رأي

ليلى موسى تكتب.. الإرهاب ينتعش من الشمال المحرر تركياً

الكاتبة ممثلة سوريا الديمقراطية في مصر.. خاص منصة العرب الرقمية

ليلى موسى : الإرهاب ينتعش من الشمال تركياً

السؤال الأكثر إلحاحاً والذي يطرح نفسه بقوة؛ كيف يمكن لما يسمى بالشمال المحرر أن يكون ملاذاً أمناً للإرهاب والتطرف؟ وكيف يمكن لنا إطلاق تسمية المحرر على بيئة تحكمها تنظيمات أكثر استبداداً وتطرفاً وممارسة للعبودية” محررة مِنْ مْن؟

أسئلة كثير تراود المتابع للشأن السوري، حقيقة تسمية المحرر، وما جدوى هذه التسمية؟

منذ بداية الحراك الثوري السوري حرصت دولة الاحتلال التركي على دعم الجماعات الإسلاموية في مسعى منها إلى أسلمة المجتمع السوري، وإدارتها من قبل الإخوان المسلمين وتحت إمرتها، ولتحقيق أجنداتها تلك في سوريا حولت أراضيها إلى معسكرات لتدريب ودعم الفصائل الإسلاموية وجعل من جغرافيتها جسراً يمر عبره الجهاديين من كافة أصقاع العالم إلى سوريا تحت شعار إسقاط النظام ونصرة الشعب السوري.

تركيا بسياساتها تلك حولت سوريا إلى مستنقع لتجمع الإرهابيين من أصقاع العالم، بل أنها حولت سوريين إلى مرتزقة وصدرتهم للخارج السوري لتمرير أجنداتها. حتى تحولت كلمة “السوري” إلى فوبيا من قبل العديد من المجتمعات التي تعرضت للانتهاكات على أيديهم، بالإضافة إلى فوبيا أوروبا من اللاجئين السوريين في كل مرة تسعى إلى الحصول على مكسب أو تمرير إحدى أجنداتها عبر ابتزازهم بفتح حدودها أمام اللاجئين وإرسالهم إلى أوروبا. وهنا لن ندخل في تفاصيل سياساتها الممنهجة منذ بداية الأزمة الهادفة إلى تهجير السوريين وتشجيعها على ذلك.

لطالما اعتمدت دولة الاحتلال التركي في سياساتها التوسعية الخارجية على التنظيمات والجماعات الإسلاموية المتطرفة، ففي كل مرة تسعى لعرقلة عمليات القضاء على هذه التنظيمات تلجأ إلى أساليب ووسائل للحفاظ عليهم، حتى أنها حولت ما يسمى بالشمال المحرر إلى مناطق لسيطرة القاعدة وجبهة النصرة. بالفعل هي حُررت من أهلها المنادين بالحرية والعدالة الاجتماعية والعيش بكرامة. وهذا هو مفهوم أردوغان وحكومته للحرية والتحرر عبر إحلال الإسلاموية والإرهاب والتطرف.

هذه الحكومة بقيادة أردوغان بسياساته البراغماتية في التعامل مع تطورات الأزمة السورية والتي في كل مرة تطور من أدواتها عبر السعي إلى الدعم والإعلان عن أكثر الجماعات راديكالية في تطرفها وإرهابها، وتستطيع إرهاب المجتمع السوري وتحقق أكبر قدر من المنفعة لها. وهذا ما شاهدناه خلال سيطرة تنظيم داعش على الجغرافية السورية، حيث كانت أكثر المراحل أمناً واستقراراً وسلماً للدولة التركية وأكثر فائدة لها اقتصادياً حيث عملت على استنزاف الثروات السورية وخيراتها ونهبها وسرقتها.

فبعد الجهود الحثيثة والتضحيات العظيمة التي قدمتها قوات سوريا الديمقراطية وبدعم ومساندة من التحالف الدولي، سخّرت حكومة العدالة والتنمية كافة وسائلها للإبقاء على هذا التنظيم حياً ونشطاً، بعد القضاء على ما تسمى بدولة الخلافة في بلاد الشام والعراق ميدانياً وجغرافياً في أخر معاقله ببلدة الباغوز التابعة لدير الزور. هرب السواد الأعظم من قيادات الصف الأول للتنظيم إلى المناطق المحتلة تركياً بشكل مباشر أو تلك التي تدار من قبل حلفاءها من الحكومة المؤقتة والخاضعة بشكل مطلق لها، وفق العديد من التقارير التي لم تعد خافيةً على أحد، كيف أن معظم تلك القيادات تترأس فصائل وكتائب بمسميات جديدة للتمويه.

والأحداث الأخيرة في سجن الحسكة كانت أحد الفصول التي أزالت الستار على هذه العلاقة العضوية بين حكومة العدالة والتنمية وداعش، في مسعى منها بتحرير أسرى التنظيم بدعم ومؤازرة العناصر العاملين تحت أمرتها والجغرافية التي تحتلها بعد فشل مساعيها بإقناع المجتمع الدولي لتولي مهام استلام عناصر التنظيم ومحاكمتهم على أراضيها في مسعى منها لإخفاء الحقائق التي تثبت تورط تركيا بالإرهاب والتهرب من أية مسألة قانونية مستقبلاً وناهيك عن مساعيها بالإبقاء على عناصر التنظيم واستغلالهم لمشاريعها سواء في سوريا أو دول أخرى.

بعد فشل عناصر التنظيم من السيطرة على السجن تتعمد حكومة العدالة والتنمية إلى التكثيف من هجماتها على مناطق شمالي وشرقي سوريا وعبر الطائرات المسيرة انتقاماً لعناصر التنظيم والنيل من أمن واستقرار المنطقة التي فشلت مراراً وتكراراً عبر أدواتها من التنظيمات الإسلاموية وبمختلف مسمياتها في السيطرة عليها.

فما يسمى الشمال المحرر والتي تنتشر فيها نقاط عسكرية للجيش التركي والمرتزقة معها تحولت إلى بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف، ومنها تدار العمليات الإرهابية والعقل المدبر لهذا التنظيم. وما مقتل أبوبكر البغدادي في بلدة “باريشا” إلا دليلاً على ذلك. ومن ثم إدارة “قرداش” للهجوم على سجن الصناعة بالحسكة ومقتله في بلدة أطمة وقدوم الانتحاريين من سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض)، كل هذه الدلائل تؤكد لنا جميع المساعي الهادفة إلى القضاء على الإرهاب والتطرف لن تنهيها مادام هناك “مناطق محررة” تحت سيطرة تركيا، تفرغ الإرهاب والتطرف وتحافظ عليه نشطاً وحياً وتغذية باستمرار، إلى جانب الهجمات المستمرة للدولة التركية التي تعرقل المساعي الرامية للقضاء على الإرهاب والتطرف.

في حقيقية الأمر ما يسمى بالشمال المحرر والمسيطرة عليه تركيا، ما هي إلا مناطق لجبهة النصرة والقاعدة وداعش الذي ينطلق منها للإعلان عن خلافته الثانية.

فأي نيّة حقيقة من المجتمع الدولي في القضاء على الإرهاب يبدأ من تحرير ما يسمى بالشمال المحرر وبالدرجة الأولى من الاحتلال التركي، وإخراجها من سوريا، حينها يمكن القول بأن أولى الخطوات بدأت في الاتجاه الصحيح.

بعد ان تناولنا موضوع ليلى موسى الإرهاب ينتعش من الشمال تركياً يمكنك قراءة ايضا

المفكر العربي  الكبير علي محمد الشرفاء يكتب.. الصلاة على النبي

الإمارات في أسبوع.. إشادة امريكية بأنظمة الدفاع الجوي لأبوظبي وأسهم موانئ دبي تقفز في أول يوم تداول

يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى