
إعداد : محمود ناصر جويده (باحث سياسي مصري متخصص في الشأن الأفريقي)
المقدمة
يُعد انفصال جنوب السودان عن جمهورية السودان في عام 2011 واحدًا من أبرز التحولات السياسية في القارة الإفريقية خلال العقود الأخيرة، حيث جاء بعد استفتاء شعبي شهد تأييدًا ساحقًا للاستقلال، في إطار اتفاقية السلام الشامل ، والتي أنهت عقودًا من الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب. ورغم أن هذا الحدث كان يُنظر إليه على أنه خطوة نحو الاستقرار والسلام، إلا أن الواقع كشف عن تحديات مستمرة، أبرزها النزاعات الحدودية بين الدولتين، والتي لا تزال قائمة حتى اليوم، بل وتتصاعد في ظل التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة.[1]
وتُعد منطقة أبيي من أكثر النقاط حساسية في الصراع الحدودي، نظرًا لموقعها الاستراتيجي ومرور أحد روافد النيل الأبيض عبرها، مما جعلها محورًا للتجاذبات السياسية بين الطرفين. كما تستمر النزاعات حول مناطق أخرى، مثل كافيا كنجي، التي تمتد على مساحة 13 كيلومترًا مربعًا، ومنطقة 14 ميل، ومدينة كاكا، التي تُعد شريانًا تجاريًا مهمًا بين البلدين. وقد ازدادت حدة هذه النزاعات في السنوات الأخيرة، خاصة مع سعي جنوب السودان لفرض واقع سياسي جديد في أبيي، مستغلًا الأوضاع المضطربة في جمهورية السودان.[2]
يسعى هذا المقال إلى تحليل النزاع الحدودي بين السودان وجنوب السودان، واستعراض تطوراته بعد الانفصال، وتأثيره على الاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى استشراف السيناريوهات المستقبلية لهذا الصراع، سواء من منظور التسوية السلمية أو استمرار التوترات بين الدولتين.
اقرأ أيضا: د. محمد جبريل العرفي يكتب.. التفاهة إحدى وسائل التغييب للتحكم في العقول
- هل يعيد جنوب السودان رسم خريطة أبيي وسط فوضى السودان؟
بعد فترة من الهدوء النسبي في المنطقة، عاد الصراع على منطقة أبيي إلى الواجهة مجددًا، إثر تحركات حكومة جنوب السودان للاعتراف بنتائج استفتاء أبيي لعام 2013.[3] وهو استفتاء أحادي الجانب، وقد أسفر الاستفتاء، الذي أجرته قبيلة دينكا نقوك، التي تشكل الأغلبية في المنطقة، عن تصويت كاسح لصالح انضمام أبيي إلى جنوب السودان، حيث بلغت نسبة التأييد حوالي 99%، وذلك دون موافقة الحكومة السودانية أو الاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة.
وفي يناير الماضي، ومع تصاعد حدة الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، استغلت جنوب السودان هذه التوترات وشرعت في اتخاذ خطوات حاسمة للاعتراف بنتائج الاستفتاء. شمل ذلك انعقاد مجلس وزرائها، إضافةً إلى اجتماع مصيري ضم الرئيس سلفاكير، ونائبه رياك مشار، ووزير شؤون أفريقيا، دينق أبور، لمناقشة تداعيات القرار وترسيخ المسار السياسي الجديد.
في الشهر ذاته، عقدت وزارة الخارجية السودانية اجتماعًا مع مسؤولين من منظمات دولية والبعثات الدبلوماسية في السودان. وخلال الاجتماع، كشف السفير أنس الطيب، المسؤول عن التعاون الدولي بوزارة الخارجية السودانية، أن جنوب السودان تمضي قدمًا في خطوات أحادية لضم منطقة أبيي، في تحدٍ سافر للاتفاقيات القائمة. ووصف هذه التصرفات بأنها تهديد صارخ للسلام في المنطقة وقد تشعل فتيل الصراع من جديد .[4]
ردًا على ذلك، نظّمت قبيلة المسيرية في يناير الماضي وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الأمم المتحدة [5]في أبيي، رفضًا للإجراءات التي تتخذها حكومة جنوب السودان، متهمةً جوبا باستغلال الأوضاع المضطربة في السودان لتحقيق مكاسب غير مشروعة. ووقع قادة القبيلة على مذكرة رسمية، سلّموها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، شددوا فيها على رفضهم القاطع لتلك الممارسات، مؤكدين أنها تمثل تهديدًا مباشرًا لحقوقهم ومصالحهم.[6]
تقع منطقة أبيي على الحدود بين السودان وجنوب السودان، وتبلغ مساحتها حوالي 10,000 كلم مربع. تتمتع أبيي بأهمية استراتيجية واقتصادية خاصة، حيث تعد مركزًا وممرًا تجاريًا مهمًا، بالإضافة إلى احتوائها على احتياطات نفطية كبيرة.
تتمتع المنطقة بوضع إداري خاص منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل عام 2005، وذلك في إطار الترتيبات الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة. ورغم ذلك، لا تزال أبيي محل نزاع بين السودان وجنوب السودان، حيث تعد موطنًا للعديد من المجموعات السكانية، أبرزها قبيلتا المسيرية[7] والدينكا نقوك.
وضع صحي مأساوي في منطقة أبيي:
تعاني منطقة أبيي من أوضاع صحية متدهورة نتيجة الأزمات الإنسانية والجفاف والصراعات المسلحة، مما أدى إلى نقص حاد في الخدمات الصحية. على الرغم من وجود بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام، فإن الوصول إلى الرعاية الصحية لا يزال محدودًا، حيث يعمل طبيب واحد فقط و11 عامل رعاية صحية لخدمة أكثر من 200,000 شخص. كما تعاني المنطقة من نقص في الأدوية الأساسية وانعدام نظام معلومات صحي فعال.
في محاولة لمعالجة هذه الأوضاع، تعاونت المنظمة الدولية للهجرة مع وزارة الصحة السودانية لتعزيز النظام الصحي في شمال أبيي، وأُنشئت شبكة إنذار مبكر في مارس 2023 لرصد تفشي الأمراض المعدية مثل الحصبة وشلل الأطفال. إلا أن الحرب في السودان فاقمت الأزمة، متسببةً في تفشي الكوليرا وحمى الضنك، مما يبرز الحاجة إلى استراتيجيات مستدامة لدعم النظام الصحي في المنطقة.[8]
- الجذور التاريخية للصراع
شهدت البلاد توترًا متصاعدًا بين الشمال والجنوب خلال فترة الاحتلال البريطاني. ولعب الاستعمار البريطاني دورًا محوريًا في تعميق الفجوة بين الجانبين من خلال فرض سياسة “المناطق المغلقة”[9]، التي عزلت الجنوب عن الشمال ومنعت أي تواصل ثقافي أو حضاري بينهما. وقد أسهمت هذه السياسة في تعزيز الاختلافات العرقية والدينية واللغوية، مما أدى إلى شعور الجنوب بالتهميش والانعزال. ومع مرور الوقت، تراكمت التحديات السياسية والاجتماعية، مهددة وحدة السودان، وممهدة الطريق لنشوب صراعات دامية استمرت لعقود.
قبل أربعة أشهر من الاستقلال الرسمي، اندلعت الحرب الأهلية السودانية الأولى[10] (1955 _ 1972) بين الحركات الانفصالية في الجنوب، التي سعت إلى إقامة دولة مستقلة، وبين الحكومة السودانية التي تمثل الشمال. استمر الصراع لأكثر من عقد، حتى توقيع اتفاقية أديس أبابا عام 1972، التي منحت جنوب السودان حكمًا ذاتيًا، ممهدةً الطريق لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد.[11]
في عام 1983، أعلن الرئيس السوداني جعفر النميري المعروف باحتقار الجنوبيين تحويل السودان إلى دولة إسلامية، متخذًا قرارًا بإلغاء الحكم الذاتي لجنوب السودان، الذي كان يتمتع بأغلبية مسيحية. شكّلت هذه الخطوة نقطة تحول حاسمة في تاريخ البلاد، إذ أشعلت شرارة الحرب الأهلية السودانية الثانية [12](1983 _ 2005)، التي سرعان ما تحولت إلى صراع طويل الأمد. لكن لم يقتصر النزاع على المواجهة بين الشمال والجنوب، فقد اندلعت صراعات دامية بين الفصائل الجنوبية نفسها، مما أسفر عن خسائر بشرية فاقت بكثير تلك التي نجمت عن القتال ضد القوات الشمالية، حيث قُتل نحو 27,000 سوداني. استمرت الحرب لأكثر من 22 عامًا، لتصبح الأطول في تاريخ القارة الإفريقية.
أُطيح بجعفر النميري من السلطة في أبريل 1985 إثر انقلاب عسكري. وفي عام 1986، أُجريت انتخابات أعادت الحكم المدني، لكن البلاد غرقت في حالة من الفوضى السياسية وعدم الاستقرار حتى عام 1989، عندما نفذ الجيش انقلابًا جديدًا أوصل عمر البشير إلى الحكم. انتهج البشير سياسة القمع الوحشي ضد المتمردين، متبعًا أسلوب جعفر النميري، مما أدى إلى تصعيد دموي للصراع. وأسفرت سياساته عن مجاعة كارثية فتكت بعشرات الآلاف، وأجبرت أعدادًا هائلة من السكان على الفرار من البلاد.[13]
في عام 1994، تبنَّت الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي تشكَّلت من كتيبتين انشقتا عن الجيش السوداني، مفهوم تقرير المصير لجنوب السودان. وعلى الرغم من الانقسامات والنزاعات الداخلية في جنوب السودان، تمكَّنت الحركة، بعد سنوات من المحاولات، من إدراج حق تقرير المصير ضمن جدول أعمال مفاوضات السلام بين الدولتين.
- اتفاقية السلام وتقسيم السودان
في أكتوبر 2002، تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية بقوة لدعم حق جنوب السودان في تقرير المصير، فأقرت “قانون السلام في السودان”. وفي ظل إدارة الرئيس جورج بوش، شرعت واشنطن في تقديم دعم واسع النطاق لجنوب السودان، بينما فرضت عقوبات صارمة على الحكومة السودانية، متهمةً إياها بارتكاب جرائم إبادة جماعية. أحدث هذا التدخل الأمريكي تحولًا كبيرًا في مجريات الصراع، إذ خفت حدة القتال، وبدأ الدبلوماسيون الأمريكيون يقودون جهودًا حثيثة للتوصل إلى اتفاق سلام ينهي سنواتٍ من الدمار وويلات الحروب.[14]
وُقِّع بروتوكول مشاكوس في يوليو 2002، حيث وضع المبادئ الأساسية التي استندت إليها اتفاقية السلام الشامل لعام 2005. نصَّ البروتوكول على حق جنوب السودان في إجراء استفتاء حول تقرير المصير، وذلك بعد فترة انتقالية مدتها ست سنوات. كما أكد على حق شمال السودان في تطبيق الشريعة الإسلامية، مع اعتماد حدود عام 1956 كخط فاصل بين الجانبين، وفقاً لمبادئ منظمة “الإيغاد[15]“.[16]
وقَّع الرئيس السوداني عمر البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان على اتفاقية السلام الشامل في التاسع من يناير 2005، بعد سنوات من الصراع الذي أنهك البلاد وأودى بحياة الملايين. جاءت الاتفاقية كخطوة محورية نحو إنهاء الحرب الأهلية وإرساء الاستقرار، حيث اشتملت على حلول جوهرية للأزمة السودانية، ومنحت الأولوية لترسيخ الوحدة بين الشمال والجنوب، مع إقرار حق تقرير المصير عبر استفتاء على استقلال الجنوب. وفي ظل هذه الاتفاقية، تمتَّع جنوب السودان بحكم ذاتي موسَّع، شمل إدارة موارده وتشكيل حكومته الخاصة، مع تقاسم السلطة والثروة بين الشمال والجنوب.
شهدت عملية تنفيذ اتفاقية السلام الشامل تدهورًا ملحوظًا خلال تلك الفترة، نتيجة الاضطرابات السياسية والتوترات المتصاعدة. ورغم هذه التحديات، أُجري استفتاء تقرير المصير في جنوب السودان، حيث صوَّت شعب الجنوب بأغلبية كاسحة تجاوزت 98% لصالح الاستقلال.
وفي يوليو 2011، أعلن رسميًا قيام دولة جنوب السودان، لتنضم إلى منظومة الدول المستقلة على الساحة الدولية. ومع ذلك، لم تُعالج القضايا العالقة في المناطق الحدودية بشكلٍ حاسم، مما أبقى على بؤر التوتر مشتعلة وأدى إلى تجدّد النزاعات بين الحين والآخر، مهددًا الاستقرار الإقليمي ومسار السلام بين الطرفين.[17]
- أبرز المناطق الحدودية العالقة
كافيا وحفرة النحاس هي منطقة تقع في أقصى الجنوب الغربي من ولاية دارفور في السودان، على الحدود مع ولاية شمال بحر الغزال في جنوب السودان. تمتد المنطقة على مساحة 13 كيلومترًا وتتميز بموارد طبيعية غنية، مثل النحاس واليورانيوم. نصّت اتفاقية أديس أبابا عام 1972 على حق سكان المنطقة في تقرير مصيرهم، لتحديد تبعيتهم إما لدارفور أو لبحر الغزال، إلا أن هذا الاستفتاء لم يُجرَ. بعد استقلال جنوب السودان، طالبت بضم المنطقة، مستندةً إلى أنها لم تُلحق بدارفور إلا بعد عام 1960. في المقابل، رفضت جمهورية السودان هذا الادعاء، مؤكدة أن المنطقة كانت جزءًا من السودان منذ قرارات مونرو عام 1924. اليوم، تتبع المنطقة إداريًا لمحافظة الردوم، وتقطنها عدة قبائل، من بينها البنقا، الكارا، والدنقة، إلى جانب مجموعات أخرى.
منطقة 14 ميل،[18] الواقعة على الحدود بين البلدين، ظلت محور نزاع مستمر منذ توقيع اتفاقية السلام، التي فشلت في معالجة هذه القضية جذريًا. استمرت الاشتباكات المسلحة في المنطقة بلا انقطاع، وفي يناير 2010، عقدت قبيلتا الرزيقات والدينكا ملوال مؤتمرًا للمصالحة بهدف تنظيم الرعي وتخفيف التوترات. وفي 27 (سبتمبر/ أيلول) ، تم توقيع اتفاقية التعاون بين السودان وجنوب السودان في الرياض، غير أن منطقة 14 ميل بقيت العقبة السياسية الأكثر تعقيدًا، مما عرقل تنفيذ الاتفاقية بشكل فعّال. حتى يومنا هذا، لا يزال الصراع محتدمًا دون حلول جذرية تضع حدًا لهذا النزاع المستعصي.
تقع منطقة جبل المقينص جنوب غرب ولاية النيل الأبيض، وهي منطقة غنية بالزراعة والرعي، وتكتسب أهميتها كونها أكبر منطقة زراعية على ضفاف النيل الأبيض. تشترك في حدودها مع ثلاث ولايات: أعالي النيل، النيل الأبيض، وجنوب كردفان. نشأ النزاع حول هذه المنطقة نتيجة تباين الوثائق بشأن ترسيم الحدود، مما أدى إلى تصاعد الخلافات بين الأطراف المتنازعة، حيث استغل كل طرف الثغرات القانونية والتاريخية لتعزيز مطالبه بالسيادة عليها.[19]
آفاق الحلول والمستقبل السياسي للإقليم:
يرى الأستاذ الجامعي في العلوم السياسية عبد المنعم عبد الله[20] أن حل النزاع في منطقة أبيي يتطلب تعاملًا جادًا من حكومتي السودان وجنوب السودان، وذلك لتفادي تفاقم الأوضاع الأمنية الهشة وتصاعد الغبن بين سكان المنطقة. ويؤكد أن معالجة هذه القضية تستوجب تنفيذ بروتوكول أبيي، إلى جانب تنشيط دور الحكماء والعقلاء في المنطقة، وتفعيل لجنة السلام المشتركة بين قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك. كما يشدد على أهمية المبادرات المجتمعية التي يمكن أن تسهم في تحقيق اختراق إيجابي نحو استقرار المنطقة وتعزيز التعايش السلمي بين سكانها.
الاستفتاء المحايد والمُراقب دوليًا : تنفيذ استفتاء عادل وفق اتفاق السلام الشامل، مع ضمان مشاركة جميع الأطراف بطريقة متفق عليها، وتحت إشراف دولي يضمن النزاهة والشفافية. والنظر في خيارات بديلة مثل تقرير المصير عبر آليات أخرى، كالحوار المجتمعي أو الحكم المشترك.
الإدارة المشتركة للمنطقة: إنشاء إدارة انتقالية بقيادة محايدة، تضم ممثلين عن قبيلة دينكا نقوك وقبيلة المسيرية، بإشراف الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة. وتعزيز سلطة قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة (يونيسفا)[21] لضمان الأمن والاستقرار، ومنع أي تصعيد عسكري.
ضمان الحقوق واعتماد نموذج الحدود الناعمة : تبني نموذج “الحدود الناعمة” بحيث يتمكن سكان أبيي من الاحتفاظ بحقوقهم في التنقل، والرعي، والمواطنة المزدوجة، بما يحد من التوترات بين القبائل. وتنفيذ اتفاقيات واضحة تحمي حقوق الرعي لقبيلة المسيرية مع ضمان سيادة دينكا نقوك على المنطقة.
دور المجتمع الدولي والإقليمي: زيادة الضغط الدولي على السودان وجنوب السودان للالتزام بالاتفاقيات الموقعة وتنفيذ حلول مستدامة. وتعزيز دور الاتحاد الإفريقي كوسيط نشط في المفاوضات، مع توفير ضمانات دولية لتنفيذ أي حلول يتم الاتفاق عليها. يظل الحل الدائم لأزمة أبيي مرهونًا بإرادة الأطراف المتنازعة، وبدعم إقليمي ودولي يضمن تحقيق السلام العادل والدائم للمنطقة.[22]
الخاتمة
يظل النزاع الحدودي بين السودان وجنوب السودان، وخاصة في منطقة أبيي، أحد التحديات الكبرى التي تعيق تحقيق الاستقرار الإقليمي. فعلى الرغم من الجهود الدولية والإقليمية المبذولة لحل هذه الأزمة، لا تزال الخلافات السياسية والتاريخية والجغرافية تلقي بظلالها على مستقبل المنطقة. لقد أدت الأوضاع الأمنية المتوترة، وتداخل المصالح القبلية والاقتصادية، إلى تعقيد فرص الوصول إلى تسوية شاملة ومستدامة، مما يهدد باندلاع موجات جديدة من العنف[23].
ومع استمرار الأوضاع المضطربة في السودان، يبدو أن جنوب السودان يسعى إلى استغلال الفراغ السياسي لإعادة رسم خارطة أبيي لصالحه، وهو ما يثير المخاوف بشأن تصعيد النزاع في ظل غياب حلول توافقية. لذلك، تبرز الحاجة الملحة إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية وتعزيز دور الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة كوسطاء لضمان تنفيذ حلول عادلة ومتفق عليها من جميع الأطراف.[24]
في النهاية، لا يمكن تحقيق الاستقرار في المنطقة دون معالجة القضايا العالقة بروح من التعاون والحوار البناء، بما يضمن حقوق جميع المكونات السكانية ويحول دون اندلاع صراعات جديدة. وحده التزام الأطراف المتنازعة بالحلول السلمية، بدعم من المجتمع الدولي، يمكن أن يفتح الباب أمام مستقبل أكثر استقرارًا وسلمًا في هذه المنطقة الحيوية.
[1] Enough Project. (n.d.). South Sudan. Retrieved February 22, 2025, from https://enoughproject.org/conflicts/south-sudan
[2] Jean-Pierre Bat, Le Soudan du Sud : un État en quête de boussole, Afrique contemporaine 2, no. 246 (2013) : 112. Disponible sur : https://shs.cairn.info/revue-afrique-contemporaine1-2013-2-page-112?lang=fr.
[3] Sudan Tribune. (2014, October 11). Sudan’s Misseriya reject Ngok Dinka campaign for Abyei referendum. https://sudantribune.com/article51401/
[4] سودان أخبار. (بدون تاريخ). عنوان المقال. سودان أخبار. استرجع في 22 فبراير 2025، من https://www.sudanakhbar.com/1615528
[5] United Nations. (n.d.). Background on the United Nations Mission in Sudan. United Nations Peacekeeping. https://peacekeeping.un.org/sites/default/files/past/unmis/background.shtml
[6] SUNA. La tribu Misseriya rejette les démarches de l’État du Soudan du Sud visant à annexer la région d’Abyei. SUNA. https://suna-sd.net/posts/la-tribu-misseriya-rejette-les-demarches-de-letat-du-soudan-du-sud-visant-a-annexer-la-region-dabyei
[7] بي بي سي. (2010، 5 ديسمبر). السودان: أبيي في قلب الصراع بين الشمال والجنوب. https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2010/12/101205_sudan_abyei
[8] Ali, Y., Siddig, E. E., & Ahmed, A. (2024). North Abyei: The humanitarian and health crisis in Sudan. The Lancet, 404(November 23), 2045-2046. https://doi.org/10.1016/S0140-6736(24)02374-2
[9] Collins, R. O. (2012, July 2). British policy in Anglo-Egyptian Sudan bears some responsibility for the deep-rooted divisions between North and South. LSE Africa at LSE. https://blogs.lse.ac.uk/africaatlse/2012/07/02/british-policy-in-anglo-egyptian-sudan-bears-some-responsibility-for-the-deep-rooted-divisions-between-north-and-south/
[10] Poggo, S. S. (2009). The first Sudanese civil war: Africans, Arabs, and Israelis in the Southern Sudan, 1955–1972. Palgrave Macmillan. https://www.sahistory.org.za/sites/default/files/archive-files/scopas_s._poggo_the_first_sudanese_civil_war_afbook4you.pdf
[11] Concern Worldwide, “Timeline: South Sudan’s history at a glance,” Concern Worldwide, published on 3 years ago, https://www.concern.net/news/south-sudan-history-timeline.
[12] Johnson, D. H. (2016). The second Sudanese civil war. In South Sudan: A new history for a new nation (pp. 45-66). Oxford University Press. https://www.jstor.org/stable/resrep05430.6
[13] Encyclopaedia Britannica. (2011). South Sudan: Sudanese independence and civil war. Retrieved February 22, 2025, from https://www.britannica.com/place/South-Sudan/Sudanese-independence-and-civil-war
[14] Mark Hackett, “Sudan’s Independence to Partition With South Sudan,” Operation Broken Silence, May 19, 2023, https://operationbrokensilence.org/blog/sudan-independence-to-civil-war-south-sudan.
[15] بي بي سي. (2023، 29 أبريل). اشتباكات السودان: ما هي منظمة “إيغاد” التي تحاول تسوية النزاعات في هذا البلد منذ عقود؟ بي بي سي عربي. https://www.bbc.com/arabic/middleeast-65427161
[16] المعرفة. (n.d.). پروتوكول مشاكوس. تم استرجاعه في 22 فبراير 2025، من https://www.marefa.org/پروتوكول_مشاكوس.
[17] United States Institute of Peace. (n.d.). Independence of South Sudan. Retrieved February 22, 2025, from https://www.usip.org/programs/independence-south-sudan
[18] Kuot, G. K. (2012, October 30). 14 Miles: Potential implications and scenarios. Sudan Tribune. https://sudantribune.com/article43663/
[19] Mohammed, A., & Baba, Y. T. (2021). Secession and border disputes in Africa: The case of Sudan and South Sudan border. African Journal of Political Science and International Relations, 15(4), 131–138. https://doi.org/10.5897/AJPSIR2019.1164
[20]Independent Arabia. (2020, May 22). أبيي… القنبلة السودانية الموقوتة بين الشمال والجنوب. Independent Arabia. https://www.independentarabia.com/node/117936
[21] الأمم المتحدة. (بدون تاريخ). بعثة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونسفا). الأمم المتحدة لحفظ السلام. https://peacekeeping.un.org/ar/mission/unisfa
[22] ACCORD. (2011, May 23). Abyei. https://www.accord.org.za/publication/abyei/
[23] عيدروس، أ. أ. (2018). قضايا الحدود بين السودان وجنوب السودان. سياسات عربية، 6(31). استرجع في 22 فبراير 2025، https://siyasatarabiya.dohainstitute.org/ar/issue031/Pages/art03.aspx
[24] الجزيرة نت. (2025، 27 يناير). هل تستغل جوبا الأزمة السودانية لفرض. الجزيرة نت. استرجع في 22 فبراير 2025، من https://www.ajnet.me/politics/2025/1/27/%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%BA%D9%84-%D8%AC%D9%88%D8%A8%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%B6