ناصر سعيد يكتب.. عِبْرةُ العَامِ المَاضِي
الكاتب رئيس تحرير صحيفة الموقف الليبية.. خاص منصة العرب الرقمية
عِبْرةُ العَامِ المَاضِي
لم يختلف العام المنصرم كثيرا عن أي من السنوات العشر التي سبقته، فقد اجتر الليبيون خلاله أزماتهم المزمنة بدايةً من الشلل التام لمؤسسات الدولة وما ترتب عليه من انهيارات مدوية للقيم واستباحة تامة للسيادة الوطنية، ومرورا بسوء الأحوال الاقتصادية وما نتج عنها من ضيق لفسحةِ العيشِ ومساس بالحياة الكريمة للمواطنين، وانتهاءً بانعدام الخدمات والمتطلبات الأساسية وآخرها عدم توفر الكتاب المدرسي للتلاميذ.
فلا جديد يمكن أن يميز هذا العام عما سبقه سوى سمة بدت جلية متفشية كتفشي فيروس كورونا، ألا وهي آفة “تسويق الوهم”.
فلا جديد يمكن أن يميز هذا العام عما سبقه سوى سمة بدت جلية متفشية كتفشي فيروس كورونا، ألا وهي آفة “تسويق الوهم”.
فكما لو أن الزمن قد عاد إلى شهر فبراير 2011 عندما قامت حينها الدولُ الغربيةُ ومن يسير في كنفها بأكبر حملة خداع وتسويق للوهم في ليبيا فوقعت ضحيتها حرية البلاد والعباد، فمع مطلع العام 2021 قام ذاتُ التجارِ بالتسويق لذات المنتج تقريبا، حيث جاء في صورة خارطة طريق وبنفس الآليات القديمة المتمثلة في قرارات مجلس الأمن الدولي وجولات للسفراء الأجانب ومراكز استخبارات وصفت تضليلا بمراكز البحوث والدراسات الإنسانية وغيرها.
ولا شك أن ممارسة الحرمان بشكل ممنهج لسنوات عشر هي ما دفعت المواطن الليبي إلى اعتبار انقطاع التيار الكهربائي مرتين أسبوعيا تقدما يحتفل به، وغدا تمكُّن المواطن من سحب ألف دينار من حسابه المصرفي في الشهر تحسنا كبيرا قد أنسى سكان الشمال الليبي معاناة أهل الجنوب المحرومين من توفر السيولة النقدية والكهرباء والوقود وغاز الطهي والأمن والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها لسنوات.
فقد تضاعفت المعاناة على مدار السنوات العشر العجاف فوصل الليبيون إلى مشارف العام المنصرم مطحونين ومتعبين، وقد أخذ الإحباط منهم كل مأخذ، فما كان بوسعهم إلا التعلق بأي بارقة أملٍ وإن كانت شيئا لا يذكر، لدرجة أنهم اعتبروا إعادة فتح الطريق الساحلي بين شرق البلاد وغربها إنجازا تاريخيا.
وفي ظلِّ هذا الوضع المتردي لم يكن أمام الليبيين من خيار سوى التعلق بوعود الدول الغربية التي قالت بالخروج من الأزمة الطاحنة عبر تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة قد تزيح الفاشلين الذين مكنتهم الدول الغربية ذاتها بقرارات مجلس الأمن الدولي والقوة العسكرية لحلف الناتو ومن والاه في حرب 2011 على ليبيا.
ورغم مرارة التجربة الماضية وإعادة تكرارها إلا أن جل الليبيين قد علقوا آمالهم على خوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية كما أُعلِنَ عنها لتنطلق في 24 ديسمبر 2021، وببلوغ ذلك التاريخ دون انتخابات بلا أسباب مقنعة تبدد حلم الليبيين وانكشف خداع الدول المتنفذة في مجلس الأمن والتي طالما هددت بمعاقبة كل من تسول له نفسه عرقلة الانتخابات أو الحيلولة دون إقامتها.
مع انجلاء الموقف الدولي والإقليمي وعقب العودة إلى المربع الأول صارت الحقيقة أكثر وضوحا وأقيمت الحجة على غير الوطنيين الذين ساروا بالبلاد إلى قاع الهاوية.
ومع انجلاء الموقف الدولي والإقليمي وعقب العودة إلى المربع الأول صارت الحقيقة أكثر وضوحا وأقيمت الحجة على غير الوطنيين الذين ساروا بالبلاد إلى قاع الهاوية.
وهنا يتحتم على القوى الوطنية التي لم تتلطخ مسيرتها بالعمالة للأجنبي أن تنظم نفسها وتتقدم الصفوف وتقود أبناء شعبها للخروج من دائرة الوهم والتبعية والتغلب في سطوة الرشوة وشراء الذمم ليكون العام الجديد بداية حقيقية لعمل وطني حقيقي متكامل يخرج ليبيا من الدائرة المغلقة وينقذها من الفخ الذي وضعت فيه.
نقلا عن صحيفة الموقف الليبي الورقية
بعد ان تناولنا موضوع عِبْرةُ العَامِ المَاضِي يمكنك قراءة ايضا
السعودية في أسبوع.. أردوغان يزور المملكة في هذا الموعد.. وبيروت تتنصل من تطاول حسن نصر الله
أحمد شيخو يكتب.. تجديد الخطاب الديني ودمقرطة الإسلام
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك