إدريس إحميد يكتب.. سورية سقوط نظام أم دولة؟
سورية التاريخ والحضارة والعراقه سوريا تعتبر من أقدم البلدان في العالم، وهي مهد للعديد من الحضارات التي تركت بصماتها العميقة على تاريخ البشرية. هذه بعض المعالم الرئيسية في تاريخها العريق وشهدت حضارات ..
الآراميون والفينيقيون – الحضارة الآشورية والبابلية -الإمبراطورية الرومانية -البيزنطيون والإسلام .
تاريخ سوريا يمثل مزيجًا فريدًا من الحضارات التي ساهمت في تشكيل الهوية الثقافية للمنطقة، وجعلت منها إحدى أكثر المناطق التاريخية غنى على وجه الأرض.
(المراحل التي مرت بها سورية في التاريخ الحديث)
1- الإمبراطورية العثمانية (من 1516م إلى 1918م): في عام 1516، أصبحت سوريا جزءًا من الإمبراطورية العثمانية بعد معركة مرج دابق. ظلت سوريا تحت الحكم العثماني لأربعة قرون، حيث كانت دمشق عاصمة ولاية الشام. تميزت هذه الفترة بالاستقرار النسبي ولكن أيضًا بالصراعات الداخلية نتيجة للسياسات العثمانية.
2- الانتداب الفرنسي (من 1920م إلى 1946م): بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى، خضعت سوريا للانتداب الفرنسي بموجب اتفاقية سان ريمو (1920). خلال هذا الانتداب، نشأت حركة مقاومة قوية ضد الاستعمار الفرنسي، ما أدى إلى استقلال سوريا في عام 1946.
3- الجمهورية السورية (من 1946م إلى اليوم): بعد الاستقلال، مرت سوريا بتقلبات سياسية متعددة. شملت هذه الفترة انقلابات عسكرية، وصراعات داخلية، وتأسيس الجمهورية السورية الحديثة. في عام 1970، تولى حافظ الأسد السلطة بعد انقلاب عسكري، وأسَّس حكمًا طويل الأمد في البلاد، والذي استمر مع ابنه بشار الأسد بعد وفاته في 2000.
(الوضع السياسي في سورية في ظل حكم الأسد )
الوضع السياسي في سوريا منذ وصول حافظ الأسد إلى الحكم في عام 1970 شهد تحولات كبيرة في البلاد على مختلف الأصعدة، وكان له تأثير طويل المدى على السياسة السورية والإقليمية. فيما يلي أبرز المراحل التي مر بها الوضع السياسي في سوريا منذ وصول حافظ الأسد إلى الحكم:
1. وصول حافظ الأسد إلى السلطة (1970)
في 13 نوفمبر 1970، وصل حافظ الأسد إلى السلطة عبر انقلاب عسكري حمل اسم “الحركة التصحيحية”. كان حافظ الأسد يشغل منصب وزير الدفاع في حكومة الرئيس نور الدين الأتاسي، ونجح في الإطاحة به وبالرئيس سليمان النحلاوي عبر انقلاب سريع بعد فترة من التوترات السياسية والعسكرية.
الظروف التي ساعدت على صعوده:
تدهور الوضع الداخلي في سوريا، حيث كانت البلاد تمر بأزمة سياسية وحزبية عميقة بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية.
تزايد الانقسامات بين القوى السياسية، خصوصًا بين البعثيين والقوميين والشيوعيين.
حافظ الأسد كان شخصية عسكرية محنكة وله دعم كبير داخل الجيش.
تأسيس نظام الأسد:
حافظ الأسد أسس لنظام حكم يعتمد على الحزب البعثي، لكنه جعل نفسه الشخصية المركزية في السلطة.
أرسى نظامًا قائمًا على السيطرة القوية على الجيش والأجهزة الأمنية، مع وضع مؤسسات الدولة تحت سيطرته الشخصية.
2. بناء النظام السياسي
(السبيعينات والثمانينات)
بعد وصوله إلى السلطة، بدأ حافظ الأسد بتوسيع سلطته وتعزيز قبضته على جميع مفاصل الدولة، وأرسى هيكلًا سياسيًا لا يعتمد فقط على الحزب البعث بل أيضًا على مؤسسات قمعية وأجهزة أمنية متعددة.
حزب البعث:
حافظ الأسد حافظ على سيطرة حزب البعث على الحكم، لكنه لم يكتفِ بذلك، بل جعل نفسه قائدًا للحزب وركَّز السلطة في يده.
الجيش والأمن:
حافظ الأسد أنشأ شبكة واسعة من الأجهزة الأمنية والجيش لضمان استقرار نظامه، وكان الجيش يلعب دورًا كبيرًا في تعزيز سلطته.
الانفتاح الاقتصادي:
قام حافظ الأسد ببعض الإصلاحات الاقتصادية التي شملت التأميمات وفتح الباب لبعض الاستثمارات الخاصة، مع الحفاظ على القطاع العام تحت سيطرة الدولة.
3. حرب لبنان 1975-1990 و الأزمة الإقليمية
سوريا تحت حكم حافظ الأسد تورطت في الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1976، حيث تدخلت القوات السورية إلى لبنان بموجب اتفاقية مع الدول العربية (اتفاقية الطائف). على الرغم من أن هذا التدخل كان جزءًا من سياسة إقليمية ودولية، إلا أن له تأثيرًا كبيرًا على الوضع الداخلي السوري.
التدخل العسكري في لبنان: حافظ الأسد استخدم هذا التدخل لتعزيز نفوذ سوريا في لبنان ولبناء علاقة مع القوى السياسية هناك، ولا سيما مع حزب الله والفصائل الفلسطينية.
العلاقة مع إسرائيل:
في هذه الفترة، كانت العلاقات مع إسرائيل متوترة للغاية، وتواصلت الصراعات العسكرية، بما في ذلك معركة “حرب تشرين 1973” (حرب أكتوبر).
4. الاحتجاجات والقمع (الثمانينات)
في بداية الثمانينات، بدأت الاحتجاجات تتصاعد ضد النظام في بعض المدن السورية، خاصة في محافظة حماة.
انتفاضة حماة (1982): واحدة من أبرز الأحداث السياسية في فترة حكم حافظ الأسد. عندما اندلعت احتجاجات مسلحة من جماعة الإخوان المسلمين ضد النظام، قامت الحكومة السورية بقمع وحشي للانتفاضة في مدينة حماة. قُتل الآلاف في هذه الحملة القمعية، مما أظهر استعداد النظام لاستخدام القوة المفرطة ضد المعارضة.
5. السياسة الإقليمية والدولية
حافظ الأسد عمل على ترسيخ دور سوريا كقوة إقليمية، وطور علاقات استراتيجية مع الاتحاد السوفيتي ومن ثم روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وكذلك مع إيران بعد الثورة الإسلامية.
العلاقات مع الغرب: حافظ الأسد كان حذرًا في علاقاته مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة، حيث شهدت تلك الفترة نوعًا من التوترات، لكن حافظ الأسد كان أيضًا مشاركًا رئيسيًا في عملية السلام بالشرق الأوسط، خصوصًا بعد اتفاقات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
6. انتقال السلطة إلى بشار الأسد (2000)
بعد وفاة حافظ الأسد في عام 2000، انتقلت السلطة إلى ابنه بشار الأسد، الذي كان في وقتها نائبًا للرئيس وطبيبًا مختصًا في العيون. كان بشار الأسد أقل خبرة في السياسة من والده، لكن ورث عن والده نظامًا قويًا قائمًا على العائلة والأجهزة الأمنية.
التوريث السياسي: كان الانتقال سلسًا، حيث تمت تغييرات في الدستور السوري لتسمح لبشار الأسد أن يصبح رئيسًا في سن صغير (34 عامًا) بدلًا من أن يكون 40 عامًا، وهو الحد الأدنى المنصوص عليه في الدستور.
7. حكم بشار الأسد
منذ تولي بشار الأسد، كانت سياساته تحمل بعض الانفتاح في البداية في مجال الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، ولكن سرعان ما بدأ النظام في العودة إلى سياسات القمع والهيمنة على كافة مفاصل الدولة.
8. الثورة السورية والحرب الأهلية (2011-)
في عام 2011، اندلعت احتجاجات في سوريا ضمن موجة الربيع العربي، مطالبة بإصلاحات ديمقراطية وتحسين الأوضاع الاقتصادية. النظام السوري، بقيادة بشار الأسد، رد بعنف شديد على الاحتجاجات، مما أدى إلى نشوب حرب أهلية مستمرة حتى اليوم.
الحرب الأهلية:
الحرب شهدت تدخلات إقليمية ودولية مع دعم روسيا وإيران لنظام الأسد، بينما دعمت دول أخرى مثل الولايات المتحدة وبعض الدول العربية المعارضة السورية.
تداعيات الحرب: الحرب تسببت في مقتل مئات الآلاف من الأشخاص وتدمير كبير للبنية التحتية السورية. كما شهدت سوريا أزمة لاجئين ضخمة، حيث نزح ملايين الأشخاص داخل وخارج البلاد.
كانت الحكومة السورية تسيطر على معظم الأراضي، ولكن هناك مناطق خارج سيطرة النظام، مثل شمال سوريا التي تسيطر عليها القوات الكردية والجيش التركي.
واخيرا ..
بعدما شهدت المنطقة العدوان الصهيوني المستمر على الفلسطينيين منذ بداية عملية طوفان الاقصي ، وماتلها من عدوان لبنان .
شهدت سورية عمليات مفاجئة شنتها قوى المعارضة المسلحة في سوريا قبل اسبوعين ، بقيادة هيئة تحرير الشام، على مناطق كانت خاضعة لسيطرة الحكومة السورية في محافظات حلب ودرعا وإدلب وحماة وحمص وصولا لعاصمة دمشق وسقوط النظام اليوم بشكل سلمي .
(كيف سقط النظام السوري سريعا )
استطاع سورية القضاء على المعارضة المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج ، بعد تدخل حلفائها الايرانيين وحزب الله وروسيا الاتحادية ، وخرجت منهكة عسكريا واقتصادية ، وفقدت أجزاء من أراضيها التي تواجدت فيها امريكا وتركيا وفصائلها المعارضة والاكراد .
لم تتثمر محادثات بين النظام والمعارضة لإيجاد تسوية سياسية ،بوساطة من الأمم المتحدة أو دول أخرى فاعلة في النزاع مثل روسيا وتركيا واهمها :
1. محادثات جنيف .
2. مفاوضات أستانا في 2017 .
3. مفاوضات سوتشي في 2018 .
فشلت هذه المسارات بسبب الاختلافات السياسية بين الطرفين ، بسبب تمسك النظام لبقاء الأسد، بينما تطالب المعارضة برحيل الأسد وتغييرات جوهرية شاملة .
وبسبب تدخلات القوى الإقليمية والدولية، مثل روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران، تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مسار المحادثات. هذه القوى تدعم أطرافًا معينة، مما جعل التوصل إلى اتفاق سياسي مستدام أمرًا صعبًا.
الانقسام داخل المعارضة: تعاني المعارضة من انقسامات داخلية عميقة، حيث توجد مجموعة من الفصائل العسكرية والسياسية التي تختلف في أهدافها واستراتيجياتها، مما يصعب توحيد الموقف التفاوضي.
لم يستفيذ النظام السوري من إنهاء الحرب ،لاجراء إصلاحات وتدارك المراحل السابقة، حتي مع المعارضة الداخلية بل استمر في قبضته على السلطة ،
((دور إسرائيل في إسقاط النظام ))
لقد سقط اليوم نظام الأسد بعد خمس عقود من حكمه ، بعدما تخلت عن روسيا الاتحادية ، المنشغلة بحربها مع اوكرانيا ، وإيران انسحبت لحماية ماتبقي لها ، بعدما تخلت بحليفها حزب الله ، وهي تتخوف على برامجها النووي !
لم تتوقف إسرائيل من استهداف سوريا بشكل مستمر ، حيث قصفت المواقع التي يتواجد بها الايرانيون في سوريا .
نعتقد بأن هناك علاقة بين العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان وما حدث في سوريا،
على الرغم من أن العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان لا يرتبط مباشرة بالأحداث السورية، إلا أن التأثيرات الإقليمية تخلق علاقات غير مباشرة بين هذه الصراعات. تتداخل المصالح الإقليمية، والتحالفات، والوجود العسكري الإيراني وحزب الله في المنطقة، مما يجعل أي تصعيد في الجبهات الإسرائيلية يؤثر على الوضع السوري، سواء من خلال التوترات العسكرية أو الضغوط السياسية.
إسرائيل أعربت عن قلقها لواشنطن من احتمال سيطرة من وصفهم بعناصر إسلامية متطرفة على سوريا من جهة، أو سيناريو بديل يتمثل في دخول المزيد من القوات الإيرانية إلى البلاد وزيادة نفوذ طهران.
وازدادت تخوفات إسرائيل من سقوط نظام الأسد، واستيلاء الفصائل الإسلامية على الأسلحة التي تهددها ،
وقد وردت انباء على قيام سلاح الجو الاسرائيل ،بقصف جميع المطارات العسكرية السورية وكذلك مخازن الأسلحة ومراكز البحث العلمي .
الخلاصة ..
تتعددت المعارضات السورية والفصائل المسلحة ، مما يؤكد وجود توجهات سياسية وايدلوجيات عرقية ودينية ،
وقد جمعها معارضة نظام الأسد،
في دولة تعاني انهيار اقتصادي ، وتدخلات خارجية وسيطرتها على أجزاء من البلاد ، ورغبة من الأكراد في إقامة دولة ، تعارضها تركيا التي تدعم فصائل مسلحة كبيرة وهي :
1- الجيش الوطني السوري .
2-أحرار الشام .
3-فيلق الشام .
4-الجيش السوري الحر.
وتزداد المخاوف من وقع خلافات وصراعات واقتتال بين الفصائل المسلحة على السلطة ،
وبالفعل حدث ذلك اليوم معارك في منبج فصائل من تركيا والوحدات الكردية ،
وانتشار مظاهر الفوضي واطلاق سراح المساجين والذين لا يعرف بين سجناء رأى أو أصحاب قضايا وسوابق، وكذلك الخوف من أعمال انتقامية ومظالم .
اما إسرائيل فقد اصدر نتياهو اوامره لاستيلاء على المنطقة العازلة وتحديدا “جبل الشيخ ” والمواقع القريبة منها ، من أجل تأمين حدودها .
وقد تستمر إسرائيل في عدوانها ضد حزب الله للقضاء عليه ، ولن تعارض إدارة ترامب كل ماتفعله إسرائيل.
واذا سورية في انتظار نتائج الثورة وسقوط النظام ، وبناء دولة المؤسسات والدستور التي ينادي به السوريين!