«السبي العثماني والمشرق المتوسط» كتاب جديد لـ جلال زناتي ومحمد أرسلان علي
يقدم رؤية تاريخية وتوثيقية لما جنته الشعوب العربية والمتوسطية من العثمانيين
كتاب جديد لـ جلال زناتي ومحمد أرسلان علي
صدر في القاهرة، عند دار نفرتيتي للنشر والتوزيع، كتاب “السبي العثماني والمشرق المتوسط” للكاتبين د. جلال زناتي ومحمد أرسلان علي، والكتاب يقع في ٣٠٨ صفحة من القطع الكبير.
والكتاب يقدم قراءة للمجازر التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحق شعوب المنطقة، فليس الأرمن وحدهم من عانى من المجازر العثمانية، لكن هناك شعوب عدة تأثرت بهذا الاحتلال الطويل، ويقدم المؤلفان في هذا السياق العمل في سبعة عشرة ورقة (فصل)، يسبقها مقدمة، وتوطئة حول نسبة ما وصل إلينا من المعرفة التاريخية.
ويُقسم الكاتبان فصول أو أوراق الكتاب على النحو التالي: “الورقة الأولى: التاريخ والعثمانيين.. غزو أم فتح؟، الورقة الثانية: السبي العثماني للجزيرة العربية، الورقة الثالثة: الانتشار التركي في المشرق المتوسط، الورقة الرابعة: الإبادة العثمانية للأرمن، الورقة الخامسة: الكرد والأرمن جيران وضحايا العقلية العثمانية، الورقة السادسة: عفرين وصراع الآلهة، الورقة السابعة: العرب والكرد والأرمن والتاريخ التركي الملطخ بالدماء، الورقة الثامنة: أردوغان والعثمانية الجديدة، الورقة التاسعة: ملف جرائم السبي العثماني والإبادة الجماعية التركية بحق الأقليات، الورقة العاشرة: مذابح العثمانيين في مصر، الورقة الحادية عشرة: الدخول العثماني لمصر هل كان احتلالا؟، الورقة الثانية عشرة: الدولة العثمانية وتركيا ودعمها للإرهاب، الورقة الثالثة عشر: إرهاب أردوغان في سوريا، الورقة الرابعة عشر: مفهوم القومية التركية “الطورانية وجرائم الإبادة، الورقة الخامسة عشر: جرائم العثمانيون.. التدين الإسلامي غطاء للمجازر والجريمة والدم المسال، الورقة السادسة عشر: الكرد ودورهم في حماية المنطقة من التقسيم، الورقة السابعة عشر: التجديد الفكري وإصلاح الخطاب التاريخي في محاربة الإرهاب”.
وفيما يلي مقدمة الكتاب:
لطالما انشغل الكثير من المؤرخين والكتاب في كتابة تأريخ بني عثمان والعثمانيين مذ استيطانهم منطقة مشرق المتوسط في العهد العباسي وحتى انتشارهم كامبراطورية حكمت المنطقة تحت راية التدين الإسلامي، وبعد ذلك وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى وما حدث فيها من انهيار لها بفعل عوامل موضوعية دولية أو ذاتانية محلية وإقليمية، مما أدى إلى تشتيتها وتقسيمها بعد فرض معاهدات واتفاقيات دولية والتي كان من نتائجها تشكل الجمهورية التركية على انقاض ما تبقى من الإمبراطورية العثمانية. وكذلك تشكل العديد من الدول العربية بعد رسم حدودها من قبل القوى العظمى في تلك الفترة وهي فرنسا وبريطانيا وأمريكا إن كان بشكل أقل.
مُعظم ما تم كتابته كان يسير وفق منهج المدح والتبجيل بمرحلة السيطرة العثمانية على المنطقة، التي حافظت عليها بفضل السيطرة العثمانية تلك، من التدخلات الخارجية وخاصة القوى الغربية التي كانت تتحين الفرص للاستيلاء عليها ونهب خيراتها.
كانت الحرب العالمية الأولى والتي ألقت بظِلالها على المنطقة هي بنفس الوقت صراع ما بين مساند للعثمانيين على أساس أنها تمثل الخلافة الإسلامية وكان شعارهم حماية الدين الإسلامي عبر العثمانيين من جهة، ومن جهة أخرى ما هو معارض لها ومدعوم من فرنسا وبريطانيا والذين كان شعارهم هو قومي عروبي منادياً لإقامة الدولة العربية والتخلص من الاحتلال العثماني للمنطقة.
سيطرة أكثر من ستة قرون على المنطقة من قبل العثمانيين استطاعوا من خلالها فرض ذهنيتهم على علية الشعب من المشايخ ورجال الدين والذين بدورهم كانوا يؤثرون على المجتمع، وما زال حتى راهننا الكثير من رجال الدين والمتدينين يحنون للسيطرة العثمانية وكأنه من دونهم لن يتبق لهم تواجد وأثر. وعليه تم كتابة المئات من الكتب التي تمدح بالعثمانيين وما نشروه من استقرار ومحبة في المنطقة وأن السلاطين العثمانيين كانوا خير من يمثلون الدين، والكثير من المدخ الذي كالوه لهم.
البحث في التاريخ بشكل محايد له من الصعوبات ما يجعل الانسان يلاقي العراقيل الكثيرة للوصول لحقيقة ما عاشته الشعوب والمجتمعات في ظل الإمبراطورية العثمانية. خاصة أن الوثائق والمعاهدات والمخطوطات التابعة لتلك المرحلة صعبة المنال والوصول إليها نتيجة تحفظ الكثير من الجهات والأطراف في ابقائها سر الكتمان. تركيا ما بعد الحرب العالمية الأولى وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا وغيرها من الدول التي استحوذت على الآلاف من تلك الوثائق الخاصة بالمرحلة العثمانية تخفظت على نشر تلك الوثائق إلا في المراحل المتأخرة قبل عقد تقريباً.
لذا، كان معرفة ما تتضمنه تلك الوثائق من الصعوبة بمكان لأنها مكتوبة بالحروف الآرامية واللغة العثمانية والتي لا يتقنها في حاضرنا إلا المختصون بها، بعد أن عمل مصطفى أتاتورك على تبديل الحروف الآرامية التي كان يُكتب بها في تلك المرحلة إلى الأحرف اللاتينية. لكن في راهننا وبعد انتشار وتطور التكنولوجيا المعلوماتية مما أثر كثيراً على انتشار الوثائق بشكل كبير وترجمتها ونشر مضمونها من قِبل الكثير من المهتمين بتلك المرحلة، باتت وسائل المعرفة متاحة لأي انسان يسعى لمعرفة حقيقة العثمانيين وما قاموا به وكيف سيطروا على المنطقة تحت حجة الدين والتدين.
من الؤكد أن أي طرف يسعى ليكون قوة تسيطر على بقعة واسعة من الأرض وبسط نفوذه، لا بدّ له من أن يرتكب الكثير من المجازر بحق شعوب ومجتمعات تلك المنطقة تحت أي مسمى وحجة كانت، وإلا لن يكون بمقدوره الوصول لأحلامه تلك في أن يكون امبراطورية ذات نفوذ وهيمنة.
هذا ما تُخبرنا به الوثائق العثمانية أنهم ارتكبوا الكثير من المجازر بحق شعوب المنطقة وخاصة الكرد والعرب والأرمن والسريان والآشور واليونانيين والتركمان وغيرهم من شعوب المنطقة. تلك المجازر التي تمت باستخدام واستثمار سلاح الدين ووسم كل من يعترض طريقهم بالكفر والخروج عن المللة، كان الوسيلة الأنجع والسريعة للوصول لمبتغاهم. الدين والسلطة هما طريق السيطرة والاحتلال والوصول للامبراطورية، حسب ما أخبرتنا به مئات بل آلاف الوثائق التي تم الافراج عنها من الغرف المظلمة.
الحقيقة لا زالت غائبة نوعاً ما عمّا فعله العثمانيون وأحفادهم الأتراك في المنطقة كيف أنهم لم يتركوا وسيلة إلا واستخدموها لترهيب من حولهم لإخضاعهم لاحتلالهم والسيطرة عليهم. وهو نفس الأسلوب المتبع في راهننا من قبل أردوغان ودعمه للفصائل الإرهابية والمرتزقة لاحتلاله بعض من المناطق في الشمال السوري والشمال العراقي وليبيا وأرمينيا.
أحفاد العثمانيين اليوم لا يختلفون كثيراً عن أجدادهم كثيراً في حقدهم ودمويتهم وكذبهم على التاريخ والجغرافيا والدين والشعوب. نفس العقلية الدموية التي دخلوا فيها المنطقة قبل قرون من الزمن يحاولون الآن تطبيقها للحفاظ على بقائهم فيها.
في كنتابنا هذا نوضح بعضاً من الحقائق التي كانت غائبة عن الكثير من شعوبنا التي أصابها الجهل في استيعاب وإدراك روح التاريخ وفلسفته. وهذا هو السبب فيما نعانيه الآن في أننا نعيش حالة من التخبط والتشتت ونحن نسير نحو المستقبل. فصول عدة تم كتابتها بالاعتماد على وثائق وكتّاب عاصروا مرحلة احتلال العثمانيين وأحفادهم الأتراك للمنطقة، التي تحتوي على تعليمات وتوجيهات بارتكاب المجازر بحق الشعوب ونهب المخطوطات والنفائس والمجهورات وكنوز المدن والبلدان التي احتلوها.
كل ذلك كان بهدف معرفة بعضاً من حقيقة العثمانيين والأتراك مما فعلوه بشعوبنا ومجتمعاتنا على مرّ التاريخ. وتأكيد أن العثمانيين ليسوا أصلاء في المنطقة بل هم دخلاء عليها وليس لهم أي علاقة بالدين لا من قريب ولا من بعيد.
إذ أنهم يستغِلون الدين من أجل السلطة والسيطرة والاحتلال ونهب البلدان. وما على الشعوب إلا التعاضد فيما بينهم للتخلص من هذا الجسم الغريب والدخيل على المنطقة وإخراجها من حالة الاغتراب التي تعيشها ورجوعها إلى ذاتها وحقيقتها. ربما أغفلنا الكثير من الوثائق وربما لم نصل للكثير منها أيضاً، لكننا بكل تأكيد من خلال من حصلنا عليه كشفنا عن قسم من عورة العثمانيين واسقطنا القناع الذي كانت تتستر به إن كان العثمانيون سابقاً أو الأتراك لاحقاً. وكما يقول العماد الأصفهانى: “إني رأيت أنه لا يكتب أحداً كتاباﹰ في يومه إلا قال في غدهِ لو غيرَّ هذا لكان أحسن، ولو زيّد هذا لكان يستحسن، ولو قدّم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر”.
بعد ان تناولنا موضوع كتاب جديد لـ جلال زناتي يمكنك قراءة ايضا
احتفالات رأس السنة.. ماذا تقول الأبراج وخبراء الفلك عن واقع العرب في 2022؟
ليلى موسى تكتب.. من المستفيد من استمرارية الأزمة السورية؟
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك