دراسات

هيكلة الإدارات القانونية بالوزارات والهيئات العامة «ورقة سياسات عامة»

إعداد: سعيد ثناء عبد النبي شحاتة

 

مقدمه :

يظن البعض من غير المتخصصين في مجال القانون عامة والوظيفة العامة خاصة أن الإدارات القانونية بالوزارات والهيئات العامة تخضع لذات القانون وذات الاختصاصات.

والحقيقة علي خلاف ذلك تماما فالاختلاف بين الإدارات القانونية بالوزارات والإدارات القانونية بالهيئات العامة يبدأ من المسمي الوظيفي ثم الاختصاصات ثم للقانون الخاضعين له ثم الإشراف والتقييم.

عرض المشكلة:

بداية يخضع موظفي الإدارة القانونية بالوزارات لقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنه 2016 ويمارسون أعمالهم تحت مسمي باحث قانوني وليس محامي. أما موظفي الإدارة القانونية بالهيئات العامة يخضعوا في أعمالهم الفنية للقانون رقم 47 لسنه 1973 والذي يشترط علي الخاضعين له أن يكونوا بدرجة محامي.

ومن حيث طبيعة العمل يقوم الباحث القانوني بالوزارة بالتالي بأجراء التحقيق الادارى مع الموظفين التابعين للوزارة باستثناء المخالفات  المالية والتحقيق مع شاغلي الوظائف القيادية باعتبار أن تلك الحالتين من اختصاص النيابة الإدارية طبقا لما ورد بنص المادة 60 من قانون الخدمة المدنية والتي تتضمن:

” تختص النيابة الإدارية دون غيرها بالتحقيق مع شاغلي الوظائف القيادية وكذا تختص دون غيرها بالتحقيق في المخالفات المالية التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية لدولة أو المساس بها وكذلك نص الدستور المصر في المادة 197 والتي تتضمن الأتي:

” النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تتولي التحقيق في المخالفات الادارية والمالية وكذا التي تحال إليها ويكون لها بالنسبة لهذه المخالفات السلطات المقررة لجهه الإدارة في توقيع الجزاءات التأديبية ويكون الطعن في قراراتها أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة كما تتولي تحريك ومباشرة الدعاوى والطعون التأديبية أمام محاكم مجلس الدولة وذلك كله وفقا لما ينظمه القانون ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى ويكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً.

ثانيا :

ويختص الباحث القانوني بالوزارة بتقديم المذكرات الخاصة بالقضايا المرفوعة من أو علي الوزارة التابع لها وإرسالها إلي هيئة قضايا الدولة ويتوقف دور الباحث القانوني عند تقديم المذكرات وإرسال المستندات والأوراق إلي هيئة قضايا الدولة لتقوم الأخيرة برفع الدعوى ومباشرتها والمرافعة وتمثيل الجهة الإدارية وليس من حق الباحث القانوني تمثيل الجهة التابع لها.

أما بالنسبة لمحامي الإدارة القانونية بالهيئات العامة يقوم بإجراء التحقيق مع كافة الدرجات الوظيفية وليس للنيابة الإدارية أى اختصاص بالتحقيق مع موظفي الهيئات العامة.

وكذلك يقوم محامي النيابة العامة بتحريك الدعاوى ومباشرة الدعاوى المرفوعة من أو علي جهته وكذلك تمثيل الجهة أمام كافة أنواع المحاكم.

ويترتب علي اختلاف القوانين والاختصاصات العديد من الاختلافات الأخرى منها أن محامي الهيئات العامة خاضع للأشراف الفني والتقييم إلي التفتيش الفني بوزارة العدل.

أما الباحث القانون بالوزارة خاضع للتقييم بالطرق المتبعة بقانون الخدمة المدنية ولا يوجد أى إشراف أو تفتيش فني علي الباحث القانوني بالوزارة رغم أن الدستور المصري نص علي اختصاص هيئة قضايا الدولة بالإشراف الفني علي إدارات الشئون القانونية بالجهاز الادارى للدولة. طبقا لما ورد في نص المادة 196 والتي تتضمن :

” قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة ، تنوب عن الدولة فيما يرفع منها أو عليها من دعاوى، وفي اقتراح تسويتها ودياً في أي مرحلة من مراحل التقاضي، والإشراف الفني علي إدارات الشئون القانونية بالجهاز الإداري للدولة بالنسبة للدعاوى التي تباشرها وتقوم بصياغة مشروعات العقود التي تحال إليها من الجهات الإدارية وتكون الدولة طرفا فيها وذلك مسجلة وفقا لما ينظمه القانون.

ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى ويكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية وينظم القانون مساءلتهم تأديبيا”

وعلي الرغم من تحديد الدستور الاختصاص لهيئة قضايا الدولة بالإشراف الفني علي إدارات الشئون القانونية بالجهاز الإداري للدولة إلا أن الواقع عكس ذلك تماما فلا يوجد أي تفتيش فني علي الإدارات القانونية بالجهاز الادارى للدولة الأمر الذي يسبب إهمال قضايا كثيرة وبالتالي: إهدار للمال العام نظرا لكون الباحث القانوني غير مختص بتحريك الدعاوى أو تمثيل جهة الإدارة أمام المحاكم.

ويتوقف دور الباحث القانوني عند تقديم المذكرات والمستندات الخاصة بالدعوى عند طلبها إلي هيئة قضايا الدولة والتي تقوم بدورها بتحريك الدعوى ومباشرتها إذا كانت الدعوى مرفوعة من جهة الإدارة أو الرد علي الدعوى ومتابعتها إذا كانت الدعوى مرفوعة علي جهة الإدارة ثم إرسال قرار المحكمة إلي الإدارة القانونية بالوزارة لتقوم الإدارة القانونية بعرض القرار علي السلطة المختصة.

الأمر الذي يثير التضارب ويؤدى إلي إهدار المال العام حيث أن محامي الإدارة القانونية يقوم بتحريك الدعوى ومباشرتها وتمثل جهته أمام القضاء أما الباحث القانوني ليس من حقه تمثيل جهته أمام القضاء ويتوقف الأمر عند إرسال الادارة القانونية بجهة الإدارة الأوراق والمستندات إلي هيئة قضايا الدولة واستلام قرار المحكمة من هيئة قضايا الدولة مشفوعة بعدم الممانعة في حالة تنفيذ الحكم وإرسال القرار إلي السلطة المختصة.

وهو الأمر الذي يؤدى إلي إهدار موارد بشرية ومالية من ناحية ومن ناحية أخرى يؤدى إلي خسارة الجهاز الادارى للدولة لقضايا كثيرة بسبب سوء المتابعة بين الإدارات القانونية بالوزارات وحيث قضايا الدولة أو تأخير إرسال المستندات إلي المحكمة المختصة نظرا للدورة المستندية المعقدة بداية من طلب المحكمة المستندات من هيئة قضايا الدولة كممثل عن جهة الإدارة ثم مخاطبة هيئة قضايا الدولة للجهة الإدارية لإرسال الأوراق ثم تجهيز جهة الإدارة للأوراق وإرسالها إلي هيئة قضايا الدولة ثم قيام الهيئة بإرسالها إلي المحكمة وهو الأمر الذي يستنزف موارد الدولة دون أي غاية أو فائدة.

توصيات:

  • إلغاء المواد أرقام 196 ، 197 ، 198 من الدستور والتي تحدد اختصاص هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية والمحاماة ومحامي القطاع العام ودمج هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية في القضاء العادي للاستفادة من أعداد أعضاء تلك الهيئات نظرا لوجود مشكلة قلة عدد القضاة بالنظر إلي عدد القضايا المنظورة فقد وصل عدد القضايا المتداولة في أحد السنوات إلي 18 مليون قضية وقرابة 250 ألف دعوى وطعن  أمام محكمة القضاء الادارى والادارية العليا بمجلس الدولة. في حين أن عدد القضاه بالكامل يبلغ 22 الف قاضي منها 11 الف قاضي مدني وجنائي فقط في حين أن أعضاء النيابة الادارية وهيئة قضايا الدولة قرابة الـ 9 الاف عضو.
  • جعل الاختصاص بالإشراف الفني علي جميع الإدارات القانونية بالوزارات والهيئات العامة تحت مظلة الإشراف الفني بوزارة العدل لإمكانية التقييم والمتابعة لكافة القضايا المرفوعة من أو علي الدولة.
  • إلغاء القانون رقم 47 لسنه 1973 بشأن الإدارات القانونية بالهيئات العامة والوحدات التابعة لها ووضع قانون جديد لكافة الإدارات القانونية سواء بالوزارات والجهاز الادارى للدولة أو للهيئات العامة.
  • وضع إستراتيجية التدريب أعضاء الإدارات القانونية بالجهاز الادارى للدولة ورفع الكفاءة الفنية لهم بالتعاون بين الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ووزارة العدل.
  • جعل اختصاص الإدارات القانونية بالجهاز الادارى للدولة بنظر كافة التحقيقات مع الدرجات الوظيفية المختلفة دون استثناء وكذلك حق تمثيل الجهة التابعين لها أمام المحاكم المختلفة.
  • النظر في كافة التشريعات الخاصة بذات الشأن ومراجعتها مع وضع قاعدة قومية للتشريعات المصرية بالكامل ودراسة الأثر التشريعي.

* وفي إطار استراتيجية الدولة للإصلاح الإداري والتحول الرقيم لكافة مؤسسات الدولة الأمر الذى ينعكس بتأثير علي الهيكل الادارة بالدولة فلابد من وضع إطار هيكلي جديد للإدارات القانونية بالوزارات والهيئات العامة بشكل خاص تحقيقا للصالح العام دون النظر لأي مصالح شخصية .

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى