الدكتور مصطفى الزائدي يكتب.. ما بعد الانتخابات.. شبح التقسيم!!

ما بعد الانتخابات ليبيا

بعد إلغاء الانتخابات مباشرة، ظهرت على السطح الدعوات المريبة للتقسيم، بذريعة أنه الحل للخروج من الأزمة، وكأن الإلغاء نتج عن صراع بأي شكل بين المناطق والجهات، ولم يكن نتاج تدخل أجنبي مبرمج مسبقًا، دمر الدولة وخرب مؤسساتها ونهب مدخراتها، وعمل على استمرار الصراع ليصل إلى هذه النتيجة المرسومة أصلًا في أهداف التدخل.

لقد صمم الغرب الربيع العربي لغرضين أساسيين أحدهما آني والآخر استراتيجي طويل الأمد لخدمة أمن دولة الكيان الصهيوني، أما الأول فكان تدمير مكامن القوة في الدول العربية التي تمكنت من تحرير قرارها بعد فترة الاستعمار، وتركز على ضرب المؤسسات العسكرية والأمنية، وتخريب الاقتصاد كما حدث في العراق وسوريا وليبيا باعتبارها دولا تتمحور أيديولوجيا على بناء دولة العرب الواحدة، ومقاومة الكيان الصهيوني، كما حاولوا العبث بمصر لإلهائها في همها، والجزائر لعزلها عن دورها العربي، وفي الطريق مروا على تونس واليمن، ولم يكتفوا بذلك بل عملوا على إشعال فتنة مستمرة لكي يستمر الصراع والاحتراب الداخلي في كل دولة لتنهك قوتها ويصعب نهوضها، فأنتجوا الإرهاب الإسلامي ومكنوا لداعش وأخواتها، التي نشرت الرعب والخوف، كما أشعلوا فتنا قبلية وطائفية كلما أمكنهم ذلك.

أما الهدف الثاني فكان تقسيم الدول العربية القزمية أصلًا إلى دويلات، ونشر بذور صراع وفتن متصلة بينها، النتيجة اليوم واضحة تمامًا، العراق دولة هشة مقسمة واقعيًا إلى دولتين، وسوريا مفتتة عمليًا، والدور على ليبيا!

ليبيا طوال تاريخها بلد واحد مستقر، سكانه في أغلبهم متجانسون ينتمون إلى قبيلة عربية واحدة، هي بني سليم، حاول الأمريكان في بداية عهدهم بالعالم فصل شرقها بدعم شقيق والي طرابلس أحمد القره مانلي، لكن المشروع فشل بعد هزيمة الأمريكان في معركة بحرية عام 1805، وحاول الإنجليز فرض دولة برقة المستقلة التي أعلنوها من طرف واحد بعد الحرب العالمية لضمها لمصر التي كانوا يحتلونها من خلف ستار، لكن الليبيين غير المتعلمين وقتها أفشلوا المخطط، ونجحت جمعية عمر المختار في قيادة الجماهير رغم القمع الإنجليزي، والتحمت مع المؤتمر الوطني في الغرب والجنوب، ورفعوا شعار استقلال منقوص في بلد موحد أفضل من استقلال تام في بلد مقسم!

لقد سقط النظام الفيدرالي بعد سنين قليلة من الاستقلال، وقامت المملكة الليبية في عام 1963، لتنهي أحلام الإنجليز بتقسيم البلد الواحد، وبعد 1969 قادت ليبيا معارك توحيد الأمة العربية والقارة الأفريقية، ولم يعد مطروحًا التفكير في المشروعات التقسيمية.

أتصور أن أغلب الليبيين باتوا يدركون السبب الحقيقي لظهور القيادي الصهيوني المتعصب “برنارد ليفي”، واليميني المتطرف “جون ماكين”، فلم يكونا يومًا من دعاة الديمقراطية ولا حقوق الإنسان، لقد جاءا ليشرفا على المخطط الذي يمنع ليبيا من أن ترجع دولة قوية فاعلة، وذلك يتحقق بالنسبة لهما بأمرين التقسيم ومشروعات تقود إلى إدامة الصراع، كمشروع الأمازيغية وما تعنيه من مضامين هدامة وضارة بالسلم الاجتماعي.

عدم الاهتمام لهذا المخطط والقول باستحالة تنفيذه لعدم وجود مبررات له ليس حلًا، فسنجد بلادنا التي عرفناها دولا متصارعة متحاربة، وسيولى علينا السفهاء والبلهاء والعملاء!

دعوة للنخب الوطنية أن تضع هذا الأمر في رأس أولويات كفاحها من أجل استعادة الوطن.

بعد ان تناولنا موضوع ما بعد الانتخابات ليبيا يمكنك قراءة ايضا

محمد أرسلان علي يكتب.. العرب والكرد.. الحوار طريق المستقبل المشترك  

دار المفكر العربي تشارك في معرض القاهرة بدورته الـ53

يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك