ليبيا في أسبوع.. مساعي غربية لدعم خطة باتيلي وتقرير دولي يكشف حجم الدمار الذي لحق بدرنة
طرابلس- مركز العرب
تعيش الدولة الليبية اجواء ملبدة بالغيوم على خلفية الاضطرابات السياسية، وفشل الفرقاء السياسيين في الوصول إلى حل للأزمة القائمة في البلاد للوصول إلى الانتخابات، وهو ما عدد من الدول الفاعلة في المشهد لمحاولة الوساطة لتفكيك المشهد وإنهاء المرحلة الانتقالية .
لقاءات أوروبية وأمريكية
وشهدت الأيام الماضية لقاءات مكثفة من قبل رؤساء البعثات الدبلوماسية في البلاد مع عدد من الأطراف السياسية والاقتصادية، وكذلك مع المبعوث الأممي عبد الله باتيلي الذي التقي خلال الايام الماضية مع السفير الإيطالي بليبيا، وكذلك سفراء فرنسا وألمانيا، والولايات المتحدة.
- اقرأ أيضا: ليبيا في أسبوع.. البلاد تنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال وترحيل مهاجرين مصابين بأمراض معدية
وفي المقابل أجرى المبعوث الأمريكي الخاص لليبيا، ريتشارد نورلاند، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميريكي جاش هارس، لقاءات مكثفة، مع مسؤولين ليبيين، شملت لقاءات سياسية وأمنية في المنطقة الشرقية والغربية، وكذلك مسؤولي المجلس الرئاسي، والبرلمان ومجلس الدولة، والمؤسسة النفطية، والمصرف المركزي.
دعم العملية السياسية
ودارت لقاءات الأمريكيين والأوروبيين حول محاور رئيسية منها دعم الاستقرار السياسي والأمني، والدعوة إلى مزيد من الحوار بين الفرقاء السياسيين للوصول إلى الانتخابات المرتقبة.
وشدد المسؤولين الأمريكيين على دعم العملية السياسية في البلاد، وحث الأطراف السياسية التوافق حول القاعدة القانونية للانتخابات، وشكل إدارة البلاد في المرحلة المقبلة، لحين إجراء الاستحقاق الانتخابي.
حماية النفوذ
ويرى مراقبون أن اللقاءات ركزت على حماية المصالح الأمريكية والأوروبية في ليبيا، وهو ما ظهر في لقاءات المسؤولين الأمريكيين مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، إذ ترغب واشنطن في تأمين سوق الطاقة خصوصا وأن كثير من حلفائها الغربيين يعتمدون بشكل مباشر على النفط والغاز الليبي.
وفي المقابل جاء لقاء نورلاند وهارس مع القائد العام المشير خليفة حفتر، وكذلك رئيس الأركان التابع لحكومة الوحدة الوطنية، محمد الحداد، كجزء من محاولة مواجهة النفوذ الروسي في ليبيا، حيث تشهد الفترة الأخيرة محاولات من قبل كل من موسكو وواشنطن للتقرب من المؤسسات الأمنية الليبية لحماية مصالح كل من هما في ليبيا وشمال إفريقيا.
دعم خطة باتيلي
وخلال اللقاءات شددت ممثلي واشنطن على دعم خطة باتيلي الرامية لتجميع الأطراف الخمسة الرئيسية في البلاد على طاولة مفاوضات واحدة، لضمان الوصول إلى اتفاق نهائي بخصوص الانتخابات، حيث استمع إلى وجهة نظر الأطراف السياسية والأجسام المختلفة.
وخلال اللقاء أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أن «أي محاولات لفتح حوارات جديدة أو اتفاقات جديدة ستعيدنا للمربع الأول»، مشدداً على ضرورة «تشكيل حكومة واحدة موحدة تنظم وتشرف على العملية الانتخابية» كشرط لالتئام الطاولة الخماسية.
ودافع خلال لقائه مع الوفد الأميركي عن «قيام مجلس النواب بما هو مطلوب منه من قاعدة دستورية، وإصدار القوانين الانتخابية، وآلية انتخاب حكومة موحدة تنظم الانتخابات»، ووفق السفارة الأميركية فقد جرى.
كما التقى الوفد الأمريكي بالقائد العام للقوات المُسلحة العربية الليبية المشير أركان حرب “خليفة أبوالقاسم حفتر” حيث أكد أهمية التنسيق والتعاون بين القيادة العامة والولايات المتحدة الأمريكية فى محاربة الإرهاب والتطرف.
وشدد الوفد الأمريكي على أهمية الدور الرئيسي للقوات المسلحة العربية الليبية فى حفظ الأمن والاستقرار فى ليبيا وتأثير ذلك إيجابياً على دول المنطقة بشكل عام.
وناقش أيضا الحاضرون أهمية الدفع بالعملية السياسية فى ليبيا وصولاً لمرحلة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، وعلى ضرورة قيام بعثة الأمم المتحدة فى ليبيا ببذل المزيد من الجهود المتوازنة والفعالة لتحقيق تطلعات وآمال أبناء الشعب الليبي.
كما ناقش الوفد مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة استراتيجية زيادة الإنتاج، واعتبر أن مستقبل ليبيا الاقتصادي «يعتمد على قطاع الطاقة، ويجب حماية قدرة المؤسسة على المحافظة على الإنتاج وتنميته».
تكلفة ضخمة لإعادة الإعمار
وأمام الأزمة السياسية لا تزال مشكلة إعادة إعمار المدن المنطوبة قائمة حتى الآن حيث قدر تقرير دولي صادر عن البنك الدولي والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، التكلفة التي تحتاجها عملية إعادة الإعمار في المناطق التي تضررت من إعصار دانيال الذي ضرب المنطقة الشرقية، بحوالي 1.8 مليار دولار أمريكي.
وقال التقرير الذي نشرته البعثة الأممية للدعم في ليبيا، اليوم الأربعاء، إن احتياجات التعافي وإعادة الإعمار في أعقاب الفيضانات الكارثية التي ضربت شرق البلاد في سبتمبر الماضي تُقدر بنحو 1.8 مليار دولار.
وأكد التقرير أن عدد المتضررين من كارثة “دانيال” وصل قرابة 1.5 مليون شخص – ما يعادل 22% من سكان ليبيا
وقدم التقرير تقييما للأضرار والخسائر التي سببها الإعصار، وكذلك احتياجات التعافي في جميع قطاعات الاقتصاد الليبي تقريبًا.
وخلص التقرير إلى أن الأثر الأكبر كان على قطاعات الإسكان والبيئة والتراث الثقافي، وكذلك قطاعي النقل والمياه.
آلاف الوحدات السكنية تضررت
وأشار إلى أن قطاع الإسكان تضرر بشدة، حيث تعرض ما يُقدر بأكثر من 18,500 وحدة سكنية للدمار أو الضرر الجزئي، أي ما يعادل 7% من مجموع الوحدات السكنية في البلاد.
وتشير التقديرات التي إلى أن 70% من تكاليف إعادة الإعمار في المناطق المتضررة، سيتم تخصيصها للبنية التحتية، كما أن الإسكان سيشكل المكون الأكبر منها.
ويشير التقرير إلى أن الأضرار الناجمة عن الفيضانات والخسائر الاقتصادية التي أعقبتها، وتُقدر بنحو 1.03 مليار دولار والخسائر بنحو 0.62 مليار دولار.
ويمثل إجمالي الأضرار والخسائر البالغ 1.65 مليار دولار 3.6% من إجمالي الناتج المحلي لليبيا في عام 2022.
كيف أثرت الأزمة على حياة الناس؟
وأثرت الكارثة على رفاهة الأشخاص في البلاد، إذ نزح ما يقرب من 44,800 شخص في البداية ومنهم 16,000 طفل، كما تدهورت إمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية والتعليم، كما زاد انعدام الأمن الغذائي في المناطق المتضررة.
وكانت الفئات الأكثر احتياجًا وفقا للتقرير هي النساء والأطفال والأشخاص ذوو الإعاقة والمهاجرون وكبار السن.
وتعليقًا على التقرير، قال جيسكو هنتشيل المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي، إن العاصفة دانيال كان لها تأثير مدمر ومأساوي على الكثير من الأشخاص الذين فقدوا أفراد أسرهم ومنازلهم وسبل كسب عيشهم.
وأكد أنه يأمل أن يساهم التقرير في حل مشكلات المتضررين، لافتا إلى أن التقرير شمل 20 بلدية، مع تحليلٍ متعمقٍ للمدن الخمس الأكثر تضررًا (درنة وسوسة والبيضاء والمرج وشحات) التي وقعت فيها 85% من الأضرار والخسائر.
واقترح التقرير عددا من النقاط التي يمكن استخدامها في التخطيط الوطني للتغلب على آثار الكارثة، منها أهمية التعاون والتنسيق بين أصحاب المصلحة في جميع أنحاء البلاد، وكذلك أهمية مساندة الشركاء الدوليين، من أجل دفع عجلة التعافي المستدام والقادر على الصمود والشامل للجميع في ليبيا.
ومن جانبها، طالبت جورجيت غانيون، نائب الممثل الخاص للأمين للأمم العام للأمم المتحدة و المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا، بإطلاق منصة وطنية منسقة لإعادة الإعمار لتنفيذ خارطة الطريق التي يقترحها هذا التقرير والتي تقدم مسارًا واضحًا للمضي قدمًا.
القائد العام يتفقد المشروعات في درنة
وفي سياق متصل أجرى القائد العام للقوات المُسلحة العربية الليبية المُشير أركان حرب خليفة حفتر، رفقة رئيس وزراء الحكومة الليبية الدكتور أسامة حماد؛ جولة في مدينة درنة، لتفقد مشاريع الإعمار في المدينة ، التي يُنفذها صندوق إعمار مدينة درنة والمناطق المتضررة.
وشملت الجولة؛ المرور على طرق وشوارع المدينة، إضافة إلى زيارةٍ لمواقع العمل داخل جامعة الفتايح والعمارات الصينية، وموقع إنشاء العمارات السكنية الجديدة.
وبدوره، أكد القائد العام – خلال جولته داخل المدينة – على ضرورة حلحلة مشاكل طلبة الجامعة، وإعادة العملية التعليمية إلى طبيعتها، والعمل على رفع وتيرة الإنجاز في عمليات البناء والصيانة والإعمار، لإتمامها في وقتها المحدد طبقًا للمواصفات الحديثة، حتى تعود الحياة إلى درنة وينعم أهلها بالاستقرار.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب