كتاب الله بين (التدبر والتلاوة).. وشكوى الرسول من هجر القرآن
(لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).. حلقات يقدمها محمد فتحي الشريف عن الوعي (الحلقة الاولي )
الملخص
القرآن الكريم كلام الله المقدس الذي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، والذي يرسم للناس جميعا خارطة طريق (الرحمة والعدل والحرية والسلام)، ويقول المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في هذا الموضوع إن القرآن (خطاب الأحياء) والمنهج الإلهي الصحيح الذي جاء به الرسول، ومع ذلك هجر المسلمون القرآن لصالح الروايات التي قدسها الناس، فنالت من الدين وسماحته وألصقت بهم التهم والأباطيل.. إلى تفاصيل نص المقال..
التفاصيل
في حلقة اليوم سوف أتحدث عن القرآن الكريم دستور المسلمين الذي يدعو إلى الرحمة والعدل والسلام، هو كلام الله عز وجل الذي نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليكون هدى ورحمة للناس جميعا، هو الكتاب الخالد المحفوظ، فيه الشريعة الصحيحة والأحكام العادلة والمنهج الإلهي القويم، وهو الكتاب الذي أعجز الإنس والجن جميعا على أن يأتوا بمثله قال تعالى (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) صدق الله العظيم.
نور الله
القرآن هو نور الله عز وجل للبشرية، فمن اتبعه وسار على نهجه عاش حياة كريمة دون شقاء ولا عناء، وهو الهدى والشفاء، وهو الصدق الذي لا يعرف الباطل، قال الله عز وجل في آيات عديدة عن القرآن منها (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)، ومنها (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)، ومنها (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)، ومنها (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ)، ومنها (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، ومنها (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ)، ومنها (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى).
هجر القرآن
قال الله تعالي (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)، إن الرسول يشتكي لله عز وجل قومه بعدما هجروا القرآن وذلك منذ أربعة عشر قرنا، فكيف نرى حال المسلمين اليوم على الرغم من انتشار دعوة الإسلام في كل بقاع الأرض وأصبحنا بالمليارات، ومع ذلك لم يأخذ القرآن الكريم مكانه في قلوب وعقول المسلمين، ولا يزال هجر كتاب الله عز وجل حاضرا بيننا.
الشرفاء الحمادي: (القرآن خطاب الأحياء)
فعلي الرغم من أن القرآن الكريم خطاب الأحياء الصالح لكل زمان ومكان كما يقول المفكر العربي الكبير الأستاذ علي الشرفاء الحمادي في كتاب (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) الذي يطالب فيه المسلمين في كل بقاع الأرض بالعودة للقرآن حتى يعم السلام والرحمة والتعايش والعدل حياتهم وتختفي من بينهم العداوة والبغضاء والفرقة والتحزب الذي أسست له الروايات المتعارضة مع كتاب الله.
التعامل مع القرآن
للأسف الشديد أغلب المسلمين يتعاملون مع كتاب الله بطريقة تؤكد هجرهم له، فأصبح كتاب الله يزين البيوت والمكاتب والسيارات والمآتم، ويظل هكذا الوضع حتى شهر رمضان من كل عام.
القراءة والتدبر
وعندما يعودون للقرآن في شهر رمضان لا يقرؤون قراءة تدبر وفهم وإدراك للآيات، بل إنهم يقرؤون قراءة تباهٍ حتى يقول إنه قرأ وحفظ وراجع أجزاء وأجزاء، ومع ذلك الله عز وجل يطلب منا القراءة للتدبر والفهم والإدراك، ولو تدبرت آياته وفهمت معناها وطبقت ما بها في حياتك، تكون قد أخذت ثوابا عظيما.
همهمة وترديد للآيات
لقد أصبح المسلمون يعاملون القرآن الكريم على أنه همهمة وترديد للآيات لكسب مزيد من الحسنات دون أن يعرفوا أن التدبر والفهم هو المطلب الحقيقي لمطالعة كتاب الله، فالله يأمرنا بالتدبر.
التفهم والتفاعل مع القرآن
فهم القرآن الكريم والتفاعل معه والعمل بما فيه هو الثمرة الحقيقية للعودة للقرآن، فإن فهم القرآن هو جزء أساسي من تصحيح المفاهيم التي دخلت على صحيح الدين من خلال الروايات والأكاذيب التي دست علينا وتم التسويق لها باحترافية حتى أصبحت جزءا أصيلا من معتقداتنا للأسف الشديد ونالت تلك المعتقدات قدسية عند العوام.
خشوع فهم وتدبر
التعامل مع القرآن الكريم يجب أن يكون بخشوع وفهم وتدبر وإدراك للمعاني، بعيدا عن تناول الكلمات وعد الحسنات والخزعبلات التي يتحدث عنها بعض الناس فالله عز وجل يقول (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)، ويقول أيضا (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، فالهدف هو الفهم والتدبر والتفكّر وإعمال العقل في تلك الآيات وليس ترديدها دون وعي ما فيها.
القرآن صالح لكل زمان
يجب علينا جميعا أن ندرك أن القرآن صالح لكل زمان ومكان، وأن القران كلام واضح مبين، وأن التفاسير السابقة الموجودة حاليا هي مجرد اجتهادات، وكلام الله واضح ليس به طلاسم نحتاج إلى فك شفرتها، بل هو كلام مبين واضح البيان.
الطامة الكبرى
إن الطامة الكبرى التي حدثت في الإسلام هي تقديس الأشخاص وإنزال كلامهم منزلة في نفس قدسية القرآن، وهذا خطأ عظيم، فالقرآن هو النص الوحيد المقدس، وكل ما يخالفه مرفوض ومتروك، كما أن بعض العوام أنزلوا المفسرين الأوائل منزلة الكهنة المقدسين الذين لا يجب الاقتراب منهم أو نقد كلامهم حتى إن كان يخالف صريح القرآن الكريم، وتلك إشكالية كبرى سوف نفرد لها موضوعا منفصلا.
القرآن دعوة مباشرة
فالقرآن الكريم دعوة مباشرة من الله للنّاس جميعا للتدبر والتفكر في كتاب الله، وكل إنسان على قدر فهمه واستطاعته، ولكن لابد أن نفعل التدبر والفهم لدى كل الناس، والله عز وجل قد راعى الفروق الفردية بين الناس، ولكن يبقى التدبر مطلبا إلهيا للجميع.
وسوف أستكمل في الحلقة المقبلة الحديث عن الفهم والتدبر في القرآن الكريم، من خلال بعض الأمثلة.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب