممر مُلغم صعب للعبور من حقبة تاريخية إلى أخرى، ومن سلطة إلى أخرى، ومن قوة إلى أخرى، ومن استعمار وتهيئة إلى جديد،
إذا لزاماً علينا التكاتف والاقتراب أكثر من الله عز وجل، علينا ترك المجال لمتنفس جديد على أرض العرب نحتاج إلى المزيد من الحريات التي باتت ثقافة موجهة والسير على الدروب الصحيحة، كما علينا توفير المساحة الكافية للجرح والتعديل وإعادة استكشاف الآراء العامة،
فإننا وإذا عجزت الحكومات عن إيجاد حل فعليها أن ترتمي في أحضان شعوبها فهي الأكثر حكمة ودقة وبصيرة …
لاننا نعيش حرفياً ثورة مغايرة على النموذج الكلاسيكي والذي بالضرورة يتبعها ثورات أخرى لذا علينا الحذر من أي ادخنة متصاعدة، والذي يُعد كبتها مرهق ويسبب الاضعاف الشامل وهو المقصود،،
هو قد يكون هو العبور الأصعب والممتد آثاره ولكنه بالتأكيد لن يكون الأخير.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب