هل فرنسا وراء الانقلاب في الجابون.. ؟
قال الباحث السياسي أحمد عرابي إن الغابون شهدت تصاعد للتوتر في جراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي أجريت السبت الماضي في غياب المراقبين الدوليين، حيث سعى بونغو من خلال هذه الانتخابات إلى تمديد حكم عائلته المستمر منذ قرابة الـ56 عاما، بينما عملت المعارضة على إحداث تغيير في هذه الدولة الغنية بالموارد كالنفط والكاكاو والفقيرة رغم ذلك هذه الموارد.
وبلغت نسبة المشاركة في الاقتراع 56.65% وفقا لما أعلنته لجنة الانتخابات، أعقبها أعلان عسكريون في الغابون استيلاءهم على السلطة ووضع الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية بعد ساعات قليلة من إعلان لجنة الانتخابات فوزه بولاية رئاسية ثالثة، في حين خرجت في شوارع العاصمة ليبرفيل مظاهرات مؤيدة للانقلاب.
وأوضح عرابي إن الغابون والتي ظلت لفترة طويلة محمية لفرنسا بسبب العلاقات الاستعمارية، واستقلت الغابون عن فرنسا في 17 أغسطس 1960، وتملك باريس قاعدة عسكرية دائمة في البلاد، والان أصبحت مثل العديد من الدول الأفريقية ، شريكًا اقتصاديًا رئيسيًا للصين في العقود الأخيرة، و واستثمرت الصين في قطاعات مختلفة في الغابون، بما في ذلك التعدين والبنية التحتية والغابات والطاقة. وشاركت الشركات الصينية في مشاريع مثل استخراج الحديد والمنغنيز والنفط.
ومن غير المرجح أن ترضي هذه الشراكة الجديدة فرنسا، التي حافظت على علاقات دبلوماسية واقتصادية كبيرة منذ استقلالها.
وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت منذ فترة طويلة شريكا اقتصاديا رئيسيا للغابون، حيث تستثمر فرنسا استثماراتها في قطاعات مختلفة مثل استغلال النفط والتعدين وغيرها من المجالات. الجابون هي أيضًا عضو في منطقة الفرنك الأفريقي، مما يعني أنها تستخدم الفرنك الأفريقي كعملة رسمية لها.
إلا أن العملاق الصيني هو الرابح في الرهان في مجالات الاستثمارات والقروض. وقدمت الصين القروض والتمويل لمشاريع البنية التحتية في الغابون، مثل بناء الطرق والموانئ وغيرها من البنية التحتية الرئيسية. وقد ساهم ذلك في تطوير وتحديث الاقتصاد الغابوني.
عرابي أشار إلى أن الصين تشارك أيضًا في قطاع الطاقة في الغابون، وتشارك هناك في مشاريع النفط والغاز، مما عزز العلاقات الاقتصادية بين البلدين مؤخراً ، ومع ذلك، كما هو الحال في أي علاقة دولية، قد تكون هناك مخاوف وتحديات محتملة تتعلق بالتعاون الفرنسي الغابوني، ومن هنا فإن السؤال المشروع الذي يجب طرحه في هذه المرحلة من الأحداث التي تجري حاليا في الغابون، هو معرفة ما إذا كان فرنسا ليست وراء هذا الانقلاب الذي أعلن يوم الثلاثاء في الغابون.
لقد علمنا التاريخ الحديث أن المستعمر السابق “فرنسا” يضع نفسه في أفريقيا أحيانا بطريقة متناقضة بشكل أساسي، عندما يدعم إنقلابا في بلد أفريقي ويدينه في بلد آخر.
الباحث السياسي أوضح أيضاً إن الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران أعلن الأربعاء أن باريس تدين الانقلاب العسكري الجاري حاليا في الغابون مشيرا إلى أن فرنسا تراقب بانتباه شديد تطورات الوضع بحسب قوله ، فيما أوضح فيران خلال مؤتمر صحافي في ختام اجتماع مجلس الوزراء إن باريس تؤكد مجددا رغبتها بأن يتم احترام نتيجة الانتخابات في الغابون .
وكانت شركة التعدين الفرنسية العملاقة “إراميت” أعلنت اليوم الأربعاء تعليق كافة عملياتها في الغابون التي تملك فيها وحدة “كوميلوغ” لإنتاج المنغنيز العالي الجودة، في أعقاب إعلان الانقلاب العسكري.
وتعود معظم دوافع الانقلابات في جنوب الصحراء بإفريقيا إلى أمور عرقية وقبلية، أو صراع عائلات وتكتلات على السلطة والثروة، أو لروابط خارجية وعادة ما تصبح هذه الانقلابات وباء في القارة السمراء، و أن الأسباب المعلنة دائما لها هي وجيهة ومعتادة، مثل سوء الإدارة، والافتقار للتماسك الاجتماعي، وفي حالة الغابون قد يكون المبرر هو سيطرة عائلة بونغو على السلطة دامت لأكثر من نصف قرن، إلا أنه في كل الأحوال المجالس العسكرية تفشل دائما في تغيير الأوضاع التي قالت إنها استولت على السلطة لإصلاحها فدائما ما تكون الثروات الشهية مطمع للمستعمر .
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب