رأي

محمد جبريل العرفي يكتب.. من مصلحة العرب تحرير الرهينة

ليبيا منذ عام 2011 وهي رهينة يحكمها السفراء وصغار الموظفين، لدرجة إبرام الاتفاقيات والصفقات بين الدول والأفراد والتنظيمات، فنجد آمر ميليشيا يعقد صفقة مع دولة أجنبية ويشتري منها طائرات وذخائر.
قبل عشر سنوات ممكن يبرر، أيام هيمنة القطب الواحد، الآن تعددت الأقطاب، بل تردت العلاقات بينها إلى حروب ساخنة كما يحدث في سوريا وأوكرانيا.

اقرأ أيضا: د. محمد جبريل العرفي يكتب..  الغموض والأهمية قدمان تسير بهما الإشاعة

حرب أوكرانيا فتحت صفحة جديدة في تشكل الفضاءات الدولية، فأوروبا بدأت في التفتت إلى تكتلات صغيرة، وكل دولة تبحث عن مصالحها الذاتية التي قد تتضارب مع المصلحة المشتركة لأوروبا. فالمجر عقدت صفقة ثنائية مع روسيا لتزويدها بالغاز، والبرلمان البولندي يناقش الآن مطالبة ألمانيا بالتعويض بقيمة 3 تريليونات يورو. الحرب الأوكرانية قوت التحالف الأوراسي بين روسيا والصين والهند وإيران التي مررت شروطها لتصبح دولة نووية.

في أمريكا أيضا ارتفعت أصوات انفصال الولايات الغنية مثل كاليفورنيا وتكساس عن بقية الاتحاد.

القضية الليبية انزوت إلى شأن ثانوي، لأن العالم منشغل بالحرب الأوكرانية ومتخوف من نشوب حرب نووية، الغرب يخشى الموت بردا خلال الشتاء القادم.

الأمم المتحدة أصيبت بالشلل، عاجزة عن مجرد تعيين موظف يرأس بعثتها إلى ليبيا.

هذا الوضع يتيح فرصة أمام الليبيين أن يتحرروا ويختاروا طريقهم بملء إرادتهم، لكن ذلك شبه مستحيل بالسبل السياسية ووفق المنظور الحالي لمن في المشهد. إلا إذا اندلعت ثورة شعبية تحميها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
يتبقى أمام الليبيين اللجوء إلى الفضاء العربي، وهذا يتطلب أن يتحد الفضاء العربي ويفكك المشاكل البينية فيه. أكبر دولتين عربيتين لهما تأثير ومصلحة في ليبيا هما مصر والجزائر، لكن التنافس بينهما أضعف مفعولهما، وخاصة أمام الاصطفاف الدولي بين روسيا وأمريكا، ففي وقت رأينا الجزائر تصطف علنا إلى الجانب الروسي، رأينا مصر تلعب سياسة خارجية (مباركية) متوازنة، فاستفادت من كتلتي الشرق والغرب. لو نجحت مساعي الإخوان والمقاتلة في التمكين من حكم ليبيا فسيصل الخطر إلى مصر. الجزائر تريد نقل المعركة مع إرهابييها خارج حدودها، وتريد ليبيا دولة مستباحة لتقضم منها ما تستطيع الوصول إليه، رحم الله من قال: «قد يتحول حقل حاسي مسعود إلى حقل الرميلة». كما أن الجزائر لا تريد منافسا لها في أفريقيا. بؤرة التوتر في الشمال العربي الأفريقي هي الصحراء الغربية، التي ولدت العداء بين الجزائر والمغرب، الآن الغرب يدعم المغرب بالسلاح، وفي المقابل روسيا تدعم الجزائر بأحدث الأسلحة، لدرجة أن الجزائر أول دولة تمتلك طائرة الشبح الروسية (سوخوي37) المخيف أن تصبح المغرب كويت أفريقيا.

وفي المشرق العربي صراعات مع إيران وحروب في اليمن وسوريا والعراق ولبنان.
برزت في الجزيرة العربية قيادات جديدة شابة بعضها انتهج طريقا تحرريا من هيمنة التكفيريين الظلاميين ومن التبعية لأمريكا، لكن هذه القيادة في دائرة الخطر، وستحاول أمريكا إسقاطها لكونها مدت جسور التعاون مع دول أوراسيا، ولكونها لم ترضخ للإملاءات بزيادة إمدادات النفط، فأسباب اغتيال الملك العروبي فيصل رحمه الله ظهرت من جديد. بعض هذه القيادات الشابة في الخليج العربي اتجهت لخلق فضاء عربي، فتدخلت إيجابيا في العراق ووطدت علاقتها مع مصر مركز الثقل العربي، بينما بعضها ظن أن التحالف مع الإسرائيليين هو سبيل النجاة من الخطر الإيراني، ممكن تطبيع العلاقة مع الإسرائيليين لكن بعد استرداد الحقوق التاريخية للفلسطينيين. لماذا لا يتم احتواء إيران وتحويلها إلى محايد على الأقل بدلاً من عدو، وخاصة أن ما يربطنا بها عامل سماوي، رغم أنه تم تفكيكه بدعوى الصراع السني الشيعي، الذي يشعل نيرانه ويغذيه ويؤججه التكفيريون فقهاء السلاطين.

بعد أن تم تدمير ليبيا والعراق وسوريا واليمن.. فالمسؤولية القومية التاريخية تقع على زعماء ما تبقى من الدول المؤثرة بالمنطقة مثل مصر والسعودية والجزائر.

يجب تفكيك المشاكل البينية بين الدول العربية، وخلق فضاء عربي واحد ينتهج سياسة محايدة بعيدا عن الاستقطاب، لبناء علاقة ندية متوازنة بين القطبين تحقق مصلحة الشعب العربي بالدرجة الأولى. وتمد جسور التعاون مع الفضاء الأفريقي الذي أعاد مسيرة التحرر من النفوذ الفرنسي، ولو أنه بدأ في استبداله بالنفوذ الصيني الناعم والنفوذ الروسي الخشن.

الخلاصة، ما حك جلدك مثل ظفرك، فمسؤولية التحرر من التدخل الخارجي تقع أولاً على أعناق الليبيين، وإن كانوا في حاجة لتدخل خارجي فليكن من قبل أشقائهم العرب والأفارقة، هذا يتطلب بروز قيادة وطنية واعية وجريئة، مختلفة عن سياسيي الصدفة والعملاء، وفاقدي الوطنية. فعلى القوى الوطنية الحية أن تنظم صفوفها لتقلب الموازين لصالح الشعب.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى