تقوى مجدي تكتب.. الدعوة إلى نزع الأسلحة غير الإنسانية
يشار إلى أن مصطلح “الدمار” هو الهلاك، والإبادة، والإزالة، تقول “دمرت الشيء” أي أهلكته وجعلته غير صالح للحياة، وهي النتيجة الحتمية للحروب بين الأفراد أو بين الشعوب؛ فلا حرب بلا قتلى، وجرحى، ولا حرب بلا إفساد للأرض، وضياع المال.
المعروف أن مقدار الخسائر، ونوع الهلاك، هما مرتبطتان بنوع السلاح المستعمل، إذ يحدد طبيعة الحرب، وعليه تترتب النتائج.
فقد كانت الحروب قديمًا؛ حروب مواجهة بين المقاتلين مبارزة بالسيف أو مطاعنة بالرمح، أو قتالًا من وراء أسوار القلاع بقاذفات الحجارة أو اللهب وما شابه ذاك من أدوات بدائية.
ثم تطورت صناعة الأسلحة، وتطورت أدوات الحرب حتى بلغ أمرها آخر ما أنتجته العقول البشرية من وسائل القتال وأدواته، لقد انتقلت الحرب من المواجهة التقليدية إلى حرب ابتكارية بالدبابات والطائرات بدون طيار والقنابل وأسلحة غير مباشرة من (نووية وكيميائية وبيولوجية وجرثومية).
لعلنا نعلم أن العلماء هم وراء هذا كله، لا أتطرق إلى من أمرهم بذلك وذاك، ولكن بدون إبداعهم لا تقوم الدولة على الهزيمة أو الانتصار بقدرة تطور الأسلحة التي تمتلكها؛ فقد تحتاج الدول إلى مبدعين ومبتكرين لصنع أسلحة مدمرة أكثر من احتياجهم لتدريب جيوشهم على مواجهة العدو.
فقد يُلحون على العلماء في ابتكار الأسلحة التي تُمكن المقاتل من القتال وهو على أرضه دون انتقاله إلى أرض العدو، كما يلحون في ابتكار الأسلحة التي تجعل الهزيمة هزيمة إبادة وإفناء.
والعلم لا يبخل بما يريده العلماء، إن أرادوا ابتكار دواء للمرضى أو ابتكار عوامل الهلاك والدمار، ومن العلماء من أرادوا اكتشاف الذرة وما تحدثه في جانبيها السلمي والحربي، وكان لهم ما أرادوا من معرفة المزيد من أسلحة الحرب التي لا تُبقي ولا تذر من الحرث والنسل، فقد نوعوا الأسلحة وما تنتج إلا الدمار بما يحمله الدمار من عموم يتعدى على إزهاق الأرواح، وتشويه الحياة بأسرها، حيث يمتد التشويه إلى الأجنة في بطون أمهاتهم، وحيث تشبع الهواء بما يفسده، وما يحيط به من أرض، وماء، وزروع، وحيوانات، وآدميين، وذلك هو الدمار الشامل.
فإذا كنا نسمى “أسلحة الدمار الشامل” بهذا المُسمى وما تنتجه، فالأفضل أنها تسمى “الأسلحة غير الإنسانية”، لأن من وجهة نظري أن الحرب إنما هي صراع بين المتقاتلين، على أن تكون هزيمة فريق هي إعلانا لهزيمة شعبه، دون أن يكون الشعب، والأرض، والماء، والهواء، محلًا لهذا الصراع!
لكن الأسلحة غير الإنسانية أو (أسلحة الدمار الشامل) أنها تخبط خَبط عشواء، فهي الهلاك الذي لا ينجو منه ناج، وبها كل الخروج عن معايير الحروب الشريفة.
فإذا نظرنا إلى البلدان التي تمر بالحروب هذه الفترة واستخدام أسلحتهم غير الإنسانية؛ لوجدنا غايتهم الأساسية هي السيطرة والتحكم وإذلال الآخرين لا غاية الراغب في الحق.
لذلك لا بأس من أن يبتكروا من الأسلحة ما يحقق غايتهم بأي صورة ممكنة، وهم على علم بما تحدثه هذه الأسلحة من تعويق للحياة يمتد إلى أجيال قادمة، وسنوات طويلة.
ومن هنا كان الجُرم كل الجُرم، فيما هيأته عقول العلماء من أسلحة الدمار الشامل، ومن فنون الفتك بالحياة في عمومها، لا بميدان المعركة في خصوصه.
إذن فهذه الأسلحة ليست بهدف تغلب الحق فيها على الباطل أو لتهديد الظالم، وإنما هدفها الاستخفاف بأقدار الحياة، والتلذذ بإبادة الآخرين، وليس من مبعث غير هذا.
فأي علم هذا الذي تسخره العقول لتدمير الحياة؟ وأي عالم هذا الذي يسعى إلى تدمير الحياة؟
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب