أحمد الجويلي يكتب.. الفكرة والتشكيك هم اقوى أسلحة العصر الحديث!
تكمن قوة العقول في قدرتها على التحليل الدقيق والربط بين أبسط الأشياء للخروج بحقائق مختلفة فارقة تساعدنا على ترتيب الأوراق فيما هو قادم من أجل مستقبل آمن لشعوب المستقبل ومن هنا اطرح سؤال بسيط، ماهو الاقوى على التأثير مرض فيروسي سريع الانتشار، أم فكرة طازجة بسيطة الوصول ادوات اقناعها سهلة ومتجددة؟
بالتأكيد الفائز هو الفكرة، لأنها تستطيع أن تصيب أكبر عدد ممكن بأقل تكلفة وفي اقل وقت إذا ما كانت لديها القوة الكافية و التلامس المباشر مع الواقع لشرائح المجتمع المختلفة، وإذا أخذنا بالقياس الشعب المصري تحديدا، بما له من بساطة وقوة على التأثير قادرة على تغيير استراتيجيات استخباراتية دولية ببساطة و بفطرة سديدة لا تظهر إلا في المحن والشدائد،وإذا سألتهم كيف فعلتم ذلك.. سيقولون لقد فعلناها هكذا كما رأيت دون عناء وقتما استشعرنا الخطر!
اقرأ أيضا:أحمد الجويلي يكتب.. فتنة عقائدية خامدة تحت الرماد!
مواصفات كتلك التي ذكرناها هي كنز متجدد لاي قيادة ناجحة.. سلاح مستعد دائماً في وقت الأزمات،
ولا اخفيكم سراً انه يتم عمل قياسات اجتماعية دورية من قبل الأعداء، هدفهم الرئيسي هو تجريد الوطن من سلاحه الأول والأقوى، الوحدة واليد الواحدة، فتجدهم يوميا يبثون ما يفرقون به بين أبناء الوطن الواحد، وتطبيق مخطط “الذاكرة اللحظية” وهو المنطوق الذي كشفه الجنرال والأستاذ أحمد عز الدين،
ولان المصريين يميلون الى النوستالجيا أو الحنين للماضي، فإن مهمة محو الذاكرة الوطنية الجانب الذي يربطهم ببعضهم البعض في غاية الصعوبة، وهنا جاءت استراتيجية تركيب الذاكرة الجديدة، تحت عناوين براقة في البداية تغيير المسميات واستخدامها في الإعلام،
من المنطقة العربية، إلى الشرق الأوسط، وعندما اعتادت الأذان عليها وبدأ استخدامها من الإعلاميين، بدأت تتحول الى المنطقة ومن ثم الشرق الأوسط الكبير ثم الشرق الاوسط الجديد،
وبعدما كنا عرب يربطهم ثقافة وهوية موحدة بالمصطلحات الجديدة أصبح لنا شركاء لم يكونوا يوما ضمن المكون الأساسي للوطن العربي، اسرائيل، تركيا، إيران.. وقريبا اثيوبيا!، وعلينا التألف والتعامل معهم قصرا بسلام حتى لو كانوا هم من بدأوا بالعداء ومازالت الأطماع والأحلام الاستعمارية قيد التفعيل، ولا ابالغ عندما اقول أن إذا كان المستهدف هو العرب، فإن مصر هي قلب لوحة النيشان!
لذلك اللعب عليهم هو الجزء الاكبر والاهم من الخطط والاستراتيجيات وانني لم ابتعد كثيراً، بل وارفض تماما ما يحاول الساسة التوجيه إليه، بأن الأطماع هي أطماع في الثروات الطبيعية فقط لا غير، أن الشعوب هي أكبر ثروة يمكن لأي قوة في العالم إذا ما استطاعت توجيهها أو إدارتها، أن تقوم بجني المكاسب أكثر مما كانت تبدو عليه من الثروات الطبيعية، كل هذا ولم أتحدث عن الطابع الديني الذي تدور حوله المخططات، وما تحويه المؤامرات حتى نهاية الزمان!
وحيث أن مصر لها خصوصية متفردة بدأت استراتيجيات التفتيت عليها،
إن مصر ليست عربية اسلامية أو قبطية مسيحية أو فرعونية، مصر هي نسيج احتوى كل هذه الحضارات والثقافات هضمها بشكل مختلف عن أي ثقافة أخرى، وخرج بنتيجة خاصة وثقافة وهوية متفردة، ستجد في مصر اسلام لن تجده في جزيرة العرب مهد الإسلام، وستجد مسيحية لم ولن تجدها لا في أوروبا الملحدة، ولا في بيت لحم مهد المسيحية وقبلتها…
لذلك فإن مصر بطبيعتها التلقائية لها خصوصية الريادة والقيادة، ونزعها من اصعب ما يكون، فكان على الإدارات الاستعمارية التي رسمت حدود الوطن العربي، أن تقوم بالعمل على محورين من أخطر ما يكون، الأول إعادة ترسيم الحدود حيث دخلت تركيا لتكون بتاريخها الاستعماري وكيل مميز للقوى الاستعمارية الحديثة في المنطقة، تحت شعار قيادة العالم “السُني” مع تغذية التنافسية الاقتصادية والسياسية مع الخليج وبالتحديد المملكة العربية السعودية، كونها ترى نفسها هي الممثل الشرعي للإسلام،
وإدخال إيران كونها ممثل النصف الآخر من الإسلام ممثلة للعالم الإسلامي “الشيعي” وتصبح إسرائيل هي عنصر الإدارة المحركة الآمر الناهي في الأمور،
والمحور الثاني تغذية حلم القيادة والأطماع الاستعمارية لدى العرب ليأكلوا بعضهم بعضاً، وبذلك تكون خطة التقسيم واضحة راسخة لدى الجميع، حرب عربية عربية على أساس عرقي ومذهبي كما أن وجود إيران تحديدا ليس مجرد خلق تنافسية استعمارية بينها وبين الخليج فحسب، بل لتكون فزاعة وأداة يتم من خلالها ابتزاز السعودية للمزيد من ضخ الأموال وإنقاذ الحكومات المعادية الدولية ومخططاتها الدولية من الانهيار، في النهاية نحن باختيارنا نقوم بتمويل الفزاعة التي تُخيفنا والسلاح الموجه فوق رؤوسنا..!
والوحيد القادر على الخروج بمنحنى آمن في هذه المعادلة هو الشعب المصري، بفطرته المعهودة لذلك كان على الجميع أن يضخ أموالاً كثيرة ناطقة بالمصرية للمصريين في الإعلام والفن والرياضة لتهيئة المصريين للقرارات الخليجية، وتبني وجهات النظر الخاصة بهم، حتى وإن كانت معارضة للمصالح المصرية الداخلية!
أرفض تسليم مقاليد القيادة طوعاً أو كُرهاً من مصر إلى أي دولة أخرى مهما كانت قوتها وقدرتها أو قوة نفوذها العربي، وتلك ليست شيفونية مفرطه أو مبالغة في غير سياقها وإنما هو لصالح المنطقة ككل وليس لمصر وحدها فحسب،
فهي الأحق والأجدر للقيادة!
ما أود أن أقوله أن إخضاع الشعوب والسيطرة عليهم هي أساس أي استراتيجية، خاصة الشعوب المؤثرة في جيرانها واقرانها من كل بلاد العالم، هؤلاء دائما ما يكونوا قلب لوحة النيشان، وكما قال برنارد شو فرق كبير بين إدارة جمع وإخضاع أمة، وما مر على الشعب المصري من أحداث يؤكد ما نقول وتحديدا، منذ انتفاضتهم لتحطيم استراتيجية الحرب على الأساس المذهبي والديني واشعار أزمات تحت مصطلح الأقليات، والذي لم يكن موجود في مصر ابدا حتى من قبل الفتح العربي لمصر، حتى قبل الغزو الروماني، وانني اقول منذ بداية المصري القديم، فإن الشعب المصري له التفرد والخصوصية كونه رأى معجزات الأنبياء رؤية واضحة بالعين المجردة وكلها مسجلة بالجينات الوراثية عبر العصور، هو شعب حارب وناضل وكافح طويلا كي يكون حراً، استثنائياً رغم بساطته الكبيرة، كلها سنوات من التاريخ الذي وجب محوه وأفضل أدوات المحو هو التشكيك!
فمن هبطت عزيمته وفقد إيمانه الراسخ هانت عليه حياته وحياة الآخرين، ومن تقبل التشكيك في عقيدته وهويته الاستثنائية فقد كل الخصائص التي تتمتع بها تلك الهُوية، واتعجب من الإصرار والتشبث بأن مصر عربية أو قبطية أو مصرية قديمة “فرعونية”!
عظمة مصر في الجينات الوراثية والخبرات والأحداث التي مرت عليها كل تلك الحضارات العظيمة ..
انت مصري الهوية التي تضم كل الحضارات التي حولت مسار البشرية من الظلام إلى النور، انت ابن للنسيج الذي غير خارطة الطريق للعالم كله، لديك أساس صلب، ورغم ذلك نتودد للانتماء لحضارات لم تفيد البشرية إلا بما هو قائم على أساسيات هي ملك لك بالأصل سواء مصرية قديمة أو قبطية أو عربية!
تغيرت الأساليب بتغيير الأجهزة المتعاقبة على المصري الحديث ولازال صامداً، أمام حروب الفقر والتشكيك في كل ما هو أصيل، الدين والحضارة والهوية والتاريخ، تيمناً بالغرب “الملحد” الذي كان أول من وقع في الفخ،
والإلحاد ليس في ذاته مصطلح له دلالة بذيئة يُقصد بها إهانة من يقوم بالجهر به، بل اتجاه خاطئ صنعه بالشكل الحالي بشر لديهم تشوهات جسيمة، في هويتهم وتاريخهم مع الدين، وأنا كإنسان يحتكم لشرائع الله تعالى في الديانات السماوية، احترمك كإنسان وإن لم تكن تؤمن بالإله الذي اتشرف بعبوديتي له، ولكن ما لا أقبله هو تشكيك المستمر بكل الأشكال في وعيي وضميري وإلهي،.
فأنت يا من تدعوا للحرية كونك لا تؤمن بالإله، أكثر اجحافاً كونك تريد قسراً أن اكون مثلك غارقاً في فخ المادية!
الأمر اختيار فليس ذنب الشعوب أن مجموعة من البشر وقعت يوما ما ضحية مجموعة فاسدة من حكم محاكم التفتيش في الكنيسة الكاثوليكية التي حاربت التعاليم القويمة للسيد المسيح عليه السلام حتى وإن كانت في ظاهرها التمجيد…
بغرض الحكم وابعاد البشر عن تعاليمه السمحة على المدى البعيد عبر إظهاره بصورة على غير حقيقة ما بعثه الله تعالى عليه،
كما هو الحال مع الجماعات التي تُسبح باسم الإسلام وهي بعيدة تماما عنه، كل هذا هدفه إغراق الناس في بحور المادية والإلحاد والابتعاد عن الله تعالى،
عليكم أن تواجهون مصيركم وخطايا تاريخكم، ولا تفرضوا توابعه على أصحاب الحضارات التي عاملتهم كبشر، بهدف إخماد انوار على خريطة عمل سماوية أضاءت للعالم دروب الخير.
لذلك ابتعدوا عن المصريين دروع الحضارة العربية لأن هدف وجودهم هو ما سيكون في الغد، والنصر لهم محتوم مهما تم الضغط عليهم من شدة الضيق، ومهما تم تسليم مهمات الضغط والتغيير السلوكي والفتنة من اجهزة دول بعينها تناست أنها تنتمي لجانب من الهوية المشتركة مع المصريين، بالإضافة للصهر والرحم، من أجل الحفاظ على العروش وخدمة مخطط تم وضعه منذ بداية الشر في الخلق وقت هبوط آدم مع زوجه إلى الأرض مع كلمات التوبة، التي أثارت حقد بغيض…
فهي دعوة إلى الشعوب الرحم والاديان والهُوية والتاريخ والإنسانية المشتركة لابد وان تكون هي الحاكمة وليس البغض والضُر والشرور،
وعلى المصريين أن ينتبهوا لأنهم قلب لوحة النيشان في كل الأزمات!
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب