الرئيسيةدراسات

محاكاة رياضياتية للوجود دراسة للباحث: فارس عبيدي

الملخص

تعتمد هذه الورقة البحثية على محاولة تمثيل الوجود من منظور رياضياتي، حيث نقوم بتطبيق الرياضيات لتحليل هندسة وتكوين الوجود ما قبل وما بعد الانفجار العظيم. نفترض أن الوجود لا يبدأ بالضرورة عند نقطة الانفجار العظيم، بل قد يكون هناك كون معاكس، وزمن يسير في اتجاهات متعددة، مما يدحض النظريات التقليدية التي تعتبر الزمن خطيًا. توضح الورقة كذلك نموذجًا كرويًا للزمن، وتستعرض فرضيات جديدة حول طبيعة الزمن والكون المتعدد بناءً على أسس رياضية وفيزيائية.

محاكاة رياضياتية للوجود

المقدمة

يُعد الانفجار العظيم (Big Bang) أحد أكثر المفاهيم رسوخًا في علم الكونيات المعاصر، إذ يُعتقد أنه نقطة البداية للكون، لكن هذه الفرضية تواجه أسئلة معقدة حول ما كان موجودًا “قبل” هذه الحادثة، وكذلك حول طبيعة الزمن واتجاهه. بناءً على فرضية أن الانفجار العظيم ليس البداية الوحيدة، بل قد يكون حدثًا ضمن سلسلة من الانفجارات والانكماشات، تطرح هذه الدراسة نموذجًا رياضياتيًا جديدًا يقترح وجود مجال زمني يمتد من سالب اللانهاية إلى موجب اللانهاية، حيث يمثل الصفر حادثة الانفجار العظيم نفسها.

فرضية الوجود ما قبل الانفجار العظيم

إذا افترضنا أن الزمن يمتد في مجال رياضياتي كامل من [∞+ ؛ -∞]، فإن الانفجار العظيم يمثل الصفر، وهو نقطة تناظر بين وجودين متعاكسين. عندئذٍ، يصبح الكون “الأول” الذي نعرفه فقط نصف المجال الزمني الموجب [∞+ ؛ 0 ]، بينما قد يمثل النصف الآخر[0 ؛ -∞ ] كونًا أو وجودًا آخر يسير فيه الزمن بشكل عكسي، وفقًا لنظريات التناظر الكوني التي اقترحها كل من نيكولا توروك وشون كارول حول احتمالية وجود “كون مزدوج” يسير فيه الزمن بشكل معاكس

تحليل الرسم

 

العناصر الرئيسية

  1. خط زمني متعدد المجالات: يظهر الخط الزمني الممتد من-∞ إلى+∞، مع نقطة الصفر في الوسط، التي تمثل “الانفجار العظيم”. هذه النقطة هي بداية تمدد الكون الحالي، لكن الخط الزمني يمتد أيضًا نحو الجهة السالبة، مما يوحي بوجود كون آخر متناظر مع كوننا.
  2. شكل الفراشة: يمثل الشكل العام للفراشة الفكرة المركزية التي تشير إلى وجود “كونين متناظرين”، كل منهما يمتد بشكل عكسي، بحيث يتحرك أحدهما نحو المستقبل (الزمن الموجب) والآخر نحو الماضي (الزمن السالب).
  3. التوسع الزمني متعدد الاتجاهات: تشير الأجنحة إلى انتشار الزمن في اتجاهات مختلفة وليس ضمن خط زمني أحادي. يظهر الكون كامتداد يضم أبعادًا متعددة للزمن.

التحليل: يعكس هذا المخطط تصورًا غير تقليدي للزمن، بحيث يكون الزمن غير خطي، ويشمل الماضي والمستقبل بشكل متناظر حول الانفجار العظيم. هذه الفكرة تدعم فرضية أن الكون ربما ليس له بداية مطلقة، وأن الانفجار العظيم مجرد نقطة مركزية بين وجودين زمنيين مختلفين.

دعم من نظرية التناظر الكوني

تقترح نظرية التناظر الكوني (Cosmic Symmetry) أن هناك أكوانًا متناظرة حول نقطة الانفجار العظيم. لذا، فإن فكرة وجود كون عكسي في المجال السلبي للزمن، مع كون آخر في المجال الموجب، تتوافق مع هذه النظرية. يمكننا تصوير الكونين كنموذجين متناظرين على شكل “الفراشة”، حيث يمثل الجناحان مجالين زمنيّين متعاكسين في الاتجاه .

الهندسة الكروية للزمن والانفجار العظيم

تُظهر دراسة “الكون الكروي” (Spherical Universe) أن الانفجار العظيم يمكن تصوره كنقطة مركزية ضمن بنية كروية. عند اعتبار الكون كرويًا، يصبح “الشعاع الزمني” متعدد الاتجاهات؛ كل نقطة على سطح الكُرة تمثل مسارًا زمنيًا، وتدعم فكرة أن الزمن لا يسير في اتجاه خطي، بل قد يكون متجهًا في مسارات مختلفة عبر الكون.

محاكاة رياضياتية للوجود

تحليل الرسم

العناصر الرئيسية

  1. الكرة الزمنية ثلاثية الأبعاد: تُظهر الكرة نقطة مركزية تمثل الانفجار العظيم، في حين تمتد خطوط شعاعية منها إلى الخارج، مما يرمز إلى الزمن الذي ينتشر في جميع الاتجاهات من نقطة البداية.
  2. الشعاع غير الخطي: تشير الخطوط إلى أن الزمن ليس محدودًا باتجاه واحد. فبدلاً من السير في خط مستقيم من الماضي إلى المستقبل، يمتد الزمن في مختلف الاتجاهات بشكل شعاعي، كأن كل نقطة على سطح الكرة تمثل لحظة زمنية ممكنة.
  3. الدورة التكرارية: الرسم يحتوي على دوائر متتالية تتداخل مع بعضها البعض، مما يوضح فكرة “الانكماش والانفجار المتكررين”. يتجه الكون نحو الانكماش بعد فترة تمدد، ليبدأ من جديد في دورة انفجار جديدة، مما يعطي الانطباع بدورية لا نهائية.

التحليل: هذا الرسم يعكس نظرية “الكون الدوري”، بحيث لا يبدأ الزمن فقط من نقطة الانفجار العظيم، بل تتكرر دورات من الانكماش والانفجار. يُظهر الرسم أن الزمن يمتد في اتجاهات متعددة ويعزز فرضية عدم اتجاهية الزمن، مما يقدّم تصورًا للكون كدورة متكررة من الانفجارات والانكماشات اللانهائية.

دعم من نظرية التضخم الكوني والانفجار الكروي

تدعم نظرية التضخم الكوني لآلان جوث أن الكون قد توسع في لحظات متناهية في الصغر بعد الانفجار العظيم. هذه الفرضية تدعم فكرة الانتشار في جميع الاتجاهات؛ مما يقود إلى النموذج الكروي للزمن كما طرحه بول ديفيس وجورج إليس، حيث تمثل كل نقطة على المحيط امتدادًا للزمن في اتجاه مختلف .

دحض مفهوم الزمن الخطي

تعتبر النسبية العامة لأينشتاين الزمن كبعد متصل بالفضاء وليس كخط أحادي الاتجاه، وهو ما يشكل أساسًا علميًا لفكرة “الزمن الكروي” حيث لا يملك اتجاهًا واحدًا فقط. هذا يمكننا من تصور الزمن كجزء من مجال رياضي يمتد في اتجاهات متعددة، ويدحض فكرة الخطية .

 

تكرار الانفجار والانكماش (Big Crunch و Big Bang)

اقترح روجر بنروز في “نظرية الكون المتطابق الدوري” (Conformal Cyclic Cosmology) أن الكون يمر بدورات متتابعة من الانفجار والانكماش، حيث ينكمش الكون إلى نقطة متناهية في الصغر ثم ينفجر من جديد. هذه النظرية تدعم فرضية أن الانفجار العظيم لم يكن بداية الكون، بل كان مجرد مرحلة ضمن دورة متكررة من الانفجارات والانكماشات .

المحاكاة الرياضية للكون متعدد الأبعاد

عند اعتبار الكون كيانًا متعدد الأبعاد، يمكننا تطبيق مبادئ نظرية الأوتار التي ترى أن الكون ليس محصورًا في ثلاثة أبعاد فضائية بل يمتد إلى أبعاد أخرى قد تتضمن أزمانًا متوازية أو متعاكسة الاتجاه. هذه النظرية تدعم الفرضية القائلة بأن الكون قد يحتوي على وجودات متعددة مترابطة بالأبعاد، والزمن كعامل متعدد الاتجاهات

هنا الرسم التوضيحي ثلاثي الأبعاد الذي يوضح الطبيعة الدورية للكون. يظهر نقطة “الانفجار العظيم” في المركز، مع خطوط زمنية شعاعية تمتد في جميع الاتجاهات، مما يرمز إلى التوسع غير الخطي للزمن في كل الاتجاهات. الدائرة المحيطة تُمثل دورة مستمرة من الانفجار والانكماش

محاكاة رياضياتية للوجود

دعم من نظرية الأوتار

توضح نظرية الأوتار أن الزمن والفضاء مترابطان عبر أبعاد متعددة، مما يعزز فرضية الوجودات المتناظرة والمتعاكسة حول نقطة الانفجار العظيم، ويدعم فكرة أن الزمن ليس بالضرورة خطيًا، وإنما قد يمتد ويعود في دورات .

الخاتمة

تشير الدراسة إلى أن الانفجار العظيم قد لا يكون البداية الوحيدة للوجود، بل قد يكون جزءًا من سلسلة دورية من الانفجارات والانكماشات المتتابعة. كما أن الهندسة الكروية للزمن تدحض فرضية الزمن الخطي، وتفتح المجال لتصورات جديدة حول نشأة الكون ومساراته الزمنية المختلفة. بناءً على هذه الفرضيات والدراسات السابقة، نقترح تصورًا جديدًا للكون يمتد في جميع الاتجاهات عبر بُعد كروي للزمن، مما يعيد النظر في طبيعة الوجود وزمانه.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع

 

  1. Hubble, E. P. (1929). “A Relation between Distance and Radial Velocity among Extra-Galactic Nebulae”. Proceedings of the National Academy of Sciences, 15(3), 168-173.

 

  1. Guth, A. H. (1981). “Inflationary universe: A possible solution to the horizon and flatness problems”. Physical Review D, 23(2), 347.

 

 

  1. Boyle, L., Finn, K., & Turok, N. (2018). “CPT-Symmetric Universe”. Physical Review Letters, 121(25), 251301.

 

 

  1. Barrow, J. D., & Tipler, F. J. (1986). The Anthropic Cosmological Principle. Oxford University Press.

 

 

  1. Einstein, A. (1916). “The Foundation of the General Theory of Relativity”. Annalen der Physik, 49, 769-822.

 

 

  1. Polchinski, J. (1998). String Theory (Vol. 1: An Introduction to the Bosonic String). Cambridge University Press.

 

 

  1. Penrose, R. (2010). Cycles of Time: An Extraordinary New View of the Universe. Bodley Head.

 

 

  1. Ellis, G. F. R., & Williams, R. M. (1988). Flat and Curved Space-Times. Oxford University Press.

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى